الإستفادة من الحواسب المستعملة في تنمية المعرفة

ترك ازدهار سوق الحواسب والهواتف الذكية بصماته جلية على كافة مناحي الحياة الفردية والاجتماعية، ودأبت الشركات المنتجة بدايةً، على بناء سياسات تسويقية تلبي متطلبات شريحة المهتمين بالتطور التكنولوجي وطموحاتها في حيازة آخر المبتكرات، ليس بهدف تسخيرها في تنظيم حياتها وأعمالها فحسب بل لمجرد اقتناء جهاز من الجيل الأخير، غالباً ما تضطر للتخلي عنه عند ظهور جهاز أحدث منه. ومع مضي الوقت برزت حاجة الشركات المتنافسة إلى تعديل سياساتها الانتاجية والتسويقية لتتناسب مع متطلبات الشرائح الأكثر تواضعاً، مما ساهم بإغراق السوق بأجهزة جديدة وبأسعار منخفضة، رافقها ظاهرة تكديس الأجهزة القديمة
المحصلة كانت انتعاش سوق الهواتف والحواسب المستعملة حتى داخل الدول  المعروفة بمتوسط دخل فردي عالٍ، وإنتشارها بين شرائح تقليدية تحافظ على تراث المساومات العفوية المباشرة التي ترضي كلا الطرفين البائع والمشتري، إذ يحقق أصحاب محلات التجزئة عند بيع أجهزة مستعملة أرباحاً تفوق تلك الحديثة، وصلت أحياناً إلى ٩٠٪ من مداخيل المحل، لكنها انخفضت مع إنخفاض أسعار الهواتف الذكية في الفترات الأخيرة، ناهيك عن صعوبات البيع الناتجة عن العروض المغرية التي تقدمها الشركات الكبرى، والتي تعود بالنفع بشكل غير مباشر على تجار التجزئة عنما يبيع الأفراد أجهزتهم المشتراة بالتقسيط مقابل نقود “كاش” قد تلزمهم بعد فترة وجيزة من شرائها، لتجد بسرعة زبوناً من ذوي الدخل المحدود، يحقق مع البائع الأصلي والتاجر الوسيط مكاسب مرضية للجميع، علماً أن هذا السوق لا يخلو من مفاجآت غير سارّة مثل اكتشاف عيوب وأعطال لم تظهر لحظة المقايضة، وسط سوق لا يحتمل تقديم شكاوى، ويحكمه شعار: ” البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل”، مما يستدعي الاحتفاظ بنسخة عن البطاقة الشخصية لعارض للجهاز. إلا إنه في المقابل إنتشرت التجارة الإلكترونية التي تهتم بالأجهزة والأدوات المستعملة كنتيجة طبيعية للتطور الذي حصل على صعيد أجهزة الإتصالات، هذه التجارة أصبح لها مواقع خاصة تفرض عدد من القيود على البائع  والمشتري لضمان سير العملية بشكل يرضي الطرفين (كما هذا الموقع في تونس) مثلا
هكذا درجت فكرة الاستفادة من الأجهزة المستعملة في دعم الشرائح التي لا يمكنها مواكبة التكنولوجيا، فقامت شركة من الممكلة العربية السعودية في إيجاد صيغة لإنشاء جمعية تأهيل الأجهزة الإلكترونية، بهدف معلن هو تعزيز مستويات الاستفادة من الثقافة الرقمية والمساهمة في نشرها، حظيت بالموافقات الرسمية من وزارة الشؤون الاجتماعية لصالح جمعيتها “ارتقاء”، لتقوم بتأهيل أجهزة الحواسب الآلية المستعملة التي إنتهت الشركات أو المؤسسات أو الأفراد من استخدامها، ومن ثم توزيعها على الأسر المحتاجة أو الطلبة الفقراء ممن لا يملكون سيولة مالية كافية لشراء حاسوب

زر الذهاب إلى الأعلى