“ذاكر” شاب باكستاني يعيش في حي “الديرة” بالرياض، يخرج كل صباح من غرفته وهو في الطريق إلى دكانه لا يمعن النظر إلى وجوه الناس فحسب، بل يحدق إلى العُقُل السوداء (جمع عقال) التي تعلو الغتر البيضاء والأشمغة الحمراء التي يرتديها السعوديون، يتفحصها بعينيه ويعرف مقاسها والمادة الخام التي صنعت منها، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما كشف أن أحد أصدقائه أخبره بأن العقال له رمزية خاصة عند السعوديين، فعندما يفاخر بك أو يود منك ألا ترد له طلباً فإنه يرمي عقاله عليك ويجب أن ترفعه.

ولعل عشقه للمنسوجات والملابس الشعبية على حد وصفه كان سبباً في تحوله من وظيفته إلى صناعة “العقال السعودي” الحرفة التي ارتبط بها منذ 5 أعوام وأتقن تفاصيلها.
يقول ذاكروفقا لموقع “العربية.نت” قصته: “كنت أعمل في إحدى كبرى الشركات الألمانية في المنطقة، وحينها دائم التفكير في حرفة يدوية، لأن الحرفة أبقى للزمن وأهم من الوظيفة، وهي أيضاً تميزني عن غيري، فقادني الشغف وحب صناعة الأنسجة والخياطة من العمل في قطاع الطاقة والكهرباء إلى صناعة العُقُل”.
وأضاف: “أفضل العمل في السعودية لأن أهلها طيبون، وهي بلد آمن، وفي باكستان هناك في عائلتي حرفيون، وعندما سافرت من السعودية أخذت إليهم بعض المنسوجات من هنا فأحبوها وشجعوني على خوض التجربة والعمل الحرفي”.
وبين أنه فضل العمل في الهواية وتحويلها إلى مصدر رزق وتخلى عن وظيفته التي نال عليها شهادة عالية، على حد وصفه.
وفي سياق حديثه عن العقال المصنوع محلياً، أوضح الشاب الباكستاني ذاكر أن من أكثر الأشياء التي كانت تلفت نظره في الزي السعودي العقال، وعندما يشاهد صوراً فإنه يتمعن في شكله وطريقة استدارته، ويعلم أنه احتياج شبه يومي للسعوديين، على حد قوله، وأصبح يبحث ويتساءل عن طريقة صناعته واكتشف أن للمهنة أسراراً.
وقال: “هناك عقال مصنوع من الوبر وآخر من الصوف، وتختلف جودة عقال عن آخر بحسب الحشوة وجودة الخيوط والقطن، وهناك الخشن والناعم ولكل واحد جمهوره”. وأضاف: “تعلمت سريعاً ومن عشقي لهذه الصناعة واحترافي لها أستطيع أن أصنع عقالاً واحداً كل 20 دقيقة”.
ولفت ذاكر في سياق حديثه إلى أن العقال المصنوع يدوياً أكثر جودة، ويختلف سعره بحسب اشتراطات ورغبة الزبون ومقاس محيط الرأس ودرجة السماكة التي يفضلها، وقدرته على “المفاصلة” في السعر.
في حين أن العقال المصنوع بالمكائن سعره يتراوح ما بين 25 ريالاً و50 ريال. وأوضح أنه لاحت له فكرة مستقبلية ربما ينفذها قريباً بنقل هذه الصناعة إلى بلده والتصدير إلى الخليج.

شاركها.