الرسائل الخاصة ليست «خاصة» بالضبط على «فيسبوك»

هناك أكثر من 1.3 مليار مستخدم لتطبيق فيسبوك ماسنجر وخدمة الدردشة الرئيسية على فيس بوك، التي يستخدمونها لأغراض التواصل المباشر والخاص مع الأصدقاء والعائلة دون أن يتم عرض محتوى المحادثات لأي أطراف أخرى؛ فهي رسائل خاصة في نهاية المطاف.

وخلال نهاية عام 2016 أعلنت الشركة عن دعم ماسنجر لتقنية التشفير؛ وهذا يعني حسب تأكيدها بأن الرسائل ستصبح مشفرة، ولن يكون هناك أي إمكانية لتعقبها أو الاطلاع عليها من أي طرف ثالث.

لكن على ما يبدو أن “الرسائل الخاصة” مجرد ميزة وهمية على هذه المنصة، وممارسات الشركة مجدداً تكشف لنا هذه الحقيقة.

خلال الأسبوع الماضي وفي لقاء صحفي عقده مارك زوكربيرغ مع قناة Vox أكد أنه تلقى ذات يوم مكالمة هاتفية من فريق عمله يخبرونه بأن هناك تبادلاً لرسائل تحريضية على ماسنجر في ميانمار، وبناءً على ذلك تم إيقاف تلك الرسائل ومنع من تبادلها وإرسالها واستقبالها.

ما كشف عنه مارك زوكربيرغ يعد إيجابياً بخصوص مساهمات الشركة وجهودها في منع استخدام خدماتها على التحريض ونشر الكراهية، لكنه بالطبع لم يمر مرور الكرام على الصحافة والمحللين الذين أجمعوا على أن الرسائل الخاصة في الخدمة ليست خاصة بالضبط.

ما دامت فيس بوك تستطيع تعقب الرسائل والاطلاع عليها ومعرفة محتواها، وبغض النظر إن كان ذلك بطريقة مباشرة أو من خلال خوارزميات ذكية تستطيع القيام بعمليات مسح شاملة للرسائل ومحتوياتها وتمييزها ومعرفتها؛ فهي تنتهك تعهداتها بأن تكون المحادثات خاصة ولا حق لأي طرف ثالث في الاطلاع عليها.

إذن مسألة التشفير كذبة! هذا ما يتفق عليه محللون يجمعون على أن هذه الممارسات لم يكن معترفاً بها من قبل، لكن مع الاتهامات الموجهة للشركة بخصوص سماحها للأخبار المزيفة وخطاب الكراهية بالانتشار تم اكتشاف أمرها من خلال تعليق مؤسسها لقناة Vox.

·         ليس غريباً بالنسبة للكثير من المستخدمين

والحقيقة أن ما كشف عنه مؤسس في بوك لم يشكل صدمة بالنسبة لعدد من المستخدمين الذين تحدثوا منذ أشهر وفي مناسبات متفرقة عن شكوكهم من أن الشركة تتطلع فعلاً على المحادثات.

البراهين التي يعتمد عليها هؤلاء عديدة أولها هو أن التطبيق أحياناً يمنع إرسال بعض الصور، وقد يعمل على حذف رابط معين عندما يكتشف أنه يحيل المستخدمين إلى صفحة مشبوهة، ناهيك بأن الشركة قد حظرت بعض العبارات والمحتويات التي لا يمكن إرسالها عبر خدمتها وبعض روابط خدمات منافسة، وهو ما حصل ذات مرة مع الترويج لقنوات تيليجرام على خدمتها حيث تمنع مشاركة روابطها على ماسنجر.

بعض المستخدمين يلاحظون ظهور إعلانات ذات صلة بالمحادثات الخاصة بهم مع العلم أنهم لم يعلقوا على صفحات لها صلة بالموضوع أو يبحثون عنها، بل كانت فقط نقاشات مع بعض جهات الاتصال، ثم بدأت تظهر لهم إعلانات حول ذلك عند الولوج إلى فيس بوك.

·         ما الدافع وراء اطلاع فيس بوك على المحادثات؟

الدافع المنطقي -حسب مراقبين- هو البحث لمنع المستخدمين مشاركة محتويات ضارة، مثل صور غير لائقة إلى مقاطع فيديو شائنة وروابط احتيالية، ومحتويات أخرى تنتهك مشاركتها بنود الخدمة.

ومن المرجح أن العديد من مقدمي تطبيقات المراسلة الفردية والبريد الإلكتروني عبر الإنترنت يقومون بالضبط بهذا النوع من الفحص لمنع التحريض على العنف وتبادل المواد الإباحية للأطفال والمواد الضارة الأخرى التي يحاول الأشخاص مشاركتها بشكل خاص، بل إن الكثير من خبراء الخصوصية يعلمون بهذا منذ فترة طويلة ويعلمون السبب وراء ذلك.

لكن بالنسبة للمستخدمين لم توضح فيس بوك أبداً في بنود استخدام الخدمة أنها تعمل على فحص الرسائل لمنع تبادل مواد مضرة وحماية المستخدمين؛ لهذا فأغلبهم لا يعرفون بهذا الفحص التلقائي للرسائل والمحادثات، ويعتقدون بأنها عملية تنطبق فقط على المنشورات العامة التي تتدخل الشركة لحذفها عندما تنتهك بنود خدمتها.

الدافع إذن أمني بالدرجة الأولى، لكن هذا لا ينفي أبداً بأن الشركة تستغل ضرورة حماية مستخدميها من أجل جمع بيانات عنهم من الرسائل الخاصة واستخدامها في عرض إعلانات ذات صلة تزيد من عدد النقرات عليها وتزيد من عائداتها وأرباحها.

كل ما كتبته الشركة في بنودها بخصوص ماسنجر هو: “تقوم أنظمتنا تلقائياً بمعالجة المحتوى والاتصالات التي تقدمها أنت والآخرون لتحليل السياق وما هو فيه”، ويا للأسف! هذا البند غير واضح على الرغم من أن الشركة تؤكد أنها تبسط سياساتها للمستخدمين.

هذه الضبابية تعزز من نظريات المؤامرة والشكوك وقلة الثقة تجاه فيس بوك وكيف تستخدم البيانات، ومن الأفضل لها أن تراجع سياساتها وتوضح طريقة الفحص الذي تقوم به للرسائل والأهداف من وراء ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى