الحمية الغذائية مع الأدوية العلاجية تخفض من ارتفاع الكوليسترول

حث الأطباء مرضاهم على التغذية السليمة يؤتي ثماره

بذل الأطباء مزيداً من الجهد في حث الناس على تبني سلوكيات صحية في نمط الحياة التي يعيشونها، ليس إضاعة للوقت. هذا ما علق به الباحثون من نيويورك على النتائج التي فاجأتهم حينما درسوا مدى التزام مرضى ارتفاع الكوليسترول بتناول الأطعمة الصحية، للتخفيف من حدة ارتفاعه، في حال ما لو كانوا أيضاً يتناولون الأدوية التي من شأنها العمل على خفض نسبة كوليسترول الدم من مجموعة ستاتين، مثل ليبيتور أو زوكور أو برافاكول أو غيرهم.
* توقعات الأطباء وكانت مجلة مايو كلينيك بروسيدنغس الشهرية قد نشرت في عدد أغسطس الحالي نتائج دراسة الملاحظة هذه، والتي وجدوا فيها، خلافاً لما يتوقعه الأطباء غالباً منهم، أن معظم هؤلاء المرضى كانوا بالفعل يحرصون على أن تكون وجبات طعامهم اليومي موافقة للإرشادات الخاصة بتقليل الدهون والكوليسترول فيها. وهو ما يعني تلقائياً أنهم لم يعتمدوا فقط على عمل تلك الأدوية في المساعدة على علاج تلك الحالة للوقاية من أمراض شرايين القلب والدماغ والأطراف.
وقال الدكتور ديفين مان، الباحث الرئيس في الدراسة من كلية ماونت سيناي للطب في نيويورك، حينما تقدمنا لإجراء الدراسة كان الاعتقاد لدينا، كما لدى كثير من الأطباء، أن الناس سيسلكون الطريق الأكثر راحة، لأنه من السهل عليهم تناول الأدوية، لكن من الصعب عليهم الالتزام بحمية تقليل تناول الدهون والكوليسترول، وقد افهمتنا نتائج الدراسة أن هذا ليس مشكلة كبيرة كما يفترض الكثيرون. وأضاف ما ملخصه، أن الأطباء في واقع حال تفكيرهم يظنون أنهم مُصيبون في توقع غالبية سلوكيات المرضى، لكن على الأطباء أن يتأكدوا وينظروا في الأمر لأن تصرفات المرضى قد تكون مخادعة. وعقب قائلاً: لذا علينا أن نعترف أنه من الصعب توقع حقيقة ما سيفعلون.
وتابع الدكتور مان وفريقه للبحث المعلومات المتعلقة بأكثر من سبعين مريضاً يتناولون أحد أنواع أدوية ستاتين للوقاية من أمراض شرايين القلب. وتم تجميع تلك المعلومات من حين بدئهم تناولها، وبعد ثلاثة، ثم بعد ستة أشهر.
* الثقة في المرضى ولم يجد الباحثون أي تغير في كمية ما يتناوله هؤلاء المرضى من الدهون المشبعة في وجبات طعامهم، بمعنى أنهم لم يُهملوا الحمية اعتماداً على الدواء. وقال الدكتور مان انه كان مدهشاً كيف أن كثيراً منهم أرادوا الاستمرار في حمية تقليل الدهون بالرغم من علمهم أنهم من فئة الناس الذين لا تكفي الحمية لوحدها بالنسبة لضبط حال الكوليسترول لديهم.
وهو ما يعني، باعتبار هذه النتائج، أن على الأطباء أن يستمروا في حث مرضاهم على الالتزام بسلوكيات صحية في نمط الحياة، على حد قول الدكتور مان. وأضاف علينا أن لا نتوقف عن سلوك تلك الأنماط الصحية في طريقة العيش لمجرد أننا بدأنا في تناول العلاج الدوائي، بل علي كلتا الطريقتين أن يعملا معاً في معالجة ما نشكو منه. ولذا فإن على المرضى وعلى الأطباء التعاون معاً في اتخاذ القرارات العلاجية وتنفيذها.
وقال البروفيسور غريغ فيناروا، طبيب القلب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، إن تحقيق واستمرار المحافظة على معدلات صحية للدهون في الدم هو شيء أساسي للوقاية من أمراض شرايين القلب والحوادث المرتبطة بها، خاصة الوفاة المبكرة، وإن كثيرا من المرضى تتطلب حالتهم تعديل نوعية الغذاء نحو الأنماط الصحية منه، وكذلك تناول أدوية خفض نسب الكوليسترول، في سبيل بلوغ المعدلات المنصوح بها طبياً. واستطرد قائلاً: إنه وللأسف لا تزال الدراسات تظهر الواحدة تلو الأخرى لتقول لنا إن كثيراً من البالغين لا تتم معالجة اضطرابات الكولسترول لديهم بكفاءة، ما يُؤدي إلى استمرار حصول تداعيات أمراض شرايين القلب التي يُمكن منع حصولها أصلاً.
وعقب بالقول إنه في حين أننا نعلم عن سلوكيات المرضى إزاء تناولهم أدوية خفض الكوليسترول، إلا أننا لا نزال نعلم القليل عن سلوكيات التزامهم بالحمية حال بدئهم تناول تلك الأدوية. ونتيجة الدراسة مطمئنة حيال هذا الجانب. والواقع أن على الأطباء الثقة بأنهم كلما بذلوا جهوداً أكبر في توضيح الجوانب المهمة حول كيفية معالجة الأمراض، كلما كان التجاوب من المرضى في اتباع الإرشادات الطبية كذلك كبيراً، لأن ثقتنا كأطباء في المرضى يجب أن نبذل جهداً في تحقيقها. وأول ذلك هو توضيح الأمر لهم وأهميته لديهم ومدى استفادتهم منه.
* الكوليسترول والغذاء وتقول رابطة القلب الأميركية إن الناس يحصلون على الكوليسترول من طريقين. الأول هو مما تنتجه أجسامهم، وتحديداً الكبد، لكميات مختلفة من الكوليسترول، وهو ما يُشكل حوالي 80% مما في الجسم من كوليسترول. والثاني هو ما تمتصه الأمعاء لما هو موجود من كوليسترول في الأطعمة التي نتناولها، وهو ما يُشكل حوالي 20% من نسبة الكوليسترول في الجسم. والأطعمة المحتوية على الكوليسترول هي ذات المصادر الحيوانية، مثل البيض واللحوم بأنواعها والحليب ومشتقات الألبان، في حين لا يُوجد الكوليسترول مطلقاً في أي من المنتجات النباتية على الإطلاق لأنه مادة لا تتمكن النباتات من صنعها. ولذا لا يُوجد كوليسترول على الإطلاق في الزيوت النباتية كلها ولا المكسرات ولا الحبوب ولا القهوة ولا الشاي ولا الشوكولاته الطبيعية ولا غيرها من المنتجات النباتية.
والكوليسترول مادة حيوية يحتاجها الجسم بشكل ضروري لا غنى له عنها. وتتفاوت قدرات الكبد على إنتاج الكوليسترول لأسباب عدة، أهمها وأكثرها تأثيراً تلك العوامل الوراثية التي تدفع الكبد إلى إنتاج إما كميات عالية أو قليلة منه يومياً. كما تُؤثر كمية ما نتناوله من دهون مشبعة أو دهون متحولة في زيادة إنتاج الكبد للكوليسترول، في حين أن تناول الدهون غير المشبعة وتناول مواد غذائية أخرى يُسهم في خفض إنتاج الكبد للكوليسترول.
ولذا فإن أهم خطوات الوقاية من ارتفاع الكوليسترول وأيضاً السلوكيات الصحية في معالجة حالات ارتفاعه هي أولاً تقليل تناول الدهون المشبعة، ثانياً قطع تناول الدهون المتحولة. ثالثاً زيادة تناول الدهون غير المشبعة للتعويض عن تقليل تناول الدهون المشبعة. رابعاً تقليل تناول الكوليسترول الموجود في المنتجات الحيوانية الغذائية.

شاركها.