أسباب بكاء الأطفال في 5 ثوانٍ

جوع أم ألم أو حاجة للاحتضان، وربما حاجة لتغيير الحفاض لا أكثر. بكاء الأطفال الرُّضع شيفرة سرية تحتاج لترجمة خبيرة لفكِّ طلاسمها وتهدئة روعهم وأعصاب المحيطين حولهم.

مع مرور الأيام، وكلما توطدت علاقة الأم بطفلها، تُصبح أكثر قدرة على التعرف على أنماط بكائه، وأكثر خبرة في توقع احتياجاته وتحقيق ما يريد.

وهذا ما حدث مع أريانا أندرسون، الأستاذة المساعدة بقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة كاليفورنيا بأميركا. بعد إنجاب ابنها الثالث لاحظت الفروق بين نغمات البكاء، فابتكرت تطبيق Chatterbaby؛ بهدف تقديم المساعدة للآباء والأمهات ومعرفة أسباب بكاء أطفالهم، لغة التعبير الوحيدة في هذا العمر.

«عربي بوست» جرَّب التطبيق، تم تحميله على هاتف آيفون ثم تسجيل صوت طفلٍ عمره شهر يبكي دون معرفة الأم السبب. بعد إنصات الهاتف للبكاء لمدة 5 ثوان، عاد بـ3 تفسيرات تفاوتت نسبها بين: الإزعاج (نسبة 60%) والجوع (30%) والألم (10%). تبين أن الطفل كان منزعجاً فقط ويحتاج إلى حضن والدته لا غير.

من جديد نوبة بكاء غير مفهومة، وطفل يأبى السكوت، كان هذه المرة الصراخ أعلى والبكاء أكثر زخماً، استعنا بالتطبيق ليتبين أن الطفل كان يعاني من مغصّ احتاج معه لبعض التمارين لطرد الغازات التي كانت تزعج الطفل قبل أن يغطَّ في نوم عميق.

البداية.. رحلة البحث عن أصوات البكاء

أنجبت الباحثة في قسم الطب النفسي والعلوم الحيوية أريانا أندرسون 4 أبناء، لكنها لم تستطع إدراك اختلاف نغمات بكاء أطفالها قبل إنجاب طفلها الثالث الذي لاحظت أن صرخاته مشابهة بشكل ملحوظ لصرخات أول طفلين.

حصلت أندرسون على دكتوراه في الإحصاء جعلتها قادرة على ملاحظة الأنماط بسهولة، والتفرقة بينها بدقة؛ ما ساعدها على تفسير بكاء أطفالها، وكان ذلك سبباً لإنشاء التطبيق.

أرادت الباحثة الأميركية اختبار ما إذا كانت الأنماط الصوتية التي تسمعها من أطفالها تتكرر عند الأطفال الآخرين أيضاً أم لا، فأجرت بمساعدة زملائها الباحثين في جامعة كاليفورنيا تجارب بتسجيل عينات صوتية لبكاء عدد كبير من الأطفال في مناسبات مختلفة مثل: أثناء التطعيم، وثقب الأذن، وعند الإحساس بالجوع والانزعاج من ابتعاد الأم، وغيرها من الأسباب، ثم أنشأوا قاعدة بيانات لإجراء الاختبارات عليها.

استعان الفريق البحثي بمساعدة فريق من الأمهات القدامى، شرط أن يكون لديهن طفلان على الأقل.

وكان الصوت الذي تُجمع 3 أمهات على سبب موحّد له يُعد نمط صوتي معيناً، ثم جُمع 2000 نمط صوتي واستخدمت في إنشاء معطيات لخوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على تحديد ما يعنيه كل طفل عندما يبكي.

الإنصات مثل حلّ الخوارزميات.. كلاهما مسألة لها معطيات ونتائج

تُعد أدوات التعرف على الكلام والترجمة الآلية من أكثر التطبيقات اليومية التي نستفيد بها من الذكاء الاصطناعي الذي يُتيح لنا فهم كلامنا بواسطة جهاز ما، ومن ثم يحوله إلى أوامر قابلة للتنفيذ.

وتعتمد معظم الأجهزة والبرامج في عملها على الخوارزميات، التي تُفصل تعليمات محددة ينبغي أن تؤدي في ترتيب معين لنتيجة أو مهمة واحدة.

في تطبيق Chatterbaby الذي يتوافر بنسختي الهواتف Android وIOS، يتم إدخال صوت الطفل والتعرف على نغمة بكائه.

خلال 5 ثوانٍ يتم تحليلها ومقارنتها بالنغمات الموجودة في قاعدة البيانات المخزنة في التطبيق، ثم التعرف على مُسمى النغمات التي تطابقها أو تشبه لها وبعدها يظهر على الشاشة سبب البكاء.

وإذا لم يستطع التطبيق تحديد السبب بدقة يُظهر النتائج الأكثر احتمالاً.

دقته 70% وتبقى غريزة الأم هي الأقوى

اعتُبرت نتائج التطبيق بعد تجارب طويلة دقيقة بنسبة 70٪، ومع ذلك لاحظت أندرسون أن الآباء ما زالوا يُفضلون استخدام حدسهم الخاص؛ لأنهم يثقون بإدراكهم وغرائزهم أكثر بكثير من أي خوارزمية ذكاء اصطناعي، لكن التطبيق قد يكون مفيداً بشكل مؤثر في حال كان أحد الوالدين أصمَّ أو كلاهما.
ويأمل باحثو جامعة كاليفورنيا الذين عملوا على التطبيق بتطويره بشكل مستمر، والاستفادة من أصوات بكاء الأطفال في المساعدة على اكتشاف أمراض تصيب الأطفال مثل التوحّد.

زر الذهاب إلى الأعلى