ما يقال بعد التسليم

التسليم وهو واجب في كل صلاة وآخر أجزائها ، وبه يخرج عنها وتحل له منافياتها ، وله صيغتان  الأولى (( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )) والثانية  (( السلام عليكم )) بإضافة (( ورحمة الله وبركاته )) على الأحوط الأولى ، والأحوط لزوما عدم ترك الصيغة الثانية وإن أتى بالأولى ، ويستحب الجمع بينهما ولكن إذا قدم الثانية اقتصر عليها ، وأما قوله (( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته )) فليس من صيغ السلام ، ولا يخرج به عن الصلاة ، بل هو مستحب.

فالتسليم ركن من أركان الصلاة عند الجمهور من أهل العلم، والثابت عند مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله.

وفيه من حديث جابر بن سمرة ما يشعر بالاقتصار على قول السلام عليكم، وعند أبي داود من حديث وائل بن حجر زيادة وبركاته، وقد صحح هذه الزيادة ابن حجر في البلوغ.

وعلى كل فإنه ينبغي للمسلم في صلاته أن يأتي بلفظ السلام عليكم ورحمة الله، خروجا من خلاف من قال بوجوب زيادة ورحمة الله وهو معتمد مذهب الحنابلة، وإن اقتصر على قول السلام عليكم صحت صلاته عند الجمهور، وإن زاد وبركاته في بعض الأحيان فلا بأس فإنه قد وردت بها رواية صححها بعض العلماء وإن كان أكثر الأحاديث على خلافها. ومن ههنا لم يستحب هذه الزيادة كثير من أهل العلم، والأمر واسع والحمد لله، فمهما أتى المصلي بشيء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فصلاته صحيحة، وليس على المصلي من حرج في أن يجمع بين كيفيتين من كيفيات التسليم فيأتي في التسليمة الأولى بلفظ ويأتي في الثانية بلفظ،، فلو زاد في الأولى وبركاته مثلا ولم يأت بها في الثانية كان ذلك حسنا وقد وردت به بعض الروايات، ولا يتصور الجمع بين أكثر من صيغة من صيغ التسليم إلا على هذا الوجه، وهو أن يسلم التسليمة الأولى على كيفية ما والثانية على كيفية أخرى.

وأما إن كان مرادك أنه يأتي في بعض الصلوات بصيغة وفي بعضها بصيغة أخرى مختلفة من صيغ التسليم الثابتة فهذا أيضا لا شك في جوازه، بل قد رجح العلامة العثيمين رحمه الله في شرحه الممتع على زاد المستقنع أن العبادات الواردة على كيفيات متعددة الأولى فعلها على جميع الوجوه التي وردت بها لئلا يهجر شيئا من السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، وقد أجاد ابن رجب في سياق اختلاف العلماء في كيفية التسليم وعرض ما احتجوا به من الروايات، وهذا نص كلامه رحمه الله كما في شرحه على البخاري: واختلفوا في صفة التسليم :فقالت طائفةٌ : صفة التسليم ( ( السلام عليكم ورحمه الله ) ) ، وهذا مروي عن النبي من وجوه ، إليه ذهب أكثر العلماء .

ولو اقتصر على قوله ( ( السلام عليكم ) ) أجزأه عند جمهورهم ، ولأصحاب أحمد فيه وجهان .

وقالت طائفة : يزيد مع ذلك : ( ( وبركاته ) ) ، ومنهم : الأسود بن يزيد ، كان يقولها في التسليمة الأولى .وقال النخعي : أقولها وأخفيها .

واستحبه طائفة من الشافعية .

وقد خرّج أبو داود من حديث وائل بن حجر ، أنه صلى مع النبي فكان يسلم عن يمينه : ( ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ) ، وعن شماله : ( ( السلام عليكم ورحمة الله ) ) .

ومن أصحابنا من قال : إنما فعل ذلك مرةً لبيان الجواز .

وكان من السلف من يقول في التسليمة الأولى : ( ( السلام عليكم ورحمه الله ) ) ، ويقتصر في الثانية على ( ( السلام عليكم ) ) ، وروي عن عمار وغيره .

وقد تقدم حديث ابن عمر المرفوع بموافقة ذلك .

وقالت طائفة بل يقتصر على قوله  ( ( السلام عليكم ) ) بكل حالٍ ، وهو قول مالك والليث بن سعدٍ ، وروي عن علي وغيره . وكذلك هو في بعض روايات حديث جابر بن سمرة المرفوع . وفي بعضها زيادة  ( ( ورحمه الله ) ) وقد خَّرجه مسلم بالوجهين ..

ولا فرق فيما ذكرناه من الأحكام بين أن يكون المصلي إماما أو مأموما أو منفردا.

صيغة ما يقال بعد التسليم

1- أن يقول بعد السلام مباشرة أستغفرالله ،أستغفر الله ،أستغفرالله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام.لحديث ثوبان –رضي الله عنه-قالكان رسول الله صلى الله عليه وسلم  إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال { اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلالوالإكرام }.

2-أن يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد .
لحديث المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة  (( لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد ،وهو على كل شيئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ،ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد )).

3- أن يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ،وهو على كل شيئ قدير ،لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
لحديث ابن الزبير-رضي الله عنهما-((أنه كان يقولها في دبر كل صلاة حين يسلم،ثم يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة)).

4- أن يقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.لحديث معاذ بن جبل – رضي الله عنهما-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ! لا تدعن في دبر كل صلاة تقول {اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك} .

5- أن يقول سبحانك وبحمدك ،لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.لحديث عائشة – رضي الله عنهما-قالت ماجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قط ولا تلا قرآنا ولا صلى صلاة إلا ختم ذلك بكلمات، قالت فقلت يا رسول الله ! أراك ما تجلس مجلسا ولا تتلو قرآنا ولا تصلي صلاة إلا ختمت بهؤلا الكلمات ؟قال   نعم ، من قال خيرا ختم له طابع على ذلك الخير ،ومن قال شرا كن له كفارة ،{ سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك}.
وفي رواية  (( سبحانك اللهم وبحمدك،أستغفرك وأتوب إليك)) أخرجها النسائي وصححها الألباني في صحيح النسائي .

6- أن يقول  اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها ، وانعشني واجبرني،واهدني بصالح الأخلاق،لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت .
لحديث أبي أيوب – رضي الله عنه – قال ما صليت خلف نبيكم صلى الله عليه وسلم إلا سمعته يقول حين ينصرف{ اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها ،وانعشني ،واجبرني، واهدني لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت}.

7- أن يقول  اللهم إني أعوذ بك من الكفروالفقر ، وعذاب القبر. أو يقول  اللهم إني أعوذ بك من الهم والكسل ، وعذاب القبر.
لحديث أبي بكرة –رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة { اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ،وعذاب القبر }..

8- أن يقرأ آية الكرسي{الله لآ إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة………..وهو العلي العظيم}.
لقوله صلى الله عليه وسلم {من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت}.

9- أن يقرأ المعوذات {قل هو الله أحد}و {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}.
لقول عقبة بن عامر-رضي الله عنه- أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبركل صلاة .

10- أن يسبح بعد السلام وللتسبيح بعد الصلوات المكتوبة عدة صيغ وردت في الأحاديث الصحيحة ، فللمسلم أن يختار أيا منها

الصيغة الأولى

أن يقول سبحان الله 33مرة، ويقول الحمد لله33مرة،ويقول الله أكبر33مرة ، ويقول تمام المائة  لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير.
لحديث أبي هريرة-رضي الله عنه –قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبرالله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون ، وقال تمام المائة:لا إله إلاالله وحده لا شريك له، له الملك ،وله الحمد وهو على كل شيئ قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر}

الصغية الثانية

أن تسبح الله (33مرة)، وتحمد الله (33مرة)، وتكبر الله (34مرة).
لحديث كعب بن عجرة-رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة))معقبات : أي انها تقال عقب السلام مباشرة.

الصغية الثالثة

أن تسبح الله (10مرات)، وتحمد الله (10مرات) ،وتكبر الله (10مرات
لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه-((قالوا – أي فقراء الصحابة – يارسول الله !ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم . قال((وكيف ذاك؟)) قالوا صلواكما صلينا ،وجاهدوا كما جاهدنا ،وأنفقوا من فضول أموالهم وليس لنا أموال . قال ((أفلاأخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم ، وتسبقون به من جاء بعدكم ،ولا يأتي أحد بمثل ماجئتم به، إلا من جاء بمثله؟ تسبحون في دبر كل صلاة عشرا،وتحمدون عشرا،وتكبرون عشرا)).

الصيغة الرابعة

أن تسبح الله (25مرة)،وتحمده الله (25مرة)،وتكبرالله(25مرة)،وتهلل الله (25مرة).
لحديث زيد بن ثابت- رضي الله عنه- قال  (( أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمدوا ثلاثا وثلاثين ، ويكبروا أربعا وثلاثين ، فأتي رجل من الأنصار في منامه فقيل له أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وتحمدوا ثلاثا وثلاثين ، وتكبروا أربعا وثلاثين ؟قال نعم. قال فاجعلوها خمسا وعشرين ، واجعلوا فيها التهليل،فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال صلى الله عليه وسلم (( اجعلوها كذلك)).

شاركها.