الإعجاز العلمي في “وعلم آدم الأسماء كلها”

قال الله تعالى: { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾} البقرة.

هذا النص القرآني الكريم جاء في الربع الأول من سورة البقرة‏ ‏ وهي سورة مدنية‏ ‏ وآياتها مائتان وست وثمانون‏ 286 ‏ بعد البسملة‏ ‏ ويدور محورها الرئيسي حول التشريع الإسلامي‏ ‏ وهي أطول سور القرآن الكريم علي الإطلاق‏، وتركز في هذه الآية على ومضتي الإعجاز الإنبائي والعلمي في الإخبار عن ذلك العلم الوهبي الذي علمه ربنا ـ تبارك وتعالى ـ لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ عند خلقه‏.‏

حقيقة العلم الوهبي

‏حقيقة هذا العلم الوهبي تناقض كل ادعاءات الذين نادوا بأن الإنسان بدأ أبكم، جاهلا، كافرا‏ ‏ ثم تعلم النطق بتقليد ما حوله من حيوانات ‏ وعرف ربه من خلال فزعه من الأحداث الطبيعية من حوله كالزلازل وثورات البراكين‏ ‏ والعواصف والأعاصير وغيرها‏ ‏ وهي ادعاءات انتشرت في ظل الحضارة المعاصرة هروبا من الإيمان بالخلق ومن الخضوع للخالق – سبحانه وتعالى-  إلا ان القرآن الكريم يؤكد في هذه الآية الكريمة أن الانسان بدأ عالما‏ ‏ عابدا‏ ‏ ناطقا‏ ‏ متكلما بلغة منطقية مفهومة‏ ‏ في الوقت الذي ينادي أغلب علماء الدراسات الإنسانية‏ ‏ الأنثروبولوجيا‏ ‏ بأن الانسان الأول لم تكن له قدرة على الكلام، ولم تكن له لغة يتكلم بها مع غيره سوى لغة الإشارة باليد الواحدة أو باليدين.‏

أصل اللغة

جميع ما وضع من نظريات وفروض لتفسير نشأة اللغة بعيدا عن حقيقة خلق أبينا آدم عليه السلام وتعليم خالقه له الأسماء كلها لحظة خلقه، وعند تهيئة جسد الإنسان تشريحيا للنطق بالكلام‏ ‏ هي نظريات وفروض باطلة‏ ‏ يدحضها التقارب الشديد بين جميع لغات أهل الأرض‏ ‏ وشيوع العديد من الألفاظ بينها‏ ‏ خاصة بين اللغات القديمة منها‏ ‏ مع تسليمنا بأن اللغة تنمو وتتطور كما ينمو ويتطور كل كائن حي‏، وتكفي في ذلك الإشارة إلي أن أكثر من خمسين في المائة من ألفاظ كل من اللغتين السريانية والعبرية هي ألفاظ عربية الأصل‏، وبالتحليل الدقيق للغات أهل الأرض ‏ ‏التي يقدر عددها اليوم بأكثر من خمسة آلاف لغة ولهجة‏ ‏ يمكن ردها إلي أصل واحد هو لغة أبوينا آدم وحواء ـ عليهما السلام ـ وقد كانت اللغة العربية‏ ‏ كما جاء في عدد من الآثار‏.‏

خلق الإنسان

إن خلق الإنسان مزودا بأجهزة للسمع والنطق‏ ‏منها الأذنان‏ ‏ واللسان‏ ‏ والتجويف الفمي‏ ‏ والأحبال الصوتية المرتبطة بجهاز عصبي غاية في دقة البناء‏ ‏ وإحكام الأداء‏ ‏ ينفي الإدعاءات التي تقول بأن الإنسان بدأ وجوده جاهلا‏ ‏ كافرا‏ ‏ أبكم‏ ‏ ثم تعلم النطق بتقليد أصوات الحيوانات من حوله‏ ‏ كما تعرف علي الله من خلال فزعه من الظواهر الطبيعية‏، وهذا هو موقف كثير من المشركين الذين زادت أعدادهم زيادة مفزعة في ظل الحضارة المعاصرة التي تتنكر لخالقها فتنسب كل شيء إلي الطبيعة‏ ‏ دون أن تتمكن من تحديد دقيق لمدلول لفظة الطبيعة‏.‏‏

زر الذهاب إلى الأعلى