العناية بالمرضى المصابين بالخرف , مساعدة المرضى الخرف , الحفاظ على صحَّة وتغذية مريض الخرف

العناية بالمرضى المصابين بالخرف , مساعدة المرضى الخرف , الحفاظ على صحَّة وتغذية مريض الخرف

يُواجِه مرضى الخرف dementia والأشخاص المكلَّفين بالعناية بهم العديدَ من المشاكل والعقبات في حياتهم اليومية.

يزداد شعورُ مرضى الخرف بالخوف كلَّما ازدادت حالتُهم سوءاً، ويزداد معه اعتمادُهم على الآخرين في تدبير شؤون حياتهم اليومية. ولذلك، لابدَّ من طمأنة هؤلاء المرضى بشكلٍ مستمر وإحاطتهم بالرعاية والدعم، مع ترك مساحة من الاستقلالية والحرية الشخصية لهم.

على الرغم من أنَّ هنالك العديد من الأعراض المشتركة بين مرضى الخرف، إلاَّ أنَّ تجاربَ المرضى تتباين فيما بينهم، وبذلك تتباين طرقُ تعاطيهم مع المرض، ووسائل رعايتهم ودعمهم.

مساعدة المرضى الخرف على القيام بمهاتهم اليومية

من الطبيعي أن يشعرَ مريضُ الخرف بالقلق والتوتُّر والخوف عندما يدرك بأنَّ قدراته العقلية آخذةٌ بالانحدار. ومن الملاحظ بأن الكثيرَ من مرضى الخرف يُدركون ما آلت إليه أحوالُهم من تقهقر في المقدرات الذهنية وعجز عن تذكُّر الأشياء، وهو ما يكون مزعجاً ومحبطاً جداً لهم.

يمكن للشخص، الذي يتولَّى مهمَّةَ العناية بمريض الخرف، أن يساعدَه على التغلُّب على تلك المشاعر، وإعادة بناء ثقته بنفسه، وذلك عن طريق تنظيم برنامج عمل يومي له في جوٍّ من الراحة والاسترخاء، وتشجيعه بشكلٍ مستمرٍّ وتجنُّب انتقاده.

إنَّ مساهمةَ مريض الخرف في تنفيذ المهام اليومية يجعله يشعر بفائدته وأهمِّيته، ويعزِّز من إحساسه بقيمته الذاتية. يمكن لمريض الخرف أن يساعدَ في بعض مهام التسوُّق، أو ترتيب طاولة الطعام أو تنسيق الحديقة على سبيل المثال.

ولكن، مع تقدُّم المرض قد تصبح هذه المهامُ صعبةً على المريض، وينبغي على الشخص المسؤول عن رعايته تقديم المزيد من الدعم والرِّعاية له.

المساعدة المطلوبة

المساعدةُ الرئيسية المطلوبة في هذه الحالة هي تقديمُ الدعم للمريض بشكلٍ لطيف، وتجنُّب انتقاده فيما يفعل. ومن الضروري جداً أن يشعرَ مريضُ الخرف بأنَّه لا يزال ذا فائدة.

في المراحل المبكِّرة من المرض، يمكن تعليقُ لوحات إرشادية في أنحاء مختلفة من المنزل لإرشاد المريض إلى أماكن الأشياء التي يحتاج إليها.

فعلى سبيل المثال، يمكن وضعُ صور على الخزائن توضح محتوياتِ الخزانة. ومن شأن ذلك أن يحفّز ذاكرةَ المريض، ويساعده على الاحتفاظ باستقلاليَّته لأطول فترة ممكنة.

عدم التخلِّي عن الهوايات والاهتمامات

هناك العديدُ من مرضى الخرف الذين يستمرُّون بممارسة هواياتهم والاستمتاع بها. فعلى سبيل المثال، إذا كان مريضُ أو مريضة الخرف يحب الطبخ، يمكن تكليفُه بإعداد وجبات بسيطة. كما يمكن لمريض الخرف التنَزُّه أو القيام ببعض أعمال الحدائق كطريقةٍ سهلة لتنشيط الجسم والإحساس بالإنجاز. وقد يُفضِّل بعضُ المرضى العزفَ على الأدوات الموسيقية أو العناية بحيوان أليف، وهو ما قد يجلب له الكثير من السعادة.

إذا كان مريضُ الخرف من النوع الاجتماعي، أو كانت لديه أسرةٌ كبيرة، فقد يستمتع كثيراً بزيارة بعض أقاربه وأصدقائه له، ومن الأفضل عدمُ زيارة أكثر من شخص أو شخصين في الوقت ذاته، لأنَّ المريضَ قد يفقد قدرتَه على التركيز في الحوار إذا تواجد العديدُ من الزائرين في الوقت ذاته.

الحفاظ على صحَّة وتغذية مريض الخرف

من الضروري أن يحصلَ مريضُ الخرف على غذاء متوازن وصحِّي، وأن يمارسَ بعضَ التمارين الرياضية؛ فكلَّما حافظ مريضُ الخرف على صحَّته ورشاقته، تحسَّنت نوعيةُ حياته.

إذا كان مريضُ الخرف لا يتناول ما يكفي من الطعام، أو كان يتناول طعاماً غير صحي، فقد يُصبح عرضةً للإصابة بالأمراض المختلفة، وهو ما قد يزيد من سوء حالته.

فيما يلي بعض مشاكل التغذية الشائعة عند مرضى الخرف:

  • عدم التمييز بين الأطعمة.
  • نسيان ما هي الأطعمة المُحبَّبة للشخص.
  • رفض تناول الأطعمة أو تقيُّؤها.
  • مقاومة محاولات الإطعام.
  • طلب أصناف وخلطات غريبة من الأطعمة.

غالباً ما ينجم هذا السلوكُ عن التشوُّش الذهني أو مشاكل الأسنان، أكثر من كونه ناجماً عن تقلُّب في المزاج. ويمكن الاتصال بالطبيب واستشارته حولَ السلوك الغذائي لمريض الخرف.

العناية بالمرضى المصابين بالخرف , مساعدة المرضى الخرف , الحفاظ على صحَّة وتغذية مريض الخرف

المساعدة المطلوبة

تكون من خلال إشراك مريض الخرف بتحضير وتناول الطعام بنفسه ما أمكن؛ فعلى سبيل المثال، إذا كان المريضُ لا يستطيع تناولَ الطعام بمفرده، فيمكن إعطاؤه أدوات الطعام بيده وإرشاده إلى كيفية وضعها في فمه. كما يمكن الطلب منه المشاركة في إعداد الطعام إذا كان قادراً على ذلك.

ينبغي على الشخص المكلَّف بالعناية بمريض الخرف أن يحافظَ على هدوئه ما أمكن، فعدمُ قدرته على ضبط أعصابه سيدفع بمريض الخرف إلى الشعور بالغضب والتوتُّر أيضاً. ينبغي تخصيصُ وقت وافر لتناول الطعام، بحيث يمكن التعامل مع أيّة مشكلة عندَ حدوثها.

ينبغي على الشخص المكلَّف بالعناية بمريض الخرف أن يسعى إلى ترسيخ التعديلات السلوكية لديه، وغالباً ما يتمكَّن مريضُ الخرف من تغيير عاداته وسلوكياته الطعامية مع مرور الوقت. إنَّ إدراكَ ذلك والسعي لتحقيقه والمرونة في تطبيقه سيجعل عمليةَ إطعام مريض الخرف أقلَّ صعوبة لكلٍّ من المريض والشخص المكلَّف برعايته.

إذا كان الشخصُ المكلَّف برعاية مريض الخرف يعتقد بأنَّ المريضَ يعاني من مشاكل صحِّية أو سنية، فينبغي عليه استشارة الطبيب البشري أو طبيب الأسنان. كما يمكنه التواصل مع إحدى مجموعات أو جمعيات دعم المسنِّين للحصول على النصائح في هذا الصدد.

إذا كان مريضُ الخرف مُدخِّناً، فمن الأفضل عدمُ ترك أعواد ثقاب بين يديه، واستبدالها بولاَّعات اعتيادية (يُفضَّل أن تكونَ من النوع غير القابل لإعادة التعبئة)، وذلك للحدِّ ما أمكن من خطر تَسبُّب المريض باشتعال حريق.

التعاملُ مع إصابة مريض الخرف بسلس البول

من الشَّائع أن يُصابَ مريضُ الخرف بسلس البول، وذلك إمَّا بسبب الإصابة بعدوى في الجهاز البولي، أو بسبب الإمساك الذي يضغط على المثانة، أو بسبب بعض الأدوية. ويعدُّ التعاملُ مع هذه المشكلة من المهام الشاقَّة والصعبة الملقاة على عاتق الشخص المكلَّف برعايته.

ومن جهةٍ أخرى، فقد ينسى مريضُ الخرف الذهاب إلى المرحاض، أو ينسى مكانه، أو يفقد القدرةَ على التبليغ عن حاجته للذهاب إلى المرحاض، ممَّا يؤدِّي في النهاية إلى تبليل ثيابه.

المساعدة المطلوبة

من الضروري أن يتحلَّى الشخصُ المكلَّف برعاية مريض الخرف بالكثير من الصبر والتفهّم، وأن يتمتَّعَ بحس الدعابة، وأن يتذكَّر بأنَّ مريضَ الخرف مغلوبٌ على أمره ولا يتحمَّل مسؤولية ما يحصل معه. كما يمكن للشخص المكلَّف برعاية مريض الخرف أن يقومَ بما يلي:

  • وضع لوحة تعريفية على باب المرحاض، والأفضل أن تكونَ بشكل صورة.
  • إبقاء باب المرحاض مفتوحاً والتأكُّد من أنَّ مريضَ الخرف قادرٌ على الوصول إليه والدخول بسهولة.
  • التأكُّد من قدرة مريض الخرف على خلع ملابسه بشكلٍ صحيح، حيث يصعب على بعض مرضى الخرف فكّ الأزرار أو فكّ سحَّاب (زمَّام) البنطال.
  • تحرِّي بعض العلامات التي تشير إلى حاجة مريض الخرف للذهاب إلى المرحاض من حينٍ لآخر، مثل التململ والجلوس والوقوف المتكرِّر.
  • تخصيص مرحاض للمريض يجري تجهيزُه بشكلٍ يلائم احتياجاته ومتطلَّبات حالته.

في حال استمرار مشكلة السَّلس البولي وعدم القدرة على التعامل معها، فيمكن استشارة الطبيب.

مساعدة مريض الخرف على العناية بنظافته الشخصية

كثيراً ما يحتاج مرضى الخرف إلى المساعدة في بعض جوانب نظافتهم الشخصية؛ فعلى سبيل المثال، قد يحتاج مريضُ الخرف لوجود أحد معه في أثناء الاستحمام، لأنَّه قد يفقد تركيزَه في أثناء الاستحمام، ممَّا يعرّضه للخطر.

وهنا قد نواجه إحدى حالتين، فإمَّا أن يرفضَ مريضُ الخرف الاستحمامَ بمفرده ويُصرّ على وجود أحدٍ معه، وهو الشيء الإيجابي. أو على العكس، قد يرفض فكرةَ وجود أحد معه في الحمَّام، وقد يرفض الاستحمام مطلقاً. ومن الضروري مسايرة المريض وفعل ما هو بصالحه وأنسب له.

مساعدة مريض الخرف على النوم بشكل جيِّد

كثيراً ما يعاني مرضى الخرف من مشاكل في النوم؛ فقد يستيقظون في أثناء الليل أو يشعرون بكثير من التململ في أثناء النوم، وقد تزداد هذه المشاكلُ سوءاً مع تفاقم حالة الخرف. أضف إلى ذلك أنَّ مريضَ الخرف قد يعاني من الإصابة بالتهاب المفاصل، ممَّا قد يزيد من سوء مشاكل نومه.

هل من الممكن استخدامُ الحبوب المنوِّمة لمساعدة هؤلاء المرضى على النوم بشكلٍ جيِّد؟ نعم، يمكن ذلك، ولكن يجب أن يكونَ ذلك بمزيد من الحذر، لأنَّ بعضَ الأدوية قد تسبِّب النعاس في أثناء النهار، ممَّا قد يؤثِّر سلباً في النوم ليلاً.

وفي هذا الصدد، ننصح باتباع قواعد النوم الصحِّي عند مرضى الخرف، ونذكر منها على سبيل المثال تجنُّب التعسيلات (غفوات النوم القصيرة) في أثناء النهار، وتنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ، وتجنُّب الكحول، وعدم تناول المشروبات المحتوية على الكافيين في أثناء الليل.

الحرص على راحة الشخص المكلف برعاية مريض الخرف وعدم إرهاقه

قد يجد الشخصُ المكلَّف برعاية مريض الخرف صعوبةً في الحفاظ على إيجابيته أو التحلِّي بشمائل الصبر دائماً. ولذلك، من الضروري أن يطلبَ المساعدةَ من الآخرين، وأن يتحدَّثَ إلى أشخاص مرّوا بنفس التجربة أو يطلب المساعدةَ من إحدى الجمعيات المتخصِّصة بدعم مرضى الخرف.

من الضروري أن يأخذَ الشخصُ المكلَّف برعاية مريض الخرف بعضَ الأقساط من الراحة، وذلك لتعزيز نشاطه وصحَّته النفسية والجسدية. كما قد يتطلَّب الأمرُ تكليفَ أشخاص آخرين برعاية المريض بشكلٍ مؤقَّت ريثما ينجز بعضَ مهامه أو التزاماته الشخصية.

وفي هذه الحالة، يمكن أن يُطلبَ من بعض أقربائه أو أصدقائه تولِّي مهمة رعاية مريض الخرف في المنزل، أو طلب المعونة من إحدى الجمعيات أو المراكز المختصَّة بذلك. ولا ننصح برعاية مريض الخرف خارج منزله بشكلٍ مؤقَّت، إذ إنَّ ذلك قد يسبِّب له الإرباك عند الذهاب والعودة إلى المنزل. وإذا كان لابدَّ من ذلك، فمن الأفضل زيارة المكان الجديد والتأكُّد من تلبيته لحاجات المريض وتوفُّر ما يلزمه فيه.

وأخيراً، ينبغي على الشخص المكلَّف برعاية مرضى الخرف أن يُلمَّ جيِّداً بالقواعد المعرفية لرعاية هذه الشريحة من المرضى، وذلك عن طريق قراءة الكتب أو حضور الندوات العلميَّة والملتقَيَات حول مرض الخرف ورعاية المصابين به.

زر الذهاب إلى الأعلى