كتاب كليلة ودمنة هو كتاب قام بترجمته ابن المقفع في العصر العباسي للغة العربية، وهو مأخوذ من كتاب اسمه ” الفصول الخمسة “، والذي أخبرنا الباحثون أنه يعود لأصول هندية، وأنه كتب باللغة السنسكريتية، وقد تمت ترجمة هذا الكتاب لعدد كبير جدا من اللغات الأخرى، مثل الفارسية، العبرية، الماليزية، اليونانية، المنغولية، السريانية، الإثيوبية، وعدد من اللغات الأوروبية .

تاريخ كتاب كليلة ودمنة

كتب كتاب كليلة ودمنة تقريبا في القرن الرابع الميلادي، وقد كتب باللغة السنسكريتية، ثم تمت ترجمته في القرن السادس إلى اللغة الفهلوية، بأمر من كسرى الأول حاكم الإمبراطورية الساسانية، ويقال كما ذكر في مقدمة الكتاب، أن الكتاب قام بتأليفه حكيم هندي يدعى فيشو شارما أو بيدبا، وقد قام بتأليفه لملك الهند الذي يدعى دبشليم، حيث طلب الملك من الفيلسوف والحكيم بيدبا أن يؤلف له كتابا عظيما .

الكتاب يستخدم شخصيات رئيسية من الحيوانات والطيور، والتي ترمز لشخصيات بشرية، ويتناول الكتاب مواضيع هامة وكثيرة، من بينها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والكتاب يضم أيضا الكثير من الحكم في أبوابه التي تضم خمسة عشر بابا رئيسيا، ويعد الأسد هو الشخصية الرئيسية وهو يلعب دور الملك، والثور هو خادمه، أما كليلة ودمنة فيمثلهم حيوان ابن آوى .

ترجمة كليلة ودمنة لابن المقفع

قام ابن المقفع بترجمة الكتاب في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث أن الكتاب أثر عليه تأثيرا كبيرا، بسبب أن علاقته بالخليفة المنصور في هذا الوقت، كانت تشبه علاقة الفيلسوف بيدبا مع الملك الهندي دبشليم الذي طلب منه تأليف الكتاب، كما أن ابن المقفع لم يترجم الكتاب فقط، بل قام بإضافة العديد من القصص له والتي ألفها بنفسه، وقام بالتعديل على أجزاء في الكتاب أيضا، وقال النقاد عن هذا العمل لابن المقفع أنه من أكثر الأعمال العربية قوة وجودة، وأنه تحفة فنية مميزة يجب العناية بها .

أشهر أبواب كتاب كليلة ودمنة

كتاب كليلة ودمنة يتكون من خمسة عشر باب تقريبا، من أشهر هذه الأبواب : باب الثور والأسد، باب القرد والغيلم، باب الحمامة المطوقة، باب الطائر فنزة، باب البوم والغربان، باب السائح والصائغ، باب اللبوة والإسوار والشغبر، باب ابن الملك والطائر فنزة، باب الفحص عن أمر دمنة، باب ابن آوى، وغيرهم .

مميزات ترجمة ابن المقفع

ترجمة ابن المقفع عبارة عن درر نثرية وأدبية غير مسبوقة، وقد ترجم عدد من الأعمال الشهيرة بجانب كليلة ودمنة، مثل : أساطير لافونتين، وكان ابن المقفع الفارسي الأصل مجوسيا، ثم أسلم، وأطلق على نفسه عبد الله، وقد كان في عهد الدولة العباسية، حيث حضر بدايتها ونهاية وسقوط الدولة الأموية، وقد كان ابن المقفع ذكي وكريم وذو ثقافة كبيرة، وكان يتميز بالوفاء والنبل ولين الطبع، وكان يشتهر بكرهه للحسد والكذب وبعده عنهم، لكنه اشتهر بحدة لسانه وسخريته اللاذعة لمن لم يعجبه .

أما أسلوبه في الكتابة فكان مميز جدا، حيث أنه قام على الوضوح والاسترسال، أي أن أسلوبه كان سهل ممتنع، بعيد كل البعد عن التصنع والتكلف، وكانت كل أفكاره الكتابية مرتبة ومنسجمة مع بعضها البعض، كما كان اختيار ألفاظه قوي في المعنى وفصيح، وكل أعمال ابن المقفع في الترجمة أخذها من اللغى الفارسية إلى العربية، لذا فهو أول من أدخل الحكم الفارسية للعربية، كما تتميز ترجماته بأنه لم يلتزم فيها بالنص فقط، بل عدل عليها وأضاف لها، وهذا ما نجده قد فعله في كتاب كليلة ودمنة، الذي أضاف له أبواب، وعدل فيه أجزاء .

شاركها.