ما يقال عند الذبح أو النحر

اهتم الإسلام بكل شئون الحياة بداية من علاقة الانسان بربه حتى أدق العادات اليومية، فسن القواعد والتشريعات التي توضح للمرء الطريقة المثلى في التعامل، ومن ذلك سنن الذبح فحدد كيف يختار المرء الذبيحة وما هي الآداب المتبعة قبل الذبح أثناء الذبح وبعده، وذلك من باب الرحمة بالحيوان فمع أن الدعوات الغربية التي تنادي بالرأفة والرحمة بالحيوان إلا أنها لا تصل إلى عشر ما سنه الإسلام وبيّنه في التعامل مع الحيوان عند ذبحه، ففي الغرب يقتلون الحيوان صعقًا بالكهرباء للحفاظ على كتلة اللحم، مع أن الصعق يؤذي الحيوان ويعرضه للآلام بشعة وهذا لا علاقة له بالرأفة أو الرحمة.

ما يقال عند الذبح أو النحر

  • في حالة النحر أو الأضحية :- يقال عند الذبح (باسم الله والله أكبر) حيث  كان النبي ﷺ إذا أراد أن يذبح يقول: باسم الله والله أكبر ثم يذبح الذبيحة.
  • أما في حالة الذبح لعقيقة أو لنذر يقول: اللهم عن ولدي فلان أو بنتي فلانة ولابد أن يقول عند الذبح مباشراً (باسم الله والله أكبر).

ما يقال عند الذبح أو النحر

الرحمة بالحيوان وغيره

الرحمة خلق يتربع على عرش الأخلاق العليا في الإسلام، وبه تسمو النفس الإنسانية، وتفضل على سائر المخلوقات، من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيراً، ومن نزعت من قلبه فقد فاته فضل عظيم وحرم من رحمة الله الكبرى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: “من لا يرحم لا يرحم”

تعريف الرحمة

هناك عدة تعريفات للرحمة تتلخص في الأتي ذكره :-

الرحمة في اللغة 

هي الرقة واللين والعطف والرأفة والمغفرة، وقد ترحمت عليه، أي: رحمته، ودعوت له بالرحمة، وتراحم القوم، إذا رحم بعضهم بعضا، واسترحمه أي: سأله الرحمة، والرحوم كثير الرحمة، وتستعمل للمذكر والمؤنث، والجمع رحماء، والمرحمة: الرحمة، ومنه قوله تعالى: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد: 17)

الرحمة في الاصطلاح

عرفها العلماء بتعريفات متعددة بمعان متقاربة، أذكر منها: هي رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، وقد تستعمل تارة في الرقة المجردة، وتارة في الإحسان المجرد عن الرقة، نحو: رحم الله فلانا، وإذا وصف به الباري، فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة، وعلى هذا روي أن الرحمة من الله أنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة وتعطف. وقيل: هي رقة في النفس تبعث على سوق الخير لمن تتعدى إليه.

تعريف الحيوان المذكى

  هو الحيوان المراد تذكيته، والتذكية في اللغة: مصدر ذكي، والاسم الزكاة، وأصل الزكاة في اللغة: تمام الشيء وإتمامه، ومنه الذكاء في الفهم إذا كان الرجل تام العقل سريع القبول وبهذا يكون معنى الرحمة بالحيوان المذكي: الرأفة والرفق بالحيوان المراد ذبحه أو نحره أو صيده، بهدف الانتفاع به أو منع ضرره، والحرص على اتباع أساليب الرقة واللين، التي دعا إليها الشارع الرحيم، وسنها نبي الرحمة في جميع المراحل المتعلقة بذبح الحيوان أو نحره أو صيده.

مشروعية الزكاة

لقد ثبتت مشروعية الزكاة في أصول الشريعة الإسلامية وقواعدها بأكثر من صيغة ودلالة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة: 173).

وقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) (المائدة: 3). وقوله صلى الله عليه وسلم: “ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل”، بالإضافة إلى إجماع المسلمين على حرمة اللحم غير المذكى، إلى غير ذلك من النصوص الصريحة الصحيحة، القاطعة بوجوب التذكية.

ما يقال عند الذبح أو النحر

الحكمة من مشروعية الزكاة

  • التذكية أمر شرعي صادر من أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى، فلا غرو في اشتمالها على كم هائل من المقاصد والحكم عقلها من عقلها وجهلها من جهلها، ولعل أبرزها ما يأتي:
  • فيها تطييب للذبيحة وتطهير لها.
  • تحقيق الرفق والرأفة والرحمة بالحيوان على أوسع نطاق وأكبره.
  • تفرق بين النجس والطاهر، والخبيث والطيب من اللحوم التي يتناولها الإنسان، وبها يتميز طعام المسلم عن طعام المشرك.
  • من خلالها يتميز الإنسان عن الحيوانات التي تفترس طرائدها بهمجية ووحشية، وفي ذلك تحقيق لتكريم الإنسان وتفضيله على باقي المخلوقات.
  • أجل حكمة وأعظمها: تحقيق المعنى التعبدي بامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى، والسمع والطاعة على أكمل وجه.

ما يقال عند الذبح أو النحر

رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان قبل تذكيته

يتجلى ذلك في عدة أمور، أهمها:

أولاً: نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان ظلما وعدوانا بغرض الإفساد والإسراف في القتل، وحصر إباحة ذبحها في حال إرادة الانتفاع بها أو منع ضررها. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها، سأله الله عنها يوم القيامة” قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: “حقها أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها”.

وعن عمرو بن الشريد قال: سمعت الشريد رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة، يقول: يا رب، إن فلانا قتلني عبثا، ولم يقتلني لمنفعة”.

ثانياً : نهيه عن تخويف الحيوان وإفزاعه أو ترويعه قبل ذبحه، ويتفرع من ذلك:

الحرص على ذبحه نهارا لا ليلا 

لأن الليل إنما خلق وجعل للراحة والسكن، والذبح ينافيها. قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) (غافر: 61).

قوده وسوقه إلى مكان الذبح برفق ولين 

فعن ابن سيرين رحمه الله قال: رأى عمر بن الخطاب رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: (ويلك، قدها إلى الموت قودا جميلا).

النهي عن ذبح الحيوان أمام أخيه

فعن صفوان بن سليم رحمه الله قال: “كان عمر بن الخطاب ينهى أن تذبح الشاة عند الشاة”

مواراة آلة الذبح وإخفاؤها عن الحيوان المراد ذبحه 

إذ لابد من عدم إظهارها إلا عند إرادة ذبحه، وعدم إمضائها وحدها أمام ناظريه فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أتريد أن تميتها موتتين! هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها”.

وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: “أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتات!”. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحد الشفار، وأن توارى عن البهائم، وقال: “إذا ذبح أحدكم فليجهز”.

وتتجلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم في مراعاته لمشاعر الحيوان المراد ذبحه، بسوقه إلى مكان الذبح سوقا لينا رفيقا، وإخفاء كل ما من شأنه أن يفزعه ويرعب قلبه، كآلة الذبح، ومنظر أخيه المذبوح أمامه ودمائه، حفاظا على سلامة قلبه من الخوف والفزع والحزن، حتى لا يموت الحيوان موتتين.

ما يقال عند الذبح أو النحر

رحمته بالحيوان حال تذكيته

نهى صلى الله عليه وسلم عن إغراق الحيوان في الماء، أو ضربه حتى الموت، أو خنقه، أو إلقائه من شاهق. وقد حرم الله سبحانه وتعالى أكل جميع هذه الأصناف بقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) (المائدة: 3)، فقد دلت الآية بصريح العبارة على تحريم المنخنقة وهي التي ماتت خنقا بحبل ونحوه.

والموقوذة وهي التي ماتت مضروبة بعصاً أو حجر، والمتردية وهي التي ماتت متردية وساقطة من شاهق مثل السطح والجبل، والنطيحة وهي التي ماتت بسبب نطح أختها لها بقرونها أو رأسها، كما نهى صلى الله عليه وسلم أيضا عن حرق الحيوان بالنار، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار”.

رحمته بالحيوان بعد تذكيته

نهيه صلى الله عليه وسلم عن سلخ جلد الحيوان المذكى، أو نتف ريشه، أو غمسه في الماء المغلي، أو قطع أعضائه قبل خروج روحه. قال سبحانه وتعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الحج: 36). وقد دلت الآية الكريمة على وجوب التريث بعد ذبح الحيوان، وعدم التعجيل بسلخ جلده أو قطع أعضائه قبل التأكد من زهوق روحه وسكون أنفاسه، وغياب الإحساس عنه بالموت.

زر الذهاب إلى الأعلى