ما قبل فتح القسطنطينية

فتح القسطنطينية تم في 29 مايو لعام 1453 ميلادية ، و هو يوم من الأيام المشهودة في تاريخ الإسلام ، فقد استطاع السلطان محمد الفاتح أن يكلل بالنجاح كل محاولات المسملين السابقة لمحاولة فتح هذه المدينة الحصينة .

ما قبل فتح القسطنطينية
ما قبل فتح القسطنطينية

محاولات فتح القسطنطينية :

بدء المسلمون في محاولات فتح القسطنطينية منذ عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، و استمرت محاولات فتح القسطنطينية طوال عهد الخلافة الاموية و استمرت كذلك في الخلافة العباسية ، و لكنها كلها محاولات لم تكلل بالنجاح ، بسبب حصانة المدينة و قوة أسوارها ، ووقوع جزء كبير من أسوارها على البحر مما جعل اقتحامها من الامور شبه المستحيلة ، كما كانت أسوار المدينة عبارة عن عدة أسوار تشكل حزام حول المدينة ، حتى شاء الله ان تتحقق نبوءة رسول الله صلى الله عليه و سلم في فتح القسطنطينية على يد السلطان العثماني محمد الفاتح ، فقد جاء عن المُحدَّث أبو قبيل حي بن هانئ بن ناضر أنَّهُ قال: (كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، وَسُئِلَ: اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا: الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حِلَقٌ ؛قَال: فَاَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا. قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ  نَكْتُبُ اِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ  اَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ اَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ اَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ اَوَّلًا يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ) .

عجائب قبل فتح القسطنطينية :

حدث أن وقعت مجموعة من الظواهر و الأحداث العجيبة قبل فتح القسطنطينية بعدة أيام وذلك أثناء حصار الجيش العثماني للمدينة الحصينة ، و كانت هذه الحوادث بمثابة البشارة للمسلمين ، في نفس الوقت الذي كانت نذير شؤم على الروم ، و ارهاصاً لقرب زوال ملكهم و سقوط المدينة ، مما أثر في معنويات السكان و الجيش الروماني ، وسنتعرف على بعض هذه الأمور التي وقعت في مدينة القسطنطينية قبل سقوطها في يد المسلمين .

خسوف القمر :

حدث قبل فتح القسطنطينية بعدم أيام أن وقع خسوف كامل للقمر داخل المدينة ، في وقت كان فيه القمر مكتمل ، مما أصاب سكان المدينة بالرعب و الخوف ، فقد كان أهل المدينة يتداولون فيما بينهم نبوءة قديمة تعود الى أيام الإمبراطور قسطنطين مؤسس الامبراطورية البيزانطية و باني المدينة و الذي تسمت المدينة باسمه ، و كان مفاد هذه النبوءة أن مدينة القسطنطينية سوف تسقط بعد أيام قلائل من إظلام ضوء القمر في وقت من المفترض أن يكون ضوئه كاملاً ، فلما حدث هذا الخسوف أيقن سكان المدينة و جيشها بزوال مدينتهم و انتهاء ملكهم .

الضوء الأحمر حول كنيسة أيا صوفيا :

قبل فتح القسطنطينية بخمسة أيام و تحدياً في يوم 24 مايو شاهد سكان المدينة ضوء أحمر قوي يحيط بقبة كنيسة أيا صوفيا و يبدأ في الانتشار من قاعدة القبة العملاقة حتى غطاها تماماً ، ثم اختفى هذا الضوء الغريب ، و الى الآن لم يحدد أحد من الباحثين و الدارسين لهذه المرحلة التاريخية سبب هذا الضوء ، و لكن سكان المدينة في ذلك الوقت فسروا هذا الضوء بأنه الملاك الذي يحرس كنيسة أيا صوفيا و مدينة القسطنطينية قد قرر الرحيل عن المدينة و تركها و هذا الضوء الاحمر هو ضوئه و هو يغادر ، مما سب للسكان حالة من الإحباط و تدني الروح المعنوية .

ما قبل فتح القسطنطينية
السلطان محمد الفاتح

سقوط صورة السيدة مريم :

كان لدى البيزنطيين صورة ضخمة للسيدة مريم ، و كانت هذه الصورة من الضخامة بحيث لا يحملها الا عدة رجال و كان إطارها محلى بالجواهر و الذهب و كان يسمونها حامية المدينة ، و كانت هذه الصورة في قصر بلاكيرني القريب من أسوار المدينة ، فأراد اهل المدين أن يقيموا قداس ضخم و صلاة كبيرة برعاية السيدة مريم حتى تحفظ لهم المدينة و لا تسقط ، و بالفعل قاموا بنقل هذه الصورة الضخمة من قصر بلاكيرني الى كنيسة أيا صوفيا حيث يقام القداس ، و لكن أثناء النقل في الطريق و السكان حول الصورة حدث أن سقطت الصورة بصوت عنيف على الأرض و تلطخت بالطين ، فكان هذا السقوط من أشد الأمور التي  أثرت على نفسية السكان وأحسوا بأنها نذير شؤم لسقوط القسطنطينية في يد المسلمون .

سقوط مطر كثيف وثلج :

بعد أن أفاق البيزنطيون من سقوط صورة السيدة مريم و أعادوا حملها مرة اخري و قبل و صولهم الى كنيسة أيا صوفيا لاقامة القداس ، هطل مطر شديد على المدينة مصحوباً بكرات صلبة من الثلج و الجليد ، و كان المطر من شدته أنه تحول الى سيول و كا يجرف الاطفال من أيدي أمهاتهم ، و كان الثلج الصلب يسقط على الناس في الطرقات فيصيب رؤوسهم و أجسامهم ، مما جعلهم لا يستيطعون اكمال القداس و الرجوع الى بيوتهم خائفين محبطين .

ضباب كثيف يحيط بالمدينة :

في اليوم التالي مباشرة من يوم القداس الذي لم يتم ، و في و سط النهار أحاط بالمدينة ضباب كثيف على غير العادة في ذلك اليوم من السنة ، حتى انه تعذرت الرؤية في طرقات المدينة في منتصف النهار ، مما أصاب السكان و حامية المدينة بالخوف و الرعب من هجوم المسلمين تحت غطاء هذا الضباب .

نبوءة سقوط المدينة بعد 7000 سنة :

كان البيزنطيون في يعتقدون في أدبياتهم أن مدينة القسطنطينية سوف تسقط بعد 7000 سنة من خلق العالم و الذي يعتقدون صحة تاريخه في كتبهم ، و كان هذا الموعد يوافق سنة 1492 ميلادية على حساباتهم  ، فلما كان حصار المسلمين للقسطنطينية و قرب سقوطها في عام 1453 ميلادية أي قبل موعد سقوطها المتوقع لديهم بحوالي تسعة و ثلاثون عاماً ، إلا أنهم بعد رؤية هذه الحوادث و العجائب التي حدثت قبل فتح القسطنطينية بأيام أصابهم الإحباط و اعتقدوا أن حساباتهم كانت خاطئة وأن موعد سقوط المدينة هو في هذه الأيام و ليس بعد أعوام .

تأثير هذه الحوادث على المسلمين :

ما قبل فتح القسطنطينية
ما قبل فتح القسطنطينية

بينما كانت هذه الحوادث نذير شؤم و علامة من علامات الهزيمة النفسية عند البيزنطيين ، فانها كانت علامة تفاؤل و استبشار عند المسلمين ، و أمل في نصر الله ، و دلالة على قرب فتح القسطنطينية و اقتراب النصر .

الأمور العجيبة و الحوادث التي وقعت قبل فتح القسطنطينية كانت من عوامل رفع الروح المعنوية عند المسلمين ، و تحفيزاً لهم ، وإحسان الظن بقرب الفتح ، و كانت على الجهة الأخري خفضاً للروح المعنوية و نذير بقرب زوال ملكهم و امبراطوريتهم على يد الخلافة العثمانية .

زر الذهاب إلى الأعلى