الحب يسكّن الألم والغرور يسبب آلام المعدة.. هكذا تؤثر المشاعر على الجسم وصحته

سواء لدقائق أو لعدة ساعات أو تمتد لأشهر، يظن معظم البشر أن المشاعر المختلفة سواء الحزينة أو السعيدة التي يشعر بها الإنسان مجرد أحاسيس وقتية تنتهي ويزول مفعولها بمجرد اختفاء المؤثر الخارجي أو الداخلي .

ولكن بالطبع هذا الأمر غير دقيق من الناحية الطبية على الإطلاق، فالمشاعر التي نشعر بها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأجسامنا وتترك عليه بعض العلامات الصحية سواء الجيدة أو السيئة بحسب نوع المشاعر مثل:  

1- الحب : يتسبب الشعور بالحب بعدة تغيرات جسدية هامة بالنسبة للإنسان مثل زيادة التعرق، وارتفاع معدل ضربات القلب وذلك بسبب تحفيزه الجسم نحو إنتاج المزيد من الأدرينالين والنورأدرينالين – وهو عبارة عن مادة طبيعية غير مصنعة تفرز من المستقبلات العصبية والخلايا المتصلة بالجهاز العصبي- وهو ما ينتج عنه أيضاً إفراز هرمون الأوكسيتوسين، والذي يطلق عليه العلماء “هرمون الحب”.

وتقول كات فان كيرك عالمة الطب النفسي إن الحب وما ينتج عنه من إنتاج لعدة هرمونات مختلفة داخل الجسم لها تأثير مباشر على تسكين الألم  وزيادة قوة القلب وتحسين الصحة بشكل عامة، وبحسب بحث تم نشره في صحيفة الجارديان البريطانية فإن المتزوجين عن حب يعيشون لفترة أطول من الأشخاص غير المتزوجين أو المرتبطين عاطفياً.

2– الغضب والقلق: من المشاعر الفتاكة بشكل سيئ للغاية بالنسبة إلى الصحة النفسية والعضوية، فالقلق أو الغضب تسبب عدة مشاكل عضوية للبشرة مثل الصداع والأرق، بالإضافة إلى مشاكل الهضم والجلد وفي بعض الأحيان تصل حدة الأمور إلى التعرض للأزمات القلبية أو السكتة الدماغية.

ولعل الأمر الأكثر خطورة هو امتزاج مشاعر الغضب مع القلق؛ لأن هذا الأمر ينتج عنه الإصابة بظاهرة القلق المعمم – وهو عبارة عن  نمط من الانشغال النفسي والقلق الدائم الذي يؤثر في النشاط اليومي للمريض – لذلك لا يجب أن تدع القلق أو الغضب يسيطران عليك، بل يجب أن تفكر فيما يغضبك وأنت تتحدث إلى الأشخاص المقربين لك عما تشعر به وتحاول التوقف عن التفكير في الأمور السلبية.

3- الاكتئاب:الاكتئاب هو اضطراب في الدماغ يمكن أن يؤدي إلى الألم والحزن العاطفي ولكن الأمر لا يتوقف على العواطف فقط، فالاكتئاب  يزيد من خطر الإصابة بعدد من الأمراض، وسيضعف الجهاز المناعي، كما يسبب الأرق بسبب عدم القدرة على الحصول على الراحة وصفاء الذهن ويتسبب بامتلاء رأسك بالكثير من  الأفكار المضطربة والسلبية، ومن بين أبرز مخاطر الاكتئاب والتعرض للإجهاد الذهني هو الإصابة بأزمة قلبية، بالإضافة إلى حالة من الاهتزاز في اتخاذ القرارات وضعف حاد في الذاكرة . 

4- الخوف : عندما نشعر بالخوف فإن الجهاز العصبي اللاإرادي يجعل الدم ينتقل إلى العضلات والجسم بشكل عام على حساب الأطراف والوجه وذلك لتأهيل الجسم بشكل طبيعي للهرب أو القتال وهذا الأمر يفسر سر شحوب الوجه عند الشعور بالخوف .

5- الاشمئزاز : يعتبر الشعور بالاشمئزاز أصعب المشاعر التي لا يستطيع الإنسان السيطرة عليها على عكس الخوف أو الغضب أو المشاعر الأخرى .

ويتسبب الإحساس بالاشمئزاز تجاه أمر ما إلى الإبطاء من معدل ضربات القلب بالإضافة إلى الغثيان والرغبة في التقيؤ، كما لو كان هناك شيء ما في المعدة.

ويبدأ الإنسان في الشعور بالغثيان بسبب التعارض الفسيولوجي المباشر بين هذا الشعور والجهاز الهضمي للإنسان؛ لذلك ربما أفضل ما يمكن فعله هو أخذ نفس عميق ومحاولة تشتيت الانتباه عن المؤثر الخارجي الذي يجعلك تشعر بالاشمئزاز .

6- الخجل أو العار: ولا نقصد بالعار هنا هو فقدان الشخص لكرامته أو إرادته الحرة في فعل ما يريد بسبب الإحساس بالخزي، ولكن بسبب التفكير الزائد على الحد فيما يقال عنه وتأثير هذا على حياته بشكل يدفعه نحو الخلف .

ويشعر الإنسان بهذا الشعور الضار بسبب الإفراط في إنتاج هرمون الكورتيزول “هرمون التوتر”، وهو ما يؤدي إلى مضاعفات عضوية سيئة مثل ضيق الشرايين وزيادة معدل ضربات القلب .

ولا سبيل للتخلص من هذا الشعور وضرره السيء سوى بالتوقف عن الاهتمام أو الخوف من ما يقوله الآخرون وحب النفس والثقة بها وتحدي كل الأمور السلبية التي تقال عنك .

7- الغرور : الثقة الزائدة بالنفس  أو الغرور الذي يؤدي إلى ازدراء الآخرين شعور لا يجلب لك الضرر فقط على مستوى حب الآخرين لك بل وعلى المستوى العضوي أيضاً .

فالغرور يمكن أن يجعلك تشعر بحرقة وآلام المعدة، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم أيضاً لذلك حاول أن تتحلى ببعض التواضع وشجاعة الاعتذار عند الخطأ وتقدير مشاعر الآخرين، وعدم التسبب بالضرر لهم .

8- الغيرة : الشعور بالغيرة أمر قد يعبر عن الحب والتمسك بشريك الحياة، ولكن الأمر عندما يصل إلى مراحل مبالغ فيها لا يدمر العلاقات العاطفية فحسب، بل يؤدي إلى تسارع ضربات القلب ورفع معدل ضغط الدم والدخول في دوامة من المشاعر السلبية التي تجلب المعاناة من ضعف الشهية وفقدان الوزن أو اكتساب المزيد منه، كما أنها قد تؤدي إلى مشاكل في المعدة .

وكأحد الحلول المتاحة للتغلب على الشعور بالغيرة هو الثقة في النفس والتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين والخلط بين والواقع والحقائق التي أمامك.

9- السعادة: وصف الفيلسوف أرسطو السعادة قائلاً : “السعادة هي معنى وهدف وغاية الحياة “، فالسعادة وتمتع الإنسان بصحة جيدة أمران يسيران جنباً إلى جنب، فالسعادة تقوي جهاز المناعة وتعزز من كفاءة قيام القلب بوظائفه وتطيل أعمار البشر.

فوفقاً لدراسة طبية نشرت عام 2015 وجد الباحثون أن السعادة تقلل من خطر الوفاة لدى الأشخاص الأصحاء بنسبة 18% بينما بالنسبة لمن يعانون من الأمراض المختلفة فهي تطيل أعمارهم بنسبة 20% .

وفي سبيل الوصول إلى السعادة فإن الأمر لا يتطلب الكثير من الشروط، فمعانقة أبنائك أو المقربين منك أو تناول الوجبة التي تفضلها وحتى قضاء الوقت في التنزه أو الاسترخاء كل تلك الأمور كفيلة بأن تشعرك بالسعادة .

10- القلق والاكتئاب : من أسوأ الأمور التي قد تصيب الإنسان هو التعرض لمواقف عصيبة في حياته قد تجعله يصاب بمشاعر ممتزجة من القلق والاكتئاب تزيد من فرصة التعرض لأمراض القلب والكبد .

ففي دراسة طبية أثبتت النتائج أن دخول الإنسان في حالة من الاضطراب العقلي نتيجة القلق والاكتئاب يؤدي إلى أمراض الأوعية الدموية وارتفاع فرص الإصابة بأمراض القلب، وهو بالتالي ما يرفع احتمالية الإصابة بمرض الكبد الدهني، والذي من الممكن أن يؤدي إلى تليف أو فشل الكبد وهو ما قد يؤدي إلى الوفاة في نهاية الأمر.

11- متلازمتا روبينشتاين تايبى وكورنيليا دي لانج: على الرغم من أنهما تحدثان بسبب طفرة في الموروث الجيني للأجنة وينتج عنهما عدة أعراض جسدية مثل تغير شكل إبهام اليدين وكبير حجمه وقصر القامة وحجم الرأس الكبير ومشاكل القلب وغيرها من الأعراض الأخرى، إلا أن تلك المتلازمتين تتسببان في أعراض نفسية وعاطفية مثل العدوانية ونقص الانتباه والنشاط وتجنب الاتصال البصري بالإضافة إلى اضطرابات الوسواس القهري والتوحد .

– وفي نهاية الموضوع وكوسيلة للتمتع بصحة جيدة على المستوى النفسي والبدني أثبتت الكثير من الدراسات الطبية بأن هناك الكثير من التغيرات الهامة التي تطرأ على دماغ الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية بشكل منتظم وذلك بسسب إطلاق أجسامهم لمادة الأندروفين التي تعمل كمسكن للألم، وبسبب تأثير ممارسة الرياضة على منطقة ما تحت المهاد في الدماغ والمسؤولة عن عدة عمليات هامة وحيوية بالنسبة للإنسان مثل الشعور بالجوع والتنفس وردات فعل الإنسان العاطفية فإن الإنسان الرياضي يقاوم جسده الألم العضوي بشكل أكبر، ولا يشعر بحالات عنيفة من الإجهاد أو الخوف على عكس البشر غير الممارسين للرياضة .

كما تساعد ممارسة التمارين الرياضية على تعزيز الشعور بالطاقة الإيجابية لدى الرياضيين وتقليل الشعور بالحزن والقلق والاكتئاب .

زر الذهاب إلى الأعلى