تفعيل أساليب الإشراف التربوي

 تفعيل أساليب الإشراف التربوي 
” ورقة عمل “

• ـ تتعدد أساليب الإشراف التربوي وتتداخل، ويمكن تقسيمها إلى أساليب فردية وأخرى جماعية، فالبحث التربوي (مثلاً) قد يقوم به فرد، وقد تقوم به مجموعة؛ إذ ليس ثمة حد فاصل بين الأساليب الفردية والأساليب الجماعية.
• ويمكن تقسيم الأساليب إلى مباشرة وغير مباشرة، فإذا كان للمشرف التربوي الدور الرئيس في الأسلوب غير المباشر، فإننا لا نجد حدوداً واضحة بين الأساليب المباشرة وغير المباشرة، فالنشرات التربوية تعد أسلوباً غير مباشر؛ لأن فاعليتها تتوقف على مدى إيجابية المعلم في قراءتها وتنفيذ مضامينها بنفسه، وتعد أسلوباً مباشراً لما يبذله المشرف التربوي من جهد في متابعتها ومناقشتها مع المعلمين، وهذا التقسيم بين الأساليب الفردية والجماعية، المباشرة وغير المباشرة، يستخدم من أجل الدراسة التحليلية ليس إلا.
• ويلاحظ أنه ليس هنالك أسلوبًا واحدًا لنكتفي به في الإشراف التربوي ويمكن أن يقال عنه إنه أفضل الأساليب، كما أنه قد يستخدم في كل المواقف والظروف، حيث إن كل موقف تعليمي يناسبه أسلوب من الأساليب الإشرافية، كما أنه قد يستخدم في الموقف التعليمي الواحد أكثر من أسلوب، فقد يتطلب الأمر أن يزور المشرف التربوي المعلمين في فصولهم لتشخيص مشكلة تواجههم، وقد يترتب على هذه الزيارة عقد اجتماع عام لهم أو تنظيم ندوة تربوية لمناقشة المشكلة، وقد يتخلل كل هذا قراءات يوجه المشرف التربوي زملاءه المعلمين إليها، ومن هنا كان لكل أسلوب إشرافي مدى، واستخدامات، ومقومات تحدد مدى فاعليته ونجاحه.

• ـ وأبرز الأساليب الإشرافية هي :
1- زيارة المدرسة : وهي إحدى الأساليب المستخدمة للإشراف على المدارس وتعرف مشكلاتها واحتياجاتها وأنشطتها وواقعها التربوي والاجتماعي.
2- الزيارات الصفية : يقصد بالزيارات الصفية زيارة المشرف التربوي للمعلم في قاعة الصف في أثناء عمله، بهدف رصد النشاطات التعليمية، وملاحظة التفاعل الصفي، وتقويم أداء المعلم، والوقوف على أثره في الطلاب.
3- المداولات الإشرافية : هي عبارة عن كل ما يدور من مناقشات أو مشاورات بين المشرف التربوي والمعلم حول بعض المسائل المتعلقة بالأمور التربوية العامة، أو أساليب التعليم أو مشكلات تعليمية أو ملحوظات تتصل بكفايات المعلم العلمية أو المهنية أو أداءه داخل الصف.
4- النشرة الإشرافية : هي وسيلة اتصال بين المشرف التربوي والمعلمين، يستطيع المشرف من خلالها أن ينقل إلى المعلمين بعض خبراته وقراءاته ومقترحاته ومشاهداته بقدر معقول من الجهد والوقت.
5- القراءة الموجهة : هي أسلوب إشرافي هام يهدف إلى تنمية كفايات المعلمين في أثناء الخدمة من خلال إثارة اهتمامهم بالقراءات الخارجية، وتبادل الكتب واقتنائها، وتوجيهم إليها توجيهاً منظماً ومدروساً.
6- الندوات التربوية : هي عبارة عن عرض عدد من التربويين لقضية تربوية أو موضوع محدد، وفتح المجال بعد ذلك للمناقشة الهادفة المثمرة.
7- اجتماعات المعلمين : هي لقاءات تربوية بمعلمي مادة دراسية، أو صف معين، أو مجموعة معلمين في تخصصات مختلفة، لتحقيق التكامل بين جهودهم، وتجميع الأفكار في مواجهة المشكلات التربوية.
8- الاجتماعات العامة : قد تتطلب الحاجة الدعوة إلى عقد اجتماع إشرافي عام لجميع المعلمين في المدرسة، أو مجموعة من المدارس بغية تقديم خدمة إشرافية لهم جميعاً، لمناقشة مشكلة مهنية عامة مثل : (التخطيط للتدريس – صياغة الأهداف السلوكية – أساليب بناء الاختبارات – طرق تحليل نتائج الاختبارات – .. الخ).
9- الدروس التطبيقيــة (التوضيحية) : هو أسلوب علمي عملي حيث يقوم المشرف التربوي أو معلم ذو خبرة بتطبيق أساليب تربوية جديدة، أو شرح أساليب تقنية فنية، أو استخدام وسائل تعليمية حديثة، أو توضيح فكرة، أو طريقة يرغب المشرف التربوي إقناع المعلمين بفعاليتها وأهمية تجريبها، ومن ثم استخدامها.
10- الزيارات المتبادلة بين المعلمين : الزيارات المتبادلة أسلوب إشرافي مرغوب فيه، يترك أثرا في نفس المعلم ويزيد من ثقته بنفسه، لأنه يجرى في مواقف طبيعية غير مصطنعة، ويتم فيه زيارة معلم أو أكثر لزميل لهم داخل الفصل، وقد تتم الزيارات المتبادلة بين معلمي مدرسة واحدة أو مدرستين متجاورتين وبين معلمي مادة واحدة أو مواد مختلفة، ذلك تحت إشراف مدير المدرسة أو المشرف التربوي.
11- المشغل التربوي (الورشة التربوية) : هو نشاط تعاوني عملي يقوم به مجموعة من المعلمين تحت إشراف قيادات تربوية ذات خبرة مهنية واسعة بهدف دراسة مشكلة تربوية مهمة أو إنجاز واجب أو نموذج تربوي محدد.
12- البحث الإجرائي : البحث الإجرائي نشاط إشرافي – تشاركي يهدف إلى تطوير العملية التربوية، وتلبية الحاجات المختلفة لأطراف هذه العملية خاصة من خلال المعالجة العلمية – الموضوعية للمشكلات المباشرة التي يواجهونها.

• وكما مرّ معنا أن لكل أسلوب إشرافي مدى، واستخدامات، ومقومات تحدد مدى فاعليته ونجاحه، حيث يختلف ذلك بحسب الحاجة إليه وإمكانات المشرف والمعلمين والموقف التربوي.
• لكن السؤال المهم هو كم من هذه الأساليب الإشرافية نفذه المشرف التربوي طوال عمله في الإشراف التربوي، لاشك أن هناك بعض الصعوبات التي قد نواجهها في الميدان، ولكن ألا ترى معي أن اقتصارنا على الزيارة الصفية والنشرات التربوية وزيارة المدرسة والمداولات الإشرافية بشكل متكرر يعد قصوراً في عملنا، كما لا يخفى أن كثيراً مما يعد مشاغل تربوية لا تعدو أن تكون لقاءات بالمعلمين يعرض فيها المشرف وجهة نظره دون أي قبول لمخالفته وهذا على الأقل هو ما مرّ علي شخصياً في مرات كثيرة.
• ومما يحسن ذكره هنا أني أردت ذات مرة في أول عملي في الإشراف التربوي أن أقوم بعمل بحث إجرائي وقبل أن أنفذه أردت أن أسترشد بزملائي المشرفين ووجدت أفضل فرصة لسؤالهم أثناء الاجتماع الأسبوعي لمركز الإشراف وأثناء سؤالي لهم تفاجأت بأنه لم يقم أحد منهم بعمل أيَّ بحث إجرائي طوال مدة عمله في الإشراف التربوي رغم أن بعضهم جاوز العشر سنوات في الإشراف التربوي وقد كانوا قرابة الثلاثين مشرفاً.
• وأتوقع أننا ما دمنا نؤدي نفس الأساليب الإشرافية بشكل مكرر وآلي فسنبقى ندور في نفس الحلقة المفرغة حتى يتيسر لنا أن نكسرها بإقدامنا نحو التجديد – أو يفعل الله ما يريد – لأن هذه الأساليب التي نكررها بشكل آلي في كل عام دراسي إنما يراد منها أن تكون مقياساً مبدئياً لحاجة الميدان الفعلية لوضع خطط جماعية منظمة ومقننة من أجل الارتقاء بدور المعلم والمدرسة والطالب وإذا بقينا ندور في نفس الدائرة فإن عملنا سيبقى مجرد مهام مكررة، ألا ترى معي أن الزيارة الصفية – مثلاً – تكاد تفقد قيمتها إذا تكررت دون أن يتبعها أنشطة ترتقي بأداء المعلم، فأي فائدة يمكن أن أجنيها من الزيارة الثانية أو الثالثة إذا لم يكن هدفي قياس مدى تقدم المعلم في أداءه الذي يفترض أني قد وضعت برنامجاً عملياً له بعد الزيارة الأولى حتى أتمكن من قياسه في الزيارات التالية.
• على أني لا ألقي باللوم على المشرف التربوي وحده إذ أنه يكلف بنصاب من المعلمين يشغل وقته إضافة إلى الأعمال الإدارية الأخرى التي تستهلك أكثر وقته فيبقى بعد ذلك مضطراً لمبدأ سددوا وقاربوا ،كما أنه من الصعب على المشرف الذي لا يتوفر له تدريب مستمر أن يمارس هذه الأساليب الإشرافية التي تحتاج إلى نوع من الدربة والممارسة المقننة وليس من قبيل جرّب ثم اختر.
• لذا فإنني أنادي بضرورة أن يقوم المسئولون في إدارات التربية والتعليم بوضع آلية إلزامية لكسر هذه الحلقة المفرغة لأنهم هم الذين رسخها في الميدان وهم من يدعمها بشكل قوي – من خلال طوفان الأعمال الإدارية والإحصاءات المتكررة التي تطلبها إدارات وأقسام أخرى – وما لم يلتفتوا لهذا الأمر تخطيطاً وتدريباً ودعماً فسيبقى الإشراف التربوي كما هو الآن شبه معطل إلا من الجهود الفردية لبعض المشرفين المتميزين الذين قد يجدون أنفسهم نشازاً في الميدان.

• ولحل جزء من هذه المشكلة فإنه يجب أن تقوم إدارات وأقسام إدارات التربية والتعليم بأدوارها كاملة ولا تحمّل المشرفين التربويين مسؤولية متابعة مهامها في المدارس.
• كما يمكننا لتطوير عمل المشرفين أن نستفيد من خبرة الجامعات حين لا يُرقى أحد الأساتذة ولا يرشح لرئاسة قسم حتى يقوم بعمل بحث لنيل الترقية فإذا نحن استفدنا من هذا فإنه لن يرشح لرئاسة أي قسم أو شعبة أو إدارة إلا من أثرى الميدان التربوي ببحث مفيد مؤصل أو تجربة مميزة مقننة أو ابتكار مفيد للعملية التربوية مع ضرورة وضع حوافز مادية مشجعة لهم، على ألا تمر هذه المشاريع بدون إقرار وموافقة من أشخاص متخصصين ومتمكنين في الميدان التربوي حتى لا تصبح عملية شكلية؛ بعكس ما هو موجود حالياً من وضع لجان شكلية تجتمع لتقضي وقتاً ممتعاً في الأحاديث الجانبية ثم تتخذ قراراتها بشكل فردي حين يكلون اتخاذ القرار إلى أحدهم للتخلص من عبئه أو بشكل مزاجي غير مدروس وغير واع دون دراسة حقيقية لما رفع إليها ولعلنا بهذا نساهم في الرقي بمستوى المشرفين ومسئولي إدارات التربية والتعليم.
• ويمكن ضبط هذا العمل من خلال تكليف لجنة من خيرة التربويين والأكاديميين لتشكيل لجان تحكيم للمشاركات المتوقعة..


                                                                                         د.خالد بن محمد الشهري
                                                                                مشرف علم النفس بتعليم المنطقة الشرقية

زر الذهاب إلى الأعلى