لم تتردد السعودية في إعلان موقفها من وفاة الصحافي السعودي جمال خاشقجي -رحمه الله- استناداً لمبادئها الشفافة وقضائها المستقل ومصارحتها الرأي الدولي ما يجري من عمليات القبض والإحالة، والتحقيق مع كل من يتورط بجريمة أياً كان تصنيفها، وهو المنهج الذي بدأته “السعودية الجديدة” منذ أشهر، مع انطلاق حملة مكافحة الفساد، وأكده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقائه الأخير مع “بلومبيرغ”، عندما طلب من الصحافية أن تشاهد التسجيلات التي تدين المتورطين بقصايا تجسس.

ومن هذا المنطلق، وفور وصول معلومات من الجانب التركي شرعت القيادة بالتحقيق في الاختفاء الغامض بعد التوصل للخيوط الأولى، رغم محاولة الفريق الأمني التغطية على وفاة “خاشقجي”، وفي أيام قليلة خلّصت إلى إعفاء مسؤولين وضباط والتحفظ على (١٨ سعودياً) مشتبهاً بهم تجري معهم التحقيقات حتى يقول القضاء كلمته.
ولأن الفريق الذي قدم لتركيا لمفاوضة الراحل جمال خاشقجي للعودة للبلاد استند لتعليمات قديمة للتعامل مع المواطنين الذين يكتبون سلباً عن السعودية لإقناعهم بالعودة حتى لا يكونوا فرائس يسهل اقتناصها وتوظيفها للمنظمات المعادية تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، وتحديث نظامها ولوائحها، وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق، وتقييم أعمالها وبعضوية عدد من القيادات الأمنية والمسؤولين، في إطار حرص السعودية على تطوير الأنظمة والبنية التحتية للأجهزة الحكومية وتحديد مسؤوليتها، وهي نفس الإصلاحات التي تمت في عدد من مؤسسات الدولة؛ لضبط العمل وضمان عدم استخدام أي من الأنظمة بشكل غير نظامي.
وجاءت القرارات بإعفاء قيادات عسكرية بجهاز الاستخبارات وتحديد صلاحيته “بشكل دقيق” في إشارة من السلطة العليا عن الغضب وعدم الرضا على تصرف الفريق والنقاش الذي أودى بحياة الصحافي السعودي، ولضمان عدم الاستناد لبعض التعليمات القديمة شكّلت هذه اللجنة، والذي من المتوقع أن تعمل على تحديث أنظمة جهاز الاستخبارات، ولأن الإدارة السياسية بالبلاد لم تخطر عن عمل الفريق الذي تفاوض مع “خاشقجي” -رحمه الله- فأعطيت معلومات مخالفة للواقع جاءت القرارات التي وجدت ردود فعل جيدة، ووصفت بالقرارات الشجاعة والجريئة.

شاركها.