لم يكن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- مُلماً بأحوال المملكة الداخلية، ومهتماً بما يحدث في دول الجوار فقط، بل كان مُطلعا على ما يحدث في كافة أنحاء العالم، وذلك من خلال مترجمه الخاص عبدالله بلخير أول وزير للإعلام. وحكى سلطان بن يعرب بلخير، حفيد عبدالله بلخير، قصة عمل جده في غرفة صغير بقصر الملك، وملازمته للمؤسس بعدما كلفه – رحمه الله – بمهام تسجيل الأنباء العالمية، حيث كان يستمع لها عبر الراديو ويكتب الأخبار ويقرأها عليه.

اهتمام بالأخبار العالمية

وأضاف حفيد بلخير أن قصة التحاق جده بالعمل مع الملك المؤسس، كشفت مدى اهتمام الملك عبدالعزيز بالشأن الخارجي ومتابعة كافة الأحداث والتطورات، حيث قال: «كان جدي يعمل في مكتب عبدالله السليمان وكان يقرأ الصحف التي تأتي للسليمان، ومن ثم أصبح مسؤولا عن الأوراق التي يبعثها مكتب الزيت والمعادن للشيخ السليمان». واستطرد: «وبعد إحدى الرحلات ذهبوا ليتم وداع الملك عبدالعزيز، وكان السليمان يقدم للملك كل من رافقه من الأشخاص في مهمته، وفي طريق عودتهم إلى الطائف جاء رجل كبير في السن وأعطاه برقية نصها (من الملك عبدالعزيز إلى الشيخ عبدالله السليمان، إذا وصلتك برقيتي هذه في أي محل تكون فابعث الكاتب الموجود عندك عبدالله بلخير، ولا يأتي صباح غد وإلا هو عندي في المربع)، فالتفت جدي إلى الرجل حامل البرقية وهو أمير الدوادمي، فقال له (برقية من طويل العمر)، وأعطى جدي نسخة من البرقية، ولكل أمراء المناطق الذين في الطريق، يقول فيها الملك عبدالعزيز (إذا مرت عليكم سيارة ابن سليمان وفيها كاتبه، فعودوا بالكاتب عبدالله بلخير إلى عندنا)».

مقابلة الملك عبد العزيز -رحمه الله-

وتابع: «وصلوا مع طلوع الشمس باب المربع وهو القصر الملكي في الرياض، واستقبله الشيخ عبدالرحمن الطبيشي الذي كان على علم بالبرقية، فاتصلوا بالملك عبدالعزيز وأخبروه بأن كاتب ابن سليمان عند الباب، فطلب منهم أن يأتوا به، فذهب إلى الملك وانتظر عند الباب الداخلي حتى يخرج الملك بعد نصف ساعة، فأقبل بعد ذلك الملك عبدالعزيز، وكان ذاهبا حينها إلى قصر الديرة كعادته في كل ضحى مع من في معيته من الرجال، فقال له الملك عبدالعزيز (عسى ما أتعبناك)، فقال (أبدا طال عمرك، فهذه فرصة سعيدة)». وواصل بلخير حديثه: «فقال الملك المؤسس لجدي (الحقيقه نحن أتينا بك لأن عندنا موظفا في الإذاعة يسجل لنا الأخبار قد مرض وعرضنا عليه العلاج هنا، لكنه أصر على العلاج في الشام، ولأن الإذاعات مهمة عندي جئنا بك كي تجلس عندنا ريثما يبحث عبدالله بن سليمان عن موظف غيرك إذا كان بحاجة إليك، أو إن جزنا لك تجلس عندنا ونخبر السليمان أن يبحث عن أحد غيرك)”.

كيف كان يتابع الملك عبدالعزيز الأخبار العالمية ؟

وعن جواب جده على عرض الملك عبدالعزيز أوضح بلخير أنه رحب جدا، وقال جدي “يا طويل العمر هذي فرصة عمري أن أكون في خدمتك، وسيكون عبدالله السليمان أسعد الناس أن يحل أحد كتبته في هذا المحل ليخدمكم”، فابتسم الملك قائلا “إذا نحن نكتب له ليدبر نفسه وتبقى أنت عندنا، قم معي الآن إلى الديرة لنسلمك عملك ومكتبك، حيث سيخبرونك عن طريقة ممارسة عملك وكيف تعرض لنا الأخبار”.

وأشار إلى أن جده عبدالله بلخير تسلم عمله مسؤولا عن جميع الإذاعات التي تبث من خمس محطات تذيع صباحا أو ظهرا وعصرا وفي المساء، وتم توجيهه بالحرص على تسجيل كل ما تذيعه وتتم كتابته، ويقرأ على الملك حسب الترتيب، حيث كان يحضر بأوراقه لعرضها وقراءتها على الملك عبدالعزيز مع زملائه المشاركين له في أداء مثل هذه المهمة، إذ كانوا يجيئون للملك في فترة المساء التي يجلس فيها بعد صلاة العشاء مساء كل ليلة حول الملك الأمير عبدالله بن عبدالرحمن أخوه، وابنه الأمير سعود – رحمهما الله-، ثم كبار مستشاريه ورؤساء شعب الديوان الملكي، وموظفو الشعبة السياسية، ومسجلو وكتاب الإذاعات العالمية، ويقوم كل واحد من هؤلاء في تلك الجلسة بعرض عمله على مسمع وأنظار الملك عبدالعزيز، ويستمعون كلهم لما يقرأ وما يعرض على مدار الساعة في الأمور الخارجية والداخلية للبلاد”.

شاركها.