نواجه في حياتنا العديد من الصعوبات والإبتلاءات التي يختبر الله بنا قدرتنا على الرضا بالقضاء والقدر وما أمر الله به أن يكون، وتُعد من أفضل الفترات التي تمر على المسلم أو المسلمة هي فترات الإبتلاء والتي يتعظّم فيها الجزاء، ولم يذكر الله جل وعلا جزاء الصابرين لما يتمتعون بهم من أجرٍ عظيم يحدده الله وحده لعباده الصابرين، وللذابرين باب من أبواب الجنة يدخلون منه أفواجاً يوم القيامة بعد أن يوفّى العبد صبره، وهناك من الأحاديث النبوية الصحيحة عن الصبر وجزاء الصابرين، فقد كان النبي صلّى الله عليهِ وسلم من أكثر الخلق صبراً وحلماً، فقد كان لنا خير مثال وخير قدوة للأجيال المعاصرة وما نواجهه من إختبارات قد نتوقع أنها تفوق قدرة إحتمالنا على أي حال، بينما في الواقع هي رحمة من الله ومغفرة وأجر عظيم ينتظرنا جزاءً للصبر.

الصبر
الصبر

أبرز الأحاديث النبوية الصحيحة عن الصبر

كان النبي صلى الله عليهِ وسلم دائم الدعوة للصبر على العباد والصبر في الإبتلاء بينما كان أشد الناس إبتلاءً وهموماً، ولكنه لم ييأس ولم يستسلم، فقد كان النبي صلّى الله عليهِ وسلّم حَسِن الظن بالله كامل الثقة بقدرة الله تعالى على إزالة البأس وإزاحة الهم والغم وتليين الصعوبات، وكان دائم الحث للناس على تقبل القضاء والرضا بما أمر الله تعالى به، وذكر الله تعالى في كتابه أن الصابرون يوفون أجرهم ولم يحدده الله في الدنيا لكي يفاجئ عباده برحمته في الدنيا ويوم الحساب، وذلك في قوله تعالى:

“قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” (سورة الزمر: آية 10)

ولذلك دعا النبي للصبر وذكر ذلك في أحاديثه الشريفة في قوله عن الصبر:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلم أنه قال: “لا يُصيبُ المرءَ المؤمنَ مِن نصَبٍ ولا وصَبٍ ولا هَمٍّ ولا حزنٍ ولا غمٍّ ولا أذًى حتَّى الشوكةُ يُشاكُها إلَّا كفَّر اللهُ عنه بها خطاياه”
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلم أنه قال: “من يردِ اللَّهُ بِهِ خيرًا يصِب منْهُ”.
  • عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم: “ما مِن مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بها عنْه، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشاكُها”.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليهِ وسلم أنه قال: “ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسِه وولدِه ومالِه حتَّى يلقَى اللهَ تعالَى وما عليه خطيئةٌ”.
  • عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلم أنه قال: “لا تُصِيبُ المُؤْمِنَ شَوْكَةٌ فَما فَوْقَها، إلَّا قَصَّ اللَّهُ بها مِن خَطِيئَتِهِ”.
  • عن أنس إبن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم: “إذا أرادَ اللهُ بعبدِهِ خيرًا عجَّل له العُقوبَةَ في الدُّنيا، وإذا أرادَ اللهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَكَ عنه بذَنْبِه حتى يوافيَ به يومَ القيامةِ”. وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهُم، فمَن رَضِيَ فله الرِّضا، ومَن سَخِطَ فله السَّخَطُ”.
  • عن جبر إبن عبد الله رضي الله عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ علَى أُمِّ السَّائِبِ، أَوْ أُمِّ المُسَيِّبِ فَقالَ: ما لَكِ؟ يا أُمَّ السَّائِبِ، أَوْ يا أُمَّ المُسَيِّبِ تُزَفْزِفِينَ؟ قالَتْ: الحُمَّى، لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقالَ: لا تَسُبِّي الحُمَّى، فإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِيآدَمَ، كما يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ”.
  • عن النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلم، رواه مسلم: “عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له”.
أحاديث عن الصبر
أحاديث عن الصبر

فضل الصبر في البلاء بالدنيا والآخرة

إن الله تعالى إذا أحب عبداً إبتلاه، فالإبتلاء يعمل سحره على تطهير العبد من ذنوبه ويعيده طاهراً نقياً، وإذا إستطاع العبد التحمل والرضا بقضاء الله تعالى دون إعتراض أو سخط وتحمل وسعى جاهداً ليقترب من الله لعله يزيل البلاء عنه كان له أجراً عظيماً، فقد عظم الله تعالى أجر الصابرين وعد بأن يوفيهم جزاء صبرهم، ففي الدنيا يتمتع العبد الصبور الشاكر والحامد لربه بالبركة والسعة بالرزق، ويتمتع بالقوة فالله عز وجل يربي عباده بالشدة والرحمة فإبتلائه للعباد رحمةً بهم وقوةً ليزدادوا صلابة في مواجهة الصعاب.

فالله يحب العبد القوي وفي حديث النبي صلّى الله عليهِ وسلّم رواه أبي هريرة رضي الله عنه: “المؤمنُ القويُّ خيرٌ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفى كلٍّ خيرٌ واحرص علَى ما ينفعُك واستعن باللهِ ولا تعجز فإن أصابَك شيءٌ فلا تقل لَو فعلتُ كذا وَكذا. ولَكن قُل قدَّرَ اللَّهُ وما شاءَ فعلَ فإنَّ لَو تفتحُ عملَ الشَّيطانِ”.

فتقبل القضاء والصبر والرضا بما كتبه الله يفتح أبواب واسعة من الرزق والبركة في العمر وما رزقه الله إياه من نعم، وحثنا النبي الكريم صلّى الله عليهِ وسلم على الإيمان بالله وقدرته سبحانه وتعالى على تغير المحتوم، وعدم التساؤل أو التشكك والتفكر في أسباب الإبتلاء، فنفتح للشيطان باباً ليوسوس لنا من خلاله، الأمر الذي دائماً لا تُحمد عقباه.

أحاديث النبي
أحاديث النبي

 

أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم في الصبر وجزاء الصابرين

ينقسم الصبر لثلاثة أنواع وهو الصبر على الطاعات والعبادات وتأديتها بإتقان وخشوع تام إبتغاء مرضات الله، والصبر على المعاصي ومقاومة وساوس الشيطان وذلك إتباعاً لقول الله عز وجل: “الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (سورة البقرة: آية 268)، والصبر عند البلاء وهو التحمل والرضا بما قسمه الله تعالى لعبده، والإيمان بحكمة الله تعالى في قضائه والثقة برحمة الله التي وسعت كل شيءٍ.

وفي أحاديث النبي أنه كلما عظم البلاء عظم الجزاء، وأدخل الله الصابرين الجنة بغير حساب وأوفاهم أجورهم كما وعدهم، ومن أحاديث النبي صلّى الله عليهِ وسلّم عن الصبر:

  • رواه الترمزي، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم: “يودُّ أَهْلُ العافِيةِ يومَ القيامةِ حينَ يُعطَى أَهْلُ البلاءِ الثَّوابَ لَو أنَّ جلودَهُم كانَت قُرِضَت في الدُّنيا بالمقاريضِ”.
  • رواه البخاري، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم: “سَمِعْتُ أبَا بُرْدَةَ، واصْطَحَبَ هو ويَزِيدُ بنُ أبِي كَبْشَةَ في سَفَرٍ، فَكانَ يَزِيدُ يَصُومُ في السَّفَرِ، فَقالَ له أبو بُرْدَةَ: سَمِعْتُ أبَا مُوسَى مِرَارًا يقولُ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا”.
  • عن أم سلمة، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: ما مِن عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ: {إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:156]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها، إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ لهخَيْرًا منها. قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ.

شاركها.