منذ سنوات طويلة يدور نقاش حول المحتوى العربي على الإنترنت، وغالبية الآراء تجمع على أنه ضعيف ولا يرقى الى المستوى المطلوب منه.
المحتوى العربي على الإنترنت أو المحتوى الرقمي العربي هو مصطلح يعبر عن مجموع مواقع وصفحات الويب المكتوبة باللغة العربية بالإضافة الى الفيديوهات والموسيقى أو الكتب وغيرها من المواد العربية. 
مؤشر المحتوى العربي هو مقياس تقريبي لحجم الصفحات المفهرسة باللغة العربية والمتاحة. 
المشكلة الأولى والأساسية هي أنه بينما هناك عشرات الإحصائيات حول عدد مستخدمي الإنترنت العرب أو نسبة المواقع المواقع العربية وكلمات البحث وغيرها لا يوجد دراسات حول المحتوى العربي نفسه.
هناك مشاكل عديدة تتعلق بالمحتوى العربي ومن هنا نشطت في السنوات الاخيرة مواقع تعنى بإثراء هذا المحتوى والتي رغم أهميتها ما تزال مبادرات فردية. 
في موضوعنا هذا سنحاول أن نتحدث عن المشاكل الأساسية التي تتعلق بهذا المحتوى إستناداً الى الدراسات القليلة جداً المتوفرة. 

٣٪ فقط من اجمالي المحتوى العالمي

مقارنة بالمحتويات الغربية والدولية أي المحتوى باللغة الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والصينية وغيرها فإن المحتوى العربي لا يتجاوز الثلاثة بالمئة من إجمالي المحتوى العالمي.النسبة هذه تحدثت عنها لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا في دراسة تطرقت فيه الى «الندرة الشديدة» في المحتوى العربي على شبكة الانترنت. 
ما دفع بعدد من المهتمين العرب والخبراء بتوصيف واقعنا الحالي باننا نعيش «تحت خط الفقر» لناحية المحتوى العربي المتاح. 

لا جدية على الإطلاق

يمكنك العثور على مئات الاخبار التي تتعلق بفستان هذه الممثلة أو شعر ذلك الممثل، وملايين الأخبار التي ترتبط بهذه الفضيحة أو تلك ولكن إن حاولت البحث عن مادة جادة تتناول موضوعاً جاداً فالأمر شبه مستحيل. وما هو أسوأ من عدم العثور على هكذا مواد باللغة العربية هو أنك يمكنك العثور على الموضوع الذي تبحث عنه بلغات أجنبية. أي يمكنك الحصول على مادة دسمة مفيدة مكتوبة بلغة أجنبية من قبل كاتب اجنبي عن أمر ما يتعلق بك كعربي..وطبعاً عن أي موضوع تريد أن تطلع عليه حول أي جزيئة في هذا العالم. 
نسخ ولصق

الغالبية الساحقة من المواقع العربية نسخة واحدة بتصاميم مختلفة عن بعضها البعض، أي يمكنك بكل بساطة الدخول الى موقع واحد و«الجزم» بأنك إطلعت على محتوى الغالبية الساحقة من المواقع العربية. تكرار المحتوى مشكلة أزلية عند المواقع العربية وهي وللأسف تسير في خط تصاعدي، فعوض أن تختفي بحكم أن القارئ الإلكتروني بات أذكى من أي وقت أصبحت أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه من قبل.
الهوس بعدد الزيارات

المواقع العربية ومنذ سنوات لم تعد تكترث لما تقدمه من مواد فكل ما يهمه هو عدد الزيارات. من هنا برزت العنوانين الخادعة والمضللة والكليك بايتس التي تخدع القارئ بعنوان لا علاقة له أحياناً بالمحتوى. من هنا نجد أن النسخ واللصق الذي تحدثنا عنه اعلاه باتا ضرورة لذلك يتم سرقة المقالات والمواد وإستبدال مصدرها أو كاتبها باسم الكاتب الذي انهك نفسه بالنسخ. ورغم ان ذلك انتهاك لحقوق الملكية الفكرية ولكن لا أحد يكترث على الإطلاق فكل الهم هو زيادة عدد الزيارات حتى ولو كانت المادة مسروقة أو سخيفة أو ضعيفة. 

الكمية لا النوعية

هناك الكثير من المواد المنشورة باللغة العربية، والتي هي كما قلنا سابقاً تكرار ونسخ. ولكن حتى لو عثرت على مادة تتناول موضوعاً جدياً فإن المادة نفسها تكون ركيكة وغير مشبعة لفضول القارئ. والمشكلة الاكثر خطورة هي أن بعض المقالات والمواد لا تتضمن معلومات صحيحة. سبب عدم صحة هذه المعلومات قد يرتبط بالحصول عليها من مصادر غير موثوق بها أو بواقع ان الذي ترجم الخبر لم يقم بعمله كما يجب. هناك نسبة كبيرة من الاخبار باللغة العربية تقدم معلومات خاطئة بشكل كامل. 
مواقع التواصل وخمول المحررين

من المعروف بأن مواقع التواصل فرضت نفسها مؤخراً «كمصدر للخبر» ولكن وفق «العرف» المصادر يجب التأكد منها قبل نشرها على أنها معلومة فعلية. ومن المعروف أيضاً أن لمواقع التواصل مزاجها الخاص فهي يمكنها ان «تنبش» خبراً عمره سنوات وتعيد تداوله ثم ينتشر بين المستخدمين. هنا يأتي دور المحرر الخمول، الذي يتمسك بهكذا خبر متدوال وكأنه طوق نجاة فيعيد نشره. وبما ان المواقع العربية هي «مجتمعات» نسخ ولصق فتجد نفسك امام خبر أو دراسة قرأتها قبل خمس سنوات يتم تداولها على انها مادة جديدة. 
المؤسسات المعنية لا تكترث

المؤسسات المعنية بإثراء المحتوى العربي على الإنترنت لا تقوم بدروها. الجامعات والمؤسسات البحثية وحتى المؤسسة الحكومية والمكتبات العامة والوطنية لا تقوم بما عليها القيام به. الملام الاكبر في هذه المشكلة هي المؤسسات البحثية التي لا تنشر أبحاثها ولا دراستها ولعل المشكلة الأساسية والأهم هو أنه لا يصار أصلاً الى القيام بدراسات فعلية. إن حاول أي شخص منكم البحث عن دراسة عن أي موضوع يهمه باللغة بالانكليزية أو الفرنسية أو أي لغة كانت فسيجد عشرات الدراسات ولكن إن حاولتم القيام بالأمر نفسه باللغة العربية فإن كنتم محظوظين جداً ستعثرون وبعد جهد كبير على دراسة عمرها عشرات السنوات. 

شاركها.