يعد التجشؤ عملية طبيعية تحدث للإنسان بسبب العديد من الأمور العادية والطبيعية، وأيضاً بسبب أمور خطرة، وقد تدل على الإصابة ببعض الأنواع من الأمراض.

ويُعتبر التجشؤ في حالته الطبيعية عبارة عن عملية يقوم بها الجسد لطرد الغازات غير المرغوب فيها من الجهاز الهضمي؛ بسبب الطعام غير المهضوم في الأمعاء، أو بسبب ابتلاع كمية كبيرة من الهواء مع الطعام.

ولكن إذا كنت تعاني من فرط في عملية التجشؤ؛ فإن الأمر قد يكون دليلاً على أن الأمور ليست صحية أو طبيعية، وقد يكون أيضاً لأسباب طبيعية وغير ضارة، كما ذكرنا من قبل؛ لذلك في التقرير التالي سوف نضع بين يديك أهم الأسباب الطبيعية والضارة التي تتسبب بحالات التجشؤ المفرطة.

1- ابتلاع الكثير من الهواء في أثناء تناول الطعام: ابتلاع كمية كبيرة من الهواء في أثناء تناول الطعام ليست هي وحدها السبب الوحيد الطبيعي المسبب للتجشؤ؛ فالتثاؤب المفرط من الممكن أيضاً أن يسبب التجشؤ، بالإضافة إلى مضغ العلكة وتناول الحلوى الصلبة واستخدام الماصة أو القشة في شرب العصائر والسوائل.

ولتلخيص الأمر فإن أي كمية من الهواء تمر عبر الجهاز الهضمي للإنسان تتسبب برده فعل طبيعية، وهي التجشؤ؛ وذلك لأن الجهاز الهضمي يحاول طرد الهواء بداخل المعدة الذي يُعد شيئاً غريباً بالنسبة لها.

الحل: إذا كنت تميل إلى تناول طعامك بسرعة كبيرة حاول أن تمضغ ببطء؛ فهذا  الأمر سيمنعك من ابتلاع الكثير من الهواء مع طعامك. وينطبق الشيء نفسه على الشرب كذلك.

2- الأدوية الطبية: بعض الأدوية مثل المضادات الحيوية أو أي دواء يسبب حرقة المعدة أو ارتجاع الحمض مثل المسكنات أو مضادات الاكتئاب يمكن أن تسبب خللاً في التركيبة البكتيرية للأمعاء وتؤدي إلى الانتفاخ، وهو ما يتسبب بإصابتك بالتجشؤ. 

الحل : إذا لاحظت أنك تدخل في حالة تجشؤ طويلة وعنيفة بعد تناولك الدواء تحدث إلى طبيبك، وناقش ما يمكنك فعله حيال ذلك كما يجب أن تساعد نفسك عن طريق تجنب الأطعمة التي تسبب الغازات والانتفاخات إذا كنت تتناول أحد أنواع الأدوية السابق ذكرها.

3- القطرة الطبية: يمكن أن تسبب قطرة الأنف المعالجة لحالات البرد أو الحساسية إلى ابتلاع كمية كبيرة من الهواء أكثر من الكمية الطبيعية، وهو ما قد يصيبك بحالة من التجشؤ.

الحل: إذا كان التجشؤ يسبب لك الإزعاج بعد استخدام القطرة الطبية فيمكنك استشارة الطبيب في تغييرها بالمضادات الحيوية في حال ما إذا كانت العدوى بكتيرية فقط.

أما إذا كنت تعاني من التهاب الجيوب الأنفية فيمكنك تجنب الأمر عن طريق استنشاق بخار الزيوت الأساسية مثل شجرة الشاي أو النعناع. 

4- تناول أطعمة معينة: إذا وجدت نفسك تتجشأ بشكل متكرر؛ فقد يكون الأمر بسبب تناولك لأطعمة معينة تسبب غازات البطن والانتفاخات مثل الفول والهليون والقنبيط والملفوف والحبوب الكاملة  التي تحتوي على نسبة كبيرة أحد أنواع  الكربوهيدرات المعقدة تسمى رافينوز التي لا يستطيع بعض الأجسام هضمها بشكل فعال .

كما أن هناك أيضاً بعض أنواع  الفواكه التي لا يجوز الإكثار منها مثل التفاح والخوخ والزبيب والمشمش والكمثرى؛ لأنها تحتوي على أحد أنواع السكريات التي تسمى “السوربيتول”، وهو من أنواع السكريات صعبة الهضم.

وبكل تأكيد يجب ألا ننسى ذكر المشروبات الغازية والحلوى الصلبة التي بلا شك أهم مسببات التجشؤ.

الحل:  التجشؤ بعد تناول مجموعة معينة من الطعام لا يعني بالضرورة أنك لا تستطيع تناول تلك الأنواع من الأطعمة إلى الأبد، بل فقط يجب التقليل من كمياتها، خصوصاً الفواكه الحمضية والأطعمة الحارة والمشروبات الغازية، وبالنسبة لطهي الفول والبقوليات يجب نقعها في المياه العذبة قبل عملية الطهي ليوم كامل.

وبعد تناول الطعام يفضل دائماً الجلوس في وضع مستقيم لمنح المعدة المزيد من الراحة في التعامل مع الغازات، كما يجب الحرص على  عدم الاستلقاء مباشرةً بعد تناول الطعام.

5- ارتجاع المريء: السبب الأكثر شيوعاً لحدوث حالات التجشؤ المزمنة، وتحدث بسبب عجز عضلة المريء على الانغلاق بشكل جيد؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع محتويات المعدة بما في ذلك الحمض إلى المريء، ويجعلك تعاني من الحرقة المزعجة.

الحل: إذا كان ارتجاع المريء هو سبب تجشؤك مراراً وتكراراً فيجب عليك زيارة الطبيب بأسرع وقت ممكن؛ لأن ارتجاع المريء يمكن أن يتسبب في تمزق بطانة الجهاز الهضمي، حتى إنه قد يؤدي إلى ثقوب تسبب العدوى في الأمعاء.

6- عسر الهضم: عندما يقضي طعامك وقتاً طويلاً في الأمعاء فإنه يتخمر ويؤدي إلى ظهور غازات كريهة الرائحة تخرج  على شكل تجشؤ.

الحل: إذا كنت تعاني حالة عابرة من عسر الهضم يمكن أن يساعد شاي بذور الشمر على التقليل من الغازات التي ينتج عنها التجشؤ، كما يمكن أيضاً أن يساعد الزنجبيل في عملية الهضم، وذلك بإضافة الزنجبيل المطحون الطازج إلى الأطباق عند طهي أو تناول بعض الزنجبيل الطازج بعد تناول وجبة ثقيلة للمساعدة في عملية الهضم.

7- الاضطرابات الهضمية: التجشؤ المفرط يمكن أيضاً أن يكون علامة على مرض الاضطرابات الهضمية أو عدم تحمل اللاكتوز، كما يمكن أن يشير التجشؤ ذو الرائحة الكريهة المصاحبة للتشنج أو الانتفاخ بعد تناول طعام معين إلى أن جسمك لا يهضم هذا الطعام بشكل جيد، وهو الأمر الذي يعاني منه الأشخاص المصابون بأمراض مثل  متلازمة الأمعاء المتهيجة أو داء كرون أو التهاب القولون.

وهناك بعض أنواع المواد الغذائية التي قد تسبب مشاكل بالنسبة لمرضى الاضطرابات الهضمية التي تصاحبها حالة حادة ومستمرة من التجشؤ، ومن أهم تلك المواد: 

1- عدم تحمل الغلوتين: إذا كنت تعاني من عدم تحمل الغلوتين ، فستواجه صعوبة في هضم الحبوب الكاملة مثل القمح أو الجاودار أو الشعير وقد تكون مصاباً بحساسية تجاه الغلوتين.

2- عدم تحمل اللاكتوز: يعاني الأفراد الذين لا يتحملون اللاكتوز من مشكلة في هضم منتجات الألبان.

3- سوء امتصاص الفركتوز: لا يستطيع الأشخاص الذين يعانون من مشكلة سوء امتصاص الفركتوز هضم الفواكه التي تحتوي على سكريات مثل  الفركتوز والسوربيتول. 

الحل: إذا كنت تعاني من عدم القدرة على تناول الغلوتين فانتقل إلى خيارات الطعام الخالية من الغلوتين مثل الأرز أو حبوب الملت، وهي عبارة عن مجموعة من الحبوب الصغيرة التي تُزرع على نطاق واسع حول العالم، وتستخدم طعاماً بالنسبة للبشر وأعلافاً حيوانية.

أما إذا كنت تعاني من عدم تحمل اللاكتوز؛ فأنت تحتاج إلى شرب أو تناول منتجات الألبان بحذر واعتدال، ويفضل استبدال الزبادي بها أو حليب الصويا أو حليب الجوز.

وبالنسبة للأشخاص الذين لا يتحملون الفركتوز فيجب اتباع نظام غذائي منخفض توجد فيه نسب قليلة من أنواع الطعام التي تحتوي على هذا النوع من السكر.

8- داء الجيارديا: الإصابة ببكتيريا Helicobacter pylori بالإضافة إلى داء الجيارديا غالباً ما يؤدي إلى قرحة في المعدة، ويعد التجشؤ المفرط أحد أعراض قرحة المعدة، وعادة ما يصاحبه ألم بسبب العدوى المنتشرة في المعدة.

وتتسبب الإصابة أيضاً بداء الجيارديا البكتيري، وهو داء طفيلي تحمله المياه ويستقر في الأمعاء الدقيقة، في عدة أعراض مثل الغازات والانتفاخ بالإضافة إلى التجشؤ.

الحل: بالتأكيد استشارة الطبيب وتناول المضادات الحيوية أهم الحلول التي يجب الالتزام بها.

9- القرحة الهضمية: إذا كنت تعاني من التجشؤ المفرط بالإضافة إلى الانتفاخ والشعور بالجوع بعد ساعة إلى 3 ساعات من تناول الوجبة فقد يكون الأمر بسبب الإصابة بالقرحة الهضمية التي تحدث بسبب الضرر الذي تحدثه العصارات الهضمية في المعدة والأمعاء والغدد الهضمية على بطانة المعدة أو الاثني عشر.

ويعد الأشخاص الذين يتناولون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية بكثرة أكثر عرضة بالتقرحات الهضمية.

الحل: يمكن علاج معظم القرحات الهضمية باستخدام مثبطات الـ (PPI) التي تقلل إنتاج حمض المعدة.

10- التهاب المعدة: التهاب بطانة المعدة أو التهاب المعدة يمكن أن يؤدي إلى التجشؤ المفرط بسبب احتمالية مهاجمة جرثومة الملوية البوابية لبطانة المعدة.

كما يمكن أيضاً لمرض مثل اضطراب في المناعة الذاتية أو الاستخدام طويل الأمد للعقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية إلى التهاب المعدة، وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى حالات التجشؤ المزمنة وعسر الهضم والشعور بحرقة المعدة.

وهناك مجموعة من العلامات الخطرة التي يجب استشارة الطبيب فوراً عند الإصابة بها، وهي الغثيان، والبراز الداكن، وألم في البطن،  والقيء.

الحل: اتباع نظام غذائي خالٍ من التدخين والمشروبات الحمضية، وبالطبع تجب استشارة الطبيب لبحث إمكانية تناولك عقاقير مثبطات الـ(PPI) ومضادات الحموضة.

11- الاكتئاب: يعتقد العلماء أن الإصابة بحالات طويلة من التجشؤ قد تحدث بسبب الاكتئاب أو القلق، وقد تكون تلك الحالة المتكررة إحدى العلامات الأولى للاكتئاب؛ لأن الإنسان -وفق تفسير الباحثين- يبتلع كميات كبيرة من الهواء عند مروره بحالة عصبية أو اضطراب نفسي. 

الحل: تغيير نظامك الغذائي ونمط حياتك والحصول على الرعاية الطبية النفسية.

12- القولون العصبي: يعاني المصابون بمرض القولون العصبي من أعراض أخرى مصاحبة للتجشؤ، مثل حالات الانتفاخ والإسهال أو الإمساك، وهي غالباً ما تكون أعراضاً مؤقتة.

الحل: يا للأسف! لا يمكن الشفاء من القولون العصبي، ولكن يمكن تخفيف حدة الأعراض بواسطة الالتزام بنمط غذائي سليم والحصول على العلاج النفسي وتنال مكملات البروبيوتيك.

13- حصى المرارة وفتق الحجاب الحاجز: كثيراً ما يعاني الأشخاص الذين لديهم حصيات المرارة من التجشؤ بالإضافة إلى الغازات والغثيان وانخفاض الشهية وألم المعدة.

بالإضافة إلى ذلك قد يعاني بعض الأشخاص الذين يعانون من فتق الحجاب الحاجز (الذي تنتفخ فيه المعدة وتضغط عبر الحجاب الحاجز) من التجشؤ المفرط.

الحل: غالباً ما تتم معالجة حصى المرارة بواسطة العمليات الجراحية وباستشارة الطبيب، أما بالنسبة للمصابين بفتق الحجاب الحاجز فيجب تجنب الوجبات الثقيلة، وتناول الأدوية التي تنظم حمض المعدة وتزيد من قوة عضلات المريء.

شاركها.