كيف تصنع ثروة

كيف تصنع ثروة ؟

إن رغبت أن تصبح ثريًا، كيف ستفعل ذلكَ؟ أعتقد أن أفضل رهان لديكَ سيكون أن تبدأ أو تنضم إلى شركة ناشئة، كانت هذه طريقة جديرة للثقة لتصبح ثريًا لمئات السنين. إن كلمة “شركة ناشئة” تعود إلى الستينات، ولكن ما يحدث في أحدها يشبه إلى حد كبير الرحلات التجارية التي تدعمها المغامرة في العصور الوسطى.

كيف تصنع ثروة

عادة ما تتضمن الشركات الناشئة التكنولوجيا، لدرجة أن مصطلح “الشركات الناشئة ذات التكنولوجيا الفائقة” تكاد تكون مكررة. الشركة الناشئة هي شركة صغيرة تتولى التعامل مع مشكلة فنية صعبة.
كثير من الأشخاص يصبحون أثرياء، ولا يعرفون شيئًا أكثر من ذلكَ. لست بحاجة لأن تفهم الفيزياء لتكون رامٍ جيد في البيسبول، ولكن أعتقد أن قد يمنحكَ هذا ميزة فهم المبادئ الأساسية.
لماذا يجب أن تكون الشركات الناشئة صغيرة؟ هل ستتوقف الشركة الناشئة حتمًا في أن تكون شركة ناشئة حينما يكبر نشاطها؟ وأيضًا لماذا يعملون كثيرًا على تطوير التكنولوجيا الجديدة؟ لماذا تبيع كثير من الشركات الناشئة الأدوية الجديدة وبرامج الحاسوب، ولا يوجد أي شركة ناشئة تبيع زيت الذرة أو منظفات الغسيل؟

الافتراض:

من الناحية الاقتصادية، يمكنكَ أن تفكر في الشركة الناشئة كوسيلة لضغط حياتكَ العملية بأكملها إلى قليل من السنوات. بدلًا من العمل بمجهود قليل لمدة أربعين عامًا، تعمل بجد قدر المستطاع  لأربعة أعوام وحسب. هذا يجدي بشكل جيد للغاية في التكنولوجيا، حيث يمكنكَ أن تربح مقابل  العمل السريع بشكل ممتاز

هنا مخطط مختصر للافتراض الاقتصادي، إن كنت متسللًا جيدًا للحاسوب في منتصف العشرينات، يمكنكَ أن تحصل على وظيفة راتبها 80000 دولار سنويًا، لذا كمتوسط يجب أن يكون متسلل الحاسوب قادرًا على القيام بعمل سنوي للشركة بقيمة لا تقل عن 80000 دولار لأجل نقطة التعادل وحسب. يمكنكَ أن تعمل ضعف عدد ساعات عمل موظف في الشركة، وإن قمت بالتركيز محتمل أن يمكنكَ أن تنجز ثلاثة أضعاف ما تنجزه خلال الساعة.
عليكَ أن تحصل على مُضاعف من اثنين، على الأقل للتخلص من احتكاكَ مديرك المتوسط ذو الشعر المستعار الذي يفترض أن يكون رئيسكَ في شركة كبيرة. وهناكَ مُضاعف آخر: ما مدى تفوق ذكائكَ بالنسبة لما يتوقعه الوصف الوظيفي الخاص بكَ؟ لنفترض مُضاعفًا آخر من ثلاثة، بالدمج بين كل هذه المضاعفات ولتفترض أن يمكنكَ أن تكون أكثر إنتاجية 36 مرة  مما يتوقع أن تكون في وظيفة عشوائية لشركة.
إذا كان متسلل الحاسوب يستحق بإنصاف 80000 دولار سنويًا في شركة كبيرة، إذًا فإن متسلل الحاسوب الذكي الذي يعمل بجد بدون أي مشاكل شركات تافهة تبطئ عمله لابد أن يكون قادرًا على القيام بأعمال تستحق حوالي 3 مليون دولار سنويًا.
مثل جميع الحسابات الاحتياطية، يحتوى هذا على كثير من الافتراضات. لن أحاول الدفاع عن الأرقام الحقيقية لكن سأدعم الهيكل الحسابي. لن أفترض أن تكون المضاعفة 36 بالضبط، لكنها بالتأكيد ستكون أكثر من 10 ومحتمل أن تصل في الحالات النادرة حتى 100.
إن يبدو أن مبلغ 3 مليون دولار سنويًا مرتفعًا، تذكر أننا نتحدث عن حالة محددة: ليست حالة ألا يكون لديكَ وقت فراغ وحسب، ولكن أن تعمل بجد أيضًا حتى تعرض صحتكَ للخطر.
الشركات الناشئة ليست سحرًا، إنهم لا يغيرون قوانين صنع الثروة، إنهم يمثلون وحسب نقطة في النهاية البعيدة للمنحنى. هناكَ قانون للمحافظة على العمل هنا: إن أردت أن تربح مليون دولار، عليكَ أن تتحمل ألم أن تربح مليون دولار. على سبيل المثال: إحدى الطرق للحصول على مليون دولار سيكون العمل في مكتب بريد طوال حياتكَ وأن توفر كل بنس من راتبكَ. تخيل ضغوط العمل لدى مكتب بريد لمدة خمسين عام. في الشركة الناشئة تضغط كل هذه الضغوطات خلال ثلاث أو أربع سنوات. أنتَ تميل أن تحصل على خصم كبير محدد إن اشتريت ألم من الحجم الاقتصادي، لكنكَ لا تستطيع أن تهرب من قانون الحفظ. إن كان إنشاء شركة ناشئة أمرًا سهلًا، كان الجميع سيفعل هذا.

ملايين وليست بلايين:
قد تبدو 3 ملايين مرتفعة بالنسبة للبعض، وقليلة بالنسبة لآخرين. ثلاثة ملايين؟ كيف يمكنني أن أصبح ملياردير، مثل بيل جيتس؟
دعنا لا نتحدث عن بيل جيتس الآن. أن تتخذ المشاهر كأمثلة ليست فكرة جيدة، لأن الصحافة عادة ما تتحدث فقط عن الاستثنائيين الأكثر ثراء. بيل جيتس رجل ذكي ذو عزم قوي، يعمل بجد، لكنك ستحتاج لأكثر من هذا لتجني نفي المال الذي يجنيه. يجب أن تكون محظوظاً للغاية أيضاً.
هناك عامل عشوائي كبير في نجاح أي شركة. لذا الرجال الذين تقرأ عنهم في الصحف هم الأذكياء جداً، المتفرغون لعملهم، الذين يربحون في اليانصيب. بالتأكيد بيل ذكي ومتفرغ لعمله، لكن مايكروسوفت استفادت من أكبر الأخطاء الفادحة في تاريخ التجارة: صفقة ترخيص الدوس. لا شك أن بيل قد بذل كل ما بوسعه لدفع شركة آي بي إم للوقوع في هذا الخطأ، وقام بعمل ممتاز في استغلاله، لكن لو كان هناك شخص واحد عاقل في آي بي إم لكان مستقبل شركة مايكروسوفت مختلفاً جداً. في تلك المرحلة كان لمايكروسوفت نفوذ ضئيل على آي بي إم. كانوا مورد معتمد فعال للمواد. إذا احتاجت آي بي إم لرخصة حصرية، كما كان ينبغي أن يحدث، لكان من الأفضل لمايكروسفت توقيع العقد أيضاً. لظل الأمر يعني الكثير من الربح بالنسبة لهم، ولكان من السهل على آي بي إم الحصول على نظام تشغيل من مكان آخر.
بدلاً من انتهاء الأمر بشركة آي بي إم تستخدم كل قوتها في السوق لتمنح مايكروسوفت تحكماً في معايير الحاسوب الشخصي. منذ تلك النقطة، كل ما كان يتوجب على مايكروسفت فعله هو التنفيذ. لم تكن مضطرة أبداً للمخاطرة باتخاذ قرار جريء. كل ما توجب عليها فعله هو العمل جديًا على التراخيص ونسخ المزيد من المنتجات الجديدة بسرعة معقول.
لو لم ترتكب آي بي إم ذلك الخطأ، لظلت مايكروسفت شركة ناجحة، لكن لما نمت بهذا الشكل بتلك السرعة. لكان بيل جيتس غنياً، لكن ضمن 400 شخص في قائمة أغنى رجال أعمال أمريكا مع الرجال الآخرين المماثلين له في العمر.
هناك العديد من الطرق لتصبح غنياً، وهذا المقال عن طريقة واحدة فقط منهم. هذا المقال عن كيفية ربح المال عن طريق صنع ثروة والحصول على المال مقابل ذلك. هناك العديد من الطرق الأخرى لجني المال، من ضمنها الصدفة، والمضاربة في البورصة، والزواج، والميراث، والسرقة، والابتزاز, والاحتيال، والاحتكار، والكسب غير المشروع، والضغط، والتزوير، والخداع. أغلب الثروات الضخمة غالباً ما ترجع إلى العديد من تلك الأسباب.
ميزة صنع الثروة، لتصبح غنياً، ليس فقط أنها طريقة شرعية (العديد من تلك الطرق غير قانوني الآن) لكنها مباشرة أكثر أيضأً. كل ما يتوجب عليك هو فعل شيء يريده الناس.

المال ليس الثروة
إذا أردت أن تصنع ثروة فسيساعدك ذلك على فهم الأمر. الثروة ليست نفسها المال، فالثروة قديمة قِدم تاريخ الانسان بل أقدم بالحقيقة، فعلى سبيل المثال النمل يملك الثروة، والمال اختراع حديث نسيًا.
الثروة هي الشيء الأساسي، حيث تمثل الشيء الذي نحتاجه، مثل: الطعام والملابس والمنازل والسيارات والمعدات السفر لأماكن شيّقة وما إلى ذلك. يمكنك الحصول على الثروة دون امتلاك المال، فإذا كنت تملك آلة سحريّة يمكنها قيادة السيارة لك أو طهي الطعام أو غسل الملابس أو فعل أي شيء آخر تريده فلن تكون بحاجةٍ للمال. حيث أنك لو كنت بوسط القارة القطبية الجنوبية، حيث لا يتواجد ما يمكن شراؤه، فلن يهم مقدار المال الذي تملكه.
الثروة هي الشيء الذي تريده وليس المال، ولكن إذا كانت الثروة هي الشيء الأهم فلمَ يتحدث الجميع عن جمع المال؟ هذا نوع من الاختصار: المال هو وسيلة لتحريك الثروة وفي الممارسة العملية غالبًا ما يحل أحدهما محل الآخر ولكنهما ليسا ذات الشيء. ومالم تنتوون الثراء عن طريق تزييف العملات، فإن الحديث عن كسب المال يمكن أن يجعل الفهم لكيفية جني المال أكثر صعوبـةً.
المال هو أحد الآثار الجانبية للتخصص، حيث أنه بمجتمع متخصص فمعظم الأشياء التي تحتاجها لا يمكنكَ صنعِها بنفسكـ فإذا كنت تريد البطاطس أو قلمًا رصاصًا أو مكانًا للعيش فيه فسيتوجب عليكَ الحصول عليه من شخصٍ آخر.
كيف يمكنك الوصول للشخص الذي يزرع البطاطس ليُعطيك البعض؟ عن طريق منحه الشيء الذي يريده بالمقابل، ولكنك لا تستطيع الصول لأبعد الحدود عن طريق تداول الأشياء بشكلٍ مباشر مع من يحتاجون إليها. فعلى سبيل المثال غذا كنت تعمل بصناعة الكّمان ولا أحد من المزارعيّن المحليين يريد كمانًا، فكيف ستأكل أنت؟
إن الحل الذي تجده المجتمعات بينما تصبح أكثر تخصصًا، هو تحويل التجارة لعملية مكونة من خطوتين فبدلاً من مبادلة الكّمان مباشرة بالبطاطس فأنت تبادل الكّمان على سبيل المثال بالفضة التي يمكنك بعد ذلك مبادلتها بأي شيء تحتاجه. فيمكن أن تكون الأشياء الوسيطة (وسيلة التبادل) أي شيءٍ نادر وقابل للنقل. تاريخيًا، كانت المعادن هي الأكثر شيوعًا ولكن في الآونـة الأخيرة كنت نستخدم وسيلة للتبادُل تُسمى “دولار” غير موجودة فعليًا وهي تعمل كـ “وسيلة للتبادُل” لأن نُدرتها مضمونة من قِبل حكومـة الولايات المتحدة الأمريكيـة.
ميزة وسيلة التبادُل هي أنها تُفعِّل التجارة والعيب هو أنها تميل لإخفاء ما تعنيهُ التجارة حقًا. يعتقد الناس أن ما يفعله العمل التجاري هو كسب المال، ولكن المال هو مجرد مرحلة وسيطة فحسب – مجرد اختصار- لكل ما يريده الناس. ما تقوم به معظم الأعمال فعليًا هو صناعة الثروة. إنهم يقومون بشيء يريده الناس.

مغالطة الفطيرة
عدد مذهل من الناس يعتقدون من الطفولة بفكرة وجود كمية ثابتة من الثروة بالعالم. يوجد بكل عائلة بالعالم مبلغًا ثابتًا من المال بأي لحظة، ولكن هذا ليس الشيء ذاتـه.
عندما يتم الحديث عن الثروة بهذا السياق غالبًا ما يتم وصفها كـ”فطيرة” . السياسيون يقولون أنه “لا يمكنك جعل الفطيرة أكبر”. فحينما تتحدث عن كمية المال في الحساب المصرفي لإحدى العائلات أو عن كمية الأموال المتاحة لحكومة ما من عائدات الضرائب لمدة عام فإن ذلك صحيح. فإذا حصل شخص ما على مبلغٍ أكبر فسيحصل شخص آخر على مبلغٍ أقل.
يمكنني تذكر اعتقادي كطفل، أنـه إذا كان هناك عدد من الأثرياء يملكون كل المال، فإن ذلك قد ترك مالاً الأقل للبقية. على ما يبدو أن هناك العديد من الناس مازالوا يصدقون شيئًا كهذا وهم بالغون. وغالبًا ما تحدث هذه المُغالطة الفكريـّة عندما تسمع أحد الأشخاص يتحدث عن كيف أن نسبة س% تملك نسبة مئوية ما من ثروة العالم. فإذا كنت تُخطط للبدء بشركةٍ ناشئة، فحينئذٍ سواء أكنت مدركًا لذلك أم لا فأنت تقوم بدحض “مُغالطة الفطيرة”.
ما يُضلل الناس هنا هو تجريّد المال، فالمال ليس ثروة بل هو مجرد شيء نستخدمه لنقل الثروة. وعلى الرغم من أن يمكن أن يكون هناك في لحظاتٍ معينة (مثل عائلتكَ هذا الشهر) مبلغًا ثابتًا من المال متاح لإمكانية تبادله بين أشخاص آخرين لأجل الأشياء التي تريدها، إلا أنه لا يوجد مقدارً ثابتًا من الثروة بالعالم. يمكنكَ كسب المزيد من الثروة، فالثروة تم صُنعِها وتدميرها (ولكن على أساس التوازن والابتكار) على مر مراحل التاريخ البشري.
لنفترض أنك تمتلك سيارة قديمة مُدمرة، فبدلاً من الجلوس والاسترخاء بالصيف القادم، يمكنك قضاء ذلك الوقت في إعادة سيارتكَ لحالتها الأصلية وبقيامك بذلك تقوم بابتكار ثروة. فالعالم هو –وأنت على وجه الخصوص- واحدة من السيارات القديمة البدائية الأكثر ثراءًا، ليس فقط بطريقة مجازيـة، فإذا قمت ببيع سيارتكَ فستحصل على المزيد لذلك.
باستعادتكَ لسيارتكَ القديمة تجعل من نفسك أكثر ثراءً ولم تُزيد من فقر أحدهم. لذلك، من الواضح أنه لا توجد “نظرية فطيرة ثابتة” وعند النظر للأمر بهذه الطريقة تتساءل، لمَ سيعتقد أحدهم بأنه كان هناك مثل تلك النظريـة؟
الأطفال يعرفون دون أن يدركوا بأنهم يعرفون كيف بإمكانهم صُنع ثروة، فإذا كنت بحاجة لإعطاء أحدهم هدية وأنت لا تملك أية أموالٍ فستقوم بصنع هديةً. ولكن الأطفال سيئون للغايـة بصنع الأشياء التي يعتبرونها هدايا منزلية الصنع لتكون مختلفة ورديئة نوعًا ما عن تلك التي يشترونها من المتاجر، مجرد تعبير يُضرب به المثل عن ذلك الفكر يُعتد به. وبالفعل، فإن طفايات السجائر المُقعرة التي صنعناها لأجل والدينا لم تملك الكثير من أسواق إعادة البيع.

أصحاب الحِرف

في الغالب الأشخاص الذين يدركون أن الثروة يمكن أن تُصنع، هم الذين يجيدون صنع الأشياء، إنهم أصحاب الحِرف. إن الأشياء التي صنعوها يدويًا تصبح مشتراة في المتجر. ولكن مع تقدم التصنيع، قلَّ أصحاب الحِرف بالتدريج. إن واحدة من أكبر المجموعات المتبقية هم مبرمجي الحاسوب.
يمكن للمبرمج الجلوس أمام الحاسوب وصُنع ثروة. إن برنامجًا جيدًا يُعدُّ – في حد ذاته – شيئًا ثمينًا. لا يوجد تصنيع لإرباك المسألة. تلك الرموز التي تكتبها هي منتج كامل ونهائي. إذا جلس أحدهم وكتب متصفح ويب ليس سيئًا (هذه فكرة جيدة، بالمناسبة)، سيكون العالم أكثر ثراءً بكثير.
جميع من في الشركة يعملون معًا لصُنع الثروة، بمعنى عمل المزيد من الأشياء التي يريدها الناس. يعمل الكثير من الموظفين (على سبيل المثال، الأشخاص في غرفة البريد أو قسم شؤون الموظفين) على إزالة واحدة من عمليات صنع الأشياء الفعلية. ليس هذا هو الحال مع المبرمجين. إنهم يعتقدون حرفيًا أن المنتج هو سطرٌ واحدٌ في المرة. وبالتالي من الواضح للمبرمجين أن الثروة هي شيء يُصنع، بدلاً من أن يتم توزيعه مثل قطعٍ من الفطيرة، من قِبل أبٍ خيالي.
من الواضح أيضًا للمبرمجين أن هناك اختلافات كبيرة في معدل صُنع الثروة. في شركة فياويب كان لدينا مبرمج كان نوعًا ما وحش الإنتاجية. أتذكر أنني كنت أشاهد ما فعله في يومٍ طويلٍ ويمكنني أن أخمن أنه أضاف مئات الآلاف من الدولارات إلى القيمة التسويقية للشركة. يمكن لمبرمج كبير، على سبيل المثال، أن يصنع ثروة تُقدر بمليون دولار في غضون أسابيع قليلة. أما المبرمج المتوسط في خلال نفس الفترة سيصنع صفرًا أو حتى أنه سيصبح مدينًا (على سبيل المثال عن طريق تقديم البرامج الضارة).

لهذا السبب إن الكثير من أفضل المبرمجين ليبراليين. في عالمنا، إما أن تغرق أو أن تطفو، ولا يوجد أعذار. عندما نستبعد هؤلاء الذين ابتعدوا عن صُنع الثروة، أي الطلاب الجامعيين والمراسلين والسياسيين، فإن أغنى 5٪ من الشعب الذين لديهم نصف الثروة الإجمالية، يميلون إلى التفكير في الظلم! إن مبرمج ذو خبرة سيفكر على الأرجح هل هذا كل شيء؟ من المحتمل أن يُنشئ أفضل 5٪ من المبرمجين 99٪ من البرامج الجيدة.
يمكن صُنع الثروة دون أن يتم الترويج لها. وقد تبرع العلماء، على الأقل حتى وقتٍ قريبٍ، بالثروات التي أوجدوها. نحن جميعًا أكثر ثراءً لأننا نعرف البنسلين، لأننا أقل عرضةً للوفاة بسبب العدوى. الثروة هي ما يريده الناس، وبالتأكيد ليس الموت شيئًا نريده. غالبًا ما يتبرع المخترقون بعملهم عن طريق إنشاء برامج مفتوحة المصدر يمكن لأي شخص استخدامها مجانًا. أنا أكثر ثراءً لمعرفتي بنظام التشغيل فري بي ‌إس ‌دي الذي أقوم بتشغيله على جهاز الكمبيوتر الذي أستخدمه الآن، وكذلك شركة ياهو، التي تقوم بتشغيله على جميع الخوادم الخاصة بهم.

ماهية الوظيفة:
في الدول الصناعية،  ينتمي الأشخاص إلى مؤسسة  أو أخرى على الأقل حتى يصلوا إلى العشرينات من عمرهم. بعد كل تلك الأعوام، تكون قد اعتدت على فكرة انتمائك إلى مجموعة ما من الأشخاص الذين يستيقظون جميعًا بالصباح ذاهبين إلى مجموعة ما من المباني، ويقومون بأمورٍ عادةً لا يستمتعون بفِعلها. الانتماء إلى مجموعة كهذه يُصبح جزءًا من هويتك: الاسم، والعمر، والدور، والمؤسسة
إن كان عليك تقديم نفسك، أو يقوم أحدهم بوصفِك، فسيكون الأمر كالتالي: جون سميث يبلغ من العمر عشرة أعوام، طالب بمدرسة كذا وكذا الابتدائية، أو جون سميث البالغ من العمر عشرون عامًا، طالب بكلية كذا وكذا.
عندما يُنهي جون سميث جامعته، من المتوقع أن يحصل حينها على وظيفة، وما يعنيه الحصول على وظيفة هو الانضمام إلى مؤسسة أخرى. ظاهريًا، الأمر يُشبه الكلية كثيرًا.
تختار الشركات التي تود العمل بها، وتقدّم للانضمام لها. إن أُعجبت بك شركة منهم، تُصبح عضوًا بتلك المجموعة الجديدة حيث؛ تستيقظ بالصباح ذاهبًا إلى مجموعة ما من المباني، وتقوم بأمورٍ عادةً لا تستمتع بفِعلها.
هناك القليل من الاختلافات: لم تعُد الحياة ممتعة للغاية، ويتم الدفع لك بدلًا من أن تدفع أنت كما يحدث بالكلية، لكن أوجه التشابه أكثر من الاختلافات بكثير.
جون سميث أصبح الآن بالثانية والعشرين من عمره، مطوّر برامج بمؤسسة كذا وكذا.

في الحقيقة، حياة جون قد اختلفت أكثر مما يدرك… اجتماعيًا، تبدو الشركة مشابهة جدًا للكلية، لكن كلما تعمّقت في الواقع الضِمنيّ، كلما اختلف الأمر أكثر.
ما تفعله الشركة، وما عليها أن تفعله كي يستمر وجودها، هو جني المال، والطريقة التي تستخدمها أغلب الشركات في جني المال هو تكوين ثروة.  يمكن للشركات أن تكون متخصصة للغاية لدرجة اختفاء هذا التشابه، لكن ليست الشركات الصناعية فقط هي من تكوّن الثروة.
يُعد الموقع مكّون كبير من مكونات الثروة. أتتذكّر الآلة السحرية التي يمكنها صناعة السيارات من أجلك وطهو العشاء لك وهلم جرا؟ لن تكون مفيدة لهذه الدرجة إن سلّمت عشاءك إلى موقع عشوائيّ في آسيا الوسطى.
إن كانت الثروة تعني ما يريده الناس، فإن الشركات التي تحرك الأشياء تكوّن ثروة أيضًا. كما هو الحال بالنسبة للعديد من أنواع الشركات، والتي لا تفعل أي شيء ماديّ. فتقريبًا تتواجد جميع الشركات للقيام بشيء يريده الناس.
وهذا ما تفعله أيضًا عندما تذهب للعمل في شركة ما، لكن هنا توجد طبقة أخرى تميل إلى حجب الواقع الضمنيّ؛ حيث تجد أن العمل الذي تقوم به في الشركة يُقسّم على عدد كبير من الأشخاص.
ربما لا تدرك حتى أنك تفعل شيئًا يريده الناس فقد تكون مساهمتك به غير مباشرة، لكن الشركة ككل يجب أن يعطوا الناس ما يريدونه وإلّا لن يجنوا أي مال، وإن كانوا يدفعون لك “س” دولارًا بالعام، إذًا في المتوسط، عليك أن تساهم بمبلغ لا يقل عن “س”دولارًا بالعام من العمل، وإلّا ستنفق الشركة أكثر مما تجني وستتوقف عن العمل.
شخص ما يتخرج من الكلية ظانًا أو قيل له أنه بحاجة إلى وظيفة ما، كما لو أنّ الأمر الأهم هو أن تصبح عضوًا في مؤسسةٍ ما… بطريقة مباشرة أكثر، عليك بدء القيام بشيء يريده الناس، وليس معنى هذا أنّ عليك الانضمام لشركة ما كي تفعل ذلك.
كل ما تمثله الشركة هو أنها مجموعة من الأشخاص التي تعمل معًا ليقدموا شيئًا يريده الناس؛ فما يريده الناس هو ما يهم في الأمر، وليس الانضمام للمجموعة هو ما يهم.
الخطة الأفضل عند أغلب الأشخاص هي الذهاب للعمل لبعض الشركات القائمة، لكن فِهم ما يحدث عندما تفعل ذلك هو فكرة جيدة.
فالوظيفة تعني فِعل ما يريده الناس مُقسمًا على الأشخاص الأخرى العاملة بتلك الشركة

العمل بجِد:
هذا التقسيم يمكن أن يكون مشكلة. أعتقد أن أكبر عقبة يمكنها أن تواجه الشركات الكبيرة هي صعوبة تحديد قيمة العمل لكل شخص لأغلب جزء يدفعونه.
في الشركة الكبيرة، تحصل على مرتب متوقع إلى حد ما للعمل بجد بعدلٍ في المقابل.
فمن المتوقع ألا تكون غير كفؤ أو كسول، لكن من المتوقع ألّا تكرّس حياتك كلها من أجل عملك أيضًا.
مع ذلك، اتّضح أن هناك تدابير للمقدار الذي تكرسه من حياتك لعملك… ففي النوع المناسب من الأعمال، يمكن للشخص الذي يُكرّس نفسه للعمل أن يُنتج عشرات أو حتى مئات أضعاف الثروة التي ينتجها الموظف العادي.
فالمبرمج، على سبيل المثال بدلًا من انسجامه التام في الحفاظ وتحديث برنامج ما حالي، يمكنه كتابة برنامج جديد كليًا، ومن خلاله يقوم بإنشاء مصدر جديد للدخل.
لم يتم إعداد الشركات كي تُكافئ الأشخاص الذين يريدون فِعل ذلك؛ فلا يمكنك الذهاب إلى رئيسك لإخباره أنك تود بدء العمل بقوة عشرة أضعاف، وتطلب منه أن يدفع لك عشرة أضعاف المبلغ!
لسبب واحد، لأنك من الأساس تعمل بجد بالقدر المستطاع، لكن المشكلة الأكثر خطورة هي أن الشركة لا تملك أي وسيلة لقياس قيمة عملك.
الباعة هم الاستثناء بهذا، فمن السهل قياس مقدار الربح الذي تحققه، وعادةُ ما يدفعون نسبة مئوية منه. فإن أراد الباعة العمل بجهدٍ أكبر، فعليهم البدء بفِعل ذلك وسوف يتقاضون أجرًا تلقائيًا يناسب عملهم أكثر.
هناك وظيفة أخرى بجانب المبيعات؛ حيث يمكن للشركات الكبرى أن توظف أشخاصًا من الطراز الأول في وظائف الإدارة العليا. وللسبب نفسه، يمكن قياس أدائهم.
يتحمل كبار المديرين مسؤولية أداء الشركة بأكملها؛ لأن أداء الموظف العادي عادةً لا يمكن قياسه، حيث لا يتوقع منه أن يفعل أكثر من بذله لجهدٍه… في حين أن الإدارة العليا مثل مندوبي المبيعات يجب أن يأتوا بالأرقام.
الرئيس التنفيذيّ للشركة الذي يُخزّن لا يمكنه أن يدّعي الإنفاق من أجل بذل جهد أقوى. فإن كان أداء الشركة سيء، فأداؤه سيكون سيئًا هو الآخر.
الشركة التي يمكن أن تدفع  لموظفيها بطريقة مباشرة يمكنها النجاح بشكلٍ ضخم؛ حيث سيعمل الموظفين بشكلٍ أكبر إن كان يمكنهم الحصول على مال لقاء جهدهم، والأكثر أهمية، مثل تلك الشركات ستجذب إليها عمالة تريد العمل بجد، ويمكنها سحق منافسيها حينها.
لسوء الحظ، لا يمكن للشركات أن تدفع للجميع كالباعة؛ فالبائع يعمل وحده أما معظم الموظفين يعملون بشكلٍ متشابك معًا. لنفترض أن شركة ما تقدم نوعًا من أدوات المستهلك. يُنشيء المهندسين أداة يُعتمد عليها وموثوق بها بميزات جديدة، ويُعد المصممين الصناعيين تصميمًا جميلًا لها، وبعدها يأتي دور التسويق الذي يُقنع الجميع بأنها أداء يجب أن يقتنيها الجميع؛ فكيف ستعرف أي مجموعة هي سبب زيادة مبيعات تلك الأداة؟ أو ما المبلغ الذي يرجع إلى مبدعي الأدوات السابقة التي منحت الشركة سمعة جيدة بالفعل؟
لا توجد طريقة لفك هذا التشابك فيما بين المساهمين، حتى إن كنت تستطيع قراءة عقول المستهلكين، فستجد أن هذه العوامل غير واضحة تمامًا.
إن أردت السعي بسرعة، فأمر تشابك عملك مع عدد كبير من الأشخاص الآخرين يُعد مشكلة… ففي المجموعات الكبرى، لا يُقاس عملك بشكلٍ منفرد وبقية المجموعة تُعمل على إبطائك

القياس والنفوذ:

كي تصبح ثريًا، عليك وضع نفسك مع أمرين؛ القياس والنفوذ. عليك وضع نفسك بمكانة يمكنك فيها قياس أدائك، أو لن يكون هناك أي طريقة للدفع لك بشكلٍ أكبر، وأيضًا يكون لديك نفوذ؛ بحيث تصنع قراراتِك تأثيرًا كبيرًا.
القياس وحده لا يكفي أيضًا، مثال بوظيفة بها قياسٍ دون وجود نفوذ مثل العمل بالقطعة في ورشة عمل؛ حيث يتم قياس أدائك، ويتم الدفع لك وفقًا لذلك، لكن لا مجال لك لاتخاذ القرارات… القرار الوحيد الذي يمكنك اتخاذه هو السرعة التي تعمل بها، وربما يؤدي ذلك إلى زيادة أرباحك ضعفين أو ثلاثة فقط.
مثال على وظيفة بها قياس ونفوذ مثل ممثل رئيسي في فيلم ما. يمكن بها قياس أدائك ولديك النفوذ أيضًا بمعنى أن أداءك يمكن أن يُنجح الأمر أو يُفسده.
المدراء التنفيذين أيضًا لديهم القياس والنفوذ… يتم قياس أدائهم؛ حيث أنّ أداء الشركة يُقاس بأدائهم، ولديهم النفوذ في أنّ قراراتهم تحدد سير الشركة بأكلمها بطريقٍ أو آخر.
أعتقد أن كل من يصبح ثريًا بمجهوداته الخاصة سيوضع في موضع القياس والنفوذ… فجميع من يمكنني التفكير بهم ينطبق عليهم ذلك؛ المدراء التنفيذيين، ونجوم السينما، ومديري صناديق التوسعات، والرياضيين المحترفين.
الإشارة الجيدة على وجود النفوذ هو إمكانية الفشل، لذا يجب موازنة الجوانب معًا؛ بحيث إن كان هناك إمكانية كبيرة لتحقيق الربح، فسيكون هناك احتمال مرعب للخسارة.
المدراء التنفيذيين، ونجوم السينما، والرياضيون يعيشون جميعًا بسيفٍ معلق فوق رؤوسِهم، في اللحظة التي يبدئون بها بالفشل، يسقطون فورًا.
إن كنت بوظيفة تُشعرك بالأمان، فلن تصبح ثريًا لأنه إن لم يكن هنالك خطر ما، فلا نفوذ بالتأكيد.
لكن ليس عليك أن تصبح مديرًا تنفيذيًا، أو نجمًا سينمائيًا يمتلك القياس والنفوذ، فكل ما تحتاج إليه هو أن تكون جزءًا من مجموعة صغيرة تعمل على مشكلة صعبة

الصغر= وحدة قياس
إذا لم يكن بإمكانك قياس قيمة العمل الذي قام به كل موظف على حدى، فيمكنك الاقتراب من هذا. بإمكانك قياس قيمة العمل الذي تم إنجازه من خلال مجموعات صغيرة.
المستوى الأول و فيه يمكنك بدقة قياس حجم الإيرادات التي يُدِّرها الموظفون على مستوى الشركة بأكملها. عندما تكون الشركة صغيرة، بذلك تكون قريباً تماماً من قياس المساهمات التي يقدمها كل موظف على حدى. قد يكون لدى الشركة الناشئة عشرة موظفين فقط، مما يضعك ضمن عشرة عوامل لقياس الجهد الفردي.
أقرب ما يمكن أن يقوله الناس إلى رئيسهم عند البدء أو الانضمام إلى شركة ناشئة، أريد أن أعمل أكثر من ذلك بمقدار عشرة أضعاف، لذا أرجو أن تدفعوا  لي عشرة أضعاف هذا المبلغ. هناك اختلافان: أنت لا تقول هذا لرئيسك، لكن تقوله للعملاء مباشرةً (و الذي يكون رئيسك بالنسبةِ لهم هو مجرد وكيل بعد كل شيء)، و أنك لا تقم بهذا بمفردك، بل مع مجموعة صغيرة من الأشخاص الطموحين.
سيكونون مجموعة، عادةً. فيما عدا مجموعة  صغيرة من الأعمال الغير عادية، مثل التمثيل أو كتابة الكتب، لا يمكنك أن تُكون شركة من شخصٍ واحد. و الأشخاص اللذين تعمل معهم من الأفضل أن يكونوا جيدين، لأن عملهم الذي هو خاص بك سيكون مقياساً لمعدل الأداء
الشركة الكبيرة مثل مقصورة يقودها ألف مُجدف. هناك أمران يحافظان على الحد الأدنى لسرعة المقصورة. الأمر الأول هو أن كل مُجدف على حدى لا يرى نتيجة من عمله بِجد. غير ذلك أن، في مجموعة من ألف شخص من المرجح أن يكون متوسط أداء المُجدف عادياً نوعاً ما
إذا أخذت عشرة أشخاص بشكلٍ عشوائي من المقصورة العملاقة و وضعتهم في قارب بمفردهم، فمن المحتمل أن يسيروا بسرعةٍ أكبر. سيكون لديهم كلاً من الجزرة و العصا لتحفيزهم. سيتم تشجيع المجدف النشط من خلال الاعتقاد أن بإمكانه التأثير بشكلٍ واضح على سرعة القارب. و إذا كان شخصاً ما متكاسلاً، فمن المرجح أن يكون الآخرين أكثر ملاحظةً و تذمراً.
لكن الميزة الحقيقة لرجال القارب العشرة تظهر عندما تأخذ أفضل عشرة مجدفين خارج المقصورة الكبيرة و تضعهم في قاربٍ معاً. سيكون لديهم جميع الدوافع الإضافية التي تأتي من كونهم في مجموعة صغيرة. لكن الأكثر أهمية، أن اختيارك لتلك المجموعة الصغيرة جعلت بإمكانك الحصول على أفضل المجدفين. كل واحد منهم سيكون في القمة بنسبة 1%. إنها صفقة أفضل بكثير بالنسبةِ لهم لتقييم متوسط عملهم معاً في مجموعة صغيرة مع شركائهم أكثر من تقييم متوسط عملهم مع الجميع.
هذا هو الهدف الحقيقي من الشركات الناشئة. بطريقة مثالية، فأنت تكون ضمن مجموعة من الأشخاص الآخرين اللذين يرغبون أيضاً في العمل بِجدٍ أكثر، و تقاضي أجوراً أكبر مما كانوا يتقاضونه في الشركة الكبيرة. و لأن الشركات الناشئة كثيراً ما تحصل على مؤسسيها  من خلال مجموعات ذاتية الاختيار من الأشخاص الطموحين و اللذين يعرفون بعضهم بعضاً(على الأقل من خلال السُمعة). فإن مستوى القياس سيكون أكثر دقة من صِغر الحجم فقط. الشركة الناشئة ليست مجرد عشرة أشخاص. لكنها عشرة أشخاصٍ مثلك.
لقد قال ستيف جوبز ذات مرة أن نجاح أو فشل الشركات الناشئة يعتمد على أول عشرة موظفين. أنا أتفق معه. إذا كان أي شيء، أكثر من الخمسة الأوائل. إن كونك صغيراً ليس هو في حد ذاته ما يجعل الشركة الناشئة تُستبعد، لكن بالأحرى يمكن أن تكون تلك المجموعات الصغيرة مُختارة. فأنت لا تريدها صغيرة بمعنى قرية، لكنها صغيرة بمعنى أن جمعهم فريق من النجوم.
كلما كانت المجموعة أكبر، كلما كان متوسط عدد أعضائها أقرب إلى متوسط عدد السكان ككل. لذا فستكون الأشياء الأخرى متكافئة،  الشخص الموهوب جداً في شركة كبيرة ربما يحصل على عرضٍ سيء، لأن أدائه يتراجع بسبب الأداء العام المنخفض للآخرين. بالطبع، فجميع الأشياء الأخرى في كثير من الأحيان لن تكون متكافئة : قد لا يهتم الشخص الموهوب بالمال، أو قد يفضل الاستقرار في شركة كبيرة. لكن الشخص الموهوب جداً الذي يهتم بالمال عادةً سيُفضل الذهاب و العمل في مجموعة صغيرة من الشركاء.

التكنولوجيا= زيادة العائدات

تُقدم الشركات الناشئة لأي شخص السبيل ليكونوا في حالة القياس و زيادة العائدات. فهم يسمحون بالقياس لأن عددهم صغير، و يقدمون زيادة في الأرباح لأنهم يجنون المال عن طريق اختراع تكنولوجيا جديدة.
ما هي التكنولوجيا؟ إنها التقنية. إنها الطريقة التي نقوم بها جميعاً بالأشياء. و عندما تكتشف طريقة جديدة للقيام بالأشياء، فإنها قيمة مضاعفة لجميع من يستخدمونها. إنه مَثل صنارة صيد، أفضل من سمكة. هذا هو الفرق بين شركة ناشئة و بين مطعم أو محل حلاقة. فأنت تقلي البيض أو تقص شعر زبون الواحد تلو الآخر. في حين أنك إذا قمت بِحل مشكلة تقنية سيهتم الكثير من الناس بهذا، فأنت تساعد كل شخص يستخدم الحل الخاص بكَ. هذا هو زيادة العائدات
إذا نظرت في التاريخ، سيبدو أن معظم الناس اللذين أصبحوا أثرياءً من خلال صُنع الثروة قاموا بهذا من خلال تطوير تقنيات جديدة. لا يمكنك فقط أن تقلي البيض أو تقص الشعر بالسرعة الكافية. ما جعل المواطن الفلورنسي غنياً في1200 كان اكتشاف تقنية جديدة لصنع منتج عالي التقنية في آن ذاك، و هو قماش ناعم منسوج. ما جعل الهولنديين أثرياء في 1600هو اكتشاف تقنيات بناء السفن و الملاحة التي مكنتهم من السيطرة على بحار الشرق الأقصى.
لحُسن الحظ أن هناك توافقاً طبيعياً بين الصِغر و حل المشكلات الصعبة. الحدود القائدة للتكنولوجيا تتحرك سريعاً. قد تكون التكنولوجيا القيمة اليوم عديمة القيمة في غضون عامين. الشركات الصغيرة في المنزل أكثر في هذا العالم. لأن ليس لديهم طبقات من البيروقراطية لإبطائهم. أيضاً، التطورات التقنية كثيراً ما تأتي من أساليب غير تقليدية، كما أن الشركات الصغيرة أقل تقيداً بالعُرف.
يمكن للشركات الكبيرة تطوير التكنولوجيا. هم فقط لا يمكنهم القيام بهذا بسرعة. حجمهم يجعلهم أبطأ و يمنعهم من مكافأة الموظفين على جهدهم الاستثنائي المطلوب. لذا في الشركات الكبيرة المتمرسة يبدئون فقط في تطوير التكنولوجيا في المجالات التي تمنع فيها متطلبات رأس المال الكبيرة الشركات الناشئة من التنافس معها، مثل دوائر الحاسوب أو محطات توليد الكهرباء أو طائرات الركاب. و حتى في هذه المجالات يعتمدون بشكلٍ كبير على الشركات الناشئة فيا يتعلق بالمكونات و الأفكار.
من الواضح أن الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية أو برامج العقل الإلكتروني متواجدة لحل المشكلات التقنية الصعبة. لكني أعتقد أنه سيكون من الصحيح أيضاً في مجال شركات الأعمال ألا تبدو متعلقةً بالتكنولوجيا. مطاعم ماكدونالدز على سبيل المثال، نَمت من خلال تصميم مجموعة، سلسلة مطاعم ماكدونالدز، الذي أمكن انتشارهم في كل مكانٍ على وجه الأرض. يتم التحكم في سلسلة مطاعم ماكدونالدز من خلال قوانين دقيقة للغاية بحيث تكون عملياً جزءاً من البرنامج. كُتبَ ذات مرة، اركض في كل مكان. كما سبق لوال مارت. سام والتون لم يصبح ثرياً بكونهِ تاجر تجزئة، لكن عن طريق تصميم نوع جديد من المتاجر.
استخدم الصعوبة كموجه ليس فقط في اختيار الهدف العام لشركتك، لكن أيضاً في نقاط قراراتك طوال الطريق. أحد قواعدنا العملية  في موقع فياويب كانت الركض على الدرج. لنفترض أنك فتى صغير، ذكي مُطارد من قِبل شخص كبير، بدين، مُتنمر. قمت بفتح الباب و وجدت نفسك على الدرج. أستصعد أم ستنزل؟ أنا أقول أن تصعد. فيمكن للمتنمر أن يركض لأسفل السلم بقدر ما تستطيع. الصعود لأعلى الدرج سيكون عائقاً بسبب ضخامته. الصعود للأعلى صعباً بالنسبةِ لك لكنه سيكون أصعب بالنسبةِ له.
ما كان يعنيه هذا أننا نسعى متعمدين البحث عن المشاكل الصعبة. إذا كان هناك ميزتان يمكننا إضافتهما إلى برنامجنا، و هما متساويان في القيمة بالنسبة لمدى صعوبتهما، فسنأخذ دائماً الأصعب. ليس فقط لأنه كان الأكثر قيمة، بل لأنه كان الأصعب. لقد سعدنا بإجبار المتنافسين الأكبر، الأبطأ للحاق بنا على أرضٍ صلبة. على غرار حرب العصابات، الشركات الناشئة تُفضل التضاريس الوعرة في الجبال، حيث لا تستطيع جنود الحكومة المركزية اتباعهم. يمكنني تذكر الأوقات التي كنا منهكين فيها بعد الصراع طوال اليوم مع بعض المشكلات التقنية الرهيبة. و سأكون مسروراً، لأن شيئاً كهذا كان صعباً علينا سيكون مستحيلاً على منافسينا.
هذه ليست مجرد وسيلة جيدة لبدء تشغيل شركة ناشئة. هذه هي الشركة الناشئة. يعرف أصحاب رأس المال المجازفون بشأن هذا و لهم تعبير عنه: العوائق للدخول. إذا ذهبت إلى نائب رئيس مجلس الإدارة بفكرة جديدة و تطلب منه الاستثمار فيها، فإن أحد الأمور التي سيسألك عنها هي، كم سيكون من الصعب على شخصٍ أخر تطوير هذا؟ أي، كم وضعت من الصعاب بينك و بين المنافسين المحتملين؟ و من الأفضل لك أن يكون لديك تفسير مقنع حول لمَ سيكون من الصعب تكرار تقنيتك. و إلا فبمجرد أن تدرك بعض الشركات الكبرى ذلك، سيصنعونه بأنفسهم، و بعلامتهم التجارية، و رأس مالها و قوة توزيعها، سيأخذان سوقك بين عشيةٍ و ضحاها. ستكون من العصابات التي تم القبض عليها في الحقل المفتوح من قِبل قوات الجيش النظامي.
إحدى طرق وضع عوائق الدخول هي من خلال براءات الاختراع. لكن البراءات قد لا توفر الكثير من الحماية. عادةً ما يجد المنافسون طرقاً للعمل حول براءات الاختراع. و إذا لم يتمكنوا من ذلك، فسيقومون بانتهاكه ببساطه، ويقومون بدعوتكم لمقاضاتهم. الشركة الكبيرة لا تخشى من مقاضاتها. إنه شيء يومي بالنسبةِ لهم سيتأكدون من أن رفع دعوى قضائية ضدهم أمر مكلف و سيستغرق الكثير من الوقت. هل سمعت يوماً عن فيلو فارنسورث؟ هو من اخترع التلفاز. السبب في أنك لم تسمع به مطلقاً لأن شركته لم تكن هي من تكسب المال منه. الشركة التي كانت تقوم بهذا هي RCA، و مكافأة فارنسورث على جهوده كانت عقداً من الدعاوى بشأن البراءات.
هنا، و كما هو الحال دائماً، أفضل دفاع هو جريمة جيدة. إذا كان بإمكانك تطوير تكنولوجيا من الصعب على المنافسين تكرارها، فإنك لن تحتاج إلى الاعتماد على دفاعاتٍ أخرى. ابدأ باختيار مشكلة صعبة، و في كل نقطة اتخاذ قرار، اختر الخيار الأصعب.

المصيد

إن كان الأمر ببساطة هو بذل مجهود أكثر من موظف عاديّ وتلقي الجزاء بما يتناسب مع ذلك، فمن الواضح أنها كانت لتكون صفقة جيدة لبدء شركة ناشئة، حتى الوصول إلى نقطة سيكون الأمر فيها أكثر إمتاعاً. لا أعتقد أن الكثير من الناس يحبون الرتم البطيء للشركات الكبرى، الاجتماعات عديمة النهاية، المحادثات لدى مبرد المياه، المسيرون الوسطاء عديمي الإدراك،.. إلخ. لسوء الحظ، هناك مصيدين، أحدهما أنك لا تستطيع تقرير النقطة الواقعة على المنحنى التي تريد إشغالها، فعلى وجه المثال، لا يمكنك التقرير فحسب أنك تود أن تعمل ضعفين أو ثلاثة أضعاف وجني ما يقابل ذلك. عندما تدير شركة ناشئة، منافسوك هم من يقررون مدى اجتهادك في العمل، وغالباً ما يتخذون جميعاً نفس القرار: أقصى ما يمكنك بذله. المصيدة الأخرى هي أن النتيجة هي متوسط متناسب مع إنتاجيتك. هناك، كما ذكرت مسبقاً، مضاعفات عشوائية كبيرة في نجاح أي شركة. لذا فإن التطبيق العمليّ يُظهر أن الأمر ليس أنك أكثر إنتاجية بثلاثين مرة وأنك تتقاضى أكثر بثلاثين مرة. لكنه أنك أكثر إنتاجية بثلاثين مرة وتتقاضي ما يتراوح بين لا شيء وألاف الأضعاف. إن كان المتوسط يساوي ثلاثون فعلى الأرجح يساوي الوسيط صفر. معظم فشل الشركات الناشئة، وليس فقط بوابات التطبيق التجريبي التي سمعنا جميعاً عنها أثناء فقاعة الشبكة العنكبوتية. من الشائع للشركات الناشئة أن تطور منتجاً جيداً إلى حد ما، تستغرق وقتاً طويلاً بعض الشيء في فعلها، تُفلس ويتوجب عليها أن تغلق. الشركات الناشئة تشبه البعوضة. يمكن للدب استيعاب ضربة والسلطون مدرع ضدها ولكن البعوضة مصممة لشيء واحد فقط وهو الإصابة. لا يتم استنزاف طاقة في الدفاع ودفاع البعوض، بصفتهم صنفاً، أن هناك الكثير منهم ولكن هذا مواساة للبعوضة الواحدة. الشركات الناشئة، كما البعوض، يميلون لأن يكونوا “إما الكل أو لا شيء”. وبصفة عامة، أنت لا تعرف على أيهما ستحصل حتى اللحظة الأخيرة. اقتربت شركة فيا ويب عدة مرات من الفشل تماماً. مسارنا شابه الموجة الجيبية. لحسن الحظ، تم شرائنا وإعلائنا إلى أعلى الدائرة ولكن الأمر كان وشيكاً للغاية. بينما كنا نزور شركة ياهو في كاليفورنيا للتحدث عن بيع الشركة لهم، توجب علينا استعارة غرفة اجتماعات لطمأنة مستثمر كان على وشك التراجع عن جولة جديدة من التمويلات كان بقائنا يعتمد عليها. منظور “إما الكل أو لا شيء” الخاص بالشركات الناشئة لم يكن شيئاً أردناه. كافة قراصنة شركة فيا ويب كانوا متجنبين للمخاطر. إن كان هناك طريقة ما للعمل بجهد بالغ والتقاضي مقابل ذلك دون أي أدنى علاقة للحظ بالأمر، كنّا لنكون بالغي السعادة. كنّا بالتأكيد لنفضل مليون دولار بنسبة 100% على عشرة مليون دولار بنسبة 20% بالرغم من أن الثانية تساوي الضعف بشكل نظريّ. لسوء الحظ، لا يوجد في عالم العمل الآن أي مساحة تسمح لك بالحصول على الصفقة الأولى. أكثر ما يمكنه تقريبك من ذلك هو بيعك شركتك الناشئة في مرحلة مبكرة وتخليك عن الجانب الإيجابي، والمخاطرة من أجل نتيجة أصغر ولكن أكثر ضماناً. سنحت لنا فرصة فعل ذلك ولكننا، كما اعتقدنا حينها أنه الأفضل، تركنا الفرصة تنزلق من بين أيدينا. أصبحنا بعد ذلك حريصين بشكل مضحك على البيع. العام الذي يلي ذلك كنا دائما ما نحاول بيع الشركة لأي أحد أظهر أقل فضول بشأن شركة (فيا ويب). لم يكن هناك من قَبِل الشراء لذا توجب علينا الاستمرار. بيع شركتنا في مرحلة مبكرة كان ليكون صفقة، ولكن الشركات الفاعلة لعمليات الاستحواذ لم تكن تبحث عن صفقات. شركة كبيرة بما يكفي لشراء شركات ناشئة ستكون كبيرة بما يكفي لتكون محافظة إلى حد ما، وفيما دون الشركة سيكون المسؤولين عن الاستحواذ أكثر تحفظاً لأنهم عادةً ما يكونون طلبة كلية إدارة الأعمال والذين قد انضموا للشركة متأخراً. إنهم يفضلون اختياراً آمناً، لذا فمن الأسهل بيع شركة ناشئة مُنشأة على بيع شركة ناشئة في مرحلة مبكرة.

الحصول على المستخدمين:

أعتقد أن من الجيد أن تشتري إن كنت تستطيع ذلكَ، إدارة نشاط تجاري مختلف عن نمو النشاط التجاري. إنه مجرد السماح لشركة كبرى أن تتولى المسؤولية بمجرد أن يزداد حجمها. كما لو أنه أكثر حكمة أيضًا من الناحية المالية لأن البيع يسمح لكَ بالتنوع. ماذا تظن بالمستشار المالي الذي يضع جميع ممتلكات موكله في سهم واحد متغير؟
كيف تقم بعملية الشراء؟ غالبًا عن طريق القيام بالأشياء نفسها التي تفعلها إن لم تكن تنوي بيع الشركة. أن تكون مربحة، على سبيل المثال فإن الشراء هو فن  بحد ذاته ويقضي الشخص كثير من الوقت في محاولة إتقان هذا.
يتأخر المشترون المحتملون إن أمكنهم ذلكَ، الجزء الأصعب في عملية الشراء أن تجعلهم يقومون بالعمل. بالنسبة لمعظم الأشخاص فإن الدافع الأكبر ليس الأمل في الربح ولكن الخوف من الخسارة. بالنسبة للمستثمرين المحتملين فإن دافعهم الأكبر أن أحد منافسيهم سوف يقوم بشراءهم. وكما وجدنا يسبب ذلكَ إرهاق الرؤساء التنفيذيون. تاني أكبر مصدر للقلق أنهم إن لم يشتروكَ الآن، سوف تستمر في النمو سريعًا وسوف تكلف أكثر للحصول عليكَ لاحقًا، أو تصبح منافسًا.
في كلتا الحالتين بتعلق كل ذلكَ بالمستخدمين، إن كنتَ تعتقد أن الشركة التي على وشكَ شراؤكَ تقوم بالكثير من البحث وتقرر بنفسها مدى قيمة التكنولوجيا الخاصة بكَ. مطلقًا، ما يسعون إليه هو عدد المستخدمين لديكَ.
الواقع، يفترض المشترون أن العملاء يعرفون من يملك أفضل تكنولوجيا، وليست هذه الفكرة غبية كما تبدو. المستخدمون هم الدليل الحقيقي الوحيد على أنكَ قمت بإنشاء ثروة. الثروة هي ما يريده الناس، وإن لم يستخدم الناس برامج الحاسوب لديكَ. محتمل أنكَ لست سيء وحسب في التسويق، بل محتمل أيضًا أنكَ لم تقم بما يرغبون به.
الرأسماليون المغامرون لديهم قائمة من علامات الخطر يجب أن يحذروا منها. بالقرب من القمة الشركة التي تُدار بتكنولوجيا ضعيفة مهووسة بحل المشكلات الفنية المثيرة بدلًا من أن تسعد المستخدمين. في الشركة الناشئة أنتَ لا تحاول وحسب أن تحل المشاكل، أنتَ تحاول أن تحل المشاكل الذي يهتم بها المستخدمون.
لذا أعتقد أن يجب أن نتحقق من المستخدمين تمامًا كما يفعل المشترون. تعامل مع الشركة الناشئة باعتبارها مشكلة للبحث عن الحل الأمثل، ويتم قياس الأداء بعدد المستخدمين. وكما يعلم أي شخص يحاول تحسين برنامج الحاسوب فإن وحدات القياس هي المفتاح لهذا. حينما تحاول أن تخمن أين يكون برنامجكَ بطيئًا، وما الذي يجعله أسرع، فأنتَ دائمًا يمكنكَ أن تخمن الخطأ.
قد لا يكون عدد المستخدمين هو الاختيار المثالي، ولكنه سيكون قريبًا للغاية، وهذا ما يهتم به المشترون ويعتمد عليه الإيرادات، وهذا ما يجعل المنافسون غير سعداء، وهذا ما يثير إعجاب الصحفيين، والمستخدمين الجدد المحتملين. بالتأكيد أنه اختبار أفضل من مفاهيمكَ البديهية عن المشاكل الهامة التي يجب أن تحلها، بغض النظر عن مدى مهارتكَ التقنية.
من بين الأمور الآخرى معاملة الشركات الناشئة كأنها مشكلة للبحث عن الحل الأمثل سوف يساعدكَ في تجنب الوقوع في مأزق آخر يثير قلق مستثمرين في رأس المال، وسوف يستغرق وقت طويل لتطوير المنتج بشكل ملائم. الآن نستطيع التعرف أن هذا الشيء: وهو التحسين السابق لأوانه يستطيع متسللون الحاسوب أن يتجنبوه بالفعل. احصل على النسخة 1.0 هناكَ بأسرع ما يمكن، وحتى يكون لديكَ عدد من المستخدمين يمكن أن تتحقق من رأيهم، فسوف تقوم بالتحسين بناءً على التخمينات.
الشيء الذي تحتاج لإبقائه نُصب عينيك هو المبدأ الأساسيّ الذي ينص على أن الثروة هي الشيء الذي يريده الناس. فإذا كنت تُخطط لأن تصبح ثريًا عن طريق صنع ثروة فعليك أن تعرف ما يريده الناس. لذا فإن عدد قليل من الشركات توليّ اهتمامًا حقًا لجعل العملاء سعداء. فكم مرة تدخل لمتجرٍ أو تتصل تليفونيًا بإحدى الشركات مع شعور بالخوف بالجزء الخلفي من عقلك؟ وعندما تسمع جملة “مكالمتكَ هامة بالنسبة لنا، يُرجى البقاء على الخط” وحينها تظن “أجل، جيد كل شيء سيكون على ما يُرام الآن؟
في بعض الأحيان يمكن للمطعم تقديم عشاءًا محترقًا، ولكن بالتكنولوجيا أنت تطهو شيئًا وهذا ما يتناولـه الجميع. لذا فإن أي اختلاف بين ما يُريده الناس وما تُقدمه أنت يتضاعف، فأنت تُسعد العملاء أو تُزعجهم إجمالاً، وكلما اقتربت من الحصول على ما يريدونـه كلما زادت الثروة التي تخلقها

الثروة والسلطة

صنع الثروة ليس الطريق الوحيد ليكون الفرد غنياً. لم تكن هذه الطريقة هي الغالبة في التاريخ الإنساني. حتى عدة قرون، كانت المناجم، والخدم، والأقنان، وتملك الأراضي والماشية هي المصادر الأساسية للثورة، والسبيل لتملك هذه الأشياء بشكل سريع هو الميراث، والزواج أو انتزاعها ومصادرتها. لذلك فمن الطبيعي أن تكون للثروة صيت سيء
ولكن تغير أمران، الأول كان حكم القانون. كان المتعارف عليه أنك إن استطعت تكوين ثروة بطريقةِ ما، فسيجد الحاكم وحاشيته طريقةً لسرقتها. ولكن جد شيء في عصور أوروبا الوسطى، حيث اجتمع طبقة جديدة من التجار وأصحاب المصانع في المدن واستطاعوا أن يصدوا المالك الإقطاعي. لذلك توقف المتنمرون من استقطاع المال لأول مرة في التاريخ. ومثل ذلك حافزاً كبيراً. أما سبب التغيير الثاني فكان التصنيع بلا شك

لقد كُتب الكثير عن أسباب الثورة الصناعية. ولكن من المؤكد أن الشرط الضروري، إن لم يكن كافيًا، هو أن يتمكن الأشخاص الذين يمتلكون الثروات من التمتع بها في سلام. أحد الأدلة هو ما حدث للدول التي حاولت العودة إلى النموذج القديم، مثل الاتحاد السوفييتي، وبدرجةٍ أقل بريطانيا في ظل الحكومات العُمَّالية في الستينيات وأوائل السبعينيات. يتراجع حافز الثراء والابتكار التقني ليصل إلى طريق مسدود.
تذَّكر ما هي الشركة الناشئة، من الناحية الاقتصادية: هي طريقة لقول “أريد أن أعمل بشكل أسرع”. فبدلًا من تجميع الأموال ببطء عن طريق الحصول على أجرٍ منتظمٍ لمدة خمسين عامًا، أريد أن أستلمها في أقرب وقت ممكن. لذا فإن الحكومات التي تمنعك من تجميع الثروة هي في الواقع تحكم عليك بأن تعمل ببطء. إنها على استعداد للسماح لك بكسب 3 ملايين دولارًا على مدى خمسين عامًا، لكنها ليست على استعداد للسماح لك بالعمل بجد بحيث يمكنك القيام بذلك في عامين. إنها مثل رئيس الشركة الذي لا يمكنك الذهاب إليه وقول “أريد أن أعمل بجد عشرة أضعاف ذلك، لذا أرجو أن تدفع لي عشرة أضعاف ذلك”. باستثناء أن هذا ليس رئيسًا، يمكنك الهروب من خلال تأسيس شركتك الخاصة.
المشكلة في العمل ببطء ليست فقط أن الابتكار التقني يحدث ببطء. المشكلة أنه قد لا يحدث على الإطلاق. إنه فقط عندما تبحث عمدًا عن مسائل صعبة، كطريقة لاستخدام السرعة تحقيقًا للاستفادة القصوى، فإنك تأخذ هذا النوع من المشاريع. إن تطوير تكنولوجيا جديدة أمرٌ شاق. إنه كما قال إديسون، واحد في المائة إلهام وتسعة وتسعين في المائة جهد. بدون حافز الثراء، لن يريد أحد أن يفعل ذلك. سيعمل المهندسون على مشاريع مثيرة مثل الطائرات المقاتلة وصواريخ القمر من أجل رواتب العادية، ولكن سيتعين على رواد الأعمال تطوير المزيد من التقنيات العادية مثل المصابيح الكهربائية أو أشباه الموصلات

لم تكن المشاريع الناشئة مجرد شيء حدث في وادي السيليكون في العقود الأخيرة. بما أن اغتناء الأشخاص أصبح ممكناً بتكوين ثروة، جميع من حققوا ذلك اشتركوا في نفس الطريقة، إلا وهي: القياس و النفوذ. يأتي القياس من العمل وسط مجموعات صغيرة، والنفوذ من تكوين تقنيات جديدة. تلك هي نفس طريقة التي كانت موجودة في فلورنس في ١٢٠٠ كما كانت في سانتا كلارا اليوم
فهم هذا قد يساعد في الإجابة على سؤال مهم: كيف أصبح لأوروبا هذه القوة؟ هل كان الأمر بتعلق بجغرافية أوروبا؟ أم أن الأوروبيين أصحاب عرق خارق؟ هل كان دينهم هو السبب؟ الإجابة -أو التوقع الأكثر احتمالاً- هو أن الأوروبيين قد اعتنقوا فكرة قوية جديدة: السماح لمالكي المال بالاحتفاظ به
بمجرد السماح بذلك، من يريد الاغتناء سيفعل ذلك بتكوينها بدلاً من سرقتها. ولم تظهر نتيجة ذلك النمو التكنولوجي في الثروة، بل في القوة العسكرية. طور الاتحاد السوفيتي النظرية التي أدت لوجود الطيارات المتسللة. ولكن بسبب افتقار الاتحاد السوفيتي لصناعات الحاسب، ظلت مجرد نظرية وافتراض؛ لم يكن لديهم الأجهزة المناسبة لتقوم بالحسابات اللازمة بسرعة كافية لتصميم الطائرة الفعلية. من ذلك المنظور، تلقن الحرب الباردة نفس الدرس الذي تلقنه الحرب العالمية الثانية، شأنها شأن معظم الحروب المعروفة في التاريخ الحديث. لا تترك طبقة من المحاربين والسياسيين يسحقون رجال الأعمال. الطريقة التي تجعل الأفراد أغنى هي ذاتها التي تجعل البلاد قوية. دع الأذكياء يحتفظون بمال طعام الغداء واحكم أنت العالم.

ترجمة عبدالله الخريف

زر الذهاب إلى الأعلى