الإمارات نموذج عالمي في مكافحة العنصرية ونشر المحبة والسلام

في عالمنا من يغتال حياة الناس في بث مباشر برصاصة بندقية، ومنهم من يشرّع ذبح الإنسان من الوريد إلى الوريد تحت ذريعة الاختلاف، ومنهم من يحرق النساء والأطفال والرجال والشيوخ وهم أحياء، فقط لأنهم ليسوا على “دينه”. في هذا العالم ذاته تقف إمارات التسامح والمحبة، لتؤلف القلوب، ولتنير دروب السلام، رافضة كل أشكال التمييز والعنصرية، محاربة إراقة الدماء البريئة، مكافحة الكراهية مجرّمة كل ما يمت إليها بصلة من قول وفعل، وذلك عبر العديد من الاستراتيجيات والمبادرات والقوانين المتفردة والسبّاقة في الحضّ على نشر المحبة والسلام والتصدي للعنصرية والتعصب والكراهية.

وثيقة الأخوة الإنسانية
أطلقت الإمارات في فبراير (شباط) الماضي وثيقة الأخوة الإنسانية، في حدث تاريخي جسد أروع معاني المحبة والتسامح والسلام، خلال استضافتها لقاء الأخوة الإنسانية الذي جمع شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، الرمزين الدينيين الأبرز في العالم، لتعزيز قيم التسامح والمحبة بين الثقافات والأديان، وترسيخ مبادئ التعايش وقبول الآخر في نفوس البشرية جمعاء.

وحملت الوثيقة بين طياتها دعوة تطالب قادة العالم وصناع السياسات، ومن بأيديهم مصائر الشعوب وموازين القوى العسكرية والاقتصادية، بالتدخل الفوري لوضع نهاية فورية لما يشهده العالم من حروب وصراعات، كما تدعو لوقف اسـتخدام الأديان والمذاهب في تأجيج الكراهية والعنف والتعصب الأعمى، والكف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش.
وتوجهت للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان.

“صندوق زايد العالمي للتعايش”
وفي فبراير (شباط) الماضي، أمر ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتأسيس “صندوق زايد العالمي للتعايش” بهدف دعم الجهود الرامية إلى تعزيز ثقافة التعايش السلمي والتآخي الإنساني بين الأفراد والشعوب.

ويتولى الصندوق دعم مبادرات عالمية تستقي نهجها من الوثيقة لتوسيع قاعدة المشتركات الإنسانية، ونشر ثقافة السلام والتسامح في مختلف بقاع العالم، كما يدعم جهود تطوير المناهج التعليمية لتعزيز قيم الأخوة الإنسانية وغرسها في نفوس الطلبة والناشئة، كما سيخصص منحاً دراسية لطلبة الدراسات العليا لحثهم على إجراء البحوث العلمية في المبادئ الواردة في الوثيقة، ويوفر برامج لتدريب وتطوير المعلمين في مختلف المراحل التعليمية ليكونوا رسلاً للتواصل والتفاهم ويرسخون القيم الحضارية التي احتوتها الوثيقة.

“بيت العائلة الإبراهيمية”
أمر ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتخصيص مساحة أرض في جزيرة السعديات وتشييد معلم حضاري جديد يُطلق عليه اسم “بيت العائلة الإبراهيمية”.

ويرمز المعلم الديني الفريد إلى حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في مجتمع دولة الإمارات، كما أنه سيستقي نهجه من الوثيقة التاريخية التي وُقّعت في الإمارات بين الإمام الأكبر وقداسة بابا الفاتيكان، التي تُبشر بعهد جديد للإنسانية، تتقارب فيه الشعوب والطوائف والأديان باختلافاتها وتنوعاتها، وسيكون الصرح الجديد إحدى المعالم البارزة على مستوى الدولة والعالم.

حل النزاعات بين الدول
تلعب الإمارات دوراً بارزاً في نشر السلام ليس فقط على أراضيها، وإنما تسعى لإحلال الاستقرار والسلم الدوليين في شتى أرجاء العالم، وهو ما تجسد في مبادراتها لرأب الصدع بين الدول، وحل النزاعات والصراعات، وإنقاذ بلاد من قرع طبول الحرب صوناً لأرواح الأبرياء وحقناً للدماء.

وبادرت الإمارات إلى تطويق الأزمة بين الهند وباكستان، حين دعا ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كلاً من رئيس وزراء جمهورية الهند ناريندرا مودي، ورئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية عمران خان، إلى أهمية التعامل مع المستجدات المقلقة بحكمة، والعمل على تخفيف حدة التوتر بين البلدين الصديقين، وتغليب لغة الحوار والتواصل.

كما أن الاتفاق الذي وقعته كل من إثيوبيا وإريتريا لإنهاء النزاع الممتد بينهما على مدار عشرين عاماً، شكل حدثاً تاريخياً له دلالته وأهميته الكبيرة بالنسبة إلى دول المنطقة والعالم، وخاصةً أنه جاء تتويجاً لجهود المصالحة التي قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة مرسخة بذلك دورها الرائد في تعزيز الأمن وتوطيد دعائم الاستقرار، وخدمة القضايا التي من شأنها أن تنشر السلام والطمأنينة في القرن الأفريقي والعالم.

عام التسامح
وكرست القيادة الإماراتية نهجها الثابت والراسخ في تعزيز التعايش والتسامح، بإعلان رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عام 2019 في الإمارات عاماً للتسامح، والذي يركز على 5 محاور هي: تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة، وترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى منها المساهمات البحثية، والدراسات الاجتماعية المتخصصة في حوار الحضارات، والتسامح الثقافي من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة، وطرح تشريعات وسياسات تهدف إلى تعزيز قيم التسامح الثقافي، والديني، والاجتماعي، تعزيز خطاب التسامح، وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.

برنامج وطني
إقرار البرنامج الوطني للتسامح ويرتكز على سبعة أركان رئيسة: الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث زايد والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة، يتضمن حزمة من المبادرات مثل أسبوع التسامح، ومركز الإمارات للتسامح، وبرنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات، الأول من نوعه في العالم.

المعهد الدولي للتسامح
وجاء إنشاء المعهد الدولي للتسامح، بموجب قانون أصدره نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، ويتضمن إطلاق جائزة تسمى “جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح”.

ويهدف المعهد إلى بث روح التسامح في المجتمع، وبناء مجتمع متلاحم وتعزيز مكانة دولة الإمارات كنموذج في التسامح، ونبذ التطرف وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة، إلى جانب تكريم الفئات والجهات التي تسهم في إرساء قيم التسامح وتشجيع الحوار بين الأديان.

وزير التسامح
استحدثت الإمارات منصب وزيرٍ للتسامح لأول مرة في فبراير (شباط) 2016، خلال إعلان نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن التشكيل الوزاري الثاني عشر والتغييرات الجوهرية في الحكومة الاتحادية.

وجاء في الإعلان قول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حول أسباب تعيين الإمارات لوزير دولة للتسامح: “لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها، أو يكون مواطناً فيها”.

مسجد “مريم أم عيسى”
وجه ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في يونيو (حزيران) من عام 2017، بإطلاق اسم “مريم أم عيسى”، عليهما السلام، على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقه المشرف، وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات، في مثال عملي على روح التسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات، وعلى دروب التسامح والسلام التي تشقها للإنسانية.

قوانين وتشريعات‏
أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في يوليو (تموز) 2015، مرسوماً بقانون رقم (2) لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، بهدف إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية. ويقضي القانون بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.

تحرص الإمارات على مواصلة دعمها للجهود الدولية لمكافحة ونبذ الإرهاب والتطرف والتمييز العنصري بكل أشكاله وصوره، لحماية الأوطان وصون أرواح الأبرياء الذين يدفعون بدمائهم ثمن كراهية وعنصرية لا وطن لها، ولا دين ولا هوية ولا انتماء لها.

زر الذهاب إلى الأعلى