ازدهار التجارة الخارجية لدولة الإمارات

البيانات الأخيرة الصادرة عن «وزارة الاقتصاد» الإماراتية التي تُظهر أن حجم التجارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة نما بمعدل 15 في المئة خلال عام 2013، بما يساوي نحو ستة أمثال معدل النمو الذي حققته التجارة العالمية ككل خلال العام نفسه، والبالغ نحو 2.5 في المئة فقط، يُظهر حجم الفارق بين ما يحدث في الاقتصاد الإماراتي من نمو وازدهار من ناحية، وما يحدث في الاقتصاد العالمي من استمرار لمظاهر التباطؤ من ناحية أخرى، بل إنها تؤكد أن حالة الازدهار والزخم التي يمر بها الاقتصاد الوطني الآن لا ترجح أن يكون لها مثيل في العالم.

وإلى جانب ذلك، فإن الأداء اللافت للانتباه لقطاع التجارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الاثني عشر شهراً الماضية، يحمل العديد من الدلالات المهمة، فهو: أولا، يؤكد -من دون شك- أن الاقتصاد الإماراتي قد خرج بالفعل من عنق الزجاجة، وأنهى مرحلة التباطؤ الذي لحق به في بداية الأزمة المالية العالمية، جرّاء تأثره بمظاهر التباطؤ التي طرأت على حركة العديد من القطاعات الاقتصادية العالمية، التي من بينها حركة السلع والمنتجات (التجارة العالمية)، إلى جانب حركة السائحين، وحركة رؤوس الأموال عبر الحدود الدولية، وكذلك تراجع أسعار النفط العالمية.

ثانياً، الفارق الكبير في معدلات النمو لمصلحة التجارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة مقارنة بالتجارة العالمية ككل، يؤكد أنه في الوقت الذي مازالت فيه خطى الاقتصاد العالمي مترددة ما بين التباطؤ والانتعاش، لعدم استقرار الأوضاع في الاقتصادات المتقدمة من ناحية، وظهور نُذُر غير مطَمئنة على الاقتصادات الصاعدة من ناحية أخرى، فإن الاقتصاد الإماراتي قد حسم موقفه مبكراً، وسلك مسلكاً خاصاً به، مستفيداً من قدراته ومحركاته الذاتية، غير عابئ بأي ضغوط تأتيه من الخارج.

ثالثاً، النمو السريع في حركة التبادل التجاري على النحو المذكور آنفاً، يشير إلى أن مكاسب الانفتاح الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة على العالم الخارجي، تفوق الأعباء بكثير، وهو يضرب بذلك مثالا لغيره من الاقتصادات، خصوصاً تلك التي تعيش الظروف نفسها، وكذلك للمنظرين والمعنيين بالشأن الاقتصادي العالمي، بالكيفية التي يكون عليها الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي مفيداً، وكيف تطوّع الحكومات من خلال سياسات متزنة وجريئة للتجارة الخارجية معطيات الوضع الاقتصادي العالمي لخدمة أهدافها الوطنية حتى في الظروف غير المواتية، لئلا يكون انفتاحها على العالم مجرد رد فعل، أو من قبيل القبول بالأمر الواقع.

رابعاً، بيانات النمو الأخيرة في حجم التبادل التجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة تؤكد أن قطاع التجارة الخارجية الوطني، وما يرتبط به من أنشطة، لم يعد دوره مقتصراً على تلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وتسوية علاقاته مع اقتصادات دول العالم الأخرى، من تبادل للسلع والمنتجات والخدمات، بل إن دوره تخطى ذلك بشكل كبير، وأنه بات يلعب هذا الدور بالنسبة إلى اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، من خلال تحوله إلى مركز للتجارة والأعمال على المستوى الإقليمي، ودوره كحلقة وصل بين اقتصادات المنطقة من ناحية، والاقتصاد العالمي من ناحية أخرى.

مريم سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى