عمر بن الخطاب الخليفة الراشد
عمر بن الخطاب هو الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين ، و الذي تولى الخلافة بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنه و بعهد منه ، و كان عصره أزهى عصور الخلافة الراشدة ، اتسعت فيه الفتوحات الإسلامية ، و أسقط المسلمون الدولة الفارسية ، و أثخنوا في الدولة الرومانية و أزالوا سلطانها عن بلاد الشام و مصر ، و فاض فيه المال على المسلمين و هابهم العدو ، و أصبح لهم دولة مرهوبة الجانب .
عمر بن الخطاب
هو عمر بن الخطاب العدوي القرشي ، من قبيلة بني عدي من قريش ،ولد بعد حادثة الفيل بثلاثة عشر عاماً ، و تعلم التجارة و الفروسية و القتال ، و كان هو سفير قريش في الجاهلية ، يرسلونه في الوفود للقبائل للتباحث و عقد الإتفاقات و الاحلاف .
صفة عمر بن الخطاب
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً طوالاً أي شديد الطول ، إذا ركب الفرس خطت رجلاه في الأرض ، و كان عريض المنكبين ،أبيض مشرب بحمرة ، له لحية كثة و شارب ، إذا غضب رضي الله عنه فتل شاربه بأصابعه ، و كان شديد الهيبة ، لا يراه أحد إلا خافه و هابه .
فضل عمر بن الخطاب
سيدنا عمر بن الخطاب من كبار الصحابة ، و أجمع العلماء على أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر ، و كان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، و قد قال فيه رسول الله العديد من الاحاديث التي تبين فضله منها :
- عن ابن عباس: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين ليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب”، قال: وكان أحبهما إليه عمر.
- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب” .
- عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه -: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي و عليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل دون ذلك وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص اجتره” قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين .
- و كان رضي الله عنه من أعلم الصحابة في الدين و أفقههم ، قال عبد الله بن مسعود: لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان، ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح بهم علم عمر، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم .
توليه عمر بن الخطاب الخلافة
تولى سيدنا عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة سيدنا أبو بكر رضي الله عنه ، و بعهد منه في عام ثلاثة عشر من الهجرة ، و كان رضي الله عنه شديداً في الحق لا تأخذه في الله لومه لائم ، فلما تولى الخلافة دعى الله أن يلين قلبه لرعيته ، و قد كان ، فكان رضي الله عنه يحمل هم كل الرعية على اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهده .
الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تم القضاء على الدولة الفارسية ، و اسقاط عاصمتهم المدائن ، و قتل يزدجرد آخر الأكاسرة في الدولة الفارسية ، و لم تقم للدولة الفارسية قومة أخرى بعدها ، و قد كانت الدولة العظمي في ذلك الزمان .
فتح المسلمون في عهد عمر بن الخطاب بلاد الشام و هي سوريا و فلسطين و الأردن و لبنان ، و أزالوا ملك الروم عنها ، و فتح رضي الله عنه مدينة القدس ، و تسلم مفاتيح المدينة من أحبارها بيده و دخل المدينة مع سيدنا أبو عبيدة بن الجراح و الجيش المسلم .
و فتح سيدنا عمرو بن العاص مصر بجيش أرسله معه عمر بن الخطاب ، و سار بالجيش المسلم حتى برقة شرق ليبيا .
مقتطفات من سيرة عمر بن الخطاب
كان يضرب المثل و لا زال بعدل سيدنا عمر بن الخطاب و رحمته برعيته ، و من ذلك أنه أصاب الناس في عهده مجاعة شديدة و قل المطر و قحطت الأرض ، لعام كامل سمي بعام الرمادة ، فكان في ذلك العام لا يأكل إلا الخبز و الزيت ، فكانت بطنه تصدر أصواتاً من قلة الطعام و أكل الزيت ، فكان ينقر عليها و يقول : قرقري ما تقرقري ، لن تشبعي حتى يشبع المسلمون .
و كان يقول رضي الله عنه لو أن بغلة في العراق عثرت في الطريق لخشيت أن يسألني الله عنها : لما لم تمهد لها الطريق .
و كان يتفقد المدينة و طرقاتها ، فكان يخرج مع سيدنا عبد الرحمن بن عوف بالليل في طرقات المدينة، يعرف أخبار الناس و احتياجاتهم ، و يعمل على قضائها .
كان يمر بالمدينة ليلاً ، فرأى رجلاً جالساً على باب خيمة ، فسأله ما يجلسه في هذ الساعة ، فأخبره أن زوجته تلد في الداخل ، و ليس أحد معها ، فأسرع عمر بن الخطاب الى بيته و قال لزوجته : هل لك في أجر و ثواب فقالت نعم ، فانطلق بها إلى الرجل ، فدخلت الى زوجته و أعانتها حتى وضعت ، فلما ولدت المرأة قالت زوجة عمر بن الخطاب من داخل الخيمة : بشر صاحبك بغلام يا أمير المؤمنين ، فأُخذ الرجل و أصابته الهيبة لما عرف أنه عمر بن الخطاب ، فطيب سيدنا عمر خاطره و قال له لا عليك ، و طلب منه أن يأتيه من غد ، ليقسم له مال من بيت مال المسلمين .
و غيرها الكثير من المواقف التي تدل على عدله و رحمته و اهتمامه برعيته ، كلها مبثوثة في كتب السير و التراجم.
وفاة عمر بن الخطاب
كانت وفاته عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العام الثالث و العشرين من الهجرة ، و قد مات شهيداً على يد أبو لؤلؤة المجوسي الذي طعنه في صلاة الفجر ، وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه خطب الناس على المنبر يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وذكر أبا بكر ثم قال: رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلي، رأيت كأن ديكًا نقرني نقرتين، قال: وذكر لي أنه ديك أحمر، فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر – رضي الله عنه – فقالت: يقتلكَ رجل من العجم .
و كان أبو لؤلؤة المجوسي عليه لعنة الله غلاماً للمغيرة بن شعبة ، و هو من الفرس ، و كان يحقد على عمر بن الخطاب الذي أزال دولة الأكاسرة و قضى على الدولة الفارسية .
سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه غرة في جبين الأمة ، و لا يزال يضرب به المثل في عدل الحكام و عفتهم و تقواهم لله في رعاياهم ، فرضي الله عنه و رحمة رحمة و اسعة .