يهلل عدد كبير من الأشخاص لرحيل فصل الصيف مع حرارته المرتفعة ورطوبته وأمراضه التي لا تنتهي، لكن الوضع ليس صورة مشرقة في فصل الشتاء أيضاً.

وبعيداً عن الطقس البارد وقساوته، هناك مجموعة من الأمراض الخاصة به أيضاً، حاله حال كل فصل من فصول السنة. أمراض الطقس البارد عادة ما تصيب الجهاز التنفسي لأن البرودة تحفز تكاثر الفيروسات المسببة لهذه الأمراض، كما أنها تساهم في جعل بعض الحالات المرضية أسوأ كالتهاب المفاصل والربو وفي بعض الأحيان تضاعف مخاطر الإصابة بأمراض مهددة للحياة كالنوبات القلبية. 

الأمراض الخاصة بفصل الشتاء عديدة، لذلك سنذكر أكثرها شيوعاً مع مجموعة نصائح للوقاية منها. 

الوقاية من الزكام أمر صعب

المرض الأكثر انتشاراً حول العالم. يصيب الملايين سنوياً، ورغم ذلك لا يوجد دواء بعينه يمكنه معالجته، والسبب هو أن 200 نوع من لفيروسات . لا يسبب ارتفاع الحرارة عادة أو الشعور بالتعب أو بآلام الجسد أو الصداع، لكنه يؤديإلى سيلان الأنف والعطاس وألم الحلق والسعال والشعور بضيق في التنفس. وفي بعض الحالات قد ينتج عنه التهاب الجيوب الأنفية ما يؤديإلى التهاب الأذن. 

 الوقاية من الزكام عملياً شبه مستحيلة فهي تنتشر كالنار في الهشيم فور إصابة أحد أفراد العائلة بها . لكن يمكن غسل اليدين بشكل دوري، وتجنب التواجد في أماكن مغلقة مزدحمة أو بالقرب من شخص مريض. وخلال الطقس البارد يجب الحرص على عدم الانتقال من مكان دافئ إلى آخر بارد بشكل مباشر، ويمكن شرب الماء لتبريد الجسد قليلاً قبل الخروج. 

الإنفلونزا تختلف عن الزكام

يعتقد البعض أن الزكام والإنفلونزا اسمان لمرض واحد، لكنهما في الواقع يختلفان رغم تشابه بعض الأعراض. يصعب التفريق بينهما في المراحل الأولى لكن حدة المرض هي العامل الحاسم، فأعراض الإنفلونزا أشد وأقوى. وخلافاً للزكام فإن فيروس الإنفلونزا ثلاثة أنواع «أ» و «ب» و«سي»، ويترافق عادة مع الحمى والصداع والتعب والشعور بآلام في الجسم والسعال الحاد.

أما سيلان الأنف فقد يظهر عند البعض وقد لا يظهر. مضاعفات الإنفلونزا هي الالتهاب الرئوي وفشل الجهاز التنفسي وحتى الموت. ينتمي للعائلة «أ» إنفلونزا الطيور وفيروس إنفلونزا الخنازير. 

 للوقاية يجب الحرص على غسل اليدين بشكل دائم، واستخدام المناديل عندما تعطس أو تسعل. وفي حال مرض أحد أفراد العائلة يجب عدم مشاركة حاجياتك كالصابون أو المنشفة معه. ومن طرق الوقاية الفعالة الحصول على لقاح الإنفلونزا مع بداية فصل الشتاء. 

التهاب الحلق يزول في خلال أسبوع عادةً

يعرف أيضاً بالتهاب البلعوم، وينتج عادة عن الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية تسبب تهيجاً في الأنسجة المحيطة بالحلق؛ ما يؤدي إلى الشعور بالألم. تكثر الإصابة به في الشتاء، ويرتبط بعدد من المسببات له وهي التهابات الجهاز التنفسي كالزكام والإنفلونزا.

تزول عادة أعراض المرض خلال أسبوع من دون تدخل طبي، لكن في حال استمرت لأكثر من ذلك فيجب مراجعة الطبيب. الوقاية من التهاب الحلق هي نفس الخطوات التي يجب اتباعها للوقاية من الإنفلونزا والزكام، والتي تم ذكرها أعلاه. 

جرثومة نوروفيروس.. النظافة الشخصية أولاً

تعتبر واحدة من أكثر الجراثيم انتشاراً في العالم؛ لكونها شديدة العدوى، وتعرف أيضاً بفيروس الشتاء. صحيح أن انتشارها ليس حكراً على الشتاء لكنها تظهر وتنتشر بشكل كبير خلال الطقس البارد. تصيب المعدة وتسبب التقيؤ والإسهال مع ألم وتشنجات في المعدة بالإضافةإلى ألم حاد في العضلات والصداع والعطش الشديد نتيجة فقدان الجسم للسوائل. 

ينتقل عن طريق الطعام الملوث أو المياه الملوثة، وتستمر الحالة المرضية لبضعة أيام. لا يوجد علاج محدد لها لكن يتم إعطاء المريض مضادات الإسهال والكثير من السوائل. من الحالات التي لا يجب إهمالها؛ لأن مضاعفاتها تشمل الفشل الكلوي والجفاف وحتى الموت. 

للوقاية يجب غسل اليدين خصوصاً بعد قضاء الحاجة، بالإضافة إلى النظافة الشخصية وفي حالى أصيب أحد أفراد العائلة فيجب عزله، وعدم استخدام الأدوات التي يستخدمها واستعمال القفازات والأقنعة، مطهرات اليدين لا تجدي نفعاً في هذه الحالة؛ لأنها لا تقضي على الجرثومة هذه، لذلك فإن القفازات هي الخيار الوحيد. 

الربو.. البقاء داخل المنزل أفضل

الهواء البارد يحفز نوبات الربو بشكل كبير، وتصبح الحالة أسوأ حين يصاب المريض بالزكام أو الإنفلونزا. الربو هو التهاب مزمن في الشعب الهوائية، وتتزايد نوبات الربو بشكل كبير خلال الشتاء خلافاً لما هو معتقد؛ لأن الهواء البارد يعمل على تحفيز المنبهات العصبية في الرئة التي بدورها تفعّل عملية الالتهاب وبالتالي تضيق القصبات. بالإضافة إلى الزكام والإنفلونزا والنزلات  الصدرية  فإن  أنظمة  التدفئة المنزلية تحفز نوبات الربو.  

للوقاية ينصح بالبقاء داخل المنزل خلال الطقس البارد والعاصف مع الحرص على تهوية المنزل بين حين وآخر،  وفي  حال  قررت  الخروج يمكن تغطية الوجه بوشاح مع المواظبة على تناول الأدوية الخاصة بالمريض. 

البرد لا يسبب آلام المفاصل.. ولكنه يزيد حدتها

تتزايد حدة الآلام عند المصابين بالتهاب المفاصل خلال فصل الشتاء، مع الإشارة إلى أن  الطقس  البارد  لا  يتسبب  بأي  شكل  من  الأشكال بالتهاب المفاصل. 

ومع انخفاض درجات الحرارة تصبح المفاصل أكثر تصلباً؛ ما يؤدي إلى الشعور  بالألم،  كما  أن  الحالة  النفسية  تلعب  دورها،  فعدد  كبير من الأشخاص يصابون بالاكتئاب خلال فصل الشتاء؛  ما  يجعلهم  أكثر حساسية  للألم.  لذلك  فإن  ممارسة  الرياضة  قد  تحسن  الحالة النفسية والبدنية، والسباحة مثالية لمن يعانون من التهاب المفاصل. 

قرحة البرد قد يسببها الضغط النفسي

قرحة البرد هي بثور صغيرة ممتلئة بسائل شفاف تتشكل حول الفم أو الأنف وعلى الذقن. يتسبب فيروس الهربس البسيط بقرحة البرودة، ومن الفيروسات المعدية التي تنتقل عن طريق الاتصال المباشر بجلد المصاب. أسبابها متعددة ومنها الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي والتعرض للرياح الباردة والإجهاد العاطفي أو الجسدي.

تشفى عادة من تلقاء نفسها خلال 7 إلى  10 أيام، ويمكن الاستعانة بكريمات ومراهم طبية وقد يتطلب علاجها  الأدوية  المضادة  للفيروسات.  للوقاية منها يجب العمل على تخفيف حدة التوتر النفسي والعاطفي، والقيام بنشاطات تبعد شبح الاكتئاب الشتوي. 

النوبات القلبية تزداد في الشتاء

ترتفع معدلات الإصابة بالنوبات القلبية بشكل كبير خلال فصل الشتاء، وهذا مرده إلى أن  الطقس  البارد  يسبب  تضيق  الأوعية  الدموية ما يسبب ارتفاعاً في ضغط الدم وبالتالي إنهاك القلب. في المقابل فإن ضخ الدماء إلى أطراف الجسم للحفاظ على درجة الحرارة تضعف عضلات القلب. 

الأمراض الأخرى كالإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي تؤدي إلى تمزق  اللويحات  والتخثرات  الدموية  ما  يحلق  الضرر  بالشرايين  وبالتالي النوبات القلبية. 

للوقاية يجب تجنب ممارسة الأنشطة التي تتطلب مجهودات جسدية كبيرة خلال الطقس البارد خصوصاً للذين  يعانون  من  مشاكل  قلبية.  اختيار الملابس السميكة، والحرص على نظافة اليدين واستخدام المعقمات لتفادي الإصابة بالإنفلونزا وطبعاً مع  الحصول  على  لقاح الإنفلونزا قبل بداية موسم البرد.

شاركها.