شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بوفد رسمي ترأسه وزير الاقتصاد المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، في الاجتماعات التحضيرية النهائية للدورة الرابعة من القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي انطلقت أعمالها في العاصمة اللبنانية بيروت الخميس 17 يناير (كانون الثاني) الجاري. ووفقاً لبيان صحافي حصل 24 على نسخة منه، ضم الوفد وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي، ومساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون الاقتصادية والتجارية محمد شرف الهاشمي، ومستشار وزير الاقتصاد محمد صالح شلواح.

وابتدأت سلسلة اجتماعات القمة الخميس الماضي باجتماع لجنة المتابعة والإعداد للقمة على مستوى كبار المسؤولين، تلاه في اليوم نفسه الاجتماع التحضيري المشترك للمندوبين الدائمين وكبار المسؤولين، والذي حضره ممثلاً لدولة الإمارات سعادة محمد صالح شلواح مستشار وزير الاقتصاد.

وشارك الوفد برئاسة وزير الاقتصاد في الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمّة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تمت مناقشة المحاور والملفات المطروحة على جدول أعمال القمة والتي سيتم رفعها لاجتماع القمة المقرر غداً الأحد لاعتماد القرارات والتوصيات العربية بشأنها.

العمل العربي
وأكد المهندس سلطان بن سعيد المنصوري في مداخلة له خلال الاجتماع أن فعاليات القمة العربية التنموية هي منصة مهمة لتعزيز العمل العربي المشترك في القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم في دفع مسيرة التنمية العربية، متوجهاً بالشكر إلى الجمهورية اللبنانية على جهودها في استضافة القمة وحرصها على إنجاحها.

وأكد حرص دولة الإمارات، انطلاقاً من إيمان قيادتها الحكيمة بأهمية التكامل العربي في مختلف المجالات، على دعم قرارات القمة والعمل يداً بيد مع الأشقاء العرب لمتابعة مخرجاتها بما يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية المرجوة منها، مشدداً على أن الاستثمار في التنمية يعد الرهان الرابح للدول العربية، وأن التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم العالم العربي، بعيداً عن تعقيدات السياسة، من شأنه أن يصنع مستقبلاً أفضل للأجيال العربية المقبلة.

وأضاف أن “الدول العربية لديها من تنوع وسعة الموارد وتوافر مقومات النمو والطاقات البشرية الكبيرة ما هو كفيل بتمكينها من تجاوز الأزمات وتحديات التنمية في المنطقة”، مشيراً إلى أن حرص الدول العربية على العمل معاً للارتقاء بمستويات التعاون الاقتصادي والاجتماعي، هو السبيل الأمثل لتعزيز الفرص التنموية وإيجاد الحلول للتحديات الماثلة أمامنا، وتطوير البرامج التي تخدم النمو المستدام في الوطن العربي.

واعتبر وزير الاقتصاد أن الموضوعات التي تناقشها القمة تمثل خريطة طريق ممتازة لإحداث تحول إيجابي في مسارات التنمية العربية المستدامة، مؤكداً أن تعزيز التعاون في قضايا مثل الأمن الغذائي العربي، وتحسين أطر التجارة والاستثمار بين الدول العربية، وتطوير أسس الاقتصاد الرقمي، وتمكين قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع استراتيجية للطاقة المستدامة، وتشجيع السياحة، وتطوير آليات جديدة للتمويل التنموي في المنطقة العربية، سيفضي إلى اقتصاد عربي أكثر نمواً وتوازناً وقدرةً على مواجهة التحديات.

وأوضح أن تجربة دولة الإمارات الرائدة في مختلف المجالات التنموية قدمت نموذجاً مهماً على أهمية هذه المحاور لتحقيق النمو المنشود، حيث تبنت الدولة، بتوجيهات من قيادتها الحكيمة، رؤية واضحة لبناء اقتصاد تنافسي عالمي يقوم على المعرفة والابتكار بقيادة كفاءات وطنية، وعملت على تنويع مصادر الاقتصاد وتعزيز استدامته وتطوير منظومته التشريعية وبيئته الجاذبة للاستثمار وتطوير البنى الداعمة للتجارة وتحفيز بيئة التكنولوجيا والبحث وريادة الأعمال وتطبيق سياسة تجارية منفتحة وبناء الشراكات الاقتصادية العالمية.

الأول عربياً
وتابع بأن تلك الاستراتيجية انعكست بالنتائج الإيجابية التي تحققها دولة الإمارات في المجالات التجارية والاستثمارية، حيث تحتل اليوم المركز الأول عربياً وإقليمياً في صادرات وواردات السلع والخدمات، فيما جاءت في المرتبة 15 عالمياً في الصادرات السلعية و18 عالمياً في الواردات السلعية، والمرتبة 21 عالمياً في صادرات الخدمات و17 عالمياً في واردات الخدمات، كما حلت في المركز الثالث عالمياً من حيث إعادة التصدير، مستحوذة على نحو 13% من إجمالي إعادة تصدير العالم خلال 2017.

وأضاف أنه “على الصعيد الاستثماري، تتبوأ دولة الإمارات اليوم المركز الأول عربياً و30 عالمياً في جاذبيتها للاستثمار الأجنبي، وخلال الفترة الممتدة من 1990 إلى 2017، بلغ متوسط النمو السنوي لرصيد الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى الدولة 28%، مقابل 12% متوسط النمو عربياً، و11% متوسط النمو العالمي، كما تعد الدولة اليوم أكبر مستثمر عربي في الخارج”.

وأكد الوزير المنصوري أن دولة الإمارات ترى أن الإنجازات الاقتصادية والمراتب التنافسية التي تحققها في مختلف المجالات هي إنجازات للمنطقة العربية، وأنها حريصة على مشاركة إمكاناتها وخبراتها لدعم الأهداف التنموية العربية، مشدداً على أن المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تتطلب تعاوناً عربياً أكبر لرفع مستويات التبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات العربية – العربية، وتعزيز موقف الدول العربية كتكتل اقتصادي قوي على صعيد التجارة الدولية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

رؤية عربية مشتركة
وأضاف خلال مداخلته في الاجتماع: “أود اغتنام هذه الفرصة لأؤكد بصورة خاصة أهمية التعاون لوضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي، ودعمنا الكامل في دولة الإمارات للجهود العربية المبذولة في هذا الصدد، وذلك انطلاقاً من ثقتنا بأنه يمثل النموذج الأهم لبناء اقتصادات المستقبل في ظل التطورات المتلاحقة في عالم التكنولوجيا والاتصالات وآثارها الواسعة على واقع وآفاق التجارة والاستثمار في العالم”، مشيراً إلى أن العالم اليوم يستعد لثورة رقمية جديدة تتمثل أدواتها الرئيسية بالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والتقنيات الحديثة مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة وتقنيات البلوك تشين وغيرها، ومؤكداً أهمية أن تكون الدول العربية جزءاً من هذا الاتجاه العالمي، وأن تتعاون لوضع استراتيجيتها الخاصة لتطوير الاقتصاد الرقمي العربي وتنظيمه والتعامل الأمثل مع متطلباته وتحدياته.

وتابع بأن دولة الإمارات قطعت خطوات مهمة في هذا المسار، حيث طورت بنية تحتية وإلكترونية قوية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأطلقت مبادرة حكومة الإمارات الذكية، وتتجه نحو التحول الذكي بنسبة 100% في مختلف الخدمات الحكومية، وطورت منصات وتطبيقات ذكية تخدم قطاعات التجارة والاستثمار والأنشطة الاقتصادية في الدولة.

وفي جانب التجارة الرقمية، قال الوزير المنصوري إن “دولة الإمارات تعد محوراً رائداً للتجارة عبر الإنترنت، وتشهد تحولاً متزايداً نحو التسوق الإلكتروني، حيث عملت على تطوير البنية الداعمة له مثل أنظمة الدفع الإلكتروني وخدمات الشحن والتخزين والتوصيل”، موضحاً أنه بحسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي يتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات بحلول عام 2020 إلى نحو 27 مليار دولار (100 مليار درهم)، بنمو نسبته 100% عن عام 2016، مقابل نحو 69 مليار دولار الحجم المتوقع لسوق التجارة الإلكترونية لمجمل الدول العربية في العام نفسه، وبذلك تأتي الإمارات في المركز الأول إقليمياً مستحوذة على نحو 39% من إجمالي قيمة التجارة الإلكترونية النقدية لدول الشرق الأوسط.

وأضاف أن “حكومة دولة الإمارات تواصل دعم وتنظيم هذا القطاع عبر مبادرات جديدة يجري العمل عليها حالياً مثل تأسيس منصة إلكترونية للتجارة الإلكترونية على المستوى الوطني، ووضع منظومة من الأطر الاسترشادية والتنظيمية والمحفزات وتحديد المعايير والضوابط الخاصة بالتجارة الإلكترونية”، مؤكداً أن ثمة حاجة كبيرة اليوم لتعزيز التعاون بين الدول العربية في تبادل الخبرات وتطوير البنى الأساسية ووضع نظم تشريعية متكاملة ومتسقة للاقتصاد الرقمي العربي، والتنسيق المشترك فيما يخص المعايير والضوابط التي تضمن تنظيم القطاع والتعامل الأمثل مع طبيعته العابرة للحدود، وتعزيز الروابط التجارية للدول العربية من خلاله.

شاركها.