التأويل في الحلف ( اليمين )

                   بسم الله الرحمن الرحيم

– التأويل في الحلف ، كالحلف بالطلاق و العتاق و اليمين المكفرة كالحلف بالله تعالى او بالظهار او بالنذر :
– و  ( ينفع ) حالف ( غير ظالم ) بحلفه ( تأول بيمينه ) و هو أن يريد الحالف بلفظه ما يخالف ظاهره ؛ و سواء في ذلك الحلف بالطلاق ؛ و العتاق ؛ و اليمين المكفرة كالحلف بالله تعالى ؛ أو بالظهار ؛ أو بالنذر . 
فإن كان الحالف ظالماً كالذي يستحلفه الحاكم عن حق عنده لم ينفعه تأوّله ؛ قال في المبدع : بغير خلاف نعلمه و كانت يمينه منصرفة إلى ظاهر الذي عنى المستحلف ؛ لقول النبي صلى الله عليه و سلم : (( يمينك على ما يصدّقك به صاحبك )) و في لفظ : (( اليمين على نية المستحلف )) رواه مسلم .
و إن كان الحالف مظلوماً كالذي يستحلفه ظالم على شيء لو صدقه ؛ لظلمه أو ظلم غيره ؛ أو نال مسلم منه ضرر ؛ فهنا له تأويله ؛ لحديث سويد بن حنظلة قال: (( خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه و سلم و معنا وائل بن حجر ؛ فأخده عدو له ؛ فتحرج القوم أن يحلفوا ؛ فحلفت أنا أنه أخي ؛ فخلى سبيله ؛ فأتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرنا له ذلك ؛ فقال (( كنت أبرهم و أصدقهم المسلم أخو المسلم )) [ رواه أبو داود ] ؛ و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( إن في المعاريض مندوحة عن الكذب )) [ رواه الترمذي ] ؛ قال محمد بن سيرين : (( الكلام أوسع من أن يكذب ظريف ( حض الظريف ) أي الكيس الفطن ؛ فإنه يفطن التأويل ؛ فلا حاجة إلى الكذب .  
و كذا إن لم يكن الحالف ظالماً او مظلوماً ؛ و لو كان التأويم بلا حاجة إليه لأنه عليه السلام (( كان يمزح و لا يقول إلا حقاً )) ؛ و مزاحه أن يوهم السامع بكلامه غير ما عناه و هو التأويل ؛ قال عليه السلام لعجوز : (( لا تدخل الجنة عجوز )) ؛ و يقبل منه حكماً دعوى التأويل مع قرب الاحتمال و مع توسطه ؛ لعدم مخالفته الظاهر ؛ و لا يقبل منه مع بُعده .
و من أمثلة التأويل : أن ينوي باللباس الليل ؛ و بالفراش و البساط الأرض ؛ و بالأوتاد الجبال ؛ و بالسقف و البناء السماء ؛ و بالأخوة أخوة الإسلام ؛ و ينوي بنسائي طوالق أي نسائه الأقارب كبناته و عماته و خالاته و نحوهن ؛ و ينوي بقوله و لا في بيتي فرش أي صغار الأبل ؛ و لا في بيتي حصير  و يقصد بالحصير الحبس ؛ فلا حنث في ذلك كله حيث لم يكن ظالماً ؛ لأن لفظه يحتمل ما نواه . 
و إن استحلفه ظالم ما لفلان عندك وديعة و هي عنده و حلف و قصد ب ( ما ) الذي ؛ فكأنه قال : الذي لفلان عندي وديعة ؛ أو نوى ما له عندي وديعة غير المطلوبة ؛ أو نوى ما له عندي وديعة في مكان كذا فلا حنث ؛ لأنه صادق .
  و كذا لو استحلفه ظالم بطلاق و عتاق أن لا يفعل ما يجوز فعله ؛ أو أن يفعل ما لا يجوز فعله ؛ فحلف بالطلاق ثلاثاً و نوى بقوله : طالق من عمل تعمله كخياطة و غزل  لا طالق من عصمته ؛ و نوى بقوله : ثلاثاً ثلاثة أيام ؛ أو قال له ظالم قل : زوجتي طالق إن فعلت كذا ؛ أو كل زوجة لي طالق إن فعلت كذا ؛ أو نوى زوجته العمياء ؛ أو اليهودية ؛ او الحبشية و نحوه ؛ أي نوى بقوله : كل زوجة تزوجتها بالصين و نحوه و لا زوجة للحالف على الصفة المذكورة لم يحنث ؛ و كذا لو نوى إن كانت فعلت كذا بالصين أو نحوه من الأماكن التي لم يفعله فيها لم يحنث . 
و من حلف  فلان ما هنا و عنى موضعاً ليس فيه لم يحنث ؛ لأنه صادق . 
 و من حلف على زوجته لا سرقت مني شيئاً ؛ فخانته في وديعة لم يحنث ؛ إلا أن نوى بالسرقة الخيانة . 
 و لو حلف ليعبدنّ الله تعالى عبادة ينفرد بها دون الناس في وقت تلبسه بها ؛ برّ بالطواف وحده أسبوعاً بعد أن يُخلى له المطاف . 
و من شك في طلاقه أو علق عليه لم يلزمه ؛ أو شك في عدد رجع إلى اليقين .

                           و الله وليُّ التوفيق 

زر الذهاب إلى الأعلى