في الـ 15 من يونيو لعام 1992 كانت قرية نجريج الصغيرة التابعة لمدينة بسيون في قلب المحافظة الغربية على موعد مع السعادة دون أن يعلم أحد بذلك بما فيهم أهل القرية أنفسهم . 

ففي هذا التاريخ الذي ربما سوف يصبح أهم تواريخ الميلاد لمحافظة الغربية ولد محمد صلاح معشوق الجماهير المصرية والعربية والملك المتوج في قلوب جماهير ليفربول الانجليزي التي منحها إخلاصه فمنحوه حبهم وشغفهم وأصبح أيقونة المدينة الحالي الذي تسلم مقاليد العشق الغير مشروط من الأسطورة الانجليزية ستيفن جيرارد اَخر أساطير الريدز المعتزلين .

وربما سيكون الأمر مضحكاً قليلاً عندما تعرف أن “الملك المصري” النجم الأول للمنتخب وفريق ليفربول الانجليزي تم اكتشاف موهبته بمحض الصدفة فهو لم يكن الهدف الذي يرصده كشافي المواهب التابعين لفريق المقاولون العرب الذي ينافس في مسابقة الدوري المصري الممتاز عندما قاموا بزيارة مركز شباب القرية في هذا الوقت بل كانوا يستهدفون لاعب موهوب اَخر يدعى “شريف”.

وما إن دخل كشافي المواهب التابعين للنادي الذي يشتهر بأن لديها واحدة من أفضل مدارس الناشئين في كرة القدم داخل جمهورية مصر العربية إلى مركز الشباب القرية حتى جذبهم طفل صغير لا يمتلكون عنه أي معلومات سوى أنهم أيقنوا من مجرد النظرة الأولى أنه مختلف ولديه مهارات غير تقليدية بالمقارنة مع أقرانه فهو سريع ومهاري بشكل يجعلك تحب مشاهدته.

ولعل الجينات الكروية في دماء محمد صلاح لم تأتي من الصدفة فوالده وخاله كانا لاعبان في صفوف فريق القرية ولكن لم يُكتب لهما الانتقال إلى أحد الفرق الكبرى .

وما هي إلا فترة زمنية بسيطة حتى ابتسم القدر إلى الفرعون المصري الصغير ووضع قدمه على طريق الصعود نحو القمة بعدما التحق بفريق نادي عثماسون التابع لشركة المقاولون العرب .

وبالانتقال إلى فريق عثماسون  تبدأ حكاية وفصل جديد في مشوار محمد صلاح نحو القمة الذي لم يكن سهل أو مفروش على الورود مطلقاً فالنجم المصري ولأن حبه لكرة القدم هو ما يحركه ويحدد له اختياراته كان يضطر إلى المبيت في غرف أمن النادي بسبب الإرهاق من رحلة السفر يومياً لـ 4 ساعات من أجل مداعبه معشوقته داخل البساط الأخضر .

وبعد فترة طويلة واصل فيها محمد صلاح القتال من أجل حلمه متحلياً بالصبر والإيمان بالله سبحانه وتعالى ومهاراته لامست قدمي مُلهم الكرة المصرية حشائش المستطيل الأخضر لأول مرة مع فريق المقاولون العرب في الـ 3 من مايو عام 2010 ضمن منافسات الدوري المصري الممتاز الذي جمع بفريقه أمام نادي المنصورة في مباراة نتهت بالتعادل ينتيجة 1-1 .

لتتوالى بعد ذلك المباريات ويشارك صلاح أساسياً ويحرز أول أهدافه في الدوري الممتاز أمام عملاق الكرة المصرية والأفريقية النادي الأهلي ويساعد فريقه في الحصول على نقطة التعادل من نادي القرن الإفريقي .

تطور محمد صلاح وملاحظة الجميع لسرعته التي تقارب سرعات العدائين وإحرازه هدف في شباك النادي الأهلي لم يكن يمضي مرور الكرام على وكلاء اللاعبين ومدربي الفرق الكبرى في الدوري الممتاز بكل تأكيد .

وبالفعل تتشر الكثير من الأقاويل والأحاديث عن انتقال وشيك لمحمد صلاح إلى نادي الزمالك أحد قطبي كرة القدم المصرية وتنتظر جماهير الأبيض حسم الصفقة ولكن رئيس نادي الزمالك في هذا الوقت “ممدوح عباس” يطلق رصاصة تقتضي على طموحات الجميع عندما أشار إلى أن اللاعب لا يناسب نادي الزمالك فهو صغير الحجم وبنيته الجسدية لا تساعده على اللعب داخل الفريق الأول .

والحقيقة أن هذا الرفض كان المفتاح الذهبي الذي فتح باب المجد أمام صلاح فتلقيه عرض من كبير الدوري السويسري فريق بازل وإبداعه في بلاد الألب ثم جلده لشباك تشيلسي الانجليزي في مبارتي ذهاب وإياب دوري أبطال أوروبا ثم انتقاله إلى لندن ليمضي فترة غير موفقة مع البلوز

وينتقل بعدها لأراضي ملوك الدفاع في إيطاليا ليصبح قائد هجوم كتيبة فريق فيورنتينا الإيطالي ثم ذئب من ذئاب فريق العاصمة الإيطالية روما .

وأخيراً يستقر به الحال ملكا متوجاً على عرش إمبراطورية مدينة ليفربول الانجليزية لينافس عمالقة لاعبي الدوري الأقوى في العالم على لقب الأفضل ويدخل في معركة جانبية مع أساطير مثل كريستيانو رونالدو ميسي على لقب الحذاء الذهبي كل تلك الأمجاد والإنجازات التي تم كتابتها بأحرف من ذهب في كتاب تاريخ الكرة العربية كان مكافأة وفضل من الله على المشاق التي تحملها الفرعون المصري في حياته الكروية .

ومن المبهج والرائع دائماً أن تمتلك الكرة العربية لاعباً عالمياً ذو فطرة سليمة وأخلاق حميدة تضيف له المزيد من المثالية والتكامل خارج الملاعب مثلما أضافت له الكثير داخل الملاعب .

فمحمد صلاح لم ولن ينسى من أين أتى ومن أين حصل الدعم والتشجيع والكثير من الحب والعشق الغير مشروط ودون أي مقابل والأن وبعد الاحتراف وتحقيق المجد حان الوقت لسد الدين ورد الجميل إلى كل من ساهم في صنع جزء صغير من مستقبل اللاعب المصري وبالتأكيد لا يوجد أفضل من التجارة مع الله .

فلقد قدم محمد صلاح العديد من التبرعات وأقام الكثير من المشروعات الخيرية في جميع أنحاء الجمهورية فهو على سبيل المثال لم ينسى دعم نجوم كرة القدم القدامى الذين قست عليهم كرة القدم ولم تمنحهم من بريقها سوى القليل ليعلن عن دعمه المالي المستمر لجمعية اللاعبين القدامى وتمويلها لسد احتياجاتهم كخطوة إيجابية من اللاعب بها وفاء لرموز الكرة المصرية .

أما مسقط رأسه ومنبع جذوره وأصل شهرته كان لها الكثير من الحب والعطاء من اللاعب الذي تبرع لإنشان معهد ديني أزهري ووحدة طبية مجهزة تحتوي على أجهزة للتنفس الصناعي والحضانات الخاصة بالرضع والأطفال حديثي الولادة بعدما عانت القرية من أزمة في عدد الحضانات فقدت على إثرها العديد من الأطفال حديثي الولادة .

كما امتد العطاء ليشمل مرضى الكلى حيث أصبحوا غير مضطرين إلى قطع مسافات طويلة لإجراء الغسيل الكلوي وذلك لأن محمد صلاح أهدى لهم وحدة كاملة تحتوي على العديد من الأجهزة المخصصة للغسيل الكلوي .

وبجانب مرضى الكلى أسس صلاح غرفة للعمليات الطبية مجهزة بأعلى وأحدث الأجهزة العالمية المستوردة من الخارج وأهدى لقريته وحدة استقبال لحالات الطوارئ في مستشفى بسيون التابع لمحافظة الغربية .

ولم ينتهي الأمر عند حدود الطب والمساعدة على منح الأمل في الشفاء فقط فمحمد صلاح ومن منطلق أنه يعتبر فرداً كل عائلة داخل قريته أخذ على مسؤوليته تجهيز 10 من شابات القرية للزواج والاستقرار الأسري .

وفي دعم الاقتصاد لم ينسى الملك المصري وطنه الذي منحه كل الحب ليتبرع بمبلغ 5 ملايين جنيه مصري لصالح دعم الاقتصاد المصري الذي يعاني من المصاعب .

وبكل تأكيد قدوم لاعب مثل محمد صلاح في كرة القدم المصرية والعربية من الأمور التي لا تتكرر كل يوم فالملك المصري قام بتغيير الصور السلبية لدى الغرب عن العرب والمسلمين فقط بأخلاقه وباستخدام مهاراته في كرة القدم التي أجبرت بعض جماهير فريقه الانجليزي على الدخول في الإسلام تحت تأثير أحد أكثر الوسائل قوة في البشرية …كرة القدم .

شاركها.