ما هي مبطلات الصلاة

يجد المسلم في تواصله مع ربّه سبحانه وتعالى اللذّة الكبيرة ، فهو يتصل مع مولاه في اليوم والليلة خمس مراتٍ ، يعبد ربّه ويناجيه ويبتهل إليه فالرّاحة النّفسية والبدنيّة لا تتحقّق بدون الرّجوع إلى منهاج الله وأداء الصّلوات ، والصّلاة ركنٌ أساسيٌ من أركان الإسلام يمتاز بها المسلم عن غيره ، فمن تركها جاحداً لها كفر بإجماع العلماء ، والصّلاة من أحبّ الأعمال إلى الله بل وتتقدّم على برّ الوالدين والجهاد في سبيل الله تعالى ، وإنّ من صفات المتّقين إقامة الصّلاة في وقتها والمحافظة عليها ، بل قد نعى الله أقواما أضاعوا الصّلوات واتّبعوا الشّهوات وتوعّدهم بالغيّ .

فتبطل الصلاة بأحد أمرين
1- بفعل ما يحرم فيها.
2- بترك ما يجب فيها.
أما فعل ما يحرم فيها فهو
 الأكل والشرب عمداً. قال ابن المنذر “أجمع أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامداً أن عليه الإعادة” وكذا في صلاة التطوع عند الجمهور، لأن ما أبطل الفريضة يبطل التطوع. أما إذا أكل أو شرب جاهلاً أو ناسياً، فلا تبطل صلاته على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الشافعية والحنابلة، وكذلك لا تبطل الصلاة لو ابتلع ما بين الأسنان إذا كان دون الحمصة.
 الكلام عمداً في غير مصلحة الصلاة فعن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. روه الجماعة. فإن تكلم جاهلاً بالحكم أو ناسياً فصلاته صحيحة. فعن معاوية بن الحكم السلمي قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت وا ثُكل أمياه، ماشأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال “إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن” رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي. أما عدم بطلان الصلاة بالكلام الذي هو في مصلحة الصلاة، فلحديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ” رواه البخاري ومسلم. والكلام لإصلاح الصلاة يشرط ألا يكثر عرفاً وألا يفهم المقصود بالتسبيح. وقال الأوزاعي في رجل صلى العصر فجهر بالقرآن، فقال رجل من ورائه إنها العصر. لم تبطل صلاته. والراجح ما قدمناه. لأن المشروع لمن نابه شيء في صلاته هو التسبيح، فلا يعدل عنه إلى الكلام إلا حيث تعذر تحصيل المقصود بالتسبيح، فالعدول عنه بغير عذر في معنى الكلام المتعمد وهو مبطل.
العمل الكثير عمداً. قال النووي (إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيراً أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط ثم اختلفوا في ضبط القليل والكثير على أربعة أوجه إلى أن قال والرابع وهو الصحيح المشهور وبه قطع المصنف والجمهور أن الرجوع فيه إلى العادة فلا يضر ما يعده الناس قليلاً، كالإشارة برد السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة ووضعها، ولبس خف ونزعه، وحمل صغير ووضعه ودفع مارٍ، ودلك البصاق في ثوبه وأشباه هذا، وأما ما عده الناس كثيراً كخطوات كثيرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة،) انتهى. أما الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في سبحة أو حكة أو حل أو عقد فالصيحيح أن الصلاة لا تبطل به، وإن كثرت متوالية، لكن يكره.
 الضحك في الصلاة نقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصلاة بالضحك. قال النووي وهو محمول على من بان منه حرفان. وقال أكثر العلماء لا بأس بالتبسم. وإن غلبه الضحك ولم يقو على دفعه فلا تبطل الصلاة به إن كان يسيراً، وتبطل به إن كان كثيراً، وضابط القلة والكثرة العرف.
ثانياً تبطل الصلاة بترك ما يجب فيها. فمن ترك ركناً أو واجباً من واجبات الصلاة عمداً وبدون عذر بطلت صلاته، لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي لم يحسن صلاته “ارجع فصل فانك لم تصل” والواجب إن تركه ساهياً عنه سجد سجدتين للسهو. أما الركن فلابد من الإتيان به، ولا يجزئ عنه سجود السهو. وكذلك تبطل الصلاة بترك شرط من شروطها، عمداً بالاتفاق أما تركه سهواً ففيه تفصيل وفي بعضه خلاف ليس هذا محل بسطه. وأما الشك في الصلاة فلا يبطلها، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى  ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم” ، فالشك من موجبات سجود السهو وليس من مبطلات الصلاة .

شاركها.