لماذا يجب التقيُّد بإجراءات السعودية الاحترازية بحذافيرها؟.. السيناريوهان الإيطالي والإسباني يجيبان

جاءت كلمة وزير الصحة توفيق الربيعة في مقطع مرئي، نشره حساب الوزارة على “تويتر”، كاشفة وصريحة، وامتدادًا لمكاشفة خادم الحرمين الشريفين للمواطنين والمقيمين بحقيقة الوضع الذي تعيشه البلاد في مواجهة فيروس كورونا المستجد. فقد كشف الوزير عن ملاحظة عدم تقيُّد البعض بالالتزام بتنفيذ الإجراءات الوقائية بالشكل المناسب، وعدم التزام آخرين بالتقيُّد بعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة القصوى؛ لمنع انتشار الفيروس وتفشيه.

وعلى الرغم من نجاح الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية التي اتخذتها السعودية مبكرًا منذ بداية شهر فبراير، وذلك بتعليق رحلات الطيران مع الصين، وكانت الإصابات وقتها لم تتعدَّ حدود الصين بمجموع إصابات 35 ألف إصابة فقط، علاوة على غيرها من إجراءات، كتعليق العمرة والدراسة ومنع التجوُّل، إلا أن الأمر لا يتوقف فقط على عدد الإجراءات وقوتها، بل إنها حلقة لا تكتمل إلا بالتزام المواطن والمقيم بتنفيذها، ومساعدة الجهات على حسر الفيروس، والقضاء عليه سريعًا.

ويمكن استشفاف حقيقة مهمة من كلمة الوزير، هي أن أعداد الإصابات التي وصلت إلى 2795 مرشحة للزيادة لتصل إلى 200 ألف في حدها الأعلى في حال عدم الالتزام، أو قد تتوقف وتنحسر عند 10 آلاف فقط – بحسب دراسات أشار إليها الربيعة – في حال استشعر الجميع الخطر، واضطلع بواجبه الوطني نحو وطنه، وتقيَّد بالتعليمات دون تقصير أو تهاون؛ حتى لا يكون وقودًا للفيروس، يتزود منه، ويصبح أكثر استعارًا.

لماذا يجب التقيُّد بالإجراءات تمامًا؟

لا زال السيناريوهان الإيطالي والإسباني عبرة وعظة لجميع الدول؛ فقد أدركت حكومة السعودية منذ الوهلة الأولى الكلفة الباهظة لتفشي وباء على أراضيها -لا قدر الله- اجتماعيًّا واقتصاديًّا ونفسيًّا، وفي المرتبة الأولى حياة الإنسان كأولوية قصوى لديها؛ باعتباره أهم مكون من مكونات المجتمع. كما أدركت أنه في حال لم تتخذ الحلول الصعبة في الوقت المناسب فإن التكلفة ستكون باهظة وغير قابلة للتدارك؛ لذلك اتخذت السعودية جملة من الإجراءات المشددة؛ لتجاري بها خطورة الموقف، ووتيرة وسرعة انتشار الفيروس، الذي لم يُتوصَّل إلى علاج له، أو لقاح يمنع الإصابة به حتى الآن، ولكن تلك الإجراءات ما زالت في حاجة إلى تنفيذ، والتزام يجاري خطورة الموقف من المواطن والمقيم؛ حتى لا يتكرر السيناريوهان الإيطالي والإسباني –لا قدر الله-.

وبالنظر إلى إيطاليا، بوصفها إحدى كبرى بؤر تفشي الفيروس في أوروبا والعالم، فقد قفزت الأعداد بشكل غير مسبوق من ثلاث حالات فقط من الفيروس التاجي إلى نحو 135 ألف حالة إصابة، من بينهم أكثر من 17 ألف وفاة في فترة قصيرة جدًّا، لا تتعدى شهرين. وكان من نتيجة عدم أخذ الأمور على محمل الجد، سواء حكوميًّا أو شعبيًّا، انتشار الفيروس بصورة مرعبة في البلاد؛ وهو ما دعا الحكومة إلى إغلاق البلاد، ووضعها تحت الحجر، وتغيَّرت نبرة الثقة التي كانت تسيطر على رئيس الوزراء الإيطالي بعد التشديدات الكبيرة التي قامت بها الحكومة، ومنها إلغاء فعاليات وأنشطة رياضية وثقافية وفنية… إلخ؛ وهو ما دفعه للقول: “يجب علينا جميعًا التخلي عن شيء ما لصالح إيطاليا. لم يعد هناك وقت”.

وتتجسد الصورة الأكثر بشاعة في انهيار النظام الصحي في إيطاليا تحت وطأة الزيادة المطردة في الحالات. ويعكس ذلك التصريحات الصادمة لمدير الصحة في عيادة للمسنين في لومباردي، لورينزو كاساني، لمجلة “التايم” الأمريكية في وقت سابق؛ إذ قال: “في لومباردي الآن ليس لدينا أسرَّة في وحدات العناية المركزة”. وأضاف بأن الأطباء “عليهم أن يتخذوا هذا الاختيار المرعب، ويقرروا مَن سيبقى، ومَن سيُترك.. من سيحصل على جهاز مراقبة وجهاز تنفس واهتمامهم، ومن لن يحصل”! ودفعت إسبانيا كذلك ثمن استهتار مواطنيها بالفيروس، وتأخُّرها في اتخاذ التدابير الوقائية والتشديدات اللازمة؛ فارتفعت الإصابات إلى 140 ألف إصابة، وبعدد 13 ألف وفاة تقريبًا؛ لتزيح إيطاليا من المركز الأول أوروبيًّا في عدد الإصابات، وتدخل النفق المظلم للجائحة. لذلك فإن السعودية تراهن على وعي المواطن والمقيم بإدراك واستشعار خطورة الموقف، وضرورة التعاون مع الجهات المختصة، والتقيُّد بتعليماتها بحذافيرها؛ للعبور بالبلاد إلى بر الأمان.

زر الذهاب إلى الأعلى