حكم حلق اللحية

بواسطة: – آخر تحديث: 5 سبتمبر، 2018

محتويات

حلق اللحية

اللحية في اللغة: هي ما نبتَ من الشَّعر على منطقة الذقن والخدّين عن الرجال، وهي علامة صريحة للبلوغ عند الرجال، ويرجعُ نموُّ اللحية إلى طبيعة ما يفرزه جسم الرجال من هرمونات ذكرية، تُؤدي دورها في إعطاء الطابع الذكوري وإضفائِه على الرجال، كخشونة الصوت، وتدوير العضلات وغير ذلك مما يميز الرجال عن النساء، ومن الجدير بالذكرِ أنّه قد يتأخر نمو اللحية بعد البلوغ، وهذا يتعلّق بطبيعة الجسم وقوة فرزِه للهرمونات التي تؤثر في نمو اللحية، وقد اختلفَ الناس على مرِّ العصور بأشكالِهم، فمنهم من أطال لحيتَهُ كدليلٍ على الحكمة، ومنهم من حلقَها مقتنًعا بها كعادةٍ سائرة في مجتمعه، وهذا المقال مخصّصٌ للحديث عن حكم حلق اللحية في الإسلام وعند المذاهب الأربعة.

اللحية سنة أم فرض

إنّ موضوع اللحية، وكون إعفائها سنّةٌ أم فرضًا في الإسلام، جديرٌ بالذكرِ خاصّةً وأنّ الاختلاف في حكمها لم يزلْ قائمًا بين النّاس، منهم من يفرض إعفاءها، ومنهم من يسنُّ ذلك، مستندًا ومفسِّرًا ما جاء عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومنتميًّا إلى مذهب محدد من المذاهب الإسلامية الأربعة، وقد كانَ النبيُّ -صلَّى الله عليهِ وسلّم- يعفُّ لحيتَه، ويأمُرُ أمَّتَهُ بذلكَ كمَا ثبتَ فِي الصَّحيحينِ منْ حديثِ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “خالفوا المشركين: وفِّروا اللحى، وأحفُّوا الشواربَ، وكانَ ابنُ عمرَ إذا حجَّ أو اعتمَرَ قبضَ على لحيتِهَ، فما فضل أخذَهُ “، ، فاجتمع في هاتين الفطرتين، -حفُّ الشوارب وإعفاءُ اللحى- قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وفعلُهُ، وتبيَّنَ أنَّ هذا هو هديهُ وهديُ الأنبياءِ قبلِهِ، ومن صيغة الأمر في حديث الرسول الذي ورد في السنّة الصحيحة عن الإمام البخاري، يظهر أنَّ اللحية فرض وليست سنّة، فصيغة الأمر صيغةُ فرض ووجوب، وليست صيغة سنّة وتخيير. .

حكم حلق اللحية في المذاهب الأربعة

فيما يخصّ حكم حلق اللحية فإنَّ القولَ بتحريمِ حلقِ اللحيةِ، هو رأي جماهيرِ أهلِ العلمِ، وقدْ نقلَ بعض العلماء إجماعَ أهلِ العلم على حرمة حلقِ اللحية في الإسلام، ومن هؤلاء العلماء ابن حزم الذي قال في مراتب الإجماع: “اتَّفقُوا أنَّ حلقَ جميعِ اللحيةِ مُثْلة لا تجوزُ”، وقال الإمامُ ابنُ عبدِ البرِّ المالكيِّ: “يحرمُ حلقُ اللحيةِ”، وأما الرَّأي الذي يقول: إنَّ حلقَ اللحية مكروه وليس محرّمٌ، فهو رأي ضعيف، لا يجوزُ تبنِّيهِ لمنْ ظهرتْ لهُ الأدلَّةُ الصَّحيحةُ فِي هذهِ المسألةِ، والواجب عند التنازع والاختلاف هو اتباع الدليل والردِّ إلى الله ورسوله، فقد قال سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً”، . .

وهذا يعني أنَّ حلقَ اللحيةِ حرامٌ لما وردَ في ذلك من الأحاديثِ الصحيحة والصريحة، ولعمومِ النُّصوص الناهية عن التشبه بالكفارِ، وقدْ ذهبَ جمهورُ الفُقَهاءِ، منَ الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة، إلى أنّه يحرمُ حلقُ اللّحيةِ لأنّه مناقِضٌ للأمرِ النّبويّ بإعفائِها وتوفيرِها، مخالفة للمشركين، فقد وردَ عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قالَ: قالَ رسولُ اللَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ”، ، والأصحّ أنّ المذهب الشافعي قال: إنّ حلقَ اللحيةِ مكروهٌ، وهذا ما اعتمدَهُ متأخِّرو الشَّافعيةِ، وهو كراهة حلق اللحيةِ، وهذا ما نصَّ عليه الرافعي والنووي والغزالي وأصحاب الحواشي وغيرهم من المتأخرين، ولكنَّ المؤمنَ يُبادرُ إلى امتثالِ أمرِ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولا يبحثُ عنْ مخرجٍ وحيلةٍ للتخلُّصِ من هذه التَّكاليف، والله أعلم. .

زر الذهاب إلى الأعلى