كشف طبيب شجاع يدير مستشفى في واحدة من أخطر الأماكن على الأرض، كيف كان عليه أن يرتجل المعدات الجراحية باستخدام قطع غيار السيارات وغيرها، للقيام بعمليات خطيرة لإنقاذ حياة المرضى. ويفتقر المرفق الطبي في “بونج” جنوب السودان حتى إلى أبسط المعدات الطبية، وعلى الرغم من ذلك، تجري فيه نحو 50 عملية جراحية في الأسبوع، وهو الأمل الأخير لأكثر من 200 ألف شخص في المنطقة التي مزقتها الحرب.

ولا يحتوي المستشفى المتواضع على أجهزة تصوير بالأشعة السينية، وتتوقف المولدات من وقت لآخر، في حين يُعطى المرضى مادة الكيتامين قبل العمليات الجراحية، لعدم توفر المواد المخدرة.

وينام الدكتور إيفان عطار أدهار، الطبيب الذي لا يرى عائلته سوى ثلاث مرات في السنة، في خيمة داخل مجمع المستشفى، ويستخدم ليلاً ماكينة خياطة لصنع الخيوط الجراحية لإجراءات العمليات الجراحية في اليوم التالي.

وفي حديث لصحيفة ميرور البريطانية، قال الدكتور أدهار إن إنقاذ حياة المرضى يحتاج إلى الكثير من الابتكار، فحتى لو كان هناك أدوات غير متوفرة، لا يزال يتحتم عليه إجراء العملية الجراحية.

وأضاف الدكتور أدهار “اضطررت إلى أخذ البراغي من السيارات لأننا لا نملك أي شيء لإصلاح الجزء العلوي من الأنابيب للمرضى أثناء العمليات، لقد استخدمنا خطافات صيد الأسماك لصنع الإبر، لا يمكننا الاستسلام لنقص المعدات المتوفرة لدينا”.

وفي مناسبة أخرى، كان عليه أن يحصل من سيارة قديمة على قطع غيار لتثبت ألواح على عظام أحد المرضى.

واعترافاً بجهوده الجبارة في مساعد المرضى وإنقاذ حياتهم، حصل الدكتور أدهار على جائزة ناسان التي تمنحها وكالة الأمم المتحدة للاجئين، وهي أعلى وسام تقدمه الهيئة الدولية للأشخاص الذين يساعدون الناس الفارين من الاضطهاد.

وفي حديثه من مقر الأمم المتحدة في جنيف، أكد أدهار أنه لا ينوي الاستقالة، رغم المخاطر الكبيرة التي يواجهها هو وموظفوه، بالإضافة إلى بعده عن عائلته التي تعيش في نيروبي، ولا يزورها إلى مرات قليلة في العام.

ويشكل توفير الرعاية الصحية في جنوب السودان مغامرة خطيرة للغاية، في بلد يتعرض فيه الأطباء والممرضون للاختطاف والتصفية بشكل ممنهج على يد الميليشيات المسلحة.

شاركها.