مثلي؛ تعرفُ تلك اللحظات التي تقوم فيها بارتداء ملابسك صباحًا لتلاحظ أنها أصبحت تضيق يومًا بعد يوم، تفكر متضايقًا أن هذا الجينز كان أوسع من ذلك! لم يكن ارتداؤه يومًا بهذه الصعوبة، تظل كذلك حتى يأتي اليوم الذي يرفض فيه الجينز أن ينغلق، لقد تكونت كتلة قبيحة من الدهون فوق بطنك ومنعت انغلاق الجينز، تقول لنفسك: يبدو أن الوقت قد حان للانتقال لمقاس «أكبر»! يقول لوران: «من الأوقات المحزنة لأي امرأة حين ترتدي ملابسها القديمة، لتجدها قد أصبحت ضيقة»، ودعوني أؤكد لكم سيداتي وسادتي، أن الانتقال لمقاس أكبر هو خبر سيء، أحيانًا لا يقل سوءًا عن أخبار الكوارث الطبيعية التي تأتي في نشرة الأخبار! إنه فاجعة على المستوى الشخصي. لذا؛ ولإنقاذ هذا الجينز، أظن أن الوقت قد حان لخسارة بعض الوزن.

مسرحية من خمسة مشاهد

ممثلو الجزء الأول: نحن، جلوكوز، إنسولين، بنكرياس.

الممثلون الجدد: خلية دهنية، خلية عضلية، الليباز الحساس للهرمونات. سأسميه هنا اختصارًا «الليباز».

المشهد الأول

بعد ضيق الجينز، يبدأ الممثل الثانوي «نحن» في التصرف بوعي ليخسر بعض الوزن، فيتّبع نصائح ذكية؛ يبدأ في هجر المشروبات الغازية، والعصائر عالية السكر، والأطعمة المعالجة والمكررة، لقد أصبح يستمد طاقته من أغذية كاملة تحتوي على كربوهيدرات معقدة؛ مثل القمح الكامل والشوفان والأرز الأسمر والبقول والمكسرات، يحرص على تناول نسبة كافية من البروتين والدهون النافعة في كل وجبة، ويتناول الألبان بانتظام. يتحلل الطعام كالمعتاد في الجهاز الهضمي ويبدأ بطلنا الأول «الجلوكوز» كالعادة بالتدفق في مجرى الدم، إنه ما زال يبحث عن الخلية ليمدها بالطاقة، لكن الوضع اختلف قليلًا هذه المرة، إن تلك التغييرات الغذائية الذكية جعلت الجلوكوز يتدفق في الدم ببطء وبكميات قليلة، ولهذا ميزة مهمة؛ فهذا الهدوء السكري لا يستفز السيد «بنكرياس» مثل الهجوم السكري القديم، ولذلك فإنه يطلق بطلنا «الإنسولين» بهدوء ليتعامل مع هذه الكمية الوقورة من الجلوكوز ويبدأ في توزيعها على الخلايا كعادته، يُنهي الإنسولين مهمته سريعًا هذه المرة ثم يغيب، تبدو الأوضاع هادئة ولا داعيَ للقلق. لقد حان وقت نوم الإنسولين بعد مهمة ناجحة.

المشهد الثاني

يبدأ الممثل الثانوي «نحن» في إجراءاتٍ أكثرَ ذكاءً، لقد بدأ يمارس الرياضة بانتظام، لقد أحدث هذا طفرة في جسده، لقد جعل خلاياه أكثر حساسية للإنسولين، فأصبحت تحتاج كميات أقلَ منه، وأصبح السيد «بنكرياس» أهدأ كثيرًا وأصبحت فترات نوم «الإنسولين» أطول! كما أنّ ممارسة الرياضة جعلت ممثلًا جديدًا يظهر على حلبة المسرح لينافس على البطولة؛ إنه ما يمكن أن نسميه «الفتوة» أو «السيد المعضل»، إنه السيدة «خلية عضلية»، لقد ظلت هذه السيدة نائمة زمنًا طويلًا بسبب خمول الممثل الثانوي، ظلت لا تطالب إلا بقدر ضئيل من حقها في الطاقة، لكن من الواضح أن ممارستنا للرياضة قد أيقظتها بعنف. وبعد نوم طويل؛ لا تتوقع من هذه الخلية العضلية أقل مما تتوقعه من «فتوة» نام طويلًا متنازلًا عن حقه، إنها تطالب بحقها بجشع، تصبح نهمة وشرسة، تبحث عن الجلوكوز بجنون، تصرخ بصوت هادر: أريد حقي من الطاقة! لقد أصبحت الآن تستهلك ما يقارب 70-90 % من الجلوكوز الذي نتناوله، وهي دومًا جائعة للمزيد، لكن الممثل الثانوي – الذي يحاول إنقاذ الجينز – أصبح يستهلك الطاقة بذكاء، يبدو إذًا أن جسدنا سيمر بما يمكن أن نسميه «أزمة طاقة»، لذا فإن خلايانا تقرر عقد اجتماع بسيط على أعلى مستوى، نحن في حاجة للطاقة، لابد أن تفكروا في حلول! سنجد «الطاقة» حتى لو أعلنا الحرب!

المشهد الثالث

لا أسرار بين الخلايا، ويبدو أن الجواسيس يجيدون عملهم، لقد علمت أجسادنا أن هناك خلية قبيحة، منتفخة وجشعة، اسمها «الخلية الدهنية»، ويبدو أن هذه الخلية هي التي كانت تمتص وتخزّن طاقة الممثل الثانوي طيلة فترة خموله، تلك الفترة التي كنا نأكل فيها السكر بنهم، ونتسمر بالساعات بلا أي حركة، لقد ظلت «الخلية الدهنية» تخزن الطاقة حتى انتفخت وجعلت الجينز ضيقًا! نحتاج فقط من يأخذ حقنا منها ويحرر هذه الطاقة، هنا يقول الجواسيس بدهاء: «هناك إنزيم فعّال يسمى «الليباز الحساس للهرمونات» وهو الوحيد القادر على تحرير الطاقة من الخلية الدهنية، المشكلة الوحيدة أن هذا الإنزيم جبان جدًا، إنه يخاف بشدة من البطل الكبير السيد «إنسولين»! فهو لا يستطيع العمل ولا الظهور في المسرحية بتاتًا أثناء وجود «الإنسولين». بعد استكشاف سريع يتضح للجميع أن الإنسولين نائم، لقد أراحه الممثل الثانوي حين عدل نمط تغذيته، وبعد أن صارت خلاياه حساسة له. هنا يُصدِر جسدُنا القرارَ الجريء: لا تخافوا، الإنسولين نائم. إن الأجواء مناسبة جدًّا للهجوم، هذه الخلية المنتفخة لابد أن تدفع الثمن!

المشهد الرابع

الخطة بسيطة والأجواء مثالية؛ لدينا جسد نشط استيقظت خلاياه بعد سبات لتطالب بالطاقة، الإنسولين نائم بسبب قلة الجلوكوز وحساسية الخلايا، إن الطريق مفتوح أمام كتيبة «الليباز» لبدء الهجوم! هنا يبدأ التكسير بلا رحمة. نعم، إن الخلية الدهنية تدفع ثمن انتفاخها، يبدأ الليباز – السعيد بغياب الإنسولين – في تكسير الدهون الثلاثية الموجودة داخل الخلية الدهنية، لتحويلها إلى أحماض دهنية تتدفق في الدم، هذه الأحماض هي مصدر جيد جدًا للطاقة، لقد انتصرت خلايا الجسم ووجدت مصدرًا جديدًا للطاقة.

المشهد الأخير

يبدأ الممثل الثانوي الذكي «نحن» في حصد مكاسب مجهوداته؛ إن جسده المحتاج للطاقة قد أعلن الحرب على الخلية الدهنية وحرقها، ويبدو أن الحرب لا تهدأ، وخسائر الخلايا الدهنية لا تتوقف، إنها تنكمش باستمرار، لقد بدأ محيط خصره يقل، يبدو أنه سيستطيع ارتداء هذا الجينز مرة أخرى دون معاناة! هنا يبدو الممثل الثانوي سعيدًا ونشطًا وفرحًا بإنجازه، وعلى الصعيد الخلوي تنتفش الخلايا العضلية «حرفيًّا» معلنة عن نفسها، ويبدأ قوام الممثل الثانوي في الاعتدال، لقد عاد الجسد ليعمل بكفاءة وانتهى عصر الدهون المنتفخة واتسعت ملابسنا، لقد أنقذنا الجينز.

انتهت المسرحية.

الأيض

الإنزيم الذي يجعلنا نحافًا

هل تتخيل أن يوقد أحدهم نارًا ليستمد منها الدفء، بينما الشمس مشرقة وحرارتها تلهب الجلد؟ مستحيل طبعًا! هذا هو الحال عندما يتواجد الإنسولين بغزارة في أجسادنا، الإنسولين هو الشمس الحارقة، عندما يتدفق في الدم يفهم الجسد أن هناك الكثير من الجلوكوز أي هناك الكثير من الطاقة ويترجم هذا ببساطة كأي عقل مدبّر «حافظوا على مخازن الدهون ولا تقتربوا منها فلسنا بحاجة إليها»، فيثبط عمل الليباز الحساس للهرمونات، وتتوقف آلية حرق الدهون تمامًا. إن خفض كمية السكريات السيئة التي نتناولها، والحرص على مصادر الطاقة التي تضخ الجلوكوز في دمنا ببطء «تُسمى الأغذية ذات المؤشر الجلايسمي المنخفض» وزيادة حساسية خلايانا للإنسولين، كل هذا هو الوصفة السحرية لتقليل كميات الإنسولين في دمائنا، وبالتالي السماح للإنزيم الفتاك «الليباز» ببدء حرق الدهون. هذا هو سر حرق الدهون، سر الأيض الفائق.

مكاسب أن تكون نشيطًا وقويًا

الخمول هو القاتل الثاني، إنه قرين السكر، هذان القرينان هما محور الشر الذي يستهدف جسدك، لقد ثبت أن ممارسة الرياضة الهوائية مثل المشي السريع والهرولة يقلل مقاومة الخلايا للإنسولين، مما يخفف من تراكم الدهون الحشوية حول بطنك، والتي ناقشناها في المقال السابق، بالإضافة إلى رفع لياقتك القلبية، بمعنى أنك لن تتقطع أنفاسك في كل مرة تصعد فيها الدرج، أمّا رياضة المقاومة «رفع الأوزان أو مقاومة وزن الجسم» فلها دور مبهر في عكس التأثيرات السلبية لمقاومة الإنسولين، إنها تجعل خلايانا حساسة للإنسولين بشكل ملحوظ، وهذا كما أسلفت يضمن هدوءًا إنسولينيًا في الدم لا معنى له إلا تكسير الدهون للحصول على الطاقة، أما المكسب الآخر من رياضة المقاومة والذي لا يقل أهمية، فهو تنمية الخلايا العضلية، تذكّر أني قلت أنها تمتص الجلوكوز بشراهة، إن العضلات هي مخازن الجليكوجين، وكلما كثرت مخازنك، وصار إفراغها سريعًا «بالنشاط البدني»، كلما قل لجوء الجسم لتعبئة المخزن الذي لا نحبه: «الدهون». بكلام أبسط: مع الرياضة؛ إن لم تحرق دهونك القديمة بسبب إهمالك الغذائي، فإنك على الأقل لن تبني دهونًا جديدة.

الأيض

والكرش؟

هذه المسرحية التي حكيتها لكم تحدث مع كل دهون الجسم؛ أما إذا أردت أن تعرف كيف تستهدف دهون بطنك بشكل خاص، فتابعني في المقال القادم، سأدحض لك بعض الخرافات، وسأعرفك على قوانين حرق دهون البطن. وحتى وقتها؛ أنقذ جينزك، أو حاول شراء جينز أصغر!

شاركها.