“باحثة في الفيروسات الطبية”: محاصرة “كورونا” المستجدّ ممكنة

أوضحت الباحثة في الفيروسات الطبية بكلية العلوم، عضو اللجنة الدائمة لإدارة المخاطر بجامعة الملك سعود، الدكتورة أسماء الصالح؛ أن المملكة ضمن الدول القليلة التي لم يرصد فيها الفيروس لفترة تجاوزت ٦٠ يومًا؛ الأمر الذي يُعتبر إنجازًا نوعيًّا يدل على فعالية الإجراءات التي قامت بها المملكة لمنع وفادة الفيروس ابتداءً، وخاصة إذا استحضرنا معامل انتشار الفيروس المرتفع نسبيًّا. مضيفة وفقًا لـ”سبق”: أن لهذا دلالة واضحة على استثمار السعودية الفعال لتجربتها السابقة مع فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية تحديدًا، وخبرتها الطويلة في إدارة الحشود، واستحضارها لمسؤوليتها الدولية كقبلة للزوار من معتمرين وحجاج.

وقالت د. أسماء: “إن هذه التجارب الطويلة للمملكة إضافة حقيقية للمجتمع العلمي، بدلالة الإسهامات القيّمة للعلماء والأطباء السعوديين بمقالاتهم في المجلات العلمية، والتي تميزت أنها تجارب حية ومن أرض الواقع”. وحول الموقف العلمي من الفيروس وانتشاره، بيّنت الصالح أنه مع شكوك العلماء من إمكانية احتواء انتشار الفيروس حول العالم، خاصة بعد وصوله الآن إلى مستوى الجائحة وارتفاع الإنذار الصادر من منظمة الصحة العالمية إلى مستوى عال جدًّا، ونشوء عدة نقاط انتشار بعد الصين؛ تتحول الأنظار الآن إلى الجهود الفردية لكل دولة ومدى تمكنها من إبقاء الحالات المرصودة فيها تحت السيطرة وإلى الحد الأدنى؛ تجنُّبًا لنشوء نقاط انتشار جديدة بعد المناطق الخمس الحالية، والتي منها إيران، أكثر دول الشرق الأوسط في عدد الحالات المصابة، وأعلى دول العالم في نسبة الوفيات نتيجة الإصابة، والتي لعبت في الأيام الأخيرة دورًا كبؤرة جديدة للمرض؛ حيث صدّرت عددًا من الحالات لمختلف دول العالم.

ووضحت الصالح في حديثها أن تحليلات جينية أخيرة دلّت أيضًا أن عينات الفيروس المعزولة من حالات وافدة من إيران تتضمن تنوعًا بسيطًا في التتابع الوراثي للفيروس؛ مما مكّن العلماء من تحديد مصدر العزلات بشكل أكثر دقة وموثوقية، بالإضافة إلى أن فترة حضانة الفيروس الطويلة نسبيًّا وتزامنه مع موسم الربيع الذي تنتشر فيه أمراض الحساسية وبعض الإصابات الفيروسية التنفسية؛ قد تشكل تحديًا حقيقيًّا.

وحول اختلاف الفيروس عن سواه، بينت الصالح أن الفيروس لا يبدو مختلفًا عن غيره من الفيروسات بالنسبة لإجراءات الوقاية في المجتمع؛ فغسيل الأيدي بانتظام، وتغطية الأنف والفم عند السعال أو العطس، وتجنب لمس الوجه والأنف عند ملامسة الأسطح في الأماكن العامة؛ هي الاحتياطات الاعتيادية، ويضاف لها تجنب ملامسة العين؛ حيث أوضحت بعض الدراسات أن العين أيضًا تعتبر وسيلة من وسائل انتقال الفيروس، متوافقًا بذلك مع بعض الفيروسات التنفسية الأخرى، ومع ملاحظة أن الفئة الأكثر حساسية للمرض هم كبار السن وذوو الأمراض المزمنة -كما أوضحت الأبحاث الأخيرة- فإن نسبة كبيرة من الحالات (81%) عرفت بالمتوسطة. ويبقى التواصل الفعال مع الأطباء لمن يصاب بأي أعراض تنفسية، والالتزام بتعليمات الجهات المختصة، خاصة في الإفصاح عن جهات السفر الأخيرة، ومتابعة التحديثات من الجهات الموثوقة ومتابعة التفسيرات الرصينة للأحداث؛ هي الفيصل في مواقف مشابهة. ولا تقف مسؤولية العلماء عند التوعية وتقديم التفسيرات العلمية للمجتمع، ولكن تتجاوزها للتوثق والتحقق من الأطراف التي يتعاونون معهم واختيار القنوات الصحيحة لنقل الخبر ونقل المعلومة، وأخذ كل الضمانات اللازمة لمنع تحوير الحقائق لأي غرض؛ إذ بتعاون الأطراف جميعًا، وبتضافر الجهود؛ يمكن للمجتمع أن يساعد في إبقاء الفيروس عند حده الأدنى ونضيف نجاحًا جديدًا لنجاحات وطننا المملكة.

زر الذهاب إلى الأعلى