وداعا فوبيا المرتفعات أو الأكروفوبيا

وداعا فوبيا المرتفعات

عندما يعاني الفرد من مرض الخوف الزائد أو الأكروفوبيا والذي يحدث عند التواجد في الأماكن المرتفعة فهو أمر طبيعي يعيشه الآلاف مثله ويمروا بنفس المواقف التي يمر بها ويسبب هذا الخوف تأثيرا مباشرا على ممارسة حياتهم الطبيعية.

فوبيا المرتفعات تحور الغريزة الطبيعية في الإنسان

خوف الإنسان من المرتفعات تم إطلاق مصطلح أكروفوبيا عليه وهو مصطلح يوناني مثله كمثل أغلب المصطلحات النفسية ويرجع إلى نهايات القرن التاسع عشر وذلك عندما دمج أطباء علم النفس الكلمتين acron وتعني مرتفعات وكلمة phobos وتعني الخوف ليصبح المصطلح كما ذكرنا سابقا أكروفوبيا.

يعتبر الخوف من المرتفعات أمر شائع بشكل كبير حيث أنه يتسبب في الخوف والقلق لنسبة ليست بقليلة من البشر على سطح الأرض وهي ما بين 2% و5% فتوضح الدراسات أنه بين كل عشرون شخصا هناك شخص على الأقل يعاني من الأكروفوبيا، حيث على سبيل المثال في المملكة المتحدة مرض الأكروفوبيا يعاني منه 14% في سكانها وأغلبهم نساء بالرغم من وجود الكثيرين ممن يستمتعوا بالتواجد في أماكن مرتفعة وتسلق الجبال، لكن النسبة التي سبق ذكرها تتفادى تماما التواجد في مثل هذه الأماكن وتتفادى كل الأنشطة أو الرياضات التي تحتاج للتواجد في مرتفعات مثل التزلج على الجليد أو تسلق الجبال وقد يكون بالنسبة إليهم التواجد على التلال أو الشرفات العالية هو كابوس في حد ذاته.

تسبب الأكروفوبيا تأثير مباشرا على جميع الأنشطة الترفيهية التي قد تشحن طاقة الإنسان وتغير من مزاجه النفسي، لكن هناك بعض الحالات التي تعتبر متأخرة أو عميقة قد تتسبب الأكروفوبيا بمشاكل على حياتها اليومية وعدم إمكانية استمرارها بشكل طبيعي، فهناك على سبيل المثال بعض الحالات التي قد تتعرض لبعض الأعراض مثل الدوار أو الهلع عند القيادة على أماكن مرتفعة مثل الكباري أو الجسور المرتفعة، وهناك من يتعرض لحالات ذعر أيضا عند استخدامه للمصاعد الكهربائية الزجاجية أو السلم الكهربائي وهي أمور عادية جدا بالنسبة للأشخاص الطبيعيين.

 سيكولوجية الأكروفوبيا

هناك العديد من التحليلات والتفسيرات الطبية لمرض الأكروفوبيا ولكن التحليل الأقرب هو شدة الخوف والقلق من الوقوع أو السقوط أو التعرض لأي أذى أو الموت بسبب التواجد في الأماكن المرتفعة فيقوم الأطباء النفسيين بإلقاء اللوم في هذا الأمر على التفكير الداخلي الغير إيجابي للإنسان والذي يدفعه دائما للتفكير بالموت أو السقوط أو المرض ويحدث ذلك بشكل تلقائي وسريع وقد يكون بدون إدراك منه لذلك.

ومثل هذا المرض كمثل أغلب أنواع أمراض الرهاب الاجتماعي التي قد تحدث للإنسان بسبب التعرض لتجارب سيئة مثل التعرض لحوادث مرتبطة بالمرتفعات أو الأماكن العالية أو سقوطه من مكان عالي أو حتى مجرد رؤية الفرد لشخص يتعرض لمثل هذه الحوادث وهنا يظهر مرض الأكروفوبيا عن طريق اللاوعي الإنساني كشكل دفاعي يقوم به العقل لحماية جسم الإنسان ويمنعه من التعرض إلى تجارب أخرى وصدمات مماثلة لما حدث في الماضي وهو ما يزيد من شدة الخوف والرهاب من المرتفعات والأماكن العالية.

تتفاوت أشكال وأنماط الأعراض التي تصاحب مرض الأكروفوبيا على اختلاف حالة كل شخص والأسباب التي نشا عنها المرض وتطور فعندما يتواجد المريض في مكان مرتفع يقوم جسده بتطوير الأعراض المصاحبة للمرض والتي نجد من أهمها وأكثرها شيوعا هو القصور والخلل في التنفس سواء كان ذلك بزيادة التنفس أو ضيقه، وعدم انتظام نبضات القلب، والشعور بالتعرق والدوار وعدم القدرة على الحديث أو التفكير، كل تلك الأعراض تصاحبها أفكار غير واقعية وسلبية داخل نفس المريض مثل الموت أو السقوط أو التعرض إلى أي أذى جسدي مما يسبب عدم السيطرة على النفس نهائيا والانفصال عن الحالة الواقعية التي يعيشها المريض مما يجعله غير قادر على اتخذا أي قرارات صحيحة ويزيد من إمكانية تعرضه للخطر.

أعراض الأكروفوبيا

لا تختلف أعراض أمراض الفوبيا بشكل عام ولا يوجد فيها تفاوتا كبيرا، أما عن أعراض الأكروفوبيا فهي كالآتي:

  • الإحساس بالذعر والقلق الشديد وذلك لمجرد معرفة وجود أماكن مرتفعة وضرورة التواجد فيها لأي أسباب سواء كانت مهنية أو شخصية.
  • وجود بعض الأعراض التي تصاحب رهاب المرتفعات كالدوار وزيادة ضربات القلب وجود بعض الاضطرابات في المعدة وعدم الإمكانية على التنفس بشكل منتظم وقد يصل الأمر إلى أزمة نفسية أو نوبة هلع شديدة.
  • التفكير بشكل سلبي واسترجاع الوساوس المصاحبة للرهاب من المرتفعات مما يسبب ضعف التركيز والرغبة الشديدة في الابتعاد عن المكان بل واختلاق العذر للتخلص من الموقف بأي شكل.

علاج الأكروفوبيا

تتنوع أشكال وأنواع علاج الأكروفوبيا ولكن يعتبر العلاج المعرفي السلوكي هو الأهم والأقوى فيها ولا يقل عنه أهمية العلاج بتعريض الفرد لأسباب الرهاب التدريجي حيث يتم العلاج النفسي مع المريض عن طريق توكيل بعض المهمات التي ترتبط بالأماكن العالية للمريض وعن طريق متابعته سوف يصبح جليا أمام الطبيب النفسي معرفة أسباب الخوف والقلق لدى المريض والتعامل معها وعلاجها، وغالبا يحتاج الطبيب أو المعالج النفسي لزيادة عدد الجلسات مع المريض في أماكن مرتفعة حتى يعمل على تخفيض حدة الرهاب والخوف من المرتفعات لدى المريض أو المسبب للمرض وهو المرتفعات ليتمكن المريض من السيطرة على قلقه بشكل تدريجي.

وهنا تبدأ مرحلة الاسترخاء والتي تعتبر من أفضل الطرق التي يمكن علاج مرض الأكروفوبيا فيصبح الشخص قادرا على السيطرة على نفسه والاسترخاء في كل أشكاله كالاسترخاء للعضلات أو التحكم الكامل في التنفس أو مسألة التخيلات والانفصال عن الواقع التي يشعر بها عند تعرضه للرهاب من المرتفعات.

أهداف العلاج النفسي للأكروفوبيا

يعتبر الهدف من الاسترخاء الذي يمارسه مريض الرهاب من المرتفعات هو زرع العادي التعود لدى الفرد على السيطرة على ذاته وإمكانيته على تطبيق ذلك عند تواجده في أماكن مرتفعة وهنا يصبح تفكيره وعقله قادر على اتخاذ القرار السليم، وفي بعض الأحيان يصبح المريض قادرا على تطبيق منهج العلاج بالتعرض للرهاب بنفسه حتى يتمكن من علاجه مواجهة خوفه بشكل مباشر.

أما بالنسبة للعلاج المعرفي السلوكي فهو يتمحور حول اعتراف المريض بالسلبيات والمواقف التي تزيد لديه الشعور بالرهاب من المرتفعات فيبدأ المريض بالاسترخاء وبداية هيكلة الفكر الداخلي السلبي له وتعديله بأفكار جديدة إيجابية ترتكز على أساس ما يتوفر لديه من معلومات واقعية ودلائل سليمة تعود عليه بالتأكيد بالتخلص من الرهاب والخوف حيث يقوم العلاج المعرفي السلوكي بالدور الرئيسي للعلاج في هذه الحالة.

وهناك أيضا العلاج الدوائي ومضادات الاكتئاب والتي تقوم بتقليل أعراض هذا المرض وتثبيط القلق لدى المريض ويقوم بعض الأطباء بوصف بعض المهدئات للمرضى حتى تقلل من الأعراض الفسيولوجية للمرض مثل القلق والخوف الشديد وخلل التنفس وضربات القلب لكن لا يتم اللجوء لأيا من هذه الأدوية إلا بعد مراجعة الطبيب المعالج.أ

ومن الجدير بالذكر ان مرض الأكروفوبيا قد ينشأ بسبب الحفاظ الزائد على الأطفال وعدم محاولة تعرضهم إلى أي مواقف قد تكون طبيعية لمن هم في مثل سنهم لذا يجب توخي الحذر عند تربية الأطفال وعدم منعهم من ممارسة الأنشطة والمهارات المناسبة مع المرحلة العمرية التي يمروا بها حتى لا ينشأ لديهم أي أمراض نفسية أو رهاب اجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى