الثلاثاء, مارس 19

محتويات

الرحمة في الإسلام وسيلة وغاية

الرحمة في الإسلام غاية ووسيلة، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)؛ فالدّين بكل أركانه رحمة للنّاس، ورسول الإسلام رحمة بذاته وبأسلوب دعوته، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، والله -تعالى- أخبرنا عن ذاته العلية فقال: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ووصف سعة رحمته؛ فقال: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، ورحمة الله -سبحانه- تغلب غضبه، وهذا من كرم الله تعالى على العباد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما خلقَ الله الخلقَ كتبَ كتابًا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتِي تغلِبُ غضبي) رواه البخاري ومسلم.

الرحمة في الإسلام ومظاهرها

  • وصف الله -تعالى- نبيِّنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام بأنّهم رحماء فيما بينهم؛ فقال سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)، وهذه دعوة للمسلمين جميعاً أنْ يُظهروا هذا الخلق العظيم في تعاملاتهم.
  • والرحمةُ من أعظم خِصال الإيمان، وأجلِّ أنواع الإحسان، وهي: رِقَّةٌ في القلب، تظهر ببذل الخير، والإحسان لخلق الله، ونفعِ الناس، وكفَّ الأذى عنهم.
  • جعل الله -تعالى- ثواب الرُّحماء من جنس عملهم؛ فتحلّ الرحمة عليهم، ومن رحِمَه الله لا يشقَى أبدًا، وقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرَّاحمون يرحَمُهم الرَّحمنُ، ارحَموا من في الأرضِ يرحمْكم من في السَّماءِ).
  • وتطيبُ الحياةُ، وتصلحُ بالتراحُم والتعاطُف بين أفراد المجتمع، وتُظْلِم الحياة بالعُدوان والقسوة وفُقدان التراحُم، وأخلاق المسلم تجعل منه إنساناً إيجابياً مع كلّ من حوله، فعن النُّعمان بن بشير أنّ النبي -عليه السلام- قال: (مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثَلُ الجسَد الواحد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسَّهَر والحُمَّى) رواه البخاري ومسلم.
  • الرحمةُ في الإسلام منطلق لعبادات كثيرة وسلوكيات عديدة، يتقرَّبُ بها المُسلمُ إلى الله تعالى في تعامله مع الناس، وفي الحديث: (ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلَّا زانَه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلَّا شانَه).

شمول الرحمة في الإسلام

  • العطف على الأطفال رحمة: فقد جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقال: أتُقَبِّلونَ صِّبْيانَكُمْ؟ فوَاللهِ ما نُقَبِّلُهُمْ؛ فقال النبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أَوَ أَمْلِكُ لكَ أنْ نزعَ اللهُ من قلبِكَ الرَّحْمَةَ؟ ‍، وقد جاء في الحديث: (ليسَ منَّا مَن لم يَرحَم صغيرَنا، ولم يوقِّر كَبيرَنا).
  • الشفقة على البهائم رحمة: حثّ الإسلام على الرّحمة مع البهائم المُعجمة التي لا تنطق فتطلب حاجتها، ولا تشتكي لتعرف ما بها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بينما رجلٌ يمشِي بطريقٍ اشتدَّ عليه العطشُ، فوجدَ بئرًا فنزلَ فيها فشرِبَ، ثم خرجَ، فإذا كلبٌ يلهثُ يأكلُ الثَّرَى من العطش، فقال الرجلُ: لقد بلغَ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغَ بي، فنزلَ البئرَ فملأَ خُفَّه ماءً ثم أمسكَه بفِيه حتى رَقِيَ فسقَى الكلبَ، فشكرَ الله له، فغفَرَ له، فقالوا: يا رسول الله! إنّ لنا في البهائِم أجرًا؟ فقال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ) رواه البخاري ومسلم.
  • الرحمة في الإسلام تشمل الطيور: فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال: كُنَّا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفَرٍ، فانطلقَ لحاجته. فرأينا حُمُّرة معها فرخَان، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الحُمُرة -وهي نوعٌ من الطير-، فجعلَت تعرِشُ وتُرفرِفُ، فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من فجِعَ هذه بولدَيْها؟ ردُّوا ولدَها إليها).

شاركها.