أذكار الصباح والمساء

الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين .

 وبعد :
فلقد كثر المشتكون من التأثيرات النفسية ، والتي أدَّت إلى غير النفسية ، فكانت هذه الأذكار التي تدفع عنهم ما بهم لعل الله أن يفرج هم المهمومين من المسلمين ، وينفس كرب المكروبين ، ويقض دين المدينين ، ويشف مرضى المسلمين إنه سميع قريب مجيب .
وتقال هذه الأذكار قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، أي بعد صلاة الفجر ، وبعد صلاة العصر إلى ما قبل صلاة المغرب ، فحافظ على الأذكار في هذين الوقتين .
قال تعالى : { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ } [ الأعراف205 ] .على العبد أن يكون ذاكراً لله على الدوام ، كما أخبر المصطفى بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم :”لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ”[ رواه الترمذي وقال حديث حسن ] . 
قال الله تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }[الأحزاب41 – 42 ] .
والأصيل : ما بين العصر وغروب الشمس .
وقيل : يدخل وقت الصباح من طلوع الفجر ، وينتهي بارتفاع الشمس ضحىً ، ويدخل وقت المساء
من صلاة العصر ، وينتهي بصلاة العشاء أو قريباً منها .  
وقال تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [ غافر 55 ] .
الإبكار : أول النهار ، والعشي : آخره .
وقال تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ } [ ق39 ] .
وقال تعالى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم 17 ] .
وعند الذكر ينبغي أن يكون الذاكر حاضر الذهن ، خاشعًا متواضعًا لله خائفًا وجل القلب منه ، والدعاء يكون وسطاً بين الجهر والمخافتة في أول النهار وآخره , والله جل وعلا يحذر عباده بأن لا يكونوا من الذين يَغْفُلون عن ذكره , ويلهون عنه في سائر أوقاتهم ، فصحائف الأعمال تملأ ، فليحرص المسلم على أن تملأ ذكراً لله عز وجل ، فالذكر من أفضل الطاعات ، وأعظم القربات ، ولهذا قال الله تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء103 ] .
ويقول سبحانه وتعالى مبيناً فضل الذكر وأنه سبب للفلاح : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } [ الأنفال45 ] .
فلا تغفل عند الأذكار أن تذكر الله عز وجل وأنت موقن مؤمن أن الشفاء والوقاية بيده سبحانه ، فهو على كل شيء قدير ، قال سبحانه : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } [ الأنعام17 ] .

الذكر النبوي :

إن الإنسان إذا أراد أن يزرع أرضاً خصبة التربة اختار لها البذر الصالح المجرّب ، ليجني ثماراً طيبة ، ويحصد محصولاً وفيراً ، والأمر هنا أعظم خطباً لأنه دين ، وذاك دنيا ، وأجود الأذكار أسلمها عاقبة ، وأكثرها ثواباً ، وأجودها نبتاً وثماراً ، وأرضاها لله رب العالمين ، هي تلك التي تحمل خاتم النبوة ، ولو أن إنساناً ذكر الله بالليل والنهار ، وعلى كل حال ، وبكل لسان حتى ذبلت شفتاه ، وعمشت من كثرة البكاء عيناه ، ولكنه على غير ما شرع الله لرسوله من سنن الهدى ، لم يزدد من الله إلا بعداً ومن الشيطان إلا قرباً .
ولو أن مؤمناً ترك المأثور من الأذكار النبوية ، وأخذ بالمبتدع من الأوراد الصوفية ظناً منه أن هذه هي التي تفتح له أبواب الرزق وأبواب الجنان ، لو أن مؤمناً فعل هذا لخرج من الإيمان والإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ، ولجرّ على نفسه خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، وإن مشى على الماء ، وطار في الهواء ، قال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ آل عمران ] ، وقال سبحانه : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } [ الأحزاب ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : ” من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ ” [ متفق عليه ] .

فضل الذكر :

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ” مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ” [ رواه البخاري ] ، وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ” [ رواه مسلم ] ، وفيهما حث على ذكر الله عز وجل لأنه يكسب الحياة ذاتيتها وأصالتها، ويجعلها شيئاً ذا قيمة عظيمة ويخرج بالإنسان من عالم الأحياء، فكم من حي لا يذكر الله هو من الأموات، وكم من ميت كان لله ذاكراً هو من الأحياء .

زر الذهاب إلى الأعلى