لمن كتاب الفتنة الكبرى

تصدى طه حسين لمناقشة الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم رغم أنه غير ملم بكل ما كتب عنها، وذلك يظهر من تحامله على الصحابة الكرام وكلهم عدول أمناء قصدهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “لا تجتمع أمتي على ضلالة” وهي أشد المسائل التاريخية والشرعية اشتباكًا وأكثرها جدلًا وانزلاقَا، بسبب حساسية نقد المشاركين فيها، ففي كلا الطرفين من الفتنة رجال شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، أي أنه يجزم على أنه ما سيفعله في المستقبل لن يخرج عن اطار الشريعة ولن يصل به الأمر لأن يرتكب جرمًا يوجب دخوله النار.

لمن كتاب الفتنة الكبرى

يحاول طه حسين بوصفها لهذه الفتنة بأنها “فتنة كبيرة” ليس من أجل الدراما، ذلك أن هذه الفتنة –بزعمه –والتي بدأت في عهد الخليفة الرشيد “عثمان” وامتدت إلى خلافة “على وأبنائه” دمرت الدولة الإسلامية تقريبًا –على حد قوله -وما زالت آثارها مستمرة، كما تعاملت معها أقلام كثيرة في محاولة للوصول إلى الحقيقة.

سعى المؤلف إلى اتباع مبدأ “الحياد التاريخي” بين المجموعتين، وتجريده من الهوية أو الميل، سعياً إلى تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية للفتنة التي أدت إلى وفاة عثمان رضي الله عنه، بالاعتماد على تحليلات للوقائع المجتمع المسلم في ذلك الوقت، ولكن أثارت وجهات نظره موجة عنيفة من الانتقادات امتدت حتى يومنا هذا، في حين أثنى عليه فريق آخر لمقاربته واستنتاجاته في الإنصاف وعدم الحساسية للحقيقة.

لمن كتاب الفتنة الكبرى

نبذة عن الكاتب

  • ولد طه حسين علي سلامة في نوفمبر 1889 في قرية (الكيلو) في محافظة المنيا وفي الرابعة من عمره، فقد بصره بعد معاناته من الرمد، لكن هذا لم يمنع والدته من إلحاقه بكتاب القرية وتعلم اللغة والحساب والقرآن الكريم في فترة قصيرة من الزمن.
  • تابع دراساته حيث تلقى تعليمه في الأزهر، ثم كان أول من التحق بالجامعة المصرية في عام 1908، وحصل على الدكتوراه في عام 1914، ليبدأ معاركه الأولى مع الفكر التقليدي، حيث أثارت أطروحته “ذاكرة أبو علاء” درجة عالية من النقد.
  • ثم أرسلته الجامعة المصرية إلى فرنسا، حيث أعد أطروحة الدكتوراة الثانية.
  • بعد عودته من فرنسا، ذهب غمار إلى العمل والحياة العامة بقوة وقدرة، حيث كان أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية، ثم أستاذًا لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب، ثم عميدًا للكلية.
  • في عام 1942، تم تعيينه مستشارًا لوزير المعرفة، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية.
  • في عام 1950، أصبح وزيراً للمعرفة، وقاد الدعوة للتعليم المجاني والإلزامي، وكان الفضل في إنشاء عدد من الجامعات المصرية.
  • في عام 1959، عاد إلى الجامعة “كأستاذ غير حر” وتولى منصب رئيس تحرير “الجمهورية”.

لمن كتاب الفتنة الكبرى

نقد الكتاب

من أجل التحقيق في العدالة والإنصاف، ولتوضيح تصرفاتهم بشكل صحيح، حتى لو قاموا بالخطأ، فلن يقلل من قدر الصحابة في قلوب المؤمنين، أو أن ينسب إليهم القبيح من الأفعال، أو يُتهموا في عدالتهم وما إلى ذلك، إلا أن المؤلف لم يتجاهل هذه الحقيقة أثناء كتابه.

كما أنه لم يحاول انتقاد هذا النهج، الذي سماه الفكر التقليدي، واتهمهم بما هم بريئين منه نعم من الجائز تناول الموضوع ومناقشته وأخذ العبر منه، مع تجنب المحاذير، التي حذر منها العلماء السابقون واللاحقون أثناء الحديث عن كرامة الصحابة واختلافاتهم السياسية.

فلا يصح في حق الصحابة القول إنهم انحرفوا عن منهج النبي محمد أو أنهم فتنوا من بعده وتقاتلوا فيما بينهم فقط من أجل المال والسلطة.

زر الذهاب إلى الأعلى