أكدت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي الدكتورة أمل عبد الله القبيسي، أن لدولة الإمارات دوراً محورياً في صنع السلام وتتحمل مسؤولية كبرى تجاه دول المنطقة والعالم في صناعة الأمل واستثمار الفرص وتمكين الشباب والمرأة، وتعزيز قدرات الشعوب للاستفادة من عصر الابتكار وصولاً إلى بناء مجتمعات طموحة سعيدة ومتسامحة تؤسس لدول مستقرة تضطلع بدور إيجابي يعزز السلام للوصول إلى عالم آمن. ونبهت القبيسي، في بيان صحافي حصل 24 على نسخة منه، أن “بعض الدول في المنطقة وفي مقدمتها إيران تسعى إلى التدخل في شؤون الدول العربية وتستهدف أمنها واستقرارها وسيادتها الوطنية عبر نشر الفوضى والعنف والطائفية”.

الجرز الثلاث
وقالت: “إذا كنا نتحدث عن محفزات السلام والتنمية، فإنه من الضروري إنهاء قضايا الاحتلال من خلال تسوية سلمية عادلة وشاملة للصراعات والنزاعات، وفي مقدمتها الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وقضيتنا الأولى القضية الفلسطينية، مشددة على التزام دولة الإمارات التاريخي بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا وعملها الإنساني وتقديم الدعم المباشر للشعب الفلسطيني الشقيق”.

جاء ذلك في كلمة للدكتورة القبيسي ألقتها خلال فعاليات الدورة 139 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي المنعقدة في جنيف، بحضور 700 برلماني من مختلف دول العالم بينهم 43 رئيس برلمان لمناقشه قضايا حقوق الإنسان والنزاعات الإقليمية والدولية والأزمات ومكافحة الإرهاب والتطرف وأهداف التنمية المستدامة والهجرة، فضلاً عن مناقشة دور البرلمانات في الاستجابة العاجلة لانتهاكات حقوق الإنسان وحرية المرأة ومشاركتها في العملية السياسية والمساواة بين الجنسين، ويجري نقاش عام حول القيادة البرلمانية في تعزيز السلام والتنمية في عصر الابتكار والتغير التكنولوجي”.

التوغل الإيراني
وأكدت الدكتورة أمل، أن “إيران تعمل على تقويض أمن المنطقة عبر نشر الفوضى والعنف والطائفية، فقد امتد التوغل الإيراني بشكل غير مسبوق في الشأن العربي، وقد تعين علينا ألا نقف موقف المتفرج عندما وصلت هذه التهديدات إلى اليمن والمملكة العربية السعودية التي تتعرض إلى وابل من الصواريخ الباليستية الإيرانية، فأمن المنطقة مترابط وأمننا من أمن السعودية، فجاء التحرك ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بهدف التخلص من الانقلاب الحوثي والتصدي للتوغل الإيراني”.

وقالت: “لا بد هنا من التفرقة بين سلوك جماعات مسلحة وغير شرعية ترتكب انتهاكات جسيمة وأعمال إجرامية وتخريبية في اليمن كما يفعل الحوثيون، وبين الإجراءات القانونية للتحالف العربي الذي تشكل بناءً على طلب من الحكومة الشرعية اليمنية وهدفه اعادة الاستقرار عبر اتخاذ خطوات مدروسة تراعي الجوانب الإنسانية وتتماشى مع قرارات مجلس الأمن”.

وأشارت إلى أنه “بالرغم من المحاولات الحثيثة للتحالف لإعادة الاستقرار لليمن والتخفيف من معاناة شعبه، إلا أن تعنت الحوثيين لمحاولات السلام الجدية، والدليل تغيبهم عن مشاورات جنيف الأخيرة، قد فاقم من الوضع الإنساني خاصة مع استمرارهم بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية ومواصلتهم تلقي الأسلحة الإيرانية وزرع الألغام وتجنيد الأطفال، وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، أطلقت قوات التحالف العربي لدعم الشرعية عملياتها العسكرية لتحرير الحديدة من قبضة الحوثيين لإحداث تغيير استراتيجي يعزز فرص الحل السياسي، وبالتزامن مع عمليات التحالف في الحديدة والمناطق اليمنية الأخرى، هذا بالإضافة إلى المساعدات الانسانية الكبيرة التي تقدمها دولة الإمارات للشعب اليمني والتي تجاوزت أربعة مليار دولار وتمثلت في جهود الإغاثة وبناء المساكن والمدارس والمستشفيات وعلاج الجرحى ومكافحة الكوليرا وغيرها الكثير من الخدمات الإنسانية”.

أثيوبيا وأريتريا
وتابعت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، أن “لدولة الامارات دوراً محورياً في صنع السلام تجلى في الاتفاق التاريخي بين أثيوبيا وأريتريا، والذي تم برعاية من السعودية، يعد دافعاً قوياً للمجتمع الدولي لتعزيز الجهود الدبلوماسية ليعم السلام والأمن العالم”.

وقالت في كلمتها أمام اجتماع الجمعية: “نجتمع اليوم حول موضوح حيوي يربط بين متغيرات ثلاثة مهمة وهي البرلمانات، واستحقاقات السلام والتنمية، وعصر الابتكار والتغير التكنولوجي بكل ما يتطلبه من محفزات وما يفرضه من تحديات”، مشيرة إلى أنه “لقد كان للثورة الرقمية صدى كبير على التنمية الاقتصادية العالمية وسوف يكون للثورة الجديدة، وهي ثورة المعرفة، آثار هائلة تتيح الكثير من الفرص، ولكنها قد تخلق أيضا حدوداً وأسقفاً جديدة لم نكن ندركها تجعل البعض من قوانيننا وتشريعاتنا قاصرة.”

وأضافت “ينبغي علينا أن نقر بأن مخرجات التعاون الدولي في تحقيق السلام لا تزال دون طموحاتنا وطموحات الشعوب، فلا تزال الكثير من بؤر الصراعات والنزاعات مشتعلة، وبعضها يكاد يشتعل على خلفية التقدم التقني والحروب السيبرانية التي أصبح ينظر إليها كعامل ردع يوازي في تأثيره الحروب التقليدية، وإن التطور التقني يخلق فرصاً كثيرة وفي ذات الوقت يخلق تحديات جديدة لم تكون جزءا من منظومتنا وعلينا كبرلمانيين أن نواكب تلك التطورات الهائلة ونوظفها لخدمه مجتمعاتنا”.

وقالت الدكتورة أمل القبيسي: “علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن مستعدون لتحقيق السلام والتنمية عبر بدائل وأفكار أكثر إبداعاً وابتكاراً؟”.

عصر الابتكار
ولفتت إلى أنه “نرى هنا أن هناك تحديات للقيادة البرلمانية في عصر الابتكار والتغير التكنولوجي، أهمها ما يلي: أولاً، الفجوة الرقمية القائمة بين الدول والشعوب، مما يحد من العوائد الإنمائية للتكنولوجيا الرقمية، ويجعل من استفادة جميع الشعوب من فرص الازدهار التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة مسألة صعبة للغاية، وهي فجوة تنعكس على عمل البرلمانات ودورها، وتعرقل تطبيق الأهداف الدولية المشتركة في مجال التنمية المستدامة، وهو وضع يسهم دون شك في تغذية الأزمات القائمة، ويحد من إمكانات تسريع التقدم البشري”.

وتابعت “ثانياً، انتشار تنظيمات التطرف والإرهاب والجماعات والميلشيات العابرة للسيادة، التي تقوض أحد ركائز النظام العالمي القائم على مبدأ سيادة الدولة الوطنية، أصبحت هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة، تنشر المعلومات الخاطئة، وتستثير المشاعر، وتؤثر على أطفالنا وهم في غرف معيشتنا، مستغلين غياب التشريعات التي تحكم الأفعال خارج مناطق الاختصاص، وإن مبدأ السيادة الوطنية المبني على الحدود الجغرافية والاختصاص القانوني بات مهدداً، وإذا لم نستطع اليوم أن نوائم تشريعاتنا فإن تلك الثغرات قد تكون أساساً لصراعات جديدة”.

وأضافت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي “نحن في المجموعة الاستشارية البرلمانية الدولية المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب في اتحاد البرلماني الدولي نعمل بكل دأب على تنسيق جهود الاتحاد البرلماني الدولي مع الأمم المتحدة وبلورة دور حيوي للبرلمانات في هذا المجال”.

وقالت: “ثالثاً، التحديات الأخلاقية والمجتمعية، حيث يتوقع أن تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة على سبيل المثال إلى تغيرات هائلة قد ينتج عنها تحديات كبيرة على مستوى الاقتصاد والبطالة وفرص العمل، كما تتعلق بالاعتبارات القيمية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات العلوم المتقدمة، كما و ان ثورة المعرفة و تكنولوجيا الاتصالات فتحت الباب أمام مستوى جديد من انعدام الخصوصية، وهو تحدي نواجهه اجتماعياً وسياسياً وبرلمانياً”.

وأوضحت أنه “كعهدنا ما زالت دولة الامارات تحمل مسؤولية مهمة حيال منطقتنا والعالم في صناعة الأمل واستثمار الفرص وتمكين الشباب والمرأة وتعزيز قدرات الشعوب على الاستفادة من عصر الابتكار، وصولاً إلى بناء مجتمعات طموحة سعيدة ومتسامحة تؤسس لدول مستقرة، تضطلع بدور ايجابي يعزز السلام للوصول الى عالم آمن، فمن وزارة المستقبل إلى وزير للذكاء الاصطناعي ووزيرة للعلوم المتقدمة إلى مجالس العلماء والحكومات الذكية فإن هناك جهد حثيث لحوكمة النمو والتطور التقني لتحقيق الفائدة القصوى منها”.

وقالت: “لدينا الكثير من المبادرات العالمية الرائدة التي توفر منصات هادفة لنشر ثقافة الابداع والابتكار، ومنها مبادرة نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتدريب مليون شاب عربى على البرمجة الالكترونية المتقدمة، فضلاً عن جهود دولتنا في مجال حوكمة التكنولوجيا وعلوم الفضاء والطاقة، ووضع الأطر والمعايير لاستخداماتها خلال العقود المقبلة، وتوظيفها في بناء عالم أفضل للجميع”.

كما تم إنشاء مركز “صواب” وهو مبادرة تفاعلية بالشراكة مع الولايات المتحدة للتصدي للادعاءات التي تطلقها الجماعات المتطرفة الأخرى عبر شبكة الإنترنت وتعزيز البدائل الإيجابية عن التطرف – ويأتي المركز ضمن إطار تعزيز جهود التحالف الدولي لمحاربة داعش”.

وأضافت الدكتورة أمل القبيسي “استذكر معكم مخرجات قمة رئيسات البرلمانات التي عقدت في أبوظبي ديسمبر (كانون الأول) 2016، فكان محور النقاشات الأساسي لتلك القمة، التي سعت لاستشراف المستقبل، مناقشة التغيرات العالمية لاسيما التكنولوجية منها، وسبل حوكمتها، كما ناقشت الابتكارات التحويلية وما ينجم عنها من معضلات أخلاقية ودور البرلمانات في التعامل مع الابتكارات التقنية”.

وأكدت أنه “علينا كبرلمانيين تفعيل ما جاء في إعلان أبوظبي من بنود حول التصدي للتغيرات التكنولوجية ما يتطلب اتباع نهج عالمي شامل، وسن تشريعات واقعية تعالج الفجوة الرقمية وتشجع الابتكار وتعالج آثاره الأخلاقية والاجتماعية كما دعا اعلان ابوظبي الاتحاد البرلماني الدولي إلى النظر في انشاء هيكل داخلي لاستشراف المستقبل من أجل تقييم التغيرات المستقبلية والاتجاهات العالمية وتأثيرها ، بالإضافة لإنشاء لجان لاستشراف المستقبل في البرلمانات الوطنية”.

شاركها.