الغني الشاكر .. عبد الرحمن بن عوف المبشر بالجنة

عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة الذين جعل فيهم عمر بن الخطاب الشورى بعد طعنه .

و هو من أثرياء الاسلام ، و أغنياء التجار ، دعى له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبركة و الرزق الوافر .

الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف
الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف

من هو عبد الرحمن بن عوف ؟

هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب الزهري القرشي ، ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بعشرة أعوام ، و كان من الثمانية الأول الذين سبقوا الى الإسلام ، و كان في الجاهلية يسمى عبد عمرو أو عبد الكعبة ، لكن رسول الله صلى الله عليه و سلم سماه عبد الرحمن .

أما عن صفته رضي الله عنه فقد كان أبيض، أعين،أهدب الأشفار، أقنى، طويل النابين الأعليين، ربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكتفين ويقول الواقدي عن صفته  (كان عبد الرحمن رجلا طوالا، حسن الوجه، رقيق البشرة، فيه جنأ،أبيض، مشربا حمرة، لا يغير شيبه) .

فضله رضي الله عنه

كان عبد الرحمن بن عوف من السابقين الى الإسلام في مكة بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم .

قال بن اسحاق في اسلام عبد الرحمن بن عوف  (فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ – يعني أَبي بَكْرٍ – فِيمَا بَلَغَنِي: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَعْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ  وَمَعَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الإِسْلامَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَأَنْبَأَهُمْ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَبِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَآمَنُوا وَأَصْبَحُوا مُقِرِّينَ بِحَقِّ الإِسْلامِ، فَكَانَ هَؤُلاءِ النَّفَرُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الإِسْلامِ، فَصَلَّوْا وَصَدَّقُوا رَسُولَ اللَّهِ  وَآمَنُوا بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) .

روى أحمد في مسنده عن أنس أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن كلام، فقال خالد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها!، فقال النبي محمد: دعوا لي أصحابي. وقيل قال: “مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي فوالله لو كان لك أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحة .

يقول سعيد بن جبير كان مقام أَبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي،وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في القتال ووراءَه في الصلاة)، كما كان عبد الرحمن ممن يُفتى على عَهْد النبي، وكان كثير الصدقات والنفقات على الجهاد في العهد النبوي، حيث تصدّق بشطر ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وكان أكثر ماله من التجارة وقيل: إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدًا.

الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف .
الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف .

غناه و كرمه رضي الله عنه

كان عبد الرحمن بن عوف من أغنياء الإسلام و أثريائه، و كان كثير النفقة في سبيل الله ، قال أبو عمر (كان تاجرًا مجدودًا في التجارة، وكسب مالًا كثيرًا، وخلَّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا، فكان يدخل منه قوت أهله سنة). ، ولما كثر ماله قدم له ذات يوم راحلة تحمل البر، وتحمل الدقيق والطعام، فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رَجة، ,و كانت السيدة عائشة في بيتها ، فقالت: «ما هذا؟» قالوا: «عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشام ) .

و كان عبد الرحمن بن عوف كثير الإنفاق في سبيل الله ، فقد تصدق بنصف ماله على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم تصدق بأربعين ألف دينار ، ثم حمل المسلمين على خمسمائة فرس ، و خمسمائة راحلة في سبيل الله .

و حدث أن باع أرضاً بأربعين ألف دينار ففرقها كلها في قومه بني زهرة ، و فقراء المسلمين . فكان طلحة بن عبيد الله يقول عن عبد الرحمن بن عوف  ( كان أهل المدينة عيالًا على عبد الرحمن بن عوف: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثًا.) .

و حين وفاته أوصى عبد الرحمن بن عوف بخمسين ألف دينار في سبيل الله ، وأوصى لأصحاب بدر بأربعمائة دينار لكل واحد منهم ، و كان عددهم مئة صحابي .

بر عبد الرحمن بن عوف بأمهات المؤمنين

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم ،كان عبد الرحمن بن عوف شديد البر بزوجاته أمهات المؤمنين ، و كان ينفق عليهن ، و أوصى لهن بأرض بيعت بأربعمائة ألف ، و حين حجهم كان هو من يتولى حراستهم رضي الله عنه .

زهد عبد الرحمن بن عوف

كان عبد الرحمن بن عوف يخشى من كثرة ماله، فيروي البخاري في صحيحه: )أَتَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَجَعَلَ يَبْكِي، وَقَالَ: قُتِلَ حَمْزَةُ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ، إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، وَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا ) .

عبد الرحمن بن عوف من أهل الشورى

بعد طعن عمر رضي الله عنه ، أوصى ان يكون الامر في واحد من الستة الذين توفي رسول الله و هو عنهم راض ، و هم عبد الرحمن بن عوف و على بن ابي طالب و عثمان بن عفان و سعد بن أبي وقاص و الزبير بن العوام و طلحة بن عبيد الله .

فأخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من القسمة و قبل الصحابة أن يختار هو واحد منهم للخلافة ، فظل رضي الله عنه أيام يشاور أهل المدينة ثم لما وجد ان أهل المدينة يختارون عثمان رضى الله عنه  أعلن عبد الرحمن البيعة لعثمان بن عفان وقال: «أما بعد، يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً».

فقال عبد الرحمن مخاطباً عثمان: «أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده»، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون.

الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف
الغني الشاكر عبد الرحمن بن عوف

يقول الذهبي معلقًا على موقف عبد الرحمن في الشورى (ومن أفضل مناقب عبد الرحمن بن عوف عزله نفسه من الأمر وقت الشورى، واختياره للأمة من أشار به أهل الحل والعقد، فنهض في ذلك أتم نهوض على جمع الأمة على عثمان، ولو كان محابيًا فيها لأخذها لنفسه، أو لولاها ابن عمه وأقرب الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص ) .

وفاته رضي الله عنه

توفي عبد الرحمن بن عوف في سنة ثلاث و ثلاثين من الهجرة ، و صلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه ، و دفن في البقيع رضي الله عنه و تقبله في الصالحين و ألحقنا به على خير .

زر الذهاب إلى الأعلى