أخصائية نفسية توضح عبر 24 طرق علاج ووقاية الطفل من التنمر

تعتبر ظاهرة التنمر ضد الأطفال وطلاب المدارس من أكثر الملفات التي تشغل القائمين على الميدان التعليمي والتربوي حول العالم، لما لهذه الظاهرة من أثر سلبي كبير على تكوين شخصية الطفل، فكيف يمكن معالجة هذه الظاهرة والوقاية منها. أشارت الدكتورة هبة شركس في تصريحاتها لـ24، إلى وجود ثلاثة آليات أو قيم عامة مهمة يجب العمل بها لعلاج ووقاية الأطفال من التنمر، أولها العلاج الأسري الجمعي، أما القيمة الثانية فهي تعديل المفاهيم الخاطئة والمشوهة لدى الأطفال، وأخيراً تتلخص القيمة الثالثة بتنمية التعاطف لدى الأطفال مع الغير سواء كان هو الجاني “المتنمر” أو المجني عليه “المتنمر عليه”.

وأفادت أنه يجب تنظيم حملات للتوعية من العنف الأسري، بالإضافة إلى ضرورة العمل على توفير طفولة آمنة للأطفال لكي لا يتعرضوا لحدوث عدم اتزان في توزيع القوة داخل المنزل بين الأب والأم والأبناء، وأن يكون هناك تناغم وتكافؤ بين أفراد الأسرة، وأن يملك الطفل قوة داخل الأسرة تمكنه من التكلم وإبداء رأيه دون الشعور بالخوف.

تعنيف أسري
وأكدت أنه لا يجب تربية الطفل في منزل يكون به الأب مهيمن على الأم وأن يقوم بتعنيفها بسبب شخصيتها الضعيفة، أو العكس أي أن تكون الأم هي التي تكون صاحبة الشخصية القوية في المنزل وتلغى شخصية الأب، إذ إن هذا النوع من النماذج تشوه تعامل الأطفال مع الحياة وتولد التنمر.

وأضافت “يجب القضاء على هذه النماذج المشوهة في المنزل وأن يتم توزيع القوة داخل الأسرة بشكل متكافئ، فهذه هي النقطة الأساسية لعلاج التنمر بصورة ناجحة والوقاية منه بشكل دائم من جذوره”.

مساعدة مجتمعية
ولفتت إلى أنه على المجتمع أيضاً أن يساعد بوضع التسميات الصحيحة والواضحة للتمييز بين القوة والعنف، وبين ما هو مقبول أو مرفوض، لأن اختلاط المفاهيم هو الذي يجعل الأطفال يقومون بالتنمر تخيلاً منهم بأن ذلك يعكس القوة أو أنه نوع من أنواع المزاح، بالإضافة إلى تنمية القدرة على الشعور بالتعاطف الطفل، إذ يجب على المتنمر عليه التعاطف مع المتنمر ومعرفة أنه لا يفهم الأمور التي يقوم بها، وأن لديه خلل في التعبير عن مشكلته، وعلى المتنمر أيضاً أن يعلم كيف يتعاطف مع المتنمر عليه من خلال مشاهدته لمدى الأذى الجسدي والنفسي الذي يتسبب به لهذا الشخص.

علاج المتنمر عليه
وأشارت إلى وجود آلية إضافية خاصة تساعد في علاج الطفل وحمايته من الوقوع كضحية للتنمر، وتشتمل هذه الآلية على الخطوات التالية: أولاً ملاحظة سلوك الطفل، فالطفل الذي يبدي الضعف وعدم القدرة على تلبية ما يريد، يتم استغلاله والتنمر ضده، ثانياً تقوية بنيان الطفل الضعيف وإشراكه في رياضات تساعده على تقوية جسده وتمنحه القدرة على الدفاع عن نفسه عند الحاجة، ثالثاً مراقبة سمات شخصية الطفل، إذ أنه من الممكن أن يكون لديه مشاكل في هذه السمات مثل ضعف الثقة بالنفس أو مشاكل في النطق، وهنا يجب على الأهل تقوية الطفل نفسياً من خلال تقوية ثقته بنفسه وتعزيز مهاراته الاجتماعية وعدم لومه على ما يحدث له من تنمر أو إخافته.

وتابعت أن الخطوة الرابعة تكمن في تعزيز الجانب الاجتماعي لدى الطفل، لأن المتنمر عليه غالباً ما يكون منعزلاً وانطوائياً، وإذا تعلم أن يكون اجتماعياً ومقدرة على تكوين الأصدقاء سيكون ذلك سبيلاً لحمايته من التنمر، أما خامساً فيجب تعليم الطفل عند تعرضه للتنمر أن يلجأ إلى من هو أكبر منه، وأن يبلغ عن الإساءة التي يتعرض لها سواء لوالديه أو أحد أقربائه أو الأخصائي الاجتماعي في حال توفره في المدرسة أو أحد المعلمين، وأن لا يفقد الأمل في حال عدم اهتمام أحد هؤلاء الأشخاص وإيجاد شخص آخر قادر على المساعدة.

علاج المتنمر
أما بخصوص الشخص المتنمر، قالت الدكتورة هبة شركس إنه “بالإضافة إلى ما تم ذكره يجب العمل مع المتنمر بصورة أكبر، وتفصيل أكثر، خاصة بما يخص تنمية التعاطف لدى الطفل، إضافة إلى مراقبة شخصيته ومراقبة المشاكل النفسية والاجتماعية المحيطة به التي تدفعه لممارسة التنمر، مثل تبنيه العنف لأنه تم ممارسة العنف عليه في المنزل، والبدء بدعمه وإصلاح مفاهيمه الخاطئة والمشاكل السلوكية والنفسية التي تدفعه للتنمر.

ورأت أنه من الأهمية  والضرورة البالغة وجود مجموعة للأنشطة داخل كل مدرسة مكونة من عدد من المعلمين والطلبة، تكون مسؤولة عن وضع أنشطة خاصة ضد التنمر لتوعية الأطفال بالمفاهيم الصحيحة للتنمر، وذلك بالطبع بعد أالحصول على تدريبات من قبل جهات مختصة للقضاء على هذه الظاهرة والحد منها في المدارس.

وأكدت الدكتور هبة شركس أنها تعاملت مع العديد من حالات التي تعرضت إلى التنمر، مشددة على أهمية العمل على الحد من ظاهرة التنمر في المدارس وذلك لانتشارها الكبير، مشيرة إلى أن التنمر بإمكانه أن يشوه شخصية الطفل وأن يجعله كارهاً للمدرسة والدراسة، بالإضافة إلى حصول اضطراب في أسرة الطفل نتيجة وجود طفل آخر أو مجموعة من الرفاق يتنمرون على طفلهم.

وقالت إن “كمية الخسائر المترتبة على حدوث التنمر فادحة، فمهما حاولت الأسر بناء وتقوية ودعم طفلها هناك شخص آخر يقابله الطفل في المدرسة يقوم بهدم كل ما تبنيه الأسرة”.

مجموعات التواصل الاجتماعي
ولفتت في ختام حديثها إلى أنها لاحظت أن أحد الحلول الإيجابية التي انتهجها بعض الأطفال “المتنمر عليهم” هي لجوئهم إلى تشكيل مجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع بعضهم ودعم بعضهم البعض، بالإضافة إلى مشاركة ما يتعرضون له من مضايقات أو عنف، ومشاركة طرق حل هذه المشاكل، بما يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم ويجعلهم أقوى وأكثر قدرة على الوقوف في وجه المتنمر.

زر الذهاب إلى الأعلى