عندما نتحدث عن أمور السحر الأسود وما له علاقة بها، يندرج في عقولنا إسمٌ مألوف لأحد أكثر الكتب شراً في التاريخ وهو كتاب العزيف أو النيكروميكون كما عُرف على مر العصور، وكان أول من لفت الإنتباه للكتاب بعد أن تم طمسه خوفاً على البشرية مما يحتويه من شرور عظيمة هو مؤلف قصص الرعب الأمريكي “H. P. Lovecraft”، وبدأ ذكره في رواية الرعب بدءًا من رواية “The Hound”.

وكانت رواية “The Hound” تدور حول تميمة ملعونة منقوش عليها أحد أشر الكائنات الضارية في التاريخ، والتي ذُكرت في كتاب عبد الله الحظرد النيكروميكون، وكانت هذه بداية الإشار للكتاب ولذلك إعتقد البعض أن الكتاب مع هو إلا من وحي خيال الكاتب، بينما تتبع البعض آثار كتاب العزيف ونسخته الأخيرة التي تحتفظ بها الفاتيكان كأحد أشر الكتب على مر العصور إلى يومنا هذا، فهل هو حقيقة أم من وحي الخيال؟

كتاب العزيف
كتاب العزيف

مؤلف كتاب العزيف

عُرف عن عبد الله الحظرد كونه من السحرة وأنه كاتب يمني، كما عُرف بجنونه المطلق ومعتقداته التي لا أساس لها من الصحة، ولا تمت للواقع بصلة، فقد كان يردد أنه يرى الكائنات القديمة التي سكنت الأرض قبل مجيء البشرية والتي عُرفت بجبروتها وقدراتها اللامحدودة، وأنه يستمد منها المساعدة والعون في معرفة تاريخ البشرية الذي لم يتوصل إليه أحد حتى الآن.

كما زعم أنه كان على يستمد معرفته عن خبايا وأسرار الشعوب السابقة الأكثر غموضاً والأقوام الذين نسفوا من على وجه الأرض مثل قوم عام، ومدينة إرم ذات العماد العظيمة التي لم يخلق مثلها في البلاد، والتي ما زالت سر مدفون في خبايا الأرض حتى الآن لم يتمكن شخصٍ من إكتشافها.

كيف توصل عبد الله الحظرد لتأليف كتاب العزيف؟

كان عبد الله الحظرد يهتم بتاريخ الحضارات القديمة وما أصابها من فواجع غامضة إلى أن إندثرت تماماً ولم يعد لها أثراً، ولذلك كان يستخدم السحر الأسود الخاص بإستدعاء ملوك العالم السفلي وإستحضار الموتى، فقد كان يزعم أن كوكبنا الذي نعيش عليه اليوم كان ملكاً لكائنات عظيمة ذات قدرات طاغية مدمرة، وأنهم عائدون لإسترداد ما كان ملكهم.

وكان يزعم أنه يتحدث لغاتهم المختلفة ولذلك يستطيع التواصل معهم، وقضى عبد الله الحظرد عدة سنوات وحده يتجول في عدة مناطق بصحراء الربع الخالي، والتي تُعرف بكونها من الأماكن الخالية من مظاهر الحياة، وهناك تمكن من تأليف كتاب العزيف أو النيكرونوميكون كما أُطلق عليه في اللغة الإغريقية واللاتينية، وأُطلق عليه بعدها أسماء عديد منها كتاب الموتى وكتاب قانون الموتى.

كتاب النيكرونوميكون حقيقة أم خيال

بالرغم مما تم تداوله عن كون الكتاب أسطورة من وحي الخيال، إلا أنه تُرجم للغتين اللاتينية والإغريقية، وعندما تم تداوله تسبب بفواجع حقيقية ودمار لحامليه، ولذلك حرمت السلطات تداوله وإعتبرته من الكتب المحرمة والتي ينبغي إحراقها لما يحتويه من شر عظيم، وقوة مدمرة لا تحتملها البشرية.

وإحتفظت مكتبة الفاتيكان بالنسخة الأخيرة من الكتاب بإعتباره من أشر الكتب في التاريخ، وبالرغم من حمايته المشددة إلا أن الساحر الأمريكي “آليستر كراولي” تمكن من الحصول على بضعة صفحات من الكتاب بشكلٍ ما، وإستخدم بعضٍ من محتوى الصفحات ليدعي أنه يرى مخلوق يُدعى بـ ايواس، وهو ملاك تابع لـ حورس، وأنه أملى عليه ما أطلق عليه بـ “كتاب القانون”، وكان بمثابة دعوة جديدة للإنحلال والإنسياق خلف رغبات الإنسان دون رقيب، وإستلهم الفكرة من كتاب العزيف.

وقد تم طرد آليستر كراولي من عدة دول بسبب إشتباهه في قتل الأطفال وتقديمهم كضحايا قرابين لمواكبة طقوسه السوداء إعتماداً على أسلوب الحظرد في كتابه لإستحضار الموتى، إيماناً بعودة حورس وما هي إلا طقوس شيطانية إفتعلها مجموعة من المتأثرين بالحضارات الوثنية والصابئة.

المقصود بالعزيف

العزيف هو أصوات الحشرات والكائنات الليلة التي يمكن سماعها بوضوح، بقينما عرفها العرب القدامى بأنها أصوات الجن وكائنات العالم السفلي، وإستلهم عبد الله الحظرد إسم كتابه أثناء المدة التي قضاها في صحراء الربع الخالي وحده، بينما كان يجوب بحثاً عن مدينة النبي عاد عليه السلام مدينة إرم، والتي تم تداول أخبارها بين الحضارات بأنها كانت تقع بموقع صحراء الربع الخالي.

ونظراً لكون الساحر الحظرد مهتماً بمعرفة تاريخ الشعوب والحضارات السابقة، وتعلم خلال جولاته في بلاد العالم المختلفة العديد من اللغات والثقافات، ولكنه زعم بأنه رأى مدينة إرم وساعده على ذلك ملوك العالم السفلي من الكائنات السابقة.

السحر الأسود
السحر الأسود

محتوى كتاب العزيف أو النيكرونوميكون

نظراً لولع عبد الله الحظرد بالتاريخ القديم والحضارات السابقة، فقد إهتم بإستحضار الموتى وإستجوابهم، كما إستخدم ملوك العالم السفلي في أبحاثه ذاكراً في كتابه أسماء ملوك الجان وقدارت كلٍ منهم في سطور مفصّلة بدقة، وما جعل الكتاب شراً مستطيراً هو أنه ذكر أيضاً كيفية إستحضارهم والتحكم بهم، ولذلك إستُهدف الكتاب للعديد من الأعمال المشينة والتي أدت لكوارث حقيقية، مما تتطلب من السلطات في هذا العصر وتحديداً بالعصر الأموي عام 700 م لإحراق الكتاب وتحريم وتجريم تداوله.

يضم الكتاب عدد من الطلاسم الخاصة بطقوس السحر الأسود وإستحضار الكيانات العظيمة القديمة التي تحدث عنها الحظرد، فقد كان يؤمن بأن البشر ليسوا الجنس الوحيد الموجود بالكون وأن كل النجوم ما هي إلا شموس يتبعها عدد من الكواكب يعيش عليها كائنات جبارة، وما الجنس البشري إلا ذرة في محيط مليء بالأجناش الأقوى، والتي لها القدرة على قبع وطمس الجنس البشري بأكمله.

كان الكتاب يضم أيضاً مجموعة من صور الكائنات التي وصفها الحظرد مرسومة ومنقوش عليها عدة رموز خاصة بالسحر الأسود، والمتداولة إلى حدٍ كبير على المواقع الإلكترونية من محبي الإثراء الثقافي.

مصير الحظرد مؤلف كتاب العزيف

بينما كان الحظرد يتجول في دمشق يقول العديد ممن شاهدوا الحادثة أنه كان يهيم في الشوارع يتحدث بجنون إلى أن ظهر كائن مخفي إبتلعه أمام العامة، وكانت هذه هي نهاية جنون الحظرد، وقد لاقى كل من إمتلك الكتاب أو صفحاتٍ منه نهاية مفجعة وموتٌ مأساوي بطرق مفجعة، ولذلك بعد أن تُرجم الكتاب للغتين اللاتينية والإغريقية تم حرق النسخ الموجودة منه تماماً والتخلص منه إلى أن ظهرت مجدداً بعض الصفحات منه والتي أضاف إليها آليستر كراولي جنونه أيضاً، وإنتهى الجنون المتعلق بكتاب العزيف، إلى أنه ظهر مجدداً في رواية لافكرافت “The Hound”، والذي يزعم أن كتاب العزيف ومؤلفه “الحظرد” ما هو إلا من وحي خياله، وأنه إستُلهم إسمه من أحد أقاربه الذي كان يسمى Hazard.

من المهم التنويه بأن التعمق بأمور السحر الأسود ما هي إلا شركٌ عظيم، ولذلك نهانا الله تعالى عن اللجوء للسحر الأسود لما يحمله من شرور للنفس والبشرية، ونتناول هذه المعلومات بغرض إثراء للمعرفة والثقافة وليس بغرض التعمق والتأثر، وعفانا الله وإياكم شر السحر وما يرتبط به ويتبعه من أذى.

شاركها.