مفهوم ثقافة الطفل

تُعرف الطفولة بأنها أهمُّ المراحل في حياة الإنسان، وأكثرها تأثيراً في بناءِ شخصيته، من النواحي الجسديّة والنفسيّة والفكريّة كافّة، وتكمُن أهمية هذه المرحلة الممتدَّة من الولادة حتى بداية المراهقة، بأنها مرحلةُ تشكّل المفاهيم والمهارات والقيم الأساسيّة.

ثقافة الأطفال

الطفولة

تُعرف الطفولة بأنها أهمُّ المراحل في حياة الإنسان، وأكثرها تأثيراً في بناءِ شخصيته، من النواحي الجسديّة والنفسيّة والفكريّة كافّة، وتكمُن أهمية هذه المرحلة الممتدَّة من الولادة حتى بداية المراهقة، بأنها مرحلةُ تشكّل المفاهيم والمهارات والقيم الأساسيّة.

مفهوم ثقافة الأطفال

الثقافة عمُوماً هي: مجموع المعارف والأفكار، والفنون والآداب، والعادات والتقاليد والقيم، بل هي كلّ ما يكتسبه الفرد من محيطه. من هذا المنظور يعرِّف (عبدالتواب يوسف) ثقافة الطفل، في كتابه (تنمية ثقافة الطفل) بأنها: “هي خليطٌ ممّا يرثه من أبويه وأُسرته، وما يصلهُ من عاداتٍ وتقاليدَ، وما يكتسبه من معرفة وعلم، وما يتأثَّر به من فنون، وما يمارسه منها، وما يعتقد فيه، ويؤمن به، وما يتَّصف به من خلق، وما تتميَّز به شخصيته من ملامح، وكلّ ما يسود في مجتمعه من أفكار وآراء وقوانين، وما يشيع فيه من ثقافة عامة”.

والثقافةُ هي وليدة التواصُل بين طرفين: الإنسان، والبيئة المحيطة به، التي تعدُّ أهمّ العوامل المؤثِّرة في تكوينها.. وإذا كانت الثقافة التي تُقدَّم للطفل في مجتمع ما، هي المستمدة من ثقافة ذلك المجتمع، والتي تتمثّلُ في أسلوبِ الحياة السائد فيه، فإن ذلك لا يعني – إطلاقاً – بأنها تبسيطٌ للثقافةِ السّائدة، أو أنها نقلٌ عن ثقافة الكبار، مع التسهيل، بل هي عملية قائمة بذاتها، لها من الخصائص ما يميِّزها عن ثقافة الراشدين. من جهة أُخرى، فإن (ثقافةَ الطفل) لا تتَّخذُ طابعاً واحداً، على الرغم مِنَ الإطار العامّ الذي يحكم آلياتها، ذلك لأن الأطفال مختلفون باختلاف أطوار نموِّهم، وبحسب المراحل التي يعيشونها. كما أنها تختلف أيضاً تبعاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية والعلمية الخاصّة بكلِّ أُسرة، أو مجتمع من المجتمعات. لذا كانت الحاجة إلى ثقافةٍ مختلفة – نسبياً – لكلِّ طورٍ من أطوار الطفولة، وملائمة من حيث المضمون والأسلوب للمستوى الخاص بالطفل، حتى تكون ذاتَ فائدة وإمتاع، كما هو مطلوب منها. إذاً ثقافة الطفل تعني: مجمل الأعمال الأدبية والتعليمية والترفيهية الموجَّهة للأطفال، والتي يضعها الكبار غالباً، والمختلفة عن ثقافتهم كمَّاً ونوعاً، بهدف بناء شخصياتهم، وتنمية مكوِّناتها وقدراتها، وبما يتناسب إمكاناتهم، ويلبـِّي احتياجاتهم المتنامية.

 

ثقافة الأطفال

أهمية ثقافة الأطفال

ينفر الأطفال – بطبيعتهم – من طرائق التعليم التي تدعو لملءِ أذهانهم بالمعارف النظرية، وتقدِّم النصائح الأخلاقية الجاهزة بأساليب الحفظ والتلقين، التي تقتلُ ملكاتِ الإبداع لديهم.. لذا ومن خلال الأساليب التثقيفيّة الحديثة، والتي تنأى عن الطرائق والأساليب التقليدية، يمكن تربية الطفل وتعليمه، وإكسابه طرائق التعلّم بالوسيلة التي يحبّها، وإيصال ما نريد إيصاله له من الأفكار والقيم والعادات، بالأداة التي تروقه وتعجبه. والأطفال – أيضاً – مفطورون على حبِّ المعرفة والاستطلاع، ممتلكون لدوافع قويَّة إلى الاستكشاف والتخيُّل، وعشق مواقف البطولة والمغامرة، لذا يمكن إرضاء دوافعهم وميولهم بأساليب التثقيف الحديثة المتنوِّعة، واستثمار رغباتهم الفطرية لأقصى حدودها، إذ إن أهداف ثقافة الطفل لم تعد اليوم مجرَّد معارف يحقن بها الطفل، بل أصبحت منظومة متكاملة تشتمل مختلف جوانب حياته، وتهتم ببناء شخصيته المتوازنة، عقلياً ونفسياً ووجدانياً وسلوكياً، من خلال إسهامها في إثراء أفكاره ومشاعره، وتنمية لغته وخياله، وتعديل سلوكه، وتأصيل روح الإبداع لديه.

أما عن اعتبارات ثقافة الأطفال، فأهمّها: 

– الاعتبارات التربوية: ثقافة الأطفال مسألةٌ تربويةٌ في المقام الأول، وهي عملية تتمتّع بالشمول والاستمرارية.. لأنها تشمل نواحي الشخصية كافة، وتستمر خلال المرحلة العمرية للطفل، بل الحياة الإنسانية برمّتها. وتعني الاعتبارات التربوية – باختصار – تقديم المادَّة الثقافية، بما يتلاءم الخصائص السيكولوجية واللغوية والاجتماعية لشريحة الأطفال، وما يتناسب مداركهم وقدراتهم، ويُراعي الفروق بينهم.

– الاعتبارات اللغوية: تعني أن تكون اللغة – في العمل الثقافي للطفل – سليمةً وبسيطة وواضحة، ونابضة بالحيوية، وأن تخاطب وجدان الطفل، وتنفذ إلى قلبه بسهولة ويُسر. وقبل ذلك أن تتناسب (اللغة) مع مضمون العمل المقدَّم أولاً، ومع لغة الطفل – الموجّهة له – ثانياً. 

– الاعتبارات الفنيَّة: وهي أن تتّسمَ المادّة الثقافية بمستوى راقٍ، أسلوباً وإخراجاً، وأن تكون محاطةً بالتشويق، وقادرةً على إمتاع الطفل، وبثّ المرح في نفسه. يقول (عبدالتواب يوسف): “الثقافة يجب أن تكون كالغذاء الجيد والعصير اللذيذ، أي متعة.. سواءٌ كانت قطعة موسيقية، أو قصة جميلة، أو رواية رائعة. ولهذا تجمع الثقافة ما بين الآداب والفنون من جانب، والعلم والمعرفة من جانب آخر، ويظلُّ شرط المتعة قائماً باستمرار وإصرار”.

الأسرة وثقافة الأطفال

كثيرةٌ هي المؤسسات التي ينهل منها الطفل ثقافته، أو التي تقوم برعايته ثقافياً، وأولها وأهمّها الأسرة، ثم المدرسة، فالرفاق، فوسائل الإعلام، والجمعيات والأندية الثقافية. وبالرغم من التطورات في مجالات التقانة ووسائل الاتصالات، والتي أثبتت أن العملية الثقافية لم تعد مقتصرةً على الأُسرة، أو المدرسة، وأنها أصبحت عمليّة تشاركيّة تتعاون فيها مؤسساتٌ تربوية وإعلامية عدّة، إلا أن الأسرة تظلُّ المعين الأول لثقافة الطفل، وتبقى التربية الثقافية إحدى أهم جوانب اهتمام الأسرة بالطفل. وهنا تلعب ثقافة الوالدين دوراً رئيساً في توجيهِ الطفل، وإكسابه الطرائق السليمة التي تضعه على الطريق الصحيح، في هذا المجال. والمعلوم أنه كلّما أبكر الوالدان في تثقيف أطفالهم، وعَمِلا على إثراءِ خبراتهم، كان استعدادهم للتعلّم والتثقّف أفضل وأيسر.. تكمُن البداية في غرس حبِّ القراءة في نفس الطفل، لأنها مسألة بالغة الأهمية لتكون الأبواب أمامهم مشرّعة نحو المعرفة والارتقاء الفكري.

ومن أهمِّ مهام الأُسرة لتنمية شخصية الطفل ثقافياً: أن يكون الكتابُ أهم الموجودات في محيطِ الأطفال، وأن يكون تواصلهم مع صحافتهم، ومسرحهم، ومع البرامج الثقافية الموجّهة لهم، مستمراً. ومن الضروريّ أيضاً المناقشة والحوار معهم، لتحقيق نتائج أفضل للوصُول إلى القنوات الثقافية المتاحة، وأُسلوب اختيارها. وفي إطار بناء ثقافة الطفل، يعدُّ أدب الأطفال الدعامة الأساسيَّة لذلك، بل أنه يتصدَّر القنوات التي تسهمُ بتزويده بالقيم والأفكار المرغوبة، وتتيح له فرص التعبير والمشاركة والإبداع، وتوفِّر له التسلية والمتعة.. وأدب الأطفال فرع أدبي حديث نسبياً، تتمثل فنونه في القصة والشعر والمسرحيّة والمقالة والرواية، ويتمتَّع بخصائص تختلف عن خصائص أدب الراشدين، إذ يُراعى في نتاجاته اعتبارات تربوية ونفسية وفنية عامةً وخاصة. والمؤكد أيضاً أنه كلّما كانت مادَّته غنيَّة بأهدافها وقِيمها، وجذّابة بأسلوبها وطريقتها، كانت أكثر بلوغاً لأهدافها وغاياتها.

زر الذهاب إلى الأعلى