علم الاجتماع الأسري

اهتمت الأسرة العربية الحديثة بوسائل تنظيم الاسرة ، حتى أصبح هذا الموضوع شغلها الشاغل ، فالأسرة العربية كانت تحب انجاب الاطفال ، وتتباهي بأعدادهم ، وأما الآن ، فأصبحت هذه الأسرة كلما قل عددها كلما كان احسن وأفضل من الناحية النفسية للأسرة ، ومن الناحية المعيشية ومن الناحية الاجتماعية أيضا ، فلا أكذب القول حين أقول إن تنظيم الأسرة أحد أبرز العوامل التي عملت على تخفيف الضغط الأسري ، وحولت الحياة من صعبة على الأب ، وقاسية إلى حياة ملؤها السعادة والهناء ،فلا يمكن لأب يتحمل مسؤلية طفلين أو ثلاثة أن يشعر بأعباء الحياة ، وبأن الحياة عليه صعبة وقاسية التحمل ، وإنما جعلت هذه الطريقة الأمور أخف على ذويها ، فتخيل الام التي أنجبت عشر أطفال ، وقارنها مع الأم التي أنجبت طفلين ، تجد ان هناك فرق ، حتى في طريقة التعامل ، ومع تربية الاطفال تجد أن الطفلين تربيا بشكل صحيح بعيدا عن الغوغائية في التصرفات الحياتية المختلفة ، ولا يمكن أن ننسى أن النبي دعانا إلى الاكثار من الانجاب ، فقال ” تكاثراو ، فاني مباه بكم يوم القيامة ” فالحديث اليوم عن تنظيم الأسرة لا يعني أن نوقف الانجاب بشكل كامل ، وانما ترك مسافة بين الولادات ، حتى ترتاح الأم من جهة ، ويحصل الطفل على حقه في التربية السليمة ، والحياة الكريمة من جهة أخرى .

وسائل تنظيم الأسرة

عملية تنظيم الأسرة تشغل بال الكثير لخوف البعض من تأثيرها السلبي من حيث توقف عملية الحمل أو ضعف الخصوبة عند المرأة ولكن أسلوب تنظيم الأسرة مفيد في مساعدة الأسرة في ترتيب أولوياتهم واحتياجاتهم كنوع من التخطيط للحياة وهناك أنواع متعددة لعملية تنظيم الأسرة وإليكم الأنواع:

النوع الأول:عن طريق الهرمونات وتطلق عليها الوسائل الهرمونية وتكون على شكل حبوب أو كبسولات بالفم أو تحت الجلد أو بالحقن

النوع الثاني : عن طريق العزل ويكون بالواقي الذكرى أو بالأقراص الفوارة

النوع الثالث : عن طريق الرحم مباشرة باستخدام اللولب

النوع الرابع : الوسيلة الطبيعية لتنظيم وتحد يد النسل عن طريق الرضاعة الطبيعية فهي تقلل بنسبة كبيرة عملية الحمل عند النساء أو الجماع غير الكامل أو عن طريق فهم واعي لعملية الخصوبة وتجنب ذلك أو الامتناع الكلي عن الجماع المباشر

ولتوضيح عملية تحديد النسل بالطرق ووسائل السابق ذكرها عمليات تتم لمنع الحمل بشكل مؤقت لأن وقوع الحمل يحدث بالممارسة الجنسية المباشرة وعدم حدوثها بالامتناع عن ذلك أو وقف أحد ما هى اسباب وقوع الحمل وهناك وسائل تقضي نهائيا على عملية الحمل وتلك تكون عند وصول الزوجين إلى قرار نهائي بالتوقف عن المزيد من إنجاب الأطفال ولاختيار الوسيلة المناسبة لمنع الحمل يتم الاعتماد على أمور لها أولوية عن طبيعة الشخص الصحية، حتى التدخين فالمرأة المدخنة لها أسلوب مختلف عن غير المدخنة ومدى كفاءة الطريقة وتأثيرها الصحي على الشخص المراد منه وملائمة الوسيلة لطبيعة المرأة في حياتها إن كانت كثيرة الحركة من حيث كانت امرأة عاملة أو ربة منزل أو كانت تمارس الرياضة من عدمه ويجب أن تكون الوسيلة غير مزعجة للزوج أثناء عملية الممارسة وتحديد طبيعة التنظيم من حيث كان المطلوب تنظيم على مدى طويل أو على مدى قصير فهنا الأمر يختلف وكذلك تكلفة وسعر الوسيلة وجميع الوسائل معرضة للفشل إلا إذا تم الاهتمام الكامل بالطريقة والانتظام بمواعيد استخدامها لو كانت على شكل حبوب أو كبسولات والمعرفة التامة بأبعاد استخدام الوسيلة مهم جدا قبل الاستخدام وأيضا استشارة الطبيب مهمة قبل الاستخدام لما يتناسب مع الصحة العامة.

نادت منظمات الصحة الدولية بضرورة تنظيم الأسرة ، في اطار تخفيف الزحام والكثافة السكانية ، والعمل الجاد على ايجاد الطرق ووسائل الأنسب للحصول على فرص حقيقية للحياة الكريمة بين البشر ، فلا بأس بأن يكون الفرق بين الطفل وأخيه سنتين أو ثلاثة ، فلا بأس إن أعادت الام الكرة ، وحملت مرة أخرى ، ولكن ذلك يكون بعد أن تكون الأم قد حصلت على كفايتها من الراحة ، وحصل الطفل على حقه في الاهتمام وغيرها.

ومن أهم وسائل تنظيم الاسرة تلك التي يستخدمها الرجل أثناء العلاقة الحميمة ، وتتمثل في طرق ووسائل العزل التي تحفظ السائل المنوي للرجل وتمنعه من الوصول إلى رحم الأنثى ، وأهمها المانع الطبيعي ، حيث يفرغ الرجل شهوته خارج جسم المرأة ، والطريقة الأخرى ، استخدام الواقي الذكري الذي يعد الوسيلة الاكثر أمانا للحفاظ على فترات متباعدة للحمل .

أما بالنسبة للمرأة ، فلديها الخيارات مفتوحة ، فهناك اللولب الذي يستخدم بالتركيب داخل جسم المرأة ، ويمنع السائل المنوي من الوصول إلى الرحم ، ومنها حبوب منع الحمل ، والتحاميل والإبر ، هذه الطرق ووسائل وغيرها كفيلة بتأخير وتأجيل موعد الحمل ، حتى يكتمل نمو الطفل السابق ، ويحصل على كفايته من الحب والحنان والرعاية المطلقة من ذويه .

تنظيم الاسرة في الاسلام

اهتم الاسلام بالأسرة اهتمامًا كبيرًا، ووضع تشريعات وقوانين وأسس تأكد على ضرورة التكوين السليم للأسرة، وتأسيسها التأسيس القويم، وحميتها من الأمور والأفعال التي قد تؤثر عليها، وعلى مسارها، فكانت المحبة والتفاهم والتعامل الجيد والطاعة ما بين الأب وأبنائه، وما بين الأب والأم بأسلوب جيد، وسليم يعتمد على حسن الخلق والطباع الحميدة الفضيلة.

لقد ركز الإسلام على الأمور التي تجعل من الأسرة المسلمة أسرة قويةً متماسكةً؛ لأنّها أساس قوة المجتمع المسلم، فالأسرة القوية والمستقرة والمتماسكة تشكل قاعدة قوية لبناء المجتمع القوي والسليم، ولا يتعارض مفهوم وتعريف ومعنى تنظيم النسل في الأسرة المسلمة بما يتوافق مع مصلحة المجتمع المسلم، فاذا كان تنظيم النسل في الأسرة المسلمة يساعد على بناء مجتمع تنموي وقوي وصحي فمرحبًا به.

علينا أن نسلم بأنّ الدعوة التي تدعوا إلى تنظيم الأسرة المسلمة لا يجوز أن تكون دعوة إلى محاربة الزواج والنسل والذرية بحد ذاتها، وعلينا التسليم بأنّ حب الولد والذرية حب فطري لا يمكن أن تقهره تلك العقبات المصطنعة والموضوعة في طريق النسل، فوجود الذرية بين البشر أمر واجب لا بد منه، ولا يمكن أن يمنعه عواقب توضع في طريقه، ولكن القرآن الكريم والسنة النبوية توجهنا إلى أن تكون الذرية صالحة طيبة ونافعة منتفعة.

وبالذرية الصالحة والنافعة تكون قرارة العين، أي طمأنينة النفس وهدوؤها واستقرارها، فقد طلب ذلك بعض الأنبياء بدعائهم ربهم فقالوا: “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين”.

ولا يشك عاقل أن الزوج هوا مفتاح الذرية، فقد اشترط الاسلام على الرجل أن يكون قادرًا مقتدرًا على تبعات الزواج، وإلّا فقد طالبه بالانتظار حتى تتوفر له المقدرة.

تعريف تنظيم الأسرة

يعرف تنظيم الأسرة بأنّه إيجاد فترات متراوحة ومتباعدة بين مرات الحمل بطريقة مشروعة لا غبار عليها غير ضارة للداع الذي يدعوا إليها.

والحديث عن موضوع تنظيم النسل قديم ليس بالجديد، فقد تحدث عنه بعض العلماء كابن القيم والغزالي وغيرهما، وقد وضعوا بعضًا من الشروط التي قد تتسبب في هذا الأمر:

  1. أن يكون هناك مانع معين، كالمرض المعدي عند أحد الزوجين أو كلاهما.
  2. أن يكون هناك خوف على صحة أحد الزوجين وخاصةً الزوجة بسبب الحمل المتتالي.
  3. قد يكون بسبب الضعف الاقتصادي أو عدم المقدرة في رعاية الزوج للأسرة.

فان كان تنظيم النسل في الأسرة لأحد تلك الما هى اسباب أو غيرها من الأسباب، كتربية الأبناء التربية السليمة أو الحرج من كثرة الأولاد وعدم المقدرة على رعايتهم ومتابعتهم والتعب منهم ونحوه.

وقد تكلم الامام الغزالي عن حكم منع الحمل، وقد كان في عهد الصحابة  -رضوان الله عليهم- عن طريق العزل، والعزل كان في عهد الصحابة عن طريق عدم التقاء اللقاح ففي قول رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- خير شاهد ودليل على جواز تنظيم الأسرة فقد قال: “لا يعزل عن الحرة إلّا بإذنها”.

وفي هذا جواز للعزل وتنظيم النسل في الأسرة ولكن باتفاق الزوجين معًا وعدم معارضة أحدهما.

زر الذهاب إلى الأعلى