الصلاة و أحكامها

الصلاة

الصلاة لغة: الدعاء، قال تعالى: {..وصلِّ عليهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لهم..} (9 التوبة آية 103) أي ادْعُ لهم.

و الصلاة شرعا: أقوال وأفعال مخصوصة، مُفتَتَحة بالتكبير، مُختَتَمة بالتسليم. ودليل فرضيتها قائم بالقرآن والسنة والإجماع.

ففي القرآن قوله تعالى: {وما أُمِروا إلاَّ لِيعبُدوا الله مخلِصِيْنَ له الدِّينَ حُنَفَاءَ ويقيموا الصَّلاة ويُؤتوا الزَّكاة وذلك دين القيِّمة} (98 البينة آية 5) كما وردت في آيات كثيرة، منها: {..فأقيموا الصَّلاة وآتوا الزَّكَاةَ واعتصِمُوا بالله هوَ مولاكُمْ فَنِعْمَ المولى ونِعْمَ النَّصِير} (22 الحج آية 78).
وفي السنة: وردت أحاديث متعددة، منها الحديث القدسي الذي رواه أبو داود في سننه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى: إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعَهِدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنَّة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي».

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة. وقد فُرِضَتِ الصلاة ليلة الإسراء قبل الهجرة بنحو خمس سنين، على المشهور بين أهل السيرة. وهي فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الَّذي سأله عمَّا يجب عليه من الصلاة قال: «خمس صلوات في اليوم والليلة، قال الأعرابي: هل عليَّ غيرها؟ قال صلى الله عليه وسلم : لا إلا أن تَطوع» (رواه البخاري ومسلم)، فالصلوات المكتوبة خمس في اليوم والليلة، ولا خلاف بين المسلمين في وجوبها، ولا يجب غيرها إلا بنذر.

والصلاة هي أعظم فروض الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه : «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» (رواه مسلم). وقد شرعت الصلاة شكرا لنعم الله تعالى التي لا تحصى، ولها فوائد دينية وتربوية على الصعيدين الفردي والاجتماعي. فمن فوائدها الدينية: عقد الصلة بين العبد وربه، بما فيها من لذة المناجاة للخالق العظيم، وإظهار العبوديَّة له سبحانه، وتفويض الأمر إليه، والتماس الأمن والسكينة والنجاة في رحابه.

وهي طريق الفوز والفلاح، وتكفـير السـيئات والخطايا، قال تعـالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتِهِم خاشعون} (23 المؤمنون آية 1ـ2)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهنَّ، ما لم تغش الكبائر» (رواه مسلم والترمذي وغيرهما).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه مرفوعا أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا قام يصلي، أُتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو على عاتقه، فكلما ركع أو سجد، تساقطت عنه» (رواه ابن حبان في صحيحه).

أحكام الصلاة

أهم حكم في الصلاة هو دخول وقت الصلاة والمقصود به انتظار الصلاة وأداءها بوقتها، ولا يصح أن يهملها حتى ينتهي وقتها، أو يتركها متعمد، حيث قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)، أي أن لشروع في الصلاة يكون بأوقات محددة لا يجوز التأخير بها، ويحرم الصلاة في أوقات منها: بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس، وكذلك الأمر بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس، ما لم يكن هنالك فريضة مؤجلة فيؤديها.

ومن أحكام الصلاة أيضاً استقبال القبلة، وهي باتجاه الكعبة المشرفة، وقد سميت قبلة لإقبال الناس عليها، وهي باتجاه الكعبة المشرفة، كما أن النية شرط من شروط الصلاة، والمعنى المراد من النية هو توجيه القلب والجوارح باستحضار البدا بالصلاة، وكذلك الأمر بالنسبة لتكبيرة الإحرام، وهي ركن أخر للشروع في الصلاة.

ويوجد العديد من الأمور التي تبطل الصلاة، وتخل بشروطها وأحكامها، ومن هذه الأمور كشف العورة، وبطلان الوضوء، وقطع النية، أو تعمد ترك ركن واجب من أركان الصلاة، أو افتعال ما يبطل الصلاة كالضحك والقهقهة أو كالمشي وكثرة الحركة ، او زيادة ركعة تعمداً أو الأكل أو الشرب أو غيرها من مخلات ومبطلات الصلاة.

ويتوجب على العبد المؤمن أن يلتزم بأداء الصلاة على وقتها، فأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة، وأن صلحت الصلاة، تحققت السعادة في الدنيا والآخرة.

أركان الصلاة

إن للصلاة أركانا لا تقوم إلا بها، وهي لا تسقط لا بالجهل، ولا بالعمد، وبالسهو، وهي على النحو التالي:

  • أن يقوم في صلاة الفرض، مع قدرته على ذلك، قال سبحانه وتعالى:” حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ “، البقرة/ 238.
  • أن يكبر تكبيرة الإحرام، وذلك لقول النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في الحديث:” إذا قمت إلى الصّلاة فكبّر “، متفق عليه.
  • أن يقرأ سورة الفاتحة على الترتيب في كلّ ركعة، وذلك لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه  أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال:” لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتحة الكتاب “، متفق عليه.
  • أن يركع، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: يا أَيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا “، الحج/77.
  • أن يرفع من الركوع، وأن يعتدل قائماً، وذلك لقوله  صلى الله عليه وسلم في الحديث: ثم ارفع حتى تعدلَ قائمًا “، رواه البخاري.
  • أن يسجد على أعضائه السّبعة، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا “، الحج/77.
  • أن يرفع من السجود، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ارفع حتى تطمئن جالسا رواه البخاري.
  • أن يجلس بين السجدتين، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: حتى تطمئن جالسا رواه البخاري.
  • أن يطمئن في جميع أركان الصلاة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:” حتى تطمئن، رواه البخاري.
  • أن يتشهد التشهد الأخير، وذلك لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه  وفيه:” لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله متفق عليه.
  • أن يجلس في التشهد الأخير، وذلك لأن النبي – صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك جالسا.
  • أن يصلي على النبي  صلى الله عليه وسلّم – في التشهّد الأخير، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى: إِن اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلموا تسليما ، الأحزاب/56.
  • أن يرتب بين أركان الصلاة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم  عندما علم المسيء بصلاته مرتبة بـ م، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأْ ما تيسر معك مِن القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجدْ حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفعْ حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها “، متفق عليه.
  • أن يسلم عن اليمين والشمال، وذلك لحديث علي رضي الله عنه يرفعه: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلُها التسليم “، رواه أبو داود.

شروط الصلاة

إن للصلاة شروطا لا تتم إلا بها، وهي على النّحو التالي:

الإسلام، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: ما كان للمشركين أن يعمرواْ مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وَفِي النار هم خالدون سورة التوبة/17.

العقل، وعكس ذلك الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق، وذلك لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال:” رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النّائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم “، رواه أبو داود.

التمييز، وعكسه الصغر، وحده سبع سنين، ثم يُؤمر بعدها بأداء الصّلاة. رفع الحدث، وهو الوضوء للحدث الأصغر، والغسل من الحدث الأكبر، وذلك لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.سورة المائدة/6.

إزالة النجاسة من البدن، والثوب، والبقعة.

ستر العورة مع القدرة، وذلك بشيء لا يصف البشرة، حيث أن أهل العلم قد أجمعوا على أن من صلى عريانا فقد فسدت صلاته، هذا وهو قادر على ستر عورته، وتعتبر عورة الرجل من سرته إلى ركبته، وعورة المرأة كلها ما عدا وجهها في الصلاة.

زر الذهاب إلى الأعلى