أفضل دعاء يوم الجمعة

الدعاء هو عبادة يلجأ فيها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، بل هو أصل العبادة فالصلاة لغة يعني الدعاء، ومن استكبر عن الدعاء فقد استكبر على العبادة لله، فالحياة لا تستمر بغير الدعاء، ومنه دعاء مأثور في مواقف معينة أو أوقات محددة ومنه ما هو مطلق لا يحدد بوقت محدد ولا موقف معين.

أفضل دعاء يوم الجمعة

يعتبر الذكر دعاء والدعاء ذكر كما قال يونس عليه السلام في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فقال الله بعدها “فاستجبنا له” فظاهر القول أنه استغفار ولكنه استغفار بقصد الدعاء فكان الذكر والاستغفار دعاء في هذه الحالة وورد في الأثر أن من أذكار الصباح والمساء أن يقول المسلم “اللهم برحمتك استغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين” وهنا كان الدعاء ذكرًا.

فضل يوم الجمعة

خص الله بعض أيامه وبعض الأوقات بفضل بعضها على بعض، ففضل شهر رمضان على بقية الشهور وفضل ليلة القدر على باقي الليالي وفضل يوم الجمعة على أيام الأسبوع وهذا هو موضوع هذا المقال.

فيوم الجمعة يوم فضيل، فيه ساعة يُستجاب فيها الدعاء، ويُستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء في هذا اليوم، ولا يوجد تخصيص لأدعية وأذكار في الجمعة وليلتها إلا ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم -بالإكثار من الصلاة عليه، وقراءة سورة الكهف، فيدعو المسلم ما شاء من الأدعية، ويتحرّى ساعة الاستجابة، ومن الأدعية الطيبة:

يقول تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وقال جل شأنه: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ).

في هذه الآيات بيان أن الله تعالى سيستجيب لمن يدعوه، وهذه الاستجابة وتحقيق الدعاء واقعة في الدائرة التي يقع تحت إرادة الإنسان واختياره، وواقعة ضمن سنن الله تعالى والقوانين التي وضعها في الكون، فعلى الإنسان أن يعمل بأسباب تحقيق إجابة الدعاء ليستجيب الله تعالى له.

وهنا نستحضر قول العلامة الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار، إذ قال: “فمن يترك السعي والكسب ويقول: يا رب ألف جنيه: فهو غير داع، وإنما هو جاهل، ومثل ذلك المريض لا يراعي الحمية ولا يأخذ الدواء، ويقول: رب اشفني وعافني، كأنه يقول: اللهم ابطل سننك التي قلت: إنها لا تتبدل ولا تحول لأجلي”.

السعي مع الدعاء لله سبحانه وتعالى

فعلى المسلم ألا يكتفي بالدعاء دون سعي أو عمل لتحقيق النتائج المرجوة، فلا بد من الدراسة مع الدعاء لتحقيق النجاح، ولابد من الاستعداد وحسن التخطيط والتنفيذ لتحقيق الإجابة، وهكذا، وهنا نذكر قول عمر بن الخطاب لذلك الأعرابي الذي مرض جمله، فاكتفى بالدعاء، فيروى أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مر بأعرابي يدعو الله أن يشفي بعيره الأجرب، فقال له عمر: “هلا جعلت مع دعائك شيئاً من القطران”؟

أما إذا كان الدعاء لرفع شيء من قضاء الله وقدره، فمن المعروف أن الإنسان لا يعرف –على وجه التأكيد -أن ما حل به هو قدر من الله أم هو ناتج عن الظروف المحيطة به، فهل يغير الدعاء وقوع القدر؟ المسألة خلافية عند العلماء، ومهما كانت الإجابة فالمسلم يدعو ربه في جميع الأحوال، من أدلة القائلين بأن الدعاء يغير القدر أنه ورد في حديث ثوبان أن الدعاء يرد القدر، إذ روى ثوبان عن النبي (صلى الله عليه وسلم): “لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمل إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يذنبه”.

الدعاء وقضاء الله

وقيل بأن الدعاء لا يغير ما في علم الله، ولا يدفع قضاء، ولا يسلب قدراً، ولا يحدث شيئاً على غير سببه، لأن علم الله متحقق حتماً، وقضاء الله واقع لا محالة، إذا لو دفعه الدعاء لما كان قضاء وقدر أوجده الله فلا يسلبه الدعاء، والله خلق الأسباب ومسبباتها، وجعل السبب ينتج المسبب حتماً، ولو لم ينتجه لما كان سبباً، ولذلك لا يجوز أن نعتقد أن الدعاء طريقة لقضاء الحاجة حتى لو استجاب الله وقضيت بالفعل، لأن الله جعل للكون والإنسان والحياة نظاماً تسير عليه، وربط الأسباب بالمسببات.

والدعاء لا يؤثر في خرق أنظمة الله، ولا في تخلف الأسباب، وإنما الغاية من الدعاء تحصيل الثواب بامتثال أمر الله، وهو عبادة من العبادات، فكما أن الصلاة عبادة والصوم عبادة، والجهاد عبادة، والزكاة عبادة، فكذلك الدعاء عبادة، فإن قضيت حاجته كان فعلاً من الله ويكون قضاؤها وفق أنظمة الله سائراً على قاعدة ربط الأسباب بالمسببات.

ومعنى ذلك أن قضاء الله وهو من عالم الغيب، لا يتغير بالدعاء، ولكن بما أن الإنسان لا يعرف أن ما وقع به من وقائع وحوادث جارية، كالمرض والصحة والنجاح وغير ذلك هو من باب القدر أو لا، فعليه أن يستمر في دعائه والاستغاثة بالخالق عز وجل، وأن يفهم الإنسان أن الاستجابة للدعاء لا تتم على غير نواميس الكون وسننه، بل على الإنسان أن يفعل الأسباب المؤدية لتحقيق النتائج المرجوة، معتقداً أن الله قادر على تحقيق كل شيء.

حكم دعاء الإمام ورفع يديه أثناء خطبة الجمعة

أفاد أهل العلم أن دعاء الإمام في خطبة الجمعة للمسلمين مشروع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، وعلي الإمام ألا يلتزم دعاء معيناً، بل ينوع الدعاء بحسب الأحوال، وله أن يكثر او يقل حسب الحاجة الي ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الدعاء ثلاثا في بعض الأحيان، وربما كرره مرتين، فالسنة للخطيب أن يتحرى ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته ودعائه.

أما عن رفع اليدين فقد أفاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن رفع اليدين والإمام يخطب يوم الجمعة ليس بمشروع، وقد أنكر الصحابة ذلك علي بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة، ويستثني من ذلك دعاء الاستسقاء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه يدعو الله بالغيث وهو في خطبة الجمعة، ورفع الناس أيديهم معه، وما عدا ذلك لا يجوز، والله تعالى أعلم.

أدعية ليوم الجمعة

يحسن بالمسلم الإكثار من الدعاء في يوم الجمعة خاصة وفي كل الأوقات بشكل عام؛ ولم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصوص ليوم الجمعة أو أذكار محددة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة والصلاة عليه والدعاء بشكل عام، فيدعو المسلم بما يريد من الادعية التي بها خير الدنيا والاخرة، مكثر من الدعاء لعله يصادف به ساعة الإجابة في هذا اليوم الفضيل،

ومن ذلك أن يبدأ بحمد الله تعالى على نعمه والثناء عليه عز وجل، كأن يقول اللهم لك الحمد حمدًا كثيرا طيبًا مباركًا فيه، لك الحمد يا رب كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك فالحمد برفع الميزان، ويرفع غضب الرب، ويزيد النعم، قال الله “ولئن شكرتم لأزيدنكم”

وليقل: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، واقض عنّا برحمتك شرّ ما قضيت، إنّك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، آمنا بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، اللهم اغفر لي ذنبي، وطهّر قلبي، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهمّ يا نور السماوات والأرض، يا عماد السماوات والأرض، اغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما أنت به أعلم، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.

اللهم أبعد عني رفقاء السوء، اللهم جنبني الفواحش والمعاصي، يا جبّار السماوات والأرض، يا ديّان السماوات والأرض، يا وارث السماوات والأرض، يا مالك السماوات والأرض، يا عظيم السماوات والأرض، يا عالم السماوات والأرض، يا قيّوم السماوات والأرض، يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة، اللهم إليك مددت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل توبتي، وارحم ضعف قوّتي، واغفر خطيئتي، واقبل معذرتي، واجعل لي من كل خير نصيباً، وإلى كل خيرٍ سبيلاً، برحمتك يا ارحم الراحمين.