بالتزامن مع احتفالات السعودية بيومها الوطني الـ87، واستذكار نماذج وطنية متفردة تركت بصمة لن تنسى، تأتي نجاة الحسيني “رحمها الله” بصفتها أول سعودية تعمل في شركة أرامكو بوظيفة مهنية صحية، وأرست قواعد التثقيف الصحي لدى سكان المنطقة الشرقية آنذاك، قبل 53 عاماً، وذلك بعد أن تقدم والدها إبراهيم الحسيني إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله” بطلب السماح لها بالعمل في الشركة.
وعن الصعوبات التي واجهتها في العمل قال شقيقها سداد الحسيني لموقع “العربية.نت”: “لم تكن هناك قوانين لتوظيف السيدات السعوديات إبان ذلك الوقت، لكنها من خلال ممارسة عملها بالعزيمة والدافعية المهنية في العمل، خاصة أنها كانت المرأة السعودية الوحيدة، ضمن منظومة متعددة من زميلاتها الأميركيات اللواتي يعملن في قطاع السكرتارية والصحة”.


شقيق نجاة الحسيني

وأضاف “تلقت نجاة الحسيني دورات في الطب الوقائي في الجامعة الأميركية في بيروت بعد أن أوفدتها أرامكو السعودية للدراسة هناك، اكتسبت منها أدوات التمريض، لكنها لم تكتفِ بذلك القدر من التعليم، وإنما عملت أيضا على تطوير وتثقيف ذاتها وساعدها في ذلك رغبتها في خدمة مجتمعها، ولتشجع المسؤولين بالشركة على توظيف نساء سعوديات أخريات من بعدها”.
واستطاعت الحسيني أن تثبت للمشككين في قدرات المرأة السعودية أنها لا تقل إنجازًا وقدرة في عملها عن زملائها الرجال السعوديين وقريناتها من النساء الأوربيات وقامت بتدريب السيدات السعوديات على العمل وفتحت المجال أمام الآلاف من السيدات للتوظيف في مجالات عديدة.


نجاة الحسيني

وكانت الحسيني تتوجه إلى مختلف المناطق النائية والمناطق الجبلية في السعودية، بحثاً منها عن المرضى لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، فضلاً عن تقديمها التطعيمات المختلفة للأطفال، حيث كانت المنطقة الشرقية تعاني من الأمراض المعدية والمنهكة مثل الجدري والكوليرا وغيرها من الأمراض المعدية.
كما أطلقت الحسيني حملات توعية وبرامج وقائية تعنى بمكافحة الأمراض فكانت تتنقل أسبوعيا ما بين القرى والمدارس مع فريقها الطبي، لتنشر رسالتها في تثقيف الأسر صحياً وتدرب الأمهات والأطفال.


وتعلّمت نجاة المبادئ الأولية لمهنة التمريض وكانت تطوف على قدميها المنازل لتطعيم الأطفال في الأحياء القريبة، وكانت رحلاتها في أثناء حملة تطعيم الأهالي ضد الملاريا تمتد إلى أسبوع وأكثر، تقضيها في التنقل بين مناطق متفرقة.
ولدت نجاة عام 1935م وكانت دراستها الابتدائية بالعربية والفرنسية بدمشق ثم الثانوية بالإنجليزية في إيطالية بمدرسة راهبات للبنات، ومن بعدها انتسبت إلى جامعة دمشق وتخرجت بشهادة البكالوريوس بالأدب الإنجليزي سنة 1962م.


وكانت الحسيني تحظى بأسمى معاني التقدير والامتنان من المواطنين والمقيمين الذين عادت عليهم خبراتها التمريضية المكتسبة بالشفاء والثقة والراحة، في وقت ندر فيه من يداوي.


وبعد أن تقاعدت من العمل في الشركة عام 1985م بعد أن قضت 21 عاماً من الخدمة في العمل وانتقلت للعيش في جنوب إنجلترا برفقة زوجها، واثق العلمي ولم تنجب نجاة أطفالًا، ورحلت السعودية صاحبة القصة الجميلة في التفاني لخدمة سكان المنطقة الشرقية عن عمر ناهز 74 عاماً في 2009م ” رحمها الله”.

شاركها.