حقائق تاريخية خاطئة عن البطل صلاح الدين الايوبي

صلاح الدين الأيوبي لم يسلم من الاختلافات بالرأي، وهذا أيضاً منطقي وطبيعي فهو في نهاية المطاف شخصية تاريخية وعليه فإن إمكانية الاختلاف واردة.

ولكن أن يكون رمز البطولة المطلقة عند البعض هو رمز للخيانة المطلقة عند البعض الآخر، فهنا نحن نتحدث عما هو أكبر من هامش للاختلاف.

كردي أم عربي أم تركي

هو صلاح الدين بن أيوب بن شادي بن مروان، ونقطة الاختلاف الأولى هي حول نسب عائلته، وما إن كانت عربية أم كردية أم تركية. هناك العديد من المصادر العربية التي تؤكد أن صلاح الدين كردي وحتى أن كتب التاريخ التي تدرس في المدارس تذكر أنه كردي الأصل.

المؤرخون يختلفون على نسب العائلة الأيوبية فابن الاثير ذكر أن أيوب من شادي بن مراون من الأكراد الروادية .المؤرخ ابن خلكان يؤكد ما قاله ابن الأثير، ويذكر أنه ولد في بلدة دوين وهي بلدة في أذربيجان من جهة أران وبلاد الكرج، وأنهم من الأكراد الروادية.
المؤرخ الكردي شريف الدين البدليسي يتفق مع الرأي نفسه؛ لكن المستشرق مينورسكي يذكر في دراسته أنه يحتمل أن يكون قد هاجر مع عائلته إلى وادي أراس شمال شرق الأناضول قبل القرن العاشر الميلادي. رأي يتقاطع مع ما ذكره المؤرخ اليعقوبي، والذي رجح أن يكون أصل الأسرة من العرب اليمانية الذين هاجروا من البصرة، واستقر بهم المطاف في أذربيجان، ثم اعتبروا أنفسهم أكراداً بعد أن تمازجوا بالأكراد الهذبانية الذين استوطنوا تلك المنطقة منذ القرن العاشر.
في المقابل تبرز نظرية أخرى، وهي أن الأصل تركي. المؤرخ التركي رمضان ششان قام ببحث انطلق منه من أسماء إخوة صلاح الدين والتي هي أسماء تركية ومن واقع أن صهره تركي. وفق ششان صلاح الدين تركي من جهة والدته؛ إذ إن اسم خاله هو تكش كما أن النساء في عائلته كن يحملن الأسماء التركية، كما أن صلاح الدين أوصى بتقاسم الأبناء لأراضي دولته، وهو نظام «ألش» المعمول به في الدول التركية.
وعليه وبسبب الدراسات المتعددة والدلائل المختلفة لا يمكن الجزم، وعليه يميل البعض إلى نظرية أنه ينتمي إلى عائلة مختلطة الأعراق.

بطل أم خائن

تظهر سيرة صلاح الدين أنه ولد عام 1137م في تكريت، وأن أول أعماله كان تقلده منصب قائد شرطة في دمشق، وأولى معاركه انتهت بهزيمة أمالريك الأول ملك بيت المقدس، ليتولى بعدها حكم مدينة الإسكندرية، ثم يخلف عمه أسد الدين شيركوه في ولاية مصر إبان حكم الفاطميين. والخلاصة التي يضعها البعض أنه أصبح كردياً في زمن الأتراك وأيوبيا في زمن الزنكيين وسنياً في عصر الإسماعيليين.
عام ١١٨٧ توجه لمواجهة الجيوش الصليبية وانتصر عليهم في معركة حطين، ودخل بيت المقدس محرراً، وألقيت أمامه خطبة الجمعة، ليعود ويهزم بعدها بـ5 سنوات أمام ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا في معركة إرسوف.
باختصار شديد هذه هي سيرة حياة صلاح الدين، والغالبية تعتبر أن إنجازاته تجعله بطلاً، ولكن هناك فئة لا تتفق مع هذا الرأي. الكاتب المصري يوسف زيدان هو واحد من الفئة المعارضة التي تعتبر أن صلاح الدين خائن و أنه سمح لليهود بدخول القدس بعد أن كانت العهدة المعرية تمنع دخولهم إليها. ويقول إنه اتخذ من موسى بن ميمون، وهو أهم مفكر يهودي في العصور الوسطى طبيباً خاصاً وسمح له بالارتداد إلى اليهودية بعد أن كان قد أعلن إسلامه في الأندلس قبل أن يأتي إلى مصر.

في المقابل ومن الوقائع المتفق عليها تاريخياً هو أن صلاح الدين أحرق مكتبة القصر الكبير للفاطميين، ولكن بعض المؤخرين يشيرون إلى أن مساعدي صلاح الدين اختاروا منها ٢٠٠ ألف مجلد قبل حرقها. بينما الطرف الآخر يؤكد أنه لم يتم إجراء ذلك والهدف كان القضاء كلياً على الفاطميين؛ إذ ان صلاح الدين منعهم من التناسل عندما قام بعزل الذكور عن الإناث؛ لأن هدفه القضاء عليهم كلياً. 

معاهدة الرملة .. حظ أم نتيجة منطقية

هزم صلاح الدين أمام ريتشارد قلب الأسد في معركة إرسوف، وكانت القدس على مرمى بصر من جيوش الحملات الصلبية، وكان يمكن للتاريخ أن يتخد مساراً مختلفاً تماماً لو لم تدب الخلافات بين القادة حول خطط الهجوم. كما أن ريتشارد كان على عجلة من أمره، وكان يريد العودة إلى بلاده؛ لأن شقيقه كان يخطط لانقلاب ضده.. كل هذه العوامل مهدت لمعاهدة الرملة، والتي بموجبها بقيت القدس تحت حكم المسلمين مع منح الحق للمسيحيين بالحج للمدينة من دون دفع الضرائب، وأن تكون السيادة على الأماكن التعبدية من صلاحية المسلمين. كما اشترطت الاتفاقية على أن تكون مدينة الرملة اللد مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
البعض لا يرى اختلافاً بين هذه المعاهدة وبين السلام مع إسرائيل في وقتنا الحالي. وعليه فهم لا يعتبرون أن صلاح الدين حقق أي بطولة أو انتصار بل قام بما يرفض كل عربي القيام به.

زر الذهاب إلى الأعلى