على الرغم من الاعتقادات الشعبية التي تحيط به في العالم، فإنه لا زال مرض التوحد غامضاً لا يدركه إلا من عايش إحدى حالاته، فيما يعاني عدد من المواطنين الذين لديهم مصابون به من ضعف المراكز المعالجة له، وعدم توفرها في عدد كبير من مدن المملكة.

وفتح برنامج “تم” الذي تعرضه “القناة السعودية”، ويقدمه الإعلامي خالد العقيلي، في إحدى حلقاته ملف تلك الفئة، واستضاف عدداً من أقارب هؤلاء الأطفال المصابين بمرض التوحد، وناقش معهم معاناتهم ومسبباتها الرئيسة، والتي تمثلت في شح مراكز مرضى التوحد، وعدم توفيرها في كثير من مدن المملكة، ما اضطر البعض إلى السفر إلى دول مجاورة لمعالجة أبنائهم، وتعديل سلوكياتهم، وتعليمهم بما يتوافق مع قدراتهم لدمجهم مع المجتمع. وقال سهل الأسعدي، والد أحد الأطفال المصابين بالتوحد: كنت أراجع بابني إلى عمر ٦ سنوات في مدينة الأمير سلطان الطبية، وفي عمر السابعة بدأ بالنطق؛ ما اضطرني إلى إلحاقه بأحد المراكز الخاصة لتعليمه، حيث لا يوجد لدينا مركز حكومي ندخله فيه، وبعد فترة من الزمن حاولت أن أعمل له ابتعاثاً إلى الأردن لتعليمه في مراكز متخصصة، لكن وقعت في مشكلة أكبر، وهي أن البعثة تعتبر إيواء، وهي ترك الطفل في المركز تعليماً وسكناً، وهذا الأمر لا يصلح؛ كون الطفل يستفيد من أسرته بما يوازي تعليم هذه المراكز”.

من جانبها، قالت منيرة الغامدي، أم لمصاب بالتوحد: “مراكز التشخيص هنا سيئة جداً، حيث إنه بحكم عمل زوجي في السفارات قمنا بتشخيص حالة ابني في وقت مبكر في أمريكا، وقالوا إن لديه توحداً شديداً وتخلفاً عقلياً شديداً، وبعد رجوعنا للسعودية عملنا له تشخيصاً آخر، وقالوا: ابنك سليم! علماً بأنه تم اكتشاف أن لدى ابني مشكلة، وهو مصاب بمرض التوحد”. وأكدت تهاني التميمي، أم لمصاب آخر بالتوحد، أنها نقلت من مدينة الدمام وسكنت في دولة الإمارات لمعاناتها مع المركز الذي كان يوجد به ابنها، حيث تم دمجه مع أطفال أقل قدرات منه، وهذا لا يساعده على التطور، مشيرة إلى أن مدير مدرسة قال لهم: “أخرجوا ابنكم لأنه ليس لديه مشكلة، لكن اعرضوه على شيخ يقرأ عليه”.

فيما قالت هيفاء الثمالي، إن مشكلة ابتعاث المصابين بالتوحد تكمن في حاجة الأسرة لدخل مادي كبير، حيث إن وزارة التعليم تصرف راتباً للمرافق ولا تدعمك بالتأمين الطبي، وأغلب المبتعثين رجعوا لعدم قدرتهم على تكاليف الابتعاث هناك. واختتم الإعلامي خالد العقيلي برنامجه بتحديد الجهات المعنية في ذلك، قائلاً: “وزارة العمل والتنمية الاجتماعية هي من تقوم بفتح مراكز مختصة لمرضى التوحد، ووزارة التعليم لديها برنامج ابتعاث لأطفال التوحد، لكن لماذا لا تقوم بإنشاء مراكز مختصة بالتعليم لهذه الفئة؛ كون له طريقة ونوعية مختلفة، ووزارة الصحة مسؤولة عن التشخيص من البداية”، وطالبهم بتوحيد الجهود والتحرك حراكاً ذا أثر يخفف معاناة تلك الأسر التي تضطر للتنقل مؤقتاً لدول مجاورة لمعالجة أبنائهم وتعليمهم ومحاولة تعديل سلوكياتهم.

شاركها.