الشيباني: الإمارات نموذج فريد في تحويل التسامح إلى نهج

أكد العضو المنتدب للمعهد الدولي للتسامح الدكتور حمد الشيباني، أن دولة الإمارات باتت نموذجاً فريداً في قدرتها على تحويل التسامح إلى نهج وممارسة يومية وعلامة حقيقية يقاس بها مدى تحضرها، مشيراً إلى أن التسامح قيمة عظيمة للإنسانية رسختها الإمارات عبر معتقداتها وموروثاتها التاريخية التي ترفض كل أشكال التطرف والعنصرية. وقال الدكتور الشيباني إن “المعهد يحرص خلال عام التسامح على إبراز روح التسامح وتكريس فلسفة وفكر القيادة الرشيدة بأهمية تعزيز التعايش والتسامح، وترسيخ المفهوم الحقيقي للمجتمع المتسامح، وذلك لمواجهة التطرف الأيديولوجي، والتأكيد على قيم المحبة والتضامن، ومحاربة خطابات الكراهية والتعصب والعنف بالحوار الهادف البناء”.

وأضاف أن الخطة التشغيلية للمعهد خلال عام التسامح تتميز بتنوع المشاريع وزيادتها، مشيراً إلى أنه منذ مطلع العام الحالي أصدر المعهد قرارا بتشكيل “فريق دراسة مبادرات المعهد الدولي للتسامح” برئاسة مدير إدارة التسامح أمين عام جائزة محمد بن راشد ال مكتوم للتسامح بالإنابة في المعهد الدولي للتسامح التابع لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية خليفة محمد السويدي، وعضوية كل من عبد الله عبيد الدلال، وداوود الشيرازي، وفاطمة عبد الرحمن الحمادي مقرراً للجنة، وتم تحديد مهام عمله واختصاصاته ليشكل إضافة حقيقية لمنجزات وخطط وبرامج المعهد، حيث يناط به إعداد موازنة تقديرية للمبادرات، ودراسة آلية تطبيق تلك المبادرات، علاوة على تحديد سقف زمني لتطبيقها، فيما تتضمن مهام وأهداف اللجنة إبراز مساهمات المعهد بشكل عام وبرامجه وأنشطته ومبادراته الخاصة، ودوره في تعزيز رؤية القيادة في التعايش والتسامح.

وأكد أن الدولة عمدت إلى تعزيز وتأصيل القيم الإنسانية المشتركة المعنية بالسلام والتسامح والتعايش والحوار، واحترام التعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ كل أشكال العصبية والتطرف والكراهية والتمييز من خلال جملة مبادرات وقرارات وقوانين.

وأوضح أن الدولة بذلت جهوداً جبارة من أجل ذلك، فأسست العديد من المراكز المتخصصة في نشر أفكار الدين المعتدل، ومكافحة التشدد والتطرف، وأصدرت قانوناً لمكافحة التمييز والكراهية، فضلاً عن تنفيذ واستضافة مؤتمرات وفعاليات هامة كان أهمها الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، واحتضان فعاليات “المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية”، وتوقيع “وثيقة الأخوة الإنسانية – إعلان أبوظبي”، ووضع حجر الأساس لمسجد الشيخ أحمد الطيب وكنيسة القديس فرنسيس في أبوظبي تكريماً لقيادتين دينيتين لهما دور فاعل في تعزيز الحوار، ومنحهما جائزة “الأخوة الإنسانية”، فضلاً عن القداس التاريخي في مدينة زايد الرياضية بأبوظبي، وكلها تهدف إلى بناء أرض مشتركة بين الحضارات تحتكم إلى المنطق والعقل.

وأفاد الدكتور الشيباني بأن التحدي الأكبر في المعهد الدولي للتسامح هو كيفية نشر فكر التسامح، ومساعدة العالم على استعادة منظومة القيم الأخلاقية كالتعايش والإخاء والتسامح والإيثار والاحترام المتبادل ليسود العدل والسلام، كما يكمن التحدي في حماية الشباب من الاختطاف الفكري عبر إعداد جيل يمتلك الوعي والحصانة الفكرية ضد التطرف والفكر الأحادي.

ولفت إلى تميز الدولة بتعدد الجنسيات التي تعيش تحت سمائها بتناغم وأمن واستقرار، والأهم هو الاحترام وقبول الاختلاف، واعتباره منبعاً للتميز والقوة والتكاملية، وهذه نقطة قوية أعطت صورة حية لكل دول العالم كيف يكون الانسجام والاحترام وقيم ومبادئ التسامح والتعايش السلمي دائماً عناصراً أساسية في السياسات العامة للدولة، ما مكنها من تحقيق إنجازات عالمية بارزة ونشر السلام والاستقرار العالميين.

وذكر أن المعهد يحرص على توثيق علاقاته مع مختلف المؤسسات والدوائر الحكومية والخاصة، وتحقيق الشراكات الرامية إلى تنفيذ خطط وأفكار تصب جميعها في خدمة تحقيق أهدافه، وأبرزها بث روح التسامح وبناء مجتمع متلاحم، وتعزيز مكانة الدولة كنموذج في التسامح، ونبذ التطرف وكل مظاهر التمييز، إلى جانب تكريم الفئات والجهات التي تسهم في إرساء قيم التسامح وتشجيع الحوار بين الأديان.

وبين أن المعهد يسعى لمد جسور التواصل بين الشعوب، ودعم جهود المجتمع الدولي في الحفاظ على الأمن والسلام، والتأسيس لبناء قيادات وكوادر متخصصة في مجال التسامح، والإسهام في التعريف بالقيم الإسلامية المعروفة باعتدالها ووسطيتها، وحرصها على الاقتراب من الآخر والحوار البناء معه بعيداً عن التطرف الذي يتنافى مع روح الإسلام، كما يعمل على تكثيف برامجه وأنشطته محلياً وعالمياً.

وأشار إلى نجاح الجهود التي قامت بها الدولة منذ أن سعت على يد مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقيادة الحكيمة لرئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وإخوانهم الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، إلى لعب دور استراتيجي لترسيخ مفهوم التعايش السلمي، ومكافحة الجهل والتطرف في إطار فلسفة حكيمة وتاريخ غني.

وأضاف أن “الإمارات بمبادراتها وبرامجها وأنشطتها المتلاحقة تؤكد أنها باتت حاضنة للتسامح، ومرجعاً عالمياً يهدف لتعزيز قيم السلام والتسامح، والتأكيد على حرية الفكر والمعتقد في إطار العيش المشترك، مؤكداً أن العلم والتعليم هما بوابة الخروج من جميع الأزمات التي تشهدها دول عدة، بل ولدينا إيمان راسخ بأن العلم أساس الاستقرار والتعايش والرخاء لجميع الدول”.

وتحدث الشيباني عن أبرز المبادرات التي تم الإعلان عنها مؤخراً، وهي ثمرة تعاون مشترك مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إلى جانب مبادرات أخرى تزامن إطلاقها مع إعلان عام 2019 عاماً للتسامح، ومنها: إطلاق “برنامج الدبلوم المهني للخبير الدولي للتسامح”، لتدريب قيادات الصف الأول في الدوائر والمؤسسات – من قادة وموظفي الجهات الحكومية على مستوى المدراء ورؤساء الأقسام – وتمكينها علمياً لتساهم في تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام، ونبذ الكراهية والتطرف، ووضع نقاط التقارب والتواصل لتعزيز العمل المشترك.

وأوضح أن الدبلوم يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، ويغطي أربع وحدات رئيسية، ومدته 50 ساعة تدريبية ممتدة على عشرة أيام يقدمها باللغة العربية نخبة من الخبراء والأساتذة في حرم كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، لافتاً إلى أن الوحدات هي “مفهوم التسامح ومبادئه”، و”التسامح في المواثيق الدولية”، و”أبعاد التسامح في مناحي الحياة”، و”نهج التسامح في الإمارات”.

وذكر أن البرنامج يعرف المشاركين بمفهوم التسامح وأهميته وأنواعه وأسسه ومبادئه، ومفهومه من منظور الأديان السماوية، وتسليط الضوء على المواثيق العالمية الداعية إلى التسامح، وتمكينهم من فهم خطواته وتحويله إلى ثقافة في المجتمع، والتعريف بفوائده الصحية والنفسية، إلى جانب استعراض منجزات الدولة في إرساء قيمة التسامح في المجتمع والعمل الحكومي، والمحاور الخمسة لعام التسامح والبرنامج الوطني للتسامح ودور القادة في نشر مفهوم التسامح وتطبيقاته، فضلاً عن استعراض تجارب بعض الدول وتطبيقها للتسامح.

وتطرق الدكتور الشيباني لمبادرة “الشبكة العالمية للتسامح”، التي تتمثل في بناء قيادات وكوادر عالمية وتساهم في نشر المعرفة ضمن إطار فكري سليم، وتضم في عضويتها أعضاء مقترحين من مؤسسات حكومية ومؤسسات القطاع الخاص، والمبادرات الفردية وفئة الشباب، والمنصات الإعلامية، إضافة إلى الجامعات والمؤسسات التعليمية، ويكونوا قادرين على إشاعة قيم السلام والمحبة والإخاء والتراحم، وتعزيز مبدأ الاحترام وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والحوار، والتأكيد على مبدأ الحق في الاختلاف واحترام إنسانية الآخر.

وبين أن “تحدي التسامح العالمي” هو مسابقة عالمية موجهة لطلبة الجامعات من مختلف أنحاء العالم، لتجسيد التسامح بطرق فنية مختلفة مثل عروض مسرحية، ومعارض فنية، وكتابة قصص فنية قصيرة، إضافة إلى طرح مبادرات اجتماعية للتسامح، حيث يجري حالياً الإعداد للمسابقة والدول المشاركة والجامعات المستهدفة.

وقال العضو المنتدب للمعهد الدولي للتسامح إن “ملتقى شباب التسامح والسعادة والمستقبل” المزمع إقامته على هامش “إكسبو دبي 2020” يعد رابع مبادرات المعهد، وتم بدء التنسيق لإعداد الملتقى الذي سيتم تنفيذه بالشراكة مع مكاتب وزراء التسامح والسعادة والشباب، ووزارة شؤون الوزراء والمستقبل، ومكتب “إكسبو 2020″ وسيكون بمثابة قمة عالمية للتسامح والسعادة لجيل المستقبل، وفيه يزور المشاركون في القمة ” إكسبو 2020 ” للاطلاع على أهم محتوياته، حيث تتواصل العقول والأفكار معاً من مختلف أنحاء العالم لتصب نتاج خبراتها ومعارفها، وتتعاون معا لاكتشاف الحلول المبتكرة إلى جانب إتاحة الفرصة لهم للتعرف على الحضارات المختلفة وتبادل المعرفة ونقل التجارب.

زر الذهاب إلى الأعلى