نتعامل بها يومياً .. نعمل كي نجنيها ثم نفرح حين نحصل عليها، ونشعر بالإحباط حين تتبخر بلمح البصر، ثم نمني النفس بالمزيد منها. 

إنه المال.. العملات النقدية التي لعلها الأكثر «استخداماً» وتداولاً بين البشر حول العالم وبشكل يومي. 

ولكن ورغم أننا نحفظ شكلها وألوانها وفئاتها ولكننا قد لا نعرف قصصها وتاريخها. اليوم سنتعرف على حكاية الريال السعودية وقصته. 

البداية.. ماريا تريزا

كان يتم التعامل بعدد من العملات النقدية القديمة في الجزيرة العربية؛ ولكن تلك المسكوكة من الذهب والفضة والمعادن الأخرى كانت قليلة. ولكن الأكثر انتشاراً واستخداماً في الحجاز واليمن وحضرموت وظفار وشرق أفريقيا كان دولار ماريا تريزا. 

ماريا تريزا هي الملكة التي حكمت النمسا وهنغاريا وبوهيما من ١٧٤٠ إلى ١٧٨٠ وهي المرأة الأشهر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. كان الاقتصاد النمساوي هو الأقوى، وتم إعلان دولار ماريا تريزا العملة الرسمية للتجارة في النمسا. كان يعرف باسم تالر ماريا تريزا في غرب الجزيرة العربية أو الريال الفرنسي رغم أنه لم يكن فرنسياً. 

الريال هذا دخل إلى نجد مع حملة إبراهيم باشا، وكانت العملة الفضية هذه تحمل صورة الإمبراطورة الممتلئة الجسم والوجه بينما على الجزء الخلفي كان هناك شعار هابسبورغ وهو النسر ذو الرأسين. 

من هنا حصل على تسميات مختلفة، فلأن الملكة كانت مجدولة الضفائر المربوطة فوق رأسها فسمي «أبو شوشة» أو الشوشي، البعض أطلق عليه تسميات بسبب النسر فعرف بأبو ريش أبو رأسين. 

ولكن من أين جاءت كلمة ريال؟ الكلمة مشتقة من ريجاليس اللاتينية وهي تعني ملكي. 

من الثقة إلى المنع 

انتشر دولار ماريا تريزا انتشاراً واسعاً في كل أنحاء العالم وخصوصاً في جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق ومصر خلال الفترة الممتدة بين نهاية القرن السابع عشر وحتى بداية القرن العشرين. فلم تتمكن أي حملة من منافسته وذلك لأنه يصعب تزييفه، كما أنه كان يستخدم في الزينة للسيوف، وكان هناك خرافات تتعلق بالإنجاب ترتبط به بحكم أن ماريا تريزا أنجبت ١٦ ولداً. 

كما كان يمكن تداوله من دون العودة إلى الصرافيين أو مكاتب بيع العملات ما أثر سلباً على العملات الإسلامية المحلية التي لم يكن بإمكانها منافسته هي الأخرى. 

ولكن ومع بدايات ثلاثينيات القرن الماضي وتحديداً في ٢٣ أيلول عام ١٩٣٨ نشرت صحيفة أم القرى قراراً بمنع التعامل بالريال الفرنسي بقرار من الملك عبد العزيز آل سعود. وجاء في نص القرار إنه وبسبب دخول الريالات الفرنسية بصورة كبيرة وبحكم أن بعضها مغشوش وبسبب تأثيرها السلبي على كل النواحي تم منع التداول بها. 

بداية العملة السعودية.. تمنع شديد

أول طرح نقدي سعودي  كان الريال الفضي وأجزاءه من فئة النصف الريال والربع ريال. وفي محاولة من الملك عبد العزيز لتشجيع الناس على قبوله قام بمبادلتهم الريال بالذهب ومع ذلك لم يحصل على الثقة اللازمة من التجار والناس.

بعد توحيد الدولة السعودية ظهرت العملة الورقية التي أثارت الهلع لدرجة أنه أطلق عليها تسمية «الخيفانة»، والتي كانت تعني الجرادة غير الصالحة للأكل. فهم اعتادوا على بريق الذهب والفضة، وفجأة وجدوا أنفسهم أمام «ورق» لا قيمة له. 

إيصالات الحجاج 

في العام ١٩٥٣ قامت مؤسسة النقد بإصدار إيصالات الحجاج وتم طرحها للتداول. وكانت من فئة عشرة ريالات وتم طباعة ٥ ملايين إيصال كطبعة أولى وكتب عليها باللغة العربية والفارسية والإنكليزية والأردية والتركية والمالاوية عبارات تحفظ لحاملها قيمة الإيصال من الريالات السعودية. الإيصالات هذه وجدت قبول واستحسان الحجاج، وبالتالي بدأت تنال ثقة الناس والتجار. حينها تم إصدار فئتين جديدتين من فئة خمسة الريالات عام ١٩٥٤ وفئة الريال الواحد عام ١٩٥٦. وخلال تلك السنوات لم يتم استبدال الايصالات بعملات معدنية بل تم الاستمرار بتداولها بين الناس. 

الإصدارت اللاحقة 

في عهد الملك سعود صدر ٥ فئات من العملة السعودية، وهي ريال واحد،  ٥ و١٠ و ٥٠ و ١٠٠ ريال. وعند تولي الملك فيصل الحكم صدرت أوراق نقدية جديدة بالفئات نفسها.

في عهد الملك خالد تمت إضافة صورة الملك إلى العملة النقدية، وكانت تحمل صورة الملك فيصل في جميع فئاتها ما عدا فئة مئة الريال التي حملت صورة الملك عبد العزيز. 

في عهد الملك فهد بن عبد العزيز وفي الإصدار الرابع تمت إضافة فئة خمسمائة ريال وحملت صورة الملك عبد العزيز بينما حملت باقي العملات صورة الملك فهد. وفي عهده أيضاً تم إصادر عملتين ورقيتين؛ بمناسبة المئوية لتأسيس المملكة من فئتي ٢٠ و٢٠٠ ريال وحملت أيضاً صورة الملك عبد العزيز عام ١٩٩٩.  

في سنة ٢٠٠٧ طرح الإصدار الخامس في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجاء بنفس الإصدار الرابع من دون الإصدار الخاص بالمئوية، وجميع العملات حملت صورة الملك عبد الله ما عدا فئة ٥٠٠ ريال التي حملت صورة الملك عبد العزيز. 

في العام ٢٠١٦ كان الإصدار السادس، وقد تم العودة فيه إلى البدايات أي الاعتماد على القطع النقدية أكثر من الورقية. حلت القطع النقدية مكان الورقية في فئة الريال الواحد ورفع سقف الريال إلى ريالين في العملة النقدية الجديدة. العملات تحمل صورة الملك سلمان باستثناء  فئة ٥٠٠ ريال التي تحمل صورة الملك عبد العزيز. 

شاركها.