الاتحاد الأوروبي أم مانشستر؟.. من المنتصر؟ – المحامي/ يعقوب المطير

أصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قرارًا، يقضي بمنع نادي مانشستر سيتي الإنجليزي من المشاركة في دوري أبطال أوروبا لمدة سنتين، وفرض غرامة مالية، قدرها ثلاثون مليون يورو؛ بسبب مخالفته قواعد اللعب النظيف المالي في الفترة بين (2014- 2016)، وعدم استجابة الفريق الإنجليزي للتحقيقات، والتعاون مع اللجنة المختصة في الاتحاد الأوروبي. وهذا القرار ليس نهائيًّا، بل قابلاً للاستئناف أمام محكمة «الكاس». هذا القرار بكل تأكيد كان خبرًا فاجعًا للفريق الإنجليزي الكبير وجماهيره العاشقة وحامل اللقب للدوري الإنجليزي في الموسم الماضي، الذي حقق أربع بطولات دوري خلال آخر عشر سنوات بوصفه أكثر فريق إنجليزي يحقق بطولة الدوري الإنجليزي خلال العقد الماضي من الزمن؛ إذ إن الفريق الإنجليزي الذي يملكه الإماراتي الشيخ منصور بن زايد منذ عام (2008م) أنفق على نادي مانشستر سيتي أكثر من مليار وثلاثمائة ألف جنيه إسترليني؛ ليتم استقطاب اللاعبين الأجانب المميزين على مستوى العالم، وكذلك إحضار المدربين المميزين، وكان آخرهم الإسباني العملاق بيب جوارديوالا «مدرب برشلونة السابق»؛ إذ حقق المدرب الإسباني أكثر من سبع بطولات مع فريق مانشستر سيتي خلال ثلاث سنوات فقط، حتى أصبح فريق مانشستر سيتي فريقًا لا يقهر، ومن أقوى الفرق على مستوى العالم، كمشروع استثمار رياضي إماراتي عربي عالمي، يفخر به كل شخص؛ إذ تحوَّل من فريق كان يغرق بالديون الضخمة إلى أحد الأندية الأوروبية الأكثر ربحًا ماليًّا.

المجتمع الرياضي الأوروبي نشر وروّج الكثير من الشائعات التي من شأنها تأجيج الرأي العام الأوروبي ضد الفريق الإنجليزي، ومن ملكية عربية كما حصل مع الفريق الفرنسي باريس سان جرمان، بملكية خليجية أيضًا. الشائعات كانت تدور حول أن الشيخ منصور بن زايد سوف يقوم ببيع النادي الإنجليزي، والمدرب العالمي الكبير بيب جوارديولا سوف تنتهي مسيرته التدريبية مع الفريق الحلم الإنجليزي، وربما ينتقل إلى فرق أوروبية أخرى مثل يوفنتوس الإيطالي، أو برشلونة الإسباني، وغيرها بعد قرار المنع من المشاركة في دوري أبطال أوروبا لمدة عامين، وانتقال بعض اللاعبين المميزين من مانشستر سيتي، وغيرها من الشائعات غير الصحيحة التي من شأنها إرباك الفريق الإنجليزي بشكل خاص، وفرق الدوري الإنجليزي بشكل عام. وربما انتقلت حمى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المستوى السياسي، الذي قد يمتد أثره إلى المستوى الرياضي من خلال الأندية الإنجليزية، ومشاركتها في المسابقات الأوروبية. ومشكلة مانشستر سيتي مع قواعد اللعب النظيف المالي في الاتحاد الأوروبي نوعًا ما قد تدخل في تصفية الحسابات كون الفريق الإنجليزي يعتبر أول الضحية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وربما الاتحاد الأوروبي يضع مؤشرًا بشكل غير مباشر برفض دخول استثمارات رياضية ورؤوس أموال عربية إلى السوق الأوروبي كما حدث مع فريق مانشستر سيتي وفريق باريس سان جرمان وفريق شيفيلد يونايتد الإنجليزي الذي يملكه السعودي الأمير عبدالله بن مساعد.

الوضع القانوني لهذه القضية هو أن هناك فهمًا خاطئًا للموضوع؛ إذ إن فريق مانشستر سيتي لم يرتكب مخالفات انضباطية منصوصًا عليها في قوانين ولوائح الاتحاد الأوروبي التي تتوافق مع قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، بل هذه مجرد مخالفات مالية لقواعد اللعب النظيف المالي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي، ولكن – للأسف – لم نرَ تطبيقًا لهذه القواعد إلا على الفرق التي بملكية عربية، مثل مانشستر سيتي وباريس سان جرمان. على أية حال، الموقف القانوني لمانشستر سيتي قوي لنقض القرار؛ لأن محكمة الكاس لا تعترف بنوع كهذا من المخالفات لمنع وحرمان فريق من المشاركة في البطولات القارية، وحصل ذلك مع فريقَي باريس سان جرمان وميلان الإيطالي. أما تضخم أجور اللاعبين فهو أمر طبيعي في حالة استقطاب نجوم عالميين كبار، وهذا يحدث مع أندية عالمية كثيرة، مثل ريال مدريد باستقطاب البلجيكي هازارد، وبرشلونة بجلب اللاعب الفرنسي ديمبلي، وباريس سان جرمان بجلب البرازيلي نيمار، ويوفنتوس الإيطالي بالتعاقد مع البرتغالي رونالدو. فهل سوف يعاقب الاتحاد الأوروبي هذه الأندية الكبيرة بحرمانها من المشاركة في دوري أبطال أوروبا؟ وعلى أي معيار سوف يتم تطبيقه معهم؟ هل بتضخم الأجور العالية للاعبين أم عندما تصبح الديون أكثر من الأرباح في الموازنات المالية؟ من المؤكد أن فريق مانشستر سيتي سوف يتعاقد مع أقوى المحامين الدوليين على مستوى العالم للدفاع عن حقوقه لدى محكمة الكاس؛ فنحن مقبلون على معركة قانونية طويلة من الآن حتى الصيف.

زر الذهاب إلى الأعلى